و امتازوا اليوم أيها المجرمون
و امتازوا اليوم أيها المجرمون

أسامة قفيشة في الإثنين ٢٣ - يناير - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

و امتازوا اليوم أيها المجرمون

من المعروف لدينا و من المؤكد بأن النفس البشرية هي التي ستحاسب يوم الحساب , و هي التي ستمتثل أمام الحساب , و هي التي ستدخل الجنة عطاءً من عند الله عز و جل أو ستدخل جهنمَ جزاءً وفاقا , و ليس لجسدها الأرضي الفاني الذي سكنته أي اعتبار , فلا أهميه لجنس ذاك الجسد أو شكله , بل هي نفسٌ واحده لا تختلف باختلاف جنس ذاك الجسد الذي سكنته على الأرض ,

و لكن كيف ستتجسد تلك الأنفس يوم الحساب ؟ و كيف سيتم التعارف و التعريف و التمييز بين الجميع ؟

من الطبيعي و المؤكد بأن تلك الأنفس لا بد لها من التجسد يوم الحساب , و لا بد لها من جسد يكون لها ثوباً ترتديه في ذلك اليوم , هذا الجسد أو هذا الثوب سيكون من عمل يدها الذي عملت به في الحياة الدنيا فتتميز كل نفس بما عملت و قدمت ,

و ستتجسد تلك النفس في عملها الذي عملته , فإما أن يكون جسداً من نور نتاجاً لعملها الصالح ( يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) 12 الحديد ,

أو جسداً من الظلمةِ و السواد نتاجاً لعملها الطالح ( وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ ) 60 الزمر ,

و هذا واضحٌ في قوله جل وعلا ( يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ ) 106 آل عمران ,

تلك هي السمات التي ستتسم بها الأجساد الجديدة يوم الحساب ليتم تميز تلك الأنفس و معرفتها و للتعريف بها , فالمؤمنون سيُعرَفونَ بسيماهم (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) 29 الفتح , فتلك السمات ستظهر نوراً في وجوه المؤمنين في ذلك اليوم ,

و أما الكافرون فكذلك الأمر (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ ) 41 الرحمن ,

و هناك ما يعرف بإسم ( أصحاب الأعراف ) و هؤلاء ملائكة مختصون بتعرفت تلك الأنفس ,  فيعرفون و يُعَرّفون تلك الأنفس  بأنها لفلان بن فلان و هكذا , قال تعالى (وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَن سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ ) 46 الأعراف ,

فبعد الفصل بين أهل الجنة و أهل النار و قبل الدخول , يتم حجبهم عن بعضهم بحجاب , أي يتم فرز أهل الجنة عن أهل النار , فيشاهد أهل الجنة الجنة و يتعرفوا عليها , و يشاهد أهل النار النار فيتعرفوا عليها , و تلك هي مهمة أهل الأعراف فهم يُعَرّفونَ أهل الجنة بجنتهم التي وعدوا بها , و يُعَرّفون أهل النار بالنار التي و عدوا بها , بالإضافة لتعرفت الأنفس ,

ففي ساحة الأعراف التي تشمل الجميع في ذاك الموقف الرهيب و العصيب و الجميع يقف منتظراً لتعريفهِ بمكانهِ الذي هُيئ له ليخلد فيه ,

قال سبحانه ( وَنَادَىٰ أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُم بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَىٰ عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ ) 48 الأعراف ,

و نلاحظ بان الكلام يدور عن ( رجال ) و هذا قد يرجع لاحتمالية تجسد تلك الأنفس التي تجسدت بجسد فآني في الدنيا سواء كان ذكري أو أنثوي بأنها ستتجسد بجسد جديد من صنع يدها و عملها فتخاطب تلك الأجساد بصيغة المذكّر , و هناك احتمال آخر مرجعه لكون تلك الأجساد مترجّلة واقفةٌ على أقدامها ,

 

سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا

سبحانك إني كنت من الظالمين

اجمالي القراءات 6565