من وحى الموقع1
حديث ذوشجون

مصطفى اسماعيل حماد في السبت ٠٧ - يوليو - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً


أسهب الدكتور صبحى فى مقالاته الأخيرة فى توصيف الحالة المصرية وذكر الأسباب التاريخية لقدرة المصريين الفائقة على الصبر على الإستبداد وتحمل الظلم والقسوة من حكامهم وأنا هنا ألقى الضوء على العامل الثانى الذى يضمن مع العامل الأول استمرار انحطاط المصريين إلى مالا نهاية هذا العامل الثانى هو الفساد المتغلغل فى بنيان الشعب المصرى حتى النخاع فما هو أصل هذا الفساد ؟ نعود مع التاريخ إلى العصر المملوكى لنلقى نظرة على الحياة السياسية فى ذلك العصر.                                              كان المملوك يصل إلى الحكم عن طريق الغدر بالسلطان القائم الذى هو فى نفس الوقت أستاذه الذى اشتراه ورباه وعلمه ورقاه وبمجرد السيطرة على مقاليد الأمور كان السلطان الجديد يتنكر لمن ساعدوه ويقضى عليهم وينشئ لنفسه مجموعة خاصة به تدين له بالولاء الكامل ولم يكن يقنع بذلك بل كان يثير بينهم الفتن ويوقعهم بعضهم بالبعض حتى ينشغلوا بما بينهم عن التفكير فى الإيقاع به وهم بدورهم كان كل همهم الوقيعة والدس وتلفيق التهم لبعضهم فكان أقربهم للسلطان أكثرهم خبثا ودهاء (الزومبجى) من هنا نشأت تعبيرات (الدبوس والزومبة والخازوق الخ)وكلها تعبر عن الإيقاع بشخص ما غدرا وهذا يفسر لماذا ينفرد بعض  المصريين عن جميع الأجناس بالغدر بإخوانهم فى الغربة .إنها بقية من ذلك التراث المملوكى  .                                                                                                                                                                  من ناحية أخرى كان الحصول على المناصب والإحتفاظ بها يتطلب تقديم الرشاوى للسلطان من خلال أفراد حاشيته التى كان لتقاريرهم الدور الأكبر فى رضا السلطان أو نقمته انتشرت هذه الثقافة الفاسدة على مستوى الجهاز الإدارى كله وحتى بعد الغزو العثمانى لم يتغير شىء فالملتزمون وحكام الإقطاعات كانوا كلهم من المماليك أى أنهم أداروا الدولة لحسابهم ولمصلحتهم الخاصة تماما كما كانوا يديرونها قبل مجيء الترك وحتى عندما تخلص محمد على من كبارهم بمذبحة القلعة بقى الحال على ما كان عليه.                        تسربت كل هذه المفاهيم إلى المصريين فتخلقوا بها واحترفوها وأصبح من (يفهم اللعبة) هو المنافق المتملق الوصولى الفاسد واهم من ذلك أن يجيد الإيقاع بزملائه (زومبجى) وعليه فالمدير العام يدير المؤسسة لحسابه الخاص وفقا لهواه ومصلحته   لا طبقا للصالح العام ولا يسع المرءوسين سوى السمع والطاعة وتزيين الفساد والجهل امتثالا للخوف الموروث والرعب الأزلى  ولأن المنظومة كلها فاسدة فالشرفاء -وهم موجودون بحمد الله وإن كانوا قلة- هؤلاء الشرفاء سرعان ما يسحقون تحت الأقدام مصحوبين بلعنات الأكثرية الفاسدة .                                                                                                                                                              نأتى لسبب آخرلايقل أهمية  فى تردى الحالة المصرية الراهنة وهو عن علية القوم فى مصر من هم ؟ عندما سيطر عبد الناصر أتى بأحقر المصريين وسلمهم أعنة الدولة فكان كل همهم بعد السرقة والفساد هو نشر ثقافتهم الوضيعة وصبغ الدولة كلها بصبغتهم الفاسدة ثم جاء أنور وصعد باللصوص والغشاشين وتجار السموم ويمكنكم مراجعة فيلم أهل القمة  لنجيب محفوظ لتتأكدوا من ذلك                                                                                                                                                            ثم أطبق علينا الفاسد الأكبر اللامبارك فجاء بأوسخ نوعية على كل المستويات جاء المخلوع بأفراد التنظيم الطليعى الذين سبق وزرعهم عبد الناصر فى الحامعات للتجسس على زملائهم وكتابة التقارير التى تجرمهم(الزمبجة المملوكية)-راجعوا فيلم معالى الوزير- فمن أى مستنقع جاء هؤلاء المسوخ؟ من حثالة الحثالة بالطبع ولك أن تتخيل  ما سيكون عليه الحال عندما يسيطر هذا الصنف الواطى على مقدرات دولة مثل مصر. أفسدوا البيئة والإدارات والمؤسسات وقبل ذلك قضوا على أى بارقة أمل فى مستقبل أفضل لهذا البلد ولولا خوف المساءلة لذكرت أسماء أكثر من ثلاثين شخصية قيادية كبيرة تنتمى لهذا الصنف الوضيع.                                                                                                                         مما سبق نستنتج مدى تغلغل الفساد فى الشعب المصرى حتى النخاع فهل ترون أى بصيص للأمل؟ أشك. 
 

اجمالي القراءات 4150