ما رأى الوهابية فى ( انفتاح ) سلفهم الصالح مع النساء ؟

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ١٢ - أبريل - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

مقدمة :

1 ـ يحلو للدين الأرضى أن يتميز بأن يجعل بعض الفرعيات أساسا له ، يقوم بتضخيمها وإعلاء شأنها واجبا مفروضا تُقاس به عندهم درجة التدين ( السطحى ) . وإذا تسيد هذا الدين الأرضى فإنه يفرضها على الناس لتصبح بمرور الزمن تقليدا دينيا لا يتجزأ من حياة المجتمع .

2 ــ النقاب هو المثال الساطع لهذا . ناقشناه فى حلقات بعنوان (زى المرأة وزينتها ) من برنامجنا ( فضح السلفية ) على قناة أهل القرآن ، وفى مقالين سابقين ( البكاء غدا على اطلال وطن ) و ( يسألونك عن النقاب ) ومقالات أخرى وعشرات الفتاوى .

3 ـ وموجز القول إن النقاب ليس فقط محرما بل هو من سمات الشرك بالله جل وعلا لأنه إعتداء على حقه جل وعلا فى التشريع ومزايدة مرفوضة على رب العزة حذّر منها رب العزة جل وعلا فى سورة ( الحجرات 1 ) . فوجه المرأة سافر ومكشوف مثل وجه الرجل ، لذا جاء الأمر للرجال والنساء بغض البصر ( النور 29 : 30 ). والحجاب المرتبط الآن بزى المرأة لا علاقة له بزى المرأة ، لأن الحجاب يعنى الستارة قرآنيا وتشريعيا وجاء هذا فى تشريع خاص بنساء النبى (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ )(53) الأحزاب) ، وأن الأمر بارتداء الخمار يعنى فقط تغطية الصدر ( أو الجيب ) ، وأنه لا يحرم كشف شعر المرأة ، ويصح لها أن تصلى بدون تغطية شعرها ، فالوضوء هو للأعضاء الظاهرة المكشوفة ، ومنها الوجه والشعر . وفى نهاية الأمر فالأمر بالخمار هو أمر تشريعى يخضع لقاعدة تشريعية هى التوبة ،وتكررت العشرات من الآيات الخاصة بالتوبة كقاعدة تشريعية . والتوبة تعنى العفة الجنسية هنا ، والأمر فى موضوعات الزى والنظر خاضع لهذه القاعدة التشريعية . ثم أن التوبة ( أوالعفة الخلقية ) كقاعدة تشريعية تخضع للتقوى وهى المقصد التشريعى الأعلى . والأمر بزى المراة لم يأت إلا فى ثلاث آيات فقط ( النور 30 ، 60 الأحزاب  59) بينما تغلّف التقوى معظم آيات التشريع ، فهى المقصد الأعلى فى شريعة الرحمن لأنه لا يدخل الجنة إلا المتقون ( مريم 63 ) ( الزمر 71 / 73 ).

4 ــ ثم إنّ وجه المرأة كان مكشوفا ، ولقد قال جل وعلا للنبى محمد فى تشريع خاص به (لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ  ) الاحزاب 52)، والحُسن يكون فى الوجه ، أى كان وجه المرأة مكشوفا ومعروفا ، وبالوجه يمكن التعرف على المرأة ، وبه تكون شهادتها فى التجارة وفى العقوبات . والشهادة أساس فى تطبيق الشريعة الاسلامية . فكيف تشهد المنقبة ؟

5 ـ تطرفت الحنبلية السنية فى فرض الخمار فأصبح نقابا ، وتطرفت الوهابية فى فرض النقاب ، بحيث إعتاد الوهابيون أن تتنقب المرأة فى بيتها حتى يحرم أن يرى وجهها أخ زوجها أو حماها ، بل تتنقب الزوجة فى علاقتها بزوجها ، حتى فى علاقتهما الجنسية ، تعتبر كشف وجهها لزوجها حراما . أضحى النقاب مرضا يستوجب العرض على طبيب للأمراض العقلية .

6 ــ  للرد على هؤلاء نأخذ بعض لمحات من تاريخ سلفهم الصالح :

أولا : أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب   

1 ــ وأمهافاطمة بنت رسول الله وجدتها لأمها خديجة بنت خويلد  .  تزوجها عمربن الخطاب وهي فى سن المراهقة ، وقيل لم تكن بلغت بعد . فلم تزل عنده إلى أن قُتل ، وولدت له زيد بن عمر ورقيةبنت عمر . ثم تزوجها بعده ابن عمها  ( عون بن جعفر بن أبي طالب ) ، ثم توفى عنها ، فتزوجها بعده أخوه ( محمد بن جعفر بن أبي طالب ) ، ثم توفى عنها فتزوجها بعده أخوه (عبد الله بن جعفر بن أبي طالب) . وكان عبد الله بن جعفر هذا متزوجا من أختها ( زينب بنت علي بن أبي طالب ) فماتت وهى فى عصمته . فلما خطب عبد الله بن جعفر أم كلثوم قالت : (  إني لأستحيي من أسماء بنت عميس إن ابنيها ماتا عندي وإني لأتخوف على هذاالثالث . ) وماتت وهى فى عصمته ، ولم تنجب لأحد منهم . ولم يكن لها من ولد سوى ابنها زيد وبنتها رقية من زوجها الأول عمر بن الخطاب .

2 ـ كيف تزوجها عمر بن الخطاب ؟ يذكر ابن سعد فى ( الطبقات الكبرى ) ج 8 ص  339 ـ ) أن عمر بن الخطاب خطبها من أبيها (على بن أبى طالب ) فإعتذر له بأنها صغيرة وبأنه سيزوج بناته من أبناء أخيه جعفر بن أبى طالب . ( عمر ابن الخطاب خطب إلى علي بن أبي طالب ابنته أم كلثوم فقال عليإنما حبست بناتي على بني جعفر " . وفى رواية أنه إعتذر له بأنها صغيرة : (  لما خطب عمر بن الخطاب إلى علي ابنته أم كلثوم قال : "  يا أمير المؤمنين إنهاصبية ."  فقال: "  إنك والله ما بك ذلك ولكن قد علمنا ما بك ."  فأمر علي بها فصنعت ( شيئا )ثم أمر ببردفطواه،  وقال  ( لها ) : " انطلقي بهذا إلى أمير المؤمنين ، فقولي : أرسلني أبي يقرئك السلام ويقول إنرضيت البرد فأمسكه وإن سخطته فرده " . فلما أتت عمر قال : " بارك الله فيك وفي أبيك قدرضينا . " قال فرجعت إلى أبيها فقالت : " ما نشر البرد ولا نظر إلا إليّ )  . فزوجها إياه ، فولدتله غلاما يقال له زيد . ) . هنا نرى (عليا ) يرسل إبنته ( أم كلثوم ) الى (عمر ) فى بيته ليراها ، فرآها عمر فأعجبته ، وتزوجها .

3 ـ طبقا للدين الوهابى فهؤلاء الأعلام خارجون عن الدين الوهابى .!!

 ثانيا : سكينة بنت الحسين بن على بن أبى طالب

1 ـ كان مصعب بن الزبير أول من تزوجها وأنجبت منه فاطمة . بعد قتله تزوجت  عبد الله بن عثمان ، فولدت له عثمان ، وبعد موته تزوجت زيد بن عمرو بن عثمان بن عفان ، بعد موته تزوجت إبراهيم بن عبدالرحمن بن عوف الزهري . كانت قد جعلته وليا على نفسها ليزوجها ، فتزوجها هو ، وفى رواية أنه مات عنها فتزوجها  الأصبغ بن عبد العزيز بن مروان .  ( الطبقات الكبرى لابن سعد ) ج8 ص 348 ـ ) . نحن هنا أمام أرملة طروب تُدمن الزواج ، وبمجرد أن يموت زوجها تتزوج غيره . لا يحدث هذا إلا فى مجتمع مفتوح متفتح لم يعرف ثقافة النقاب .

2 ـ بعد أن كفّت عن الزواج أصبحت أرملة طروبا ، وإشتهرت بكونها سيدة صالونات بتعبير عصرنا ، بيتها مفتوح للشعراء والأدباء ، تجالسهم وتناقشهم وتداعبهم وتعطيهم الجوائز ، وكانت لها علاقات متعددة بهم ، حتى عمر بن ربيعة شاعر الغزل والتشبيب بالنساء .

3 ـ وحتى لا يُقال إننا نتجنّى عليها ننقل هذه الأخبار عنها من تاريخ ( المنتظم ) للمؤرخ ( الحنبلى ) ابن الجوزى  ( المنتظم ج 7 ص 175 ـ وفيات 117 ) . قال عنها ابن الجوزى ( وكانت سكينة من الجمال والأدب والفصاحة بمنزلة عظيمة . كان منزلهامألف الأدباء والشعراء ) ورى ابن الجوزى علاقتها بالفرزدق الشاعر الأموى المشهور بمجونه وبذاءته  : (.. أن القرزدق خرج حاجًا فلما قضى حجه عدل إلى المدينة ، فدخل إلى سكينةبنت الحسين ، فسلّم . فقالت‏:‏ " يا فرزدق من أشعر الناس ؟ قال‏:‏ " أنا"  قالت‏:‏ كذبت أشعرمنك الذي يقول‏:‏ بنفسي من تجنبه عزيز عليّ ومن زيارته لمام .... فقال‏:‏ " والله لو أذنت لي لأسمعنك أحسن منه‏" .‏ قالت‏:‏"  أقيموه‏." . (أى اطردوه ) ‏ فأخرج ، ثم عاد إليها من الغد، فدخل عليها، فقالت‏:‏ " يا فرزدق من أشعر الناس؟ "  قال‏:‏ " أنا " . قالت‏:‏" كذبت صاحبك جريراشعر منك حيث يقول‏:‏لو لا الحياء لهاجني استعبار ** ولزرت قبرك والحبيب يزار....فقال‏:‏ " والله إنأذنت لي أسمعتك أحسن منه" .  فأمرت به فأخرج . ثم عاد إليها في اليوم الثالث وحولهامولدات لها ( أى جوارى ) كأنهن التماثيل . فنظر الفرزدق إلى واحدة منهن فأعجب بها وبهت ينظر إليها.  فقالت له سكينة‏:‏ " يا فرزدق من أشعر الناس ؟ " قال‏:‏ " أنا " . قالت‏:‏ " كذبت . هوصاحبك جرير القائل ‏:‏إن العيون التي في طرفها **حور قتلننا ثم لم يحيين قتلانا...فقال‏:‏ " والله لئن تركتني لأسمعنك أحسن منه‏.‏ " فأمرت بإخراجه ، فالتفتإليها وقال‏:‏ " يا بنت رسول الله إن لي عليك حقًا عظيمًا ؛ صرت من مكة إرادة التسليم عليك، فكان جزائي منذلك تكذيبي وطردي وتفضيل جرير عليّ ومنعك إياي أن أنشدك شيئًا منشعري ، وبي ما قدعيل صبري ، وهذه المنايا تغدو وتروح ولعلي لا أفارق المدينة حتى أموت، فإذا مت فمُري بيأن أُدرج في كفني وأُدفن في حر ( الحر هو العضو الجنسى للمرأة ) هذه الجارية " - يعني التي أعجبته- فضحكت سكينة ، وأمرت له بالجارية‏.‏ فخرج بها وأمرت بالجواري فدفعن في أقفيتهما. ونادته‏:‏ " يا فرزدق احتفظ بها وأحسن صحبتها فإني آثرتك بها على نفسي. ") .

4 ــ ويروى ابن الجوزى : (  اجتمع راوية جريروراوية كثير وراوية جميل وراوية الأحوص وراوية نصيب ، فافتخر كل واحد منهم بصاحبهوقال‏:‏" صاحبي أشعر".! .  فحكّموا سكينة بنت الحسين لما يعرفون من عقلها وبصرها بالشعر.  فاستأذنوا عليها ، فأذنت ، فذكر لها الذي كان من أمرهم . فقالت لراوية‏ جرير :‏ أليس صاحبكيقول‏:‏" طرقتك صائدة القلوب وليس ذا ** حين الزيارة فارجعي بسلام" فأي ساعة أحلى الزيارة من الطروق قبح الله صاحبك وقبح شعره . ألا قالفادخلي بسلام ؟" . ثم قالت لراوية كثير‏:‏ أليس صاحبك الذي يقول‏:‏ " وليس بعينيها أقر منالنكاح " أفيحب صاحبك أن ينكح ؟ قبح الله صاحبك وقبح شعره‏.‏.  ثم قالت لراوية جميل‏:‏"  أليس صاحبك الذي يقول‏:‏"فلو تركت عقلي معي ما طلبتها ** ولكن طلابيها لما فات من عقلي".  ما أرى صاحبك صاحب هوي إنما يطلب عقله.  قبح الله صاحبك وقبح شعره‏. ‏ثمقالت لراوية نصيب : " أليس صاحبك الذي يقول‏:‏" أهيم بدعد ما حييت فإن أمت ** فوا حزني من يهيم بها بعدي."فما أرى له همة إلا من يتعشقها بعده. قبحه الله وقبح شعره ألا قال‏:‏" أهيم بدعد ما حييت فإن أمت **فلا صلحت دعد لذي حيلة بعدي . " ثم قالتلراوية الأحوص‏:‏ " أليس صاحبك الذي يقول‏:‏من عاشقين تواعدا وتراسلا ** حتى إذا نجمالثريا حلقا. باتا بأنعم ليلة وألذها حتى ** إذا وضح الصباح تفرقا"  .قال‏:‏ نعم قالت‏:‏ قبحه الله وقبح شعره ألا قال‏:‏ تعانقا‏.‏" فلم تثن على أحد يومئذ ولم تقدمه‏.‏).

5 ـ هنا رواة أشهر الشعراء فى العصر الأموى ، يحتكمون اليها فتنتقد كل شاعر . وهذا فى صالونها الأدبى ـ الذى كان مقصد الشعراء ورواة الشعر . بهذا فإن السيدة سكينة بنت الحسين خارجة عن الدين الوهابى ..

ثالثا : ( عائشة بنت طلحة ) : أجمل وجه نسائى فى عصرها : لو كان هناك نقاب ما إشتهر حُسنها :

1 ـ  أبوها الصحابى المشهور ( طلحة بن عبيد الله )  وأمها  أم كلثوم ابنة أبى بكر ، وخالتها عائشة . و( عبد الله بن الزبير ) هو ابن خالتها .  قالوا عن جمالها :  (وكانت أجمل اهل زمانها وأحسنهن وارأسهن ) ـ ( وكانت بارعة الحسن .) .  تزوجها  (عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر ) ومات عنها ، فتزوجها ( مصعب بن الزبير بنالعوام) ، وهو أمير العراق لأخيه عبد الله بن الزبير ، فقُتل عنها ، فتزوجها ( عمر بن عبيد الله بن معمر بن عثمان التيمي  ) ولم تتزوج بعده .

2 ــ الزوج الأول : ابن خالها  (عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر ) تزوجها بكرا ، تقول الرواية ( وهو أبو عُذرها ) . وقد عانى منها الويلات . خاصمته مرة وتركت له البيت غاضبة الى بيت خالتها السيدة عائشة ، تقول الرواية :  ( .. وخرجت من دارها غضبى ، فمرت في المسجد ، وعليها ملحفة ، تريد عائشة ام المؤمنين ، فرآها ابو هريرة فسبّح ، وقال : سبحان الله كانها من الحور العين.! ).   

3 ـ زوجها الأخير : ابن عمها : عمر بن عبيد الله التيمي . تزوجها بعد قتل مصعب ، وقدم لها صداقا قدره ألف الف درهم ، تقول الرواية :  ( وفي ذلك يقول الشاعر:بُضع الفتاة بألف ألف كامل * وتبيت سادات الجيوش جياعا ). ( بُضع فتاة ) أى ( عضوها الجنسى ).    وتقول رواية إن العريس الثالث  حمل اليها الف الف درهم مهرا. ( ألف ألف درهم ، خمسمائة ألف مهرًا ، وخمسمائة ألف هدية . وقاللمولاتها‏:‏ لك علي ألف دينار إندخلت بها الليلة فحمل المال فألقي في الدار وغُطّي بالثياب .  وخرجتعائشة فقالت لمولاتها‏:‏" ما هذا أفرش أم ثياب  ؟ قالت‏:‏ " انظري " ،  فنظرت فإذا به مال ، فتبسمت ، فقالتلها‏ ( مولاتها ) :‏ " أجزاء من حمل هذا أن يبيت عندنا . ؟ " قالت‏ ( عائشة ) :‏ " لا والله ، ولكن لا يجوز دخوله إلا بعدأن أتزين له وأستعد ."  .  قالت‏ ( الجارية ) :‏ " وبماذا ؟ فوالله لوجهك أحسن من كل زينة ، وما تمدين يديكإلى طيب وثوب أو فرش إلا وهو عندك ، وقد عزمت عليك أن تأذني له . "  قالت‏:‏ " افعلي " .  فذهبتإليه فقالت‏:‏ " بت ببيتناالليلة . " فجاءهم عند العشاء الآخرة. ) .

وهناك رواية أخرى ( فاحشة ) تقول:( وتزوجها عمر بن عبيد الله ، وحمل اليها الف الف درهم ، وقال لرسولها : " انا أملأ بيتها خيرا  وحرها أيرا " ( الحر : عضو المرأة الجنسى ) ( الاير : عضو الذكر الجنسى ) ، أى يملأ عضوها الأنثوى بعضوه الذكرى.! وتمضى الرواية فتقول : ( ودخل بها من ليلته ، واكل الطعام الذي عُمل له على الخوان كله ، وصلى صلاة طويلة ، وخلا بها ، ودخل المتوضى سبع عشرة مرة ، فلما اصبح  قالت له جاريتها :"  والله ما رأيت مثلك ، أكلت أكل سبعة ، وصليت صلاة سبعة  ، ونكت نيك سبعة .! " ،  فضحك وضرب بيده على منكب عائشة ، وقال :" كيف رأيت ابن عمك ؟ " ، فضحكت وغطت وجهها . . ).  

 4 ـومات زوجها الثالث سنة (82 هـ) ، فرفضت الزواج بعده . وعاشت حياتها كما يحلو لها وهى أرملة ثرية ، تتنافس مع ضُرتها السابقة سكينة بنت الحسين .  واصبحت عائشة بنت طلحة جُزءا من الحياة المنفتحة  فى مكة والمدينة ، حيث المجون والغناء ومشاهير المغنيين والمغنيات ، وقصائد العشق والغرام والتشبيب بالنساء . إذ أن الأمويين بعد الفتنة الكبرى الثانية أغرقوا أهل مكة والمدينة بالأموال والجوارى ليشغلوا أهلها عن الثورة بعد إخماد حركة ابن الزبير  .

5 ـ فى هذه الفترة كان لعائشة بنت طلحة ندوة أدبية يحضرها الشعراء والمغنون وسادة القوم ، وكانت تتنافس مع ضرتها السابقة ( سكينة بنت الحسين ) التى شاركتها مصعب بن الزبير . يقول ابن اسحاق عن ابيه : ( دخلت على عائشة بنت طلحة بن عبيد الله ، وكانت تجلس ، وتأذن كما يأذن الرجل.) وبعضهم كان يأتى ليملأ عينيه من جمالها فقط ، تقول الرواية : ( وقال أنس بن مالك لعائشة بنت طلحة: " إن القوم يريدون أن يدخلوا اليك فينظروا إلى حسنك !"  قالت:  " أفلا قلت لي فألبس حسن ثيابي." ) .

وفى هذا المناخ إشتهر عمر بن أبى ربيعة بالتغزل بالنساء ، وتسابقت النساء الشهيرات ليحظين بشعره متغزلا فيهن . تقول الرواية : ( لقي عمر بن أبي ربيعة عائشة بنت طلحة بمكة،  وهي تسير على بغلة لها ، فقال لها :"  قفي حتى أسمعك ما قلت فيك " ، وأنشدها أحدث قصائده فى التغزل بها . وبالاضافة لعمر بن ربيعة كان لعائشة معجبون من مشاهير المغنيين ، ومنهم ابن محرز ، والمغنى ( العريض )  ، وكان والى مكة الحارث بن خالد بن العاص  من المتيمين بعائشة بنت طلحة . وكان ينظم فيها الشعر . قال أبوالفرج الأصفهانى : ( والحارث بن خالد أحد شعراء قريش المعدودين الغزليين ... وكان يهوى عائشة بنت طلحة بنت عبيدالله ويشبب بها.وحج الحارث بن خالد المخزومي بالناس ، وحجت عائشة بنت طلحة عامئذٍ ، وكان يهواها ، فأرسلت إليه :" أخّر الصلاة حتى أفرغ من طوافي  "، فأمر المؤذنين فأخّروا الصلاة حتى فرغت من طوافها ، ثم أقيمت الصلاة فصلى بالناس ، وأنكر أهل الموسم ذلك من فعله وأعظموه.ولما أن قدمت عائشة بنت طلحة أرسل إليها الحارث بن خالد ـ وهو أمير على مكة ـ : " أني أريد السلام عليك ، فإذا خف عليك أذنت ،"  وكان الرسول الغريض ، فقالت له: " أنا حرم ( أى فى الحرم فى الحج ) فإذا أحللنا إذناك." فلما أحلت سرت ( سارت ليلا ) على بغلاتها، ولحقها الغريض.. ومعه كتاب الحارث إليها..الخ ) .

6 ــ ونكتفى بهذه اللمحات عن عصر الانفتاح للسلف الصالح .  فماذ يرى الوهابيون فى سلفهم الصالح ؟ 

اجمالي القراءات 8301