وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا
وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا

أنيس محمد صالح في الثلاثاء ٢٧ - يونيو - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا
بسم الله الرحمن الرحيم
فى محاولة أهل التراث إثبات تراثهم الشركى، يقتطعون الآيات سواء من سياقها أو يأتوا بجزء من الآية لكي يتوافق مع فهمهم وما يريدوا أن يمرروه ويضلوا به الناس.
 
الشاهد أنه فى نقاشك مع عبيد التراث تجده يقول لك ( وما أتاكم الرسول فخذوه ومانهاكم عنه فأنتهوا ) لا يذكر لك لا إسم السورة ولا يأتى بالآية كاملة ولكن فقط يقطتع الجزء المراد تمريره لكى يدلس عليك .
 
فتقول له ما هو عمل الرسول تحديداً ؟
ولماذا وردت ما أتاكم الرسول، وليس ما أتاكم النبى ؟
تجد إجابة واهية لا تعبر عن شىء إجابة من عينة كل رسول نبى وليس كل نبى رسول !
ولكن القرآن فصَّله الله، وسوف نجد آيات تقول يا أيها النبى ولماذا لم ترد يا أيها الرسول ؟
القرآن الكريم أوضح تماما، ما هو عمل النبى تحديداً، وما هو عمل الرسول تحديدا فى آيات بينات واضحات لا لبس فيها .
الرسول - قولا واحدا - هو صفة البلاغ لآيات الله والتى تُطبق على النبى نفسه مثله مثل المؤمنين، والنبى .. هو الصفة الدعوية للإنسان البشر محمد فهو صفة دعوة فقط كما جاء فى سورة الأحزاب والتى فيها أيضاً آيات تعريف بعمل الرسول تحديداً .
لن نجد الطاعة منسوبة للنبى أبداً .. ذلك لأن الطاعة هى طاعة ما أنزله الله وليس لشخص محمد الإنسان، فهو أيضا مأمور بطاعة الرسول حيث نجد فى سورة التحريم رد من الرسول الذى هو البلاغ للنبى محمد عندما تصرف من عندياته كإنسان، وكذلك فى سورة الأحزاب والتوبة .
الطاعة للرسول وأيضاً الإتباع للرسول وليس للنبى محمد، والآية التى نحن بصددها هى من سورة الحشر وهذه السورة هى سورة العدالة الإجتماعية حيث جاء فيها كيفية توزيع الفيىء والجهات التى سيوزع عليها هذا الفيىء وقد ذكرالله الحكمة من ذلك هو عدم الإحتكار " .. كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ .." فهنا قمة العدل فى العدالة اللإجتماعية والتى نجد أن الكل له نصيب فى الفيىء وقمة هذه العدالة أن الآية لم تشترط المُعتـَقد الذى سيكون عليه من لهم نصيب فى الفيىء.
إذاً .. هذا هو عدل الله المطلق، الكل له نصيب مهما كان دينه أو معـْـتـَقـَدُه، وليس ذلك قصراً على أتباع محمد فقط، إذكاءً لمفهوم السلام بين الناس، وشيوع الألفة والمحبة بين جميع أفراد المجتمع، على أن يكونوا مسالمين وليسوا محاربين لكم وهذا ما وجدناه فى آيات القرآن .
{ مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7) } الحشر
فهل هناك وحى آخر بجانب القرآن ؟
فيقول لك سنة الرسول، وعندما تقول له سنة الرسول هذه من صناعة البخارى وكل من كتبوا فى هذا الموضوع، يقول لك أنك تنكر السنة، ثم يواصل كلامه بأن الله قال
".. وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا .."
وفي هذا المقطع من الآية (7) من سورة الحشر، سوف نجد كلمتي " .. وَمَا آتَاكُمُ .. " وأيضا كلمة " .. فَخُذُوهُ .." ، وهاتان الكلمتان وردتا فى القرآن كله إشارة الى الشىء المادى الملموس المحسوس، ولا صلة لهما بموضوع الإيمان، ذلك لأن الإيمان أشار الله إليه بكلمة أ ُنزل وأُنزل ونُزِّل وليس بكلمة إتيان او أخذ .. هذه الآية التى فى سورة الحشر من خلال سياق السورة تتكلم عن فىء وغنيمة أو غنائم، أى عن شىء مادى، ولابد له من أصول وقواعد تنظيمية فى التقسيم بين الناس، فالله تعالى هنا أيضا لم يقل لنا ما أتاكم النبى لأنه لايعقل أن يقول ما أتاكم النبى لأن النبى يتبع تعاليم الرسالة التى هى الرسول .. قول الله هو الرسول للناس فيتبعه النبى بالصفة البشرية لمحمد الرسول، فيوضح لنا الله أن هذه هي قواعد توزيع هذا الفىء من الخيل والركاب والأسلحة والدروع والحراب والبيوت التى تركوها وأجلاهم الله عنها .
والآية (7) من سورة الحشر، تبين لنا بل وتفصل هذه التقسيمة " .. كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ .." على حساب الفقراء والتى أتى بهذه التقسيمة هو الرسول أى قول الله صفة الرسالة أى الوحى لأن النبى يتبع الوحى الذى هو الرسول والذى هو الرسالة، وقد قسَّم الله هذا الفىء الى ستة جهات1- لله 2- للرسول 3- لذى القربى 4- لليتامى 5- للمساكين 6- ابن السبيل
هذه هي الجهات التى سيكون لها نصيب فى تقسيمة الفىء، والفىء هو كل ما ينعم الله على المؤمنين من خير سواء زراعة أو صناعة أو غيره مثل السياحة الدينية أو بترول أو مناجم الذهب الذي يتم إكتشافه، أو أى مصدر ينعم به الله على الدولة، فهو دخل للدولة من أى مصدر، فلابد للدولة أن يكون دورها هو العدالة الإجتماعية فى توزيع الدخل .
وقد ذكر الله الحكمة من ذلك فى الآية " .. كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ .." أى لا يكون هناك أى عملية إحتكار لأحد ، فهنا نجد العدالة الإجتماعية مفصلة تماما فى توزيع الفىء أو الخير القادم، والملاحظ فى الآية أنه لم يذكر الفقراء حيث تم ذكر الفقراء فى الآية (9) من نفس السورة ، والفقير ليس معدوم الدخل أو ساكن الحركة وعدم القدرة على الكسب، بل هو يعمل ويتحرك ولكن دخله محدود أو هو أقل من حد الكفاف، أو فقد دخله تماما، وسبحان الله هذه التقسيمة هى من القيم الربانية التى تعمل بها الدول، فنجد الدول لها مخزون مادى ربما ثابت ويزيد، هذا حسب إقتصادها ومنه تنفق على الفقراء حول العالم فى الكوارث على سبيل المثال أو الفيضانات أو السيول أو التسونامي أو الأعاصير أو الصواعق واجتياح الأوبئة والحرائق، وغيرها من الكوارث الطبيعية أو غير الطبيعية حول العالم، وكذلك تقوم الدولة بعمل منح دراسية أو صحية لكثير من المرضى أو طلبة العلم للتعلم فيها وتقوم بالإنفاق عليهم طول مدة دراستهم أو علاجهم وهذا ما يمكن أن نطلق عليه - عابر سبيل - وأيضا يتبين لنا من هذه الآية مدى عدل الله، فالله لم يخصص الإنفاق على أتباع محمد فقط، بل لم يذكر لنا ديانة من ستنفق الدولة عليه، ذلك لأنها قيم إنسانية ، حيث نجد أن ثمة جمعيات إسلامية تنفق على مصابى الكوارث من غير المسلمين، وتقوم بعمل قوافل طبية وهكذا، فسورة الحشر هى سورة تعبر عن العدالة الإجتماعية وكيفية الإنفاق حتى لا يكون هناك إحتكار بين الناس " .. كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ ..".
من هذا الذى قدمنا من فهمنا للآية 7 من سورة الحشر، فهي لا تعنى أبداً أن هذا الإتيان هو ما أدعوه أنها أقوال النبى محمد في كتب وصفوها بالصحاح ونسبوها للنبى، حيث أن الله قد جمع لنا فى القرآن كل أقوال النبى وأفعاله والتى تخص المنظومة الدينية ولا يمكن أن يترك الله دينه لمن يجمع ومن يصحح ويضَعـِف، ذلك لأن أحكام وتشريعات الدين فقط لله وليس لبشر .
والله جلَّ في علاه، أعلا وأعلم،،،
مستشار/أحمد عبده ماهر
محام بالنقض ومحكم دولي وباحث إسلامي
اجمالي القراءات 29069