من إيجابيات زيارة سلمان وتنازل السيسي عن الجزر

سامح عسكر في الأربعاء ١٣ - أبريل - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

اليوم هو الثاني بعد نهاية زيارة الملك سلمان لمصر والتي استمرت خمسة أيام تم فيها بيع الجزر المصرية للمملكة مقابل اتفاقيات وأموال للحكومة المصرية

وقد أثار ذلك مشاعر المصريين الذي انتفضوا على مواقع التواصل الاجتماعي رافضين هذا التنازل، واليوم خرج السيسي بخطاب إلى الشعب يبرر فيه هذا التنازل بأن الجزر من أحقية المملكة، وقد أثار ذلك غضب المصريين أكثر وأسسوا هاشتاك على تويتر مطالبين فيه برحيل الرئيس ، وقد تصدر الهاشتاك موقع تويتر منذ ساعاته الأولى إلى اللحظة

علاوة على عقد مظاهرات يوم الجمعة المقبلة 15 إبريل ، وتنظيم مظاهرات أخرى يوم 30/6 في حين فشل مظاهرات الجمعة في تحقيق المطالب وإلغاء الاتفاقية مع المملكة..

وفي تقديري أن هذا الانقسام في الشارع المصري لم يكن له أن يكون لولا زيارة سلمان التي وصفت بالتاريخية، هذه الزيارة التي كتبت عنها في السابق وقلت أنها تأتي ضمن مشروع سعودي لنشر السلفية المتشددة في مصر وتمكين السعودية من الدولة الأكثر عددا وأهمية في المنطقة لموقعها الاستراتيجي وطاقتها البشرية الهائلة.

وقد لخصت إيجابيات هذه الزيارة على ذلك النحو:

أولا: الزيارة قضت تماما على أي مشروع لسعودة مصر، فما يقال الآن في الشارع المصري أو في مواقع التواصل يقول بأن السعودية عند المصريين أصبحت قوة احتلال.

ثانيا: الضغط العنيف الآن على النظام سيجعله يتنازل أكثر ويقبل بحقوق الإنسان وتفعيل مواد الحريات في الدستور..هذا لو قدر الله له البقاء..فما يحدث الآن ربما يكون مقدمة لتغيير جذري في الهيكل المصري.

ثالثا: أي خطوة سيتخذها السيسي بالتحالف مع السعودية مستقبلا ستكون خطوة محسوبة، كونها ستؤكد مفهوم.."عمالة السيسي للسعودية"..المنتشر الآن بين جموع الشعب..

وفي تقديري أن هذه الخطوات تتمثل في تشكيل التحالف الإسلامي أو القوة العربية المشتركة بما يعني قتل هذه التحالفات للأبد..

رابعا: الزيارة كرست مشاعر معادية للسعودية بين قطاع كبير من الشباب، الذي رأى أن مجرد مطالبة السعودية بالجزر يعني أنها لا تحترم السيادة التاريخية لمصر عليها، ولا احترام شهداء الجيش المصري الذين سقطوا فيها إبان الحروب مع إسرائيل.

خامسا: أثبتت ضعف أجهزة الإعلام المملوكة للدولة والقطاع الخاص في التأثير على الرأي العام، وأعادت لمواقع التواصل ريادتها التي ذكرت المصريين بأحداث يناير..فطوال أيام الزيارة السعودية وما تبعها من تنازل عن الجزر والإعلام يسابق الزمن لإثبات أن الجزر ليست مملوكة لمصر..ولكن يبدو أن ذلك لم يكن كافيا.

سادسا: أعادت قطاع الشباب المصري للسياسة مرة أخرى ولو بالتدريج، وقد كتبت في السابق وقلت أن شريحة ضخمة من الشباب اعتزلت السياسة بعد عام من حكم السيسي، الآن هذه الشريحة بدأت في العودة..وفي تقديري لو عادت كاملة سيحدث التغيير هذا العام.

سابعا: أثبتت فشل النخبة المصرية وفئات المثقفين، فكثير من رموز النخب والثقافة المصرية تعاملت مع زيارة سلمان على أنها (فتح تاريخي) وليست مجرد زيارة بين أصدقاء أو أشقاء، بل منهم من مدح سلمان بغير أهلية وأعطاه الريادة للعرب رغم ثبوت تورط السعودية في تفريق العرب وفرزهم على أسس مذهبية.

ثامنا: أعادت الضوء مرة أخرى لتيار التنوير المصري الذي يعاني الآن من السجن والقهر في عهد السيسي، وربما بعد قليل تحدث تحولات جذرية تطال كل ما يمثل النظام من شيوخ ورجال دين، فنظام السيسي أخطأ في عدم تبنيه لهذا التيار وتعامل معه بصلف وتسبب بخطواته التصعيدية في غلق برامج تنويرية وسجن أًصحابها علاوة على قهر المبدعين والأدباء..

تاسعا: أثبتت زيارة سلمان عدم قبول الشعوب العربية للنفوذ السعودي، بخلاف موقف حكوماتهم التي قدمت المال والنفوذ الديني قبل الولاء لشعوبهم.

عاشرا وأخيرا: أن المستفيد الأكبر من هذه الزيارة ونتائجها الوخيمة على السيسي هم شعوب (لبنان والعراق وسوريا واليمن ) فالتغير الذي يحدث الآن في مصر ينم عن شعور قومي باستيعاب كل شعوب المنطقة تحت راية مصر وليس تحت راية المملكة..بما يعني إعادة بناء للدور المصري الذي هدمه السيسي بتبعيته العمياء لدول الخليج..
 

اجمالي القراءات 6866