اللطائف القرآنية (61)
هوامش على دفتر الهجرة
المحور الأول : مفهوم الهجرة.
الحدث كان إخراجا وتهجيرا، وليس بها مقومات الهجرة.
مفهوم الهجرة هي حرية التحرك من مكان إلى مكان آخر باختيار حروإرادة ذاتية، يرى فيهالمرءأنه راغبا فيه ويرى فيه مصلحته، فإذا جاء التحرك رغما عنه، فيسمى في هذه الحالة إخراجاً..وتهجيراً..!!
والرسول لم يكن حرا في اختياره بل مرغما مجبرا على الهرب وبذلك يكون قد هـُجــِّر وأخرِج ولم يكن مهاجرا.
ملحوظة :
بالنظرة المتفحصة لـ اشتقاقات ولـ استخدامات الجذر ( هـ . جـ . ر ) فسوف نلاحظ :
أولا : أن ثمة معنى مشترك أول، ونعني بها معنى الهجر والبعد والتباعد وقد ورد في سبعة استخدامات وهي 023067 & 074005& 019046 &073010 &004034 & 073010 & 025030
أما باقي الــ 29 استخداما أي 22 استخدام فهي تندرج تحت مظلة المعنى المشترك الثاني وهي تعني الهجرة أو الانتقال والمغادرة من مكان إلى مكان آخر..
ثانيا : أنه لم تأت في أي من الآيات الــ 22 والتي أشارت إلى معنى الهجرة أي ذكر لا من بعيد ولا من قريب لتـُضمـِّن رسول الله محمد عليه أفصل الصلوات وأتم التسليم فيها، ولا جاءت متصلة به، أو بمعنى أدق ففي حين أن هذه الحادثة ذاتها وصفت في كتاب الله لأربعة مرات على أنها إخراج ، فهي ذاتها لم توصف أبدا بأنها هجرة.
أ ) الآيات التي تدلل على أن الحادثة كانت إخراجا..!!
(1) – {إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ ٱللَّهُ إِذْأَخْرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ ثَانِىَ ٱثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِى ٱلْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَـٰحِبِهِۦ لَا تَحْزَنْ إِن ٱللَّهَ مَعَنَا ۖفَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُۥ بِجُنُودٍۢ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ ٱلسُّفْلَىٰ ۗوَكَلِمَةُ ٱللَّهِ هِىَ ٱلْعُلْيَا ۗوَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴿40﴾ } سورة التوبة .
(2) – {وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِىَ أَشَدُّ قُوَّةًۭ مِّن قَرْيَتِكَ ٱلَّتِىٓ أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَـٰهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ ﴿13﴾} محمد .
(3) – { وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚوَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ ٱللَّهُ ۖوَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَـٰكِرِينَ ﴿30﴾ } الأنفال .
(4) – { وَإِن كَادُوا۟ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ ٱلْأَرْضِلِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا ۖوَإِذًۭا لَّا يَلْبَثُونَ خِلَـٰفَكَ إِلَّا قَلِيلًۭا ﴿76﴾ } الإسراء .
ب ) مقتطفات من الروايات التي تُؤكد على أن الحادثة كانت إخراجا...!!
(1) روى الترمذَي الرواية رقم :3861 قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لِمَكَّةَ مَا أَطْيَبَكِ مِنْ بَلَدٍ وَأَحَبَّكِ إِلَيَّ وَلَوْلا أَنَّ قَوْمِي أَخْرَجُونِي مِنْكِ مَا سَكَنْتُ غَيْرَكِ.
رجاء ... أن نتدبر كلمة :[ أَخْرَجُونِي]...وكلمة : [مَا سَكَنْتُ غَيْرَكِ].
(2) - روى أحمد بن حنبل الرواية رقم : 17968
... وَلَوْلا أَنَّ أَهْلَكِ أَخْرَجُونِي مِنْكِ مَا خَرَجْتُ .
(3) - روى أحمدبن حنبل الرواية رقم : 17969
... وَاللَّهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ وَأَحَبُّ الأرْضِ إِلَى اللَّهِ وَلَوْلا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ .
(4) - روى ابن ماجة الرواية 3099
...وَاللَّهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَيَّ وَاللَّهِ لَوْلا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ .
رجاء ... أن نتدبر كلمة [أَخْرَجُونِي مِنْكِ ] ،
وكذا كلمة : [ أُخْرِجْتُ مِنْكِ ] ،وكلمة [مَا خَرَجْتُ]
(5) روايات عن واقعة تنبأ ورقة ابن نوفل بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى ابْنَ عَمِّ خَدِيجَةَ بنبوة الرسول وبأن أهله سوف يخرجوه
(أ) - رواية البخاري في مصنفه برقم: (3) في كتاب: بدء الوحي ،
باب: بدء الوحي:
قال رَسُولُ اللَّهِ عليه أفضل الصلوات وله أتم التسليم خَبَرَ مَا رَأَى فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي نَزَّلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ عليه أفضل الصلوات وله أتم التسليم أَوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ .!؟.
قَالَ نَعَمْ لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا...
(ب) - رواية البخاري برقم: (6467) في كتاب: التعبي، باب: بدء الوحي أول ما بدئ به رسول الله الوحي الرؤيا الصالحة:...ثُمَّ انْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ خَدِيجَةَ أَخُو أَبِيهَا وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعَرَبِيَّ فَأَخْبَرَهُ النَّبِيُّ عليه أفضل الصلوات وله أتم التسليم مَا رَأَى فَقَالَ وَرَقَةُ هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا أَكُونُ حَيًّا حِينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ عليه أفضل الصلوات وله أتم التسليم أَوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ فَقَالَ وَرَقَةُ نَعَمْ لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلَّاعُودِيَ وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا ...
(ج) - رواية أحمد بن حنبل برقم: (24681) ، و برقم: (24768) في كتاب: باقي مسند الأنصار ، باب: باقي المسند السابق
(د) - رواية مُسلم برقم: (231) في كتابه
ملحوظة مهمة :
الروايات التي سقناها آنفا وعلى سبيل المثال تتجلى فيها ملاحظة محيرة، وهي أنها في مجملها تتفق وتتوافق مع ما جاء في كتاب الله، وهو يبدو من أول وهلة كأهم شرط من شروط صحة الحديث،
لكن ...الغريب والمحير أن الرواية التي تتواسق مع ما جاء في كتاب الله ، يأتي سندها وفيه عوار، فلا يخلو الأمر من راو مدلس أو كاذب أو وضـَّاع أحاديث، وأما الروايات التي تنضح باللا معقول وبالبعد عن الأعراف السوية أو تتسم بعدم التوافق مع ما جاء في كتاب الله، تجدها وقد أحكموا أسانيد رواتها فتبدو في أعلا درجات الصحة وطبقا لقاعدة هامة في علوم الجرح والتعديل تلك التي تقول أنه إذا صح السند صح المتن، وهكذا يزج بالمسلمين في آتون الاختلاف ، ويدفع بهم إلى هوة المنازعة ، فتذهب ريحهم ويمضون حياتهم في شقاق وعداوة بغيضة، ولا تقوم لهم قائمة أبدا.
وللمزيد من التفاصيل يرجى الرجوع إلى الملحق الخامس إلى حيث النصوص الكاملة للروايات المتصلة بالهجرة، والتي وردت في هذا البحث.
م / محمد ع. ع. خليفة
الأحد 2 أكتوبر 2016
1 المحرم 1438 هـ