الهجرة لأمريكا ( 3 )

آحمد صبحي منصور في الإثنين ١٠ - سبتمبر - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

الهجرة لأمريكا ( 3 )

أولا :

1 ـ هذا المقال عن إمكانية جلب وتوطين حوالى نصف بليون فى الولايات المتحدة الأمريكية. يبدو هذا نوعا من الأحلام مستحيلة التنفيذ ، ولكننا لا زلنا نسبح فى (الحُلم الأمريكى ) . صحيح ان البيض المتعصبين يرفضون منح الجنسية لمن جىء بهم أطفالا ونشأوا وعاشوا أمريكيين ، ولكن هذا لا يصادر الحُلم ، مهما كرهه البيض الأمريكان المتعصبون .

2 ـ الأمريكيون البيض المتعصبون ينسون:

2 / 1 : أن أسلافهم جاءوا هاربين من الاضطهاد الدينى فى أوربا ، وان الآباء المؤسسين لأمريكا فرضوا حرية الدين والترحيب بالمهاجرين .

2 / 2 : وينسى البيض المتعصبون أنهم هم الذين أبادوا معظم السكان الأصليين الذين تعرض من بقى منهم حيا للتهجير القسرى والمجاعات والأوبئة . وفي عام 2008 أصدر الكونغرس الأميركي قرارا اعتذر فيه للأميركيين الأصليين عن تلك "السياسات غير المدروسة".

2 / 3 : ينسى البيض المتعصبون أنهم السبب فى قتل الملايين فى هيروشيما ونجازاكى ، ثم فى فيتنام و أفغانستان والعراق. ولم يعتذر الكونجرس لأولئك الضحايا.

2 / 4 : ينسى البيض المتعصبون أنهم خسروا فى فيتنام وافغانستان والعراق عشرات الآلاف من القتلى وعدة تيريليونات من الدولارات بالاضافة الى تشويه سُمعة أمريكا فى العالم.

2 / 5 : وينسى البيض المتعصبون أنهم أقلية وسط محيط البيض الأمريكيين ، وانه لا يجوز أن تستحوذ أقلية على معظم الثروة والسُّلطة فى دولة ديمقراطية .

2 / 6 : ثم ينسون أن أمريكا تتسع لتوطين نصف بليون ، وان هذا ممكن وميسور بل وفى صالح أمريكا نفسها والعالم ، إذ يكون حلا للمآسى التى صنعوها وإعتذارا عنها. إن تعداد السكان فى أمريكا حوالى 320 مليون فى مساحة تقترب من 10 مليون كم مربع. ولاية تكساس مساحتها التى تصل الى حوالى 696 وسكانها حوالى 27 مليون فقط ، ومواردها هائلة ومتنوعة. ويمكن أن تستوعب سكان أمريكا كلها وتبقى بقية الولايات خالية . لا ننسى أن جزيرة جاوة الاندونيسية مساحتها 132 كم مربع فقط ويعيش فيها 127 مليون ، مع إن موارها لا تُقارن بولاية تكساس. ثم إنه الانسان هو الذى يصنع الثروة ، وهو ايضا الذى يضيعها . والأمريكيون البيض المتعصبون اضاعوا ثروات أمريكا فى حروب فاشلة ، ولكن يمكن تعويض هذا بجلب الملايين وتثقيفهم ليصنعوا رخاءا لأمريكا .

ثانيا : هذا يستوجب تكلفة مالية عالية ، وهى ميسورة :

1 ـ هناك ( 11 مليون مهاجر غير شرعى ) فى أمريكا . يمكن منحهم الإقامة إذا دفعوا 10 آلاف دولار ، بالتقسيط خلال اربع سنوات. أى 11 بليون دولار ، بالاضافة الى ما سيدفعونه من ضرائب  ، وتوفير ساعات العمل للأجهزة التى تقوم بالبحث عنهم .

2 ـ تكوين شركات للإستثمار تضخ الأموال تبنى المستعمرات والمصانع لتوظيف وتشغيل المهاجرين.

3 ـ كبار المجرمين فى العالم هم المستبدون وأعوانهم . هم المسئولون عن قتل وتعذيب مئات الملايين ، وهم يسرقون شعوبهم ويهربون الأموال الى أمريكا والغرب فى صورة رءوس أموال وشركات وعقارات . ليس لهم أى حق فى هذه الأموال . فى أمريكا بضعة تيريليونات من هذه الأموال . يمكن مصادرتها لإقامة مشروعات ضخمة تستوعب نصف بليون مهاجر ، هؤلاء المهاجرون هم ضحايا أولئك المستبدين ، وهم الأحق بالتمتع بتلك الأموال فى عمل شريف يستفيدون منه وتستفيد به أمريكا. .

ثالثا : أهم المشروعات التى تحتاجها أمريكا :

1 ـ تمتاز أمريكا بشبكة هائلة من الطرق البرية والطيران المحلى. ولكن السكك الحديدية فيها متخلفة ، مع أن أمريكا توسعت بالسكك الحديدية . قطار الأماتراك تزيد كفاءته قليلا عن القطارات المصرية ، وقد ينافسها فى كثرة الحوادث . لا مجال للمقارنة بين السكك الحديدية الأمريكية واليابانية . بسبب الضغوط يحجم الكونجرس عن توسيع وتطوير وإصلاح السكك الحديدية الأمريكية . تحتاج أمريكا الى شبكة رئيسة من السكك الحديدية تربطها من الشرق الى الغرب ومن الشمال الى الجنوب ، وشبكات محلية داخل كل ولاية . مشروع كهذا يستلزم قوة عاملة هائلة ، يمكن جلبها من الخارج تعمل بأجور معقولة. .

2 ـ تمتاز أمريكا بسواحلها على المحيطين الأطلنطى والهادى ، وبأنهارها وبحيراتها . يبلغ الخط الساحلي لأمريكا نحو 322 كيلومترًا، ويوجد بها أكبر منطقة مائية في العالم والتي تغطي 11.4 مليون كيلومتر مربع، مما يتيح للدولة فرصة كبيرة لتكون رائدة في صناعة الأسماك في العالم، إضافة إلى وجود العديد من المزارع السمكية بها، ويُقدر إنتاجها السنوي من الأسماك بـ 5,909,046  طن.ومع هذا تحتل أمريكا المركز الخامس فقط . بوجود ملاييين العمال يتغير الوضع فى صيد وتصنيع الأسماك .

3 ـ البحيرات والجزر : تتشارك أمريكا وكندا فى البحيرات العظمى ، وهما معا لا تجدان القوة العاملة لاستغلالها بما يكفى سياحيا أو زراعيا . وتوجد فى أمريكا آلاف البحيرات الداخلية تعج بالأسماك النهرية . وتوجد فى أمريكا 28 جزيرة معظمها فى ألاسكا. وتوجد جزر ومجموعات جزر معظمها فى المحيط الهادى وواحدة فى الكاريبى. هى مناطق بكر ، تصلح للمشروعات السياحية . ومعظمها نادرة السكان .

4 ـ ألاسكا : هى مستودع الثروة الأمريكية الذى لم يتم إسغلاله كما ينبغى بسبب ندرة السكان . هى أكبر ولاية أمريكية وتوازى مساحتها خُمس بقية الولايات الأمريكية ، ولكنها الأقل سكانا ، فهى فى المرتبة 49 من الولايات ، تليها الولاية الصغيرة ايومنج . وتملك ألاسكا خطا ساحليا أطول من الخطوط الساحلية لكل الولايات الأمريكية الأخرى مجتمعة . ومع ثرائها فى الغابات والموارد الطبيعية الساحلية والنفطية والمعدنية فهى فى الترتيب الخامس والأربعين على مستوى الدولة الأمريكية. وبسبب مناخها القاسى والذى يتسبب فى ندرة سكانها فإن المعروف عن ثرواتها المدفونة قليل . وحتى الآن فيستخرجون منها النفط الخام والغاز الطبيعي والفحم والذهب والمعادن النفيسة والزنك . ألاسكا في المرتبة الثانية في البلاد في إنتاج النفط الخام. وما خفى أعظم .

5 ـ ما سبق معلومات متوفرة على الانترنت . ولا شك أن الأجهزة الأمريكية المختصة لديها الاحصاءات والمعلومات بمدى ما تملكه الأراضى الأمريكية من إمكانات . وهم الأكثر منا علما بأن هذه الامكانات يمكن أن تستوعب طاقة بشرية لنصف بليون مهاجر على الأقل .

رابعا : عن المهاجرين النصف بليون :

1 ـ هم من العالم الثالث الحالمين بالهجرة الى أمريكا ، ولديهم الاستعداد لتحمل العمل الشاق ليوفروا لأنفسهم حياة كريمة وآمنة بعيدا عن جحيم العذاب الذى يعيشون فيه تحت سطوة الاستبداد والفساد . دول العالم الثالث تتميز بالنسبة العالية فى المواليد من الفقراء والطبقة الوسطى ، وأن الأكثرية من الشباب القادر على العمل حوالى 30 % من السكان  وهم يعانون من الإحباط وفقد الثقة فى المستقبل . ومنهم الحاصلون على شهادات جامعية وفوق الجامعية ، وشهادات متوسطة . ومنهم أصحاب الحرف ، ومنهم ملايين بلا شهادات ولكن لديهم الاستعداد للتدريب والعمل الشاق فى أصعب الظروف .

2 ـ خريجو الطب والعلوم والهندسة والحقوق والتجارة إذا وجدوا عملا فهو لا يساوى إعانة البطالة التى يحصل عليها الفرد الأمريكى والأوربى . أعدادهم بعشرات الملايين ، وممكن أن يتحولوا الى رقم صعب فى الاقتصاد الأمريكى مع بعض التدريب والتأهيل .

3 ـ النابغون علميا فى العالم الثالث ( فى الدول العربية خصوصا ) يعانون من التهميش ، لا يأبه بهم المستبد لأنه يريد أهل الثقة الذين يتراقصون فى موكبه ، وينفر من العباقرة والنابغين لأنهم يشعر حيالهم بالنقص ولأنهم لا يجيدون فنّ النفاق والدجل. بهؤلاء يمكن أن يتقدم المستوى العلمى والبحثى فى أمريكا . إن وادي السليكونهو أكبر تجمع لشركات التكنولوجيا الأمريكية المتقدمة مثل أبل، جوجل، مايكروسوفت وفيس بوك وياهو وغيرها من شركات التكنولوجيا الحديثة،  ويقع جنوب خليج سان فرانسيسكو ويضخ أكثر من ثلث العائدات الاستثمارية في مجال المشاريع الجديدة في الاقتصاد الأمريكي. يمكن تدعيمه بل وتأسيس تجمعات أخرى مماثلة بإجتذاب الشباب النابغ من دول العالم الثالث وتأهيله وتدريبه.

4 ـ ملايين الكيلو مترات المربعة من الغابات والمراعى والأراضى الزراعية والسواحل تحتاج الى عدة مئات الملايين من الأيدى العاملة الرخيصة . ومثلها آلاف المناجم ، ومئات الجزر والبحيرات ومشروعاتها السياحية. ولاية آلاسكا عطشى لعشرات الملايين الذين يستخرجون كنوزها ويستغلون سواحلها وغاباتها وأخشابها .

5 ـ الأجور فى أمريكا باهظة ـ بالنسبة لأجور نفس العمل فى دول العالم الثالث . لهذا تذهب الشركات الأمريكية الى هناك لتستغل ضعف الأجور . ولهذا تأثير مدمر على العمالة داخل أمريكا . إذ يتزايد معدل البطالة. العلاج هو بإستغلال ما ليس مستغلا فى الداخل الأمريكى بما يوظف ملايين الأمريكيين ومئات الملايين من المهاجرين ، ويضيف عائدا إقتصاديا أضعاف ما هو متاح حاليا.

6 ـ التصدير الأمريكى للخارج من المنتجات الزراعية والمصنوعات لا يتناسب مع الإمكانات الأمريكية. والسوق الأمريكية تغزوها البضائع المستوردة من الصين واليابان وحتى مصر وبنجلاديش . سيختلف الوضع مع وجود عدة مئات من الملايين المهاجرين يعملون بأجور معقولة وينتجون فائضا يتم تصديره الى مختلف دول العالم.

خامسا : كيفية جلب المهاجرين :

1 ـ يستلزم هذا إنشاء وكالة أمريكية مختصة . تكون لها ميزانيتها من المصادر المشار اليها سابقا . وتتعامل مع الأجهزة الأمنية المختصة حتى لا يتسلل إرهابيون بين المهاجرين . ويكون لها تمثيل فى كل السفارات والقنصليات الأمريكية فى الخارج . ويكون لديها جهاز يقوم بمسح كل الأراضى فى الولايات الأمريكية والمقاطعات والجزر التابعة لها ، وإمكانيات الاستغلال الصناعى والزراعى والسياحى فى كل منها . وتبدا فى تأسيس المشروعات .

2 ـ تعلن هذه الوكالة عن فتح باب الهجرة ، طبقا لما لديها من إمكانات التوطين للخبراء والجامعيين والعمال المهرة والعمال العاديين ، وتعقد إختبارا للمتقدمين ، ويوقعون على عقد العمل ، ويسافرون ليجدوا العمل . ويستمر العمل بهذا .

3 ـ من الممكن :

3 / 1 إلزام المهاجر بأن يعمل فى مكان ما ( ألاسكا ) مثلا مدة خمس سنوات يحصل بعدها على الاقامة ويكون حراّ فى التنقل بعدها فى أى ولاية .

3 / 2 : أن يجلب الجيش الأمريكى متطوعين من الشباب يتم تأهليهم وتدريبهم فى الجزر الأمريكية فى المحيط الهادى ، ويكونون ملزمين بالخدمة العسكرية عدة سنوات ، يحصلون بعدها على الجنسية الأمريكية ، ويتنقلون بعدها حيث شاءوا .

3 / 3 : ومن الممكن عائلات ( الزوج والزوجة والأولاد الصغار ) ليقيموا فى تجمعات زراعية ورعوية ، يحصلون على الأرض ومسكن بثمن يتم دفعه بالتقسيط ، من عائد عملهم . ونفس الحال فى مصانع تُقام على هامش هذه المشروعات . وهناك عشرات الولايات الزراعية تحتاج الى هذا الاستثمار.

 4 ـ بمجرد الاعلان عن فتح باب الهجرة لأمريكا أمام الحالمين سيتدفق الملايين  ، وستعلو سُمعة أمريكا الى عنان السماء ، وسيتجنب العالم الكثير من المشاكل الى يتسبب فيها المستبدون الذين يجعلون الأغلبية الساحقة من شعوبهم بين خيارين : الموت كمدا أو الموت إنتحارا ، ثم يدفع الغرب فاتورة خطايا المستبدين ، عليهم لعة الله جل وعلا أجمعين. .

أخيرا : هذا المقال مجرد إقتراح . قد يبعث على السخرية ، ولكنه مؤسس على حُسن النية .

اجمالي القراءات 5587