ميكروباص رمسيس .. قصة قصيرة

شادي طلعت في الثلاثاء ٢٥ - أكتوبر - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

مهاود شاب مصري غني، ولد لعائلة غنية، لم يرى يوماً سبباً لثورة 25 يناير، وإعتبرها نقمة على مصر الجميلة في عينيه، فالشاب لا يسير على قدميه، ولا يدخل العشوائيات، أو يصادق الفقراء، فكل من حوله من نفس طبقته العليا.
لم يكره مهاود إسمه يوماً، فالرضا عنده فضيلة وفريضة، فلا داعي للإعتراض على الحكم، لديمقراطية أو حقوق إنسان، فالمطالبين بذلك في عينيه إما خونة أوعملاء.
وفي يوم تتعطل سيارة مهاود الفاخرة، ولا تعمل أمام منزله الفاخر بحي المعادي، وكان يستعد للذهاب لقضاء سهرة بحي التجمع الخامس بالقاهرة، فيتصل بأحد أصدقائه ليمر عليه بسيارته  الفاخرة أيضاً ليذهبا سوياً معاً، فيطلب منه صديقه أن ينتظره على كورنيش المعادي في ساعة معينة، وينطلق مهاود ليصل في الموعد المحدد ويقف على كورنيش المعادي ينتظراً صديقه الذي  تأخر نصف ساعة، فكان في زمن التأخير ما كان.
 
أثناء وقوفه على الكورنيش وجد أشخاص كثيرون يقفون، جميعهم ينتظر إما حافلة ما، أو سيارة ميكروباص، فلكل هدف ومكان مختلف، إلا أن عين مهاود لم تلتفت إلا إلى رجل كشف عن عمره هرمه، يقف بجوار زوجته المسنة، والتي بدا على ملامحها، أنها ذات حسب ونسب، لكنها وزوجها يقفان ينتظران "ميكروباص رمسيس" ومع كل سيارة ميكروباص تأتي، يصرخ الرجل المسن قائلاً : رمسيس، فإذا ما كانت، سبقه وزوجته إليها آخرون، وفي النهاية لا يتمكنان من إستقلالها، وتكرر هذا الأمر كثيراً، والمسن وزوجته لازالا يقفان ينتظران "ميكروباص رمسيس".
 
يجد مهاود نفسه ينظر لا إرادياً للمسن وزوجته، ليجد في عيني الرجل حرجاً من إمرأته، فهو لا يملك من المال ما يقيها شر الوقوف والإنتظار، فينظر إلى المرأة، فيجد في عينيها أيضاً حرج على زوجها المسكين، ويرى حزناً وشفقة منها على حال زوجها، وهنا يخرج مهاود عن حالته السلبية، ويقرر أن يوقف لهما بنفسه ميكروباص رمسيس، إلا أنه في كل مرة، يقف العمر حائلاً بين الشيخ وزوجته، فكلاهما ليس بقادر على الركض للحاق بأي سيارة ميكروباص.
 
إستاء مهاود من المشهد، ولا يعرف ما العمل !، فلو كان طريق الزوجين في نفس طريقه لعرض عليهما الذهاب معه، لكن الطريقين مختلفين، فيفكر في أن يخرج من محفظته مالاً يكفي أجر سيارة أجرة خاصة، لكن يخشى من أن حياء الزوجين قد يمنعهما، وإن حدث ذلك، ستؤذى مشاعرهما، ويسأل مهاود ربه ماذا يفعل، لكنه لم يجد حلاً، حتى وصل صديقه بسيارته الفارهة، يستعجله حتى لا تفوتهما سهرة الليلة، فيركب مهاود معه، وينظر نظرة أخيرة، إلى المسن وزوجته، وينادي عليه صديقه : مهاود مهاود مهاود ثلاث مرات، حتى يلتفت إليه مهاود قائلاً : لن أكون مهاود بعد اليوم.
 
شادي طلعت
اجمالي القراءات 8223