.
(واقتلوهم حيث ثقفتموهم )

نبيل هلال في الخميس ٢٦ - مايو - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

المقال الثالث من سلسلة القتل في القرآن و الإسلام :
التفسير الصحيح للآية الكريمة (واقتلوهم حيث ثقفتموهم ) :
لمّا عزل" الفقهاء" النصوص عن سياقها التاريخي وقع بسبب ذلك خلط هائل دفع بالأمور في اتجاهات خاطئة . فآيات الحرب الواردة في سور القرآن الكريم لها ظروف تاريخية خاصة لا يجوز معها تعميمها في ظروف أخرى . فتفسير النص خارج سياقه يؤدي إلى صرف مراده إلى ما يخالف مراد الله , واستخدامه استخداما انتقائيا باقتطاعه من ظرفه وعزله عن مناسبته يحُول دون فهم واستنتاج المعاني المقصودة , ويؤدي إلى تلفيق معان جديدة تبعد بالآيات عن مقاصدها الشرعية . انظر الآيات :
" وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ " البقرة 190 – 194 
وتلك آيات استثنائية نزلت في ظرف خاص وموجهة إلى النبي والمسلمين الأوائل خاصة دون غيرهم , إذ تُخاطب المهاجرين الأوائل الذين أُخرجوا من مكة , ووقع عليهم العدوان من المشركين وتعرضوا للفتنة , فقد نزلت سنة 7هجرية في عُمرة القضاء التي نصت عليها معاهدة صلح الحديبية , وفيها اتفق المسلمون ومشركو مكة على أن يرجع المسلمون- وكانوا قد أرادوا العمرة - ولا يدخلوا مكة في عامهم هذا - 6هجرية - نظير السماح لهم بذلك في العام المقبل . ولما حان موعدها ساورت المسلمين المخاوف والحرج من غدر قريش إذ كان عليهم ترك أسلحتهم غير سلاح المسافر , وخاصة أنهم في شهر حرام وبلد حرام لا يجوز فيهما قتال , فأنزل الله الآية لترفع الحرج عن المسلمين وتأذن لهم في قتال المشركين حتى لو كان في البلد الحرام والشهر الحرام , ومع ذلك تقرر الكف عن القتال بمجرد تحقيق هدف رد العدوان . كان ذلك في ظرف خاص ولا يجوز تفعيل النص بشكل مطلق في غير مناسبته .
والأمر بالقتال هنا- الآية 191- في سبيل الله , أي سبيل الحق والخير والعدل ورد عدوان المعتدي , مع النهي عن الاعتداء , أي هو نهي عن القتال لغير سبيل الله أو لغير رد العدوان .
" واقتلوهم حيث ثقفتموهم " ( الآية 191) والأمر هنا كما أسلفنا - بقتال مشركي قريش الذين أخرجوا المسلمين من مكة , وليس كل مشركي الأرض كما يزعم الفقيه السلطاني . والآية التالية مباشرة ( 192 ) تأمر المسلمين بالكف عن قتال هؤلاء المشركين إن انتهوا عن القتال . ولو كان الأمر بقتال الكفار عاما لكل زمان ومكان , لَما أمر الله بوقف القتال (إن انتهى المشركون) . وفي الآية 193 يكرر الله الأمر بوقف قتال المشركين إن انتهوا وأمسكوا عن القتال , وهو أمر قاطع يفند في جلاء مزاعم فقيه السلطان بقتال كل كفار الأرض في كل زمان ومكان . يتبع - بتصرف من كتابنا (خرافة اسمها الخلافة )- لنبيل هلال هلال البنا

 
 
أعجبنيإظهار مزيد من التفاعلات
 
اجمالي القراءات 12551