الصلاة (الجزء الثالث)

عفاف صبري في الجمعة ٣٠ - مارس - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

صلاة الجمعة
على بركة الله،
تكلم الكثيرون عن صلاة الجمعة..لكن لو انتبهنا قليلا في الآية لوجدنا،أن الأجدر أن نقول الصلاة في يوم الجمعة..والفرق كبير جدا بين العبارتين.
يقول مالك الملك:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ring;ِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ(9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(10) وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ(11) الجمعة
ويقول العزيز الخبير:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاء ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ(58) النور

حتى نفهم هذه الآيات..يجب أن نعود إلى زمن الرسول..كلكم تعلمون أن درجات الحرارة في الجزيرة العربية تصل إلى 50°درجة تحت الظل..و ذلك من الساعة الحادية عشرة صباحا إن لم نقل قبل ذلك، إلى الساعة الخامسة والسادسة مساءا.. وبما أن في ذلك الزمن لا يوجد مكيفات ولا ثلاجات لحفظ الأكل والخضروات والغلال وما إلى ذلك من الأشياء التي تحت فاعلية الحرارة والشمس تفسد.. فمن المستحيل أن يستطيع هؤلاء القوم أن يبيعوا ويتاجروا في الظهيرة التي تكون فيها الشمس في كبد السماء..ودرجة حرارتها في أعلاها..حتى أنهم لو أرادوا البقاء فلن يستطيعوا.. لأنهم لن يستحملوا تلك الحرارة.. ونفهم ذلك من قوله تعالى: وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ. ..ولا يوجد أي تلميح بصلاة في ذلك التوقيت..وفي الآية أعلاه..لو أن لصلاة الظهر وجود لكان الحق قال: بعد أو قبل صلاة الظهر..كما فعل مع المواقيت الأخرى في الآية نفسها.
في الظهيرة إذا لا يوجد، لا صلاة ولا تجارة وإنما هو وقت يرتاح فيه الناس..وهو وقت القيلولة. . لما فيه من صعوبة للبقاء خارجا تحت الشمس..وفي ظلها
وما آل إليه القوم من صلاة الظهر هو تحريف و إضافة تماشت مع تطورات الأزمنة..سياسيا واقتصاديا
وبدراسة لذلك التاريخ.. نجد أن الأحاديث المنسوبة للرسول تتطور بتطور القوم.. وتقدمهم في العلوم.

وبالتالي فإن التجار يبدؤون بعرض تجارتهم من قبل صلاة الفجر..ووقت الصلاة سيحول بين بداية التجارة وبينهم..خصوصا وان مع بهرة الصبح حتى الحادية عشرة صباحا الوقت ضيق يعني أنهم..في الحادية عشرة صباحا.. مع تلك الحرارة يجب أن يكونوا قد أكملوا تجارتهم و يبدؤون بجمع أمتعتهم للرحيل..لذلك يقول الله : َإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ. فهم حتى عندما ذهبوا للصلاة، لم يذهبوا خاشعين بل قلوبهم وعقولهم فيما سيربحون من تجارتهم.
يعني أنهم لضيق الوقت عندما تتجمع الخلق وتأتي للشراء والبيع .. فهم يخيرون التجارة عن الذهاب إلى الصلاة..خصوصا وان بضاعتهم لازالت لم تتأثر بالشمس وعوامل الحرارة.
هذه الظاهرة لازالت موجودة في أيامنا..خاصة في الأرياف..تراهم يحطون الرحال في المكان المخصص للسوق من الليل..ثم ينتظرون أول إشعاع نور حتى يبدؤوا البيع والشراء ليكونوا قد أكملوا عند إشتداد الحرارة..في وقت الظهيرة
وعلى ضوء ما سبق، فإن الصلاة التي ينادى لها هي صلاة الفجر..وليست صلاة الظهر التى لا أرى لها وجودا فيما أوحي للرسول الكريم.
لكن هذا الأمر بإمكانه أن يحدث كامل أيام الأسبوع..فلماذا قال الله "من يوم الجمعة؟؟؟
هل لأن هذا اليوم هو يوم مقدس كما نقل السلف؟
كل الأيام سواء عند الله.. ويوم الجمعة كغيره من الأيام...والقيمة التي اكتسبها هذا اليوم هو من تحريف كلام الله وغلط للمفاهيم.. فجعلوا له قداسة وجعلوا له "خطبة"أو"خطبتين"..تخدم أمير المؤمنين وتنشر أحكامه والدين الوضعي الذي ينسبه هو وحاشيته للنبي..وحجتهم أن هذا اليوم قد ذكر في القرآن..
لكنهم ينسون كعادتهم..أن السبت يوم من أيام الأسبوع وقد ذكر في القرآن..لكن الله ذكر حادثة السبت وما كان اليهود يفعلون في أسباتهم والقصة معروفة للجميع..حتى تكون عبرة وحتى لا يقدسوا الأيام..فما حكاية يوم الجمعة ولما ذكر في القرآن؟..ولم يقل الله مثلا إذا نودي للصلاة من يوم الخميس؟
"من" تفيد أن ليوم الجمعة هذا خصوصية.. فما هي؟؟
بطبيعة الحال هي التجارة القبلية..والله في تلك الايات لم يذكر أي سبب آخر دون التجارة واللهو.
كما ان الإجابة نأخذها أضا من الواقع الذي نعيشه.. فالأسواق التي تقام في الأرياف  اليوم،هي تقام مرة كل أسبوع.. ليتجمع فيها القبائل كل يأتي ببضاعته..وبما أن مستوى الأرياف دائما يكون أدنى من الذين يعيشون في المدن فإمكانياتهم لا زالت محدودة لكي ينقلوا بضاعتهم فيتطلب ذلك منهم أن يحطوا الرحال في الليل ويبدؤوا في عرض بضاعتهم قبل صلاة الفجر..حتى يتسنى لهم أن يبيعوا أكثر بضاعة جيدة..لأن الذي يذهب إلى السوق للشراء يجب أن يعود للمنزل قبل وجبة الغداء ليعد الغداء فالوقت قصير للجميع.. وبالتالي فمع رحيل الزبائن ينتهي السوق..وضيق الوقت لا يفسح مجالا كبيرا للزبائن حتى يلموا بكل البضائع..فإذا أدخلت الصلاة في ذلك الوقت القصير فحظوظ البيع والشراء ستقل.
فإن كان هذا الأمر لازال موجودا في أيامنا في المناطق الريفية..رغم التقدم الذي وصلنا إليه في المدن..فما بالكم بالزمن الغابر الذي نزل فيه الوحي..؟؟ مع صعوبة التنقل وشدة الحرارة..ولا وجود لثلاجات تحفظ الطعام ولا إلى غير ذلك من وسائل الترف والرفاهة..التي من شأنها أن تسهل البقاء في تلك الحرارة..وفي تلك الحرارة الشديدة لا أعتقد أن البشر قادرون على البيع والشراء بنفس مفتوحة.
إذا ذكر الله ليوم الجمعة بذاته، سببه هو أن هذا اليوم هو يوم السوق الأسبوعي في تلك البقاع..تجتمع فيه القبائل للتجارة وهو يوم مشهود تنتظره الناس لأهميته بطبيعة الحال..فالربح فيه يكون وفيرا.. ويكون في تجمعاتهم تلاق ولهو ولعب..ومع ضيق الوقت.. نفهم تلهفهم للبيع والشراء واللهو كما قال الله، وتركهم للصلاة.

الله يرحم الناس والناس لا ترحم أنفسها..الله لا يظلم عباده..العباد أنفسهم يظلمون.

أقول قولي هذا والله أعلم.
رحمة

اجمالي القراءات 30386