يتفيؤا ظلاله عن اليمين والشمائل

د. عبد الرزاق علي في الأربعاء ١٦ - مارس - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

يتفيؤا ظلاله عن اليمين والشمائل

دكتور عبدالرزاق منصور على

يقول تعالى فى سورة النحل, الايه 48 "اولم يروا الى ماخلق الله من شئ يتفيؤا ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون".صدق الله العظيم.

اولا: وقبل كل شئ لابد من التنبيه والتنويه بان القران الكريم ليس كتابا فى الطب او الهندسه اوالفيزياء او الكيمياء اوالفلك او الفلسفه بل هو للهدايه والرحمه والتامل والتدبروالتذكروهو ايات بينات فى صدور الذين اوتو العلم.

ثانيا:حينما يذكر لفظ "اولم يروا" فى القران فهذا يعنى قدح زناد الفكر والتدبر والتفكر لاعمال العقل فيما يتلى بعد هذا اللفظ. ولااخفى سرا اننى ترددت سنوات كثيره قبل الخوض فى هذا الموضوع خاصة اننى قرات كل التفسيرات القديمه والحديثه للايه الكريمه محل النقاش, سواء من اهل العلم التطبيقى او المتخصصين فى علوم التفسيراو مشاهيرعصرنا اوحتى نجوم الفضائيات المقررين علينا فى كل وجبه مثل الدجاج.

وثمة ملاحظه جديره بالاهتمام وهى ان جميع من تصدى لتفسير الايه استفاض فى تفسير الظل وامتداده وحركته وتاثره بالشمس بعيدا عن سياق الايه ولم يكلف نفسه بالبحث عن هذا الشئ الذى طالبنا الله بالتفكير للتوصل الى معرفته وانا اعتقد هناك رموزا وتأويلات فى ثنايا النص القرانى فمثلا اذا افترضنا ان هذ الشئ المشار اليه فى الايه يعبرعن الالكترون الذى يحمل الشحنه السالبه. واليمين فى الايه يقصد به النواه المقابله له والتى تحمل الشحنه المضاده الموجبه لانها  تحتوى على البروتونات الموجبه واما يتفيؤ ظلاله عن اليمين  فهى حركة الالكترون الدائريه حول النواه ،اما يتفيؤ ظلاله عن الشمائل فهى حركاته الذاتيه  المغزليه داخل المدارات ( اوبين المدارات اذا استفز الاكترون فقام باداء بعض القفزات). الشمائل هى المدارات المشحونة بنفس شحنة الالكترون السالبه.

لنبدا باعطاء نبذه سريعه عن مجمل اراء المفسرين فقد أوضحوا بأن المقصود من تفيؤ الظلال هو رجوعها مرة أخرى من جهة الغرب إلى جهة الشرق.

وإذا كان المفسرون قد أوضحوا أن المقصود باليمين هو جهة الشرق وأن المقصود بالشمائل هي جهة الغرب، فهذا يعنى من ظاهر فهمهم للآية الكريمة أن ظلال الأشياء ترجع عن جهة الشرق (اليمين) إلى الغرب، كما ترجع أيضا عن جهة الغرب (الشمال) إلى الشرق، وهو ما يتنافى مع الواقع المشاهد وحين يبرز التساؤل الهام، لماذا استعملت الآية الكريمة اليمين بصيغة المفرد والشمائل بصيغة الجمع؟، اجابوا عليه فقالوا إن الإجابة على هذا السؤال تكمن في أن مساحة اليابسة وعدد السكان في نصف الكرة الشمالي أكبر من مساحة اليابسة وعدد السكان بنصف الكرة الجنوبي!!

قبل ان نستطرد فى تفاصيل عمق الايه الكريمه ينبغى ان نعرف معانى ومرادفات بعض الالفاظ المذكوره وهى:

- من شئ : لغويا "من" يطلق عليها انها تستخدم للتبعيض اى بعض الشئ.

- يتفيئ :فى القران بمعنى يفيض ويرجع فى الجامع والمعجم الوسيط معناها تدور وترجع من جانب إلى جانب - ظلاله : جمع ظل وباستقراء ايات القران نلاحظ انه يطلق على الساتر و الواقى من الحر او الجانب الاخرالمحجوب عن ضوء الشمس ويكون هذا المعنى واضحا عندما يكون الظل مجردا ويختلف المعنى ليصبح مرتبطا بالسجود حينما يضاف الظل لاسم اخرمثل قوله تعالى "وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَال" الايه 15الرعد.

- الشمائل : جمع شمال وهى عكس يمين. لكن لماذا لم يذكر يسار بدلا من شمائل لان يسار الجمع تعنى اليسر والسهوله ويسار المفرد هى عكس يمين وسياق معنى الايه يستلزم الجمع.

- داخرون : خاضعون.

واذا اعدنا قراءة معنى الايه باسوب مبسط فنقول : الم ير ويفكر البشر فى جزء من الشيء اوجسيما متناهى الصغر يدور ويتحرك ظلاله او صوره الضوئيه سجودا لله ناحية اليمين ومن نواحى الشمائل وهم فى حالة خضوع واذعان.

ولنتذكر معا تركيب الذره (اعتبرها شيئا) وهى ببساطه تتكون من نواه بوسط الذره. يدور حول النواه الكترونات سالبة الشحنه الكهربائيه فى مدارات تحيط بالذره. هذه المدارات تسمى مدارات الطاقه لان كل مدار له مستوى معين من الطاقة ويمكن لأى الكترون يدور فى مدار معين ان ينتقل الى مدار اخر ذى مستوى طاقة اعلى اذا اكتسب هذا الالكترون طاقه وفى المقابل يمكن للالكترون ان ينتقل الى مدار ذى مستوى منخفض وحينها يفقد الالكترون جزءا من طاقته فى صورة حزمات ضوئيه او -فوتونات- كتلك الفوتونات التى يتكون منها ضوء الشمس. اما النواه فتتكون من البروتونات وهى موجبة الشحنه والنيوترونات وهى متعادلة الشحنه الكهربائيه.وعدد البروتونات الموجبه يساوى عدد الالكترونات السالبه وبالتالى فان الذره متعادله كهربيا فى حالة استقرارها وعدم استفزازها.اما بالنسبه للوزن فان كلا من البروتون والنيوترون يفوقان الالكترون فالإلكترون لديه كتلة تعادل تقريبا 1/1836 من كتلة البروتون.

شكل(1) يوضح مدارات الطاقه التى يدور فيها الالكترون حول النواه.

لناخذ ذرة الهيدروجين مثالا: يجب ان يكون الالكترون في واحد من مستويات الطاقة المسموح بها. فإذا كان الإلكترون في مستوى الطاقة الأول، فإنه يجب أن يكون بالضبط -13.6 فولت من الطاقة. إذا كان في مستوى الطاقة الثاني، فإنه يجب أن يكون -3.4 فولت من الطاقة. وبالتالى فالإلكترون في ذرة الهيدروجين لا يمكن أن يكون -9 فولت، -8 فولت أو أي قيمة أخرى بين بين.

دعونا نقول ان الإلكترون يريد أن يقفز من مستوى الطاقة الأول، ن= 1، إلى مستوى الطاقة الثاني ن= 2

فمستوى الطاقة الثاني له طاقة أكبر من الأول، ولذلك للانتقال من ن= 1  الى ن= 2، يحتاج الالكترون للحصول على الطاقة. فإنه يحتاج إلى كسب (-3.4) - (-13.6) = 10.2 فولت من الطاقة لجعله يصل إلى مستوى الطاقة الثاني. ويمكن للالكترون الحصول على الطاقة التي يحتاجها عن طريق امتصاص الضوء. وإذا اراد ان يقفز من مستوى الطاقة الثاني المرتفع الطاقه الى مستوى الطاقة الأول المنخفض الطاقه، يجب أن يتخلص من بعض الطاقة التي ستكون فى صورة  ضوء فوتونى مشع. والذرة بدورها تمتص أو تبعث الضوء في حزم منفصلة تسمى الفوتونات، وكل فوتون له طاقة محددة يمكن استيعابها والطاقة التي يحملها الفوتون تعتمد على الطول الموجي لها. وللعلم فان اقصى عدد لمستويات الطاقه للالكترونات هو 7 وهو نفس عدد طبقات السماء.

ورغم صغر كتلة الالكترون فانه يتفرد بخصائص مميزه تجعل منه الاساس فى تركيب وتصميم معظم التطبيقات العلميه والفيزيائيه والكيميائيه الحديثه. حتى ان معظم الاجهزه الحديثه التى يستخدمها الناس اصبحت منسوبه اليه فيقال الكترونيات او صناعات الكترونيه. واهم خاصيه يتميز بها الالكترون عن باقى مكونات الذره الاخرى هو انه يجمع بين الصوره الموجيه (من الموجات) والطبيعه الجسيميه الماديه كما انه الجزء الوحيد من الذره الذى يدورفى مدارات حول النواه.

لنرجع للايه الكريمه لنتدبر ونحلل مفردات كلماتها, يتفيؤ, ظلاله,عن اليمين والشمائل. لنستنتج ان هذا الجسيم الصغير المفرد له عدة ظلال وليس ظلا واحدا وان ظلاله تدور ناحية اليمين مرة فى الوقت الذى تدورفيه مرات نواحى الشمائل. وارجوك ان تبحث معى فى هذا الكون الفسيح وان شئت فانشر اعلانا فى كل الصحف والفضائيات ووسائل الاعلام للبحث عن جسيم متناهى الصغر تافه يحمل معه عدة صور ضوئيه له ويتميز بحركات راقصه غريبه فيتمايل يمينا مره وشمالا عدة مرات, هه بالله عليكم هل وجد احدكم اى شئ بسرعه دلونى عليه ولكم الاجر والثواب عند الله! فى الحقيقه من المستحيل ان اعثر حتى فى الاحلام او افلام الخيال العلمى على هذا الشيء الهزلى الا اذا كانت اخباره وصلت "اخوانا المكفراتيه" فبادروا بتنفيذ حد القتل فيه اولا لانه يتراقص وثانيا لانه اشول فيعتبر من اهل الشمال الكافر!.

شكل(2) يبين تخطيطا لدوران الالكترون حول نفسه وهى حركة دوران مغزلية.

اذن لا يستطيع العقل ان يتوصل لهذا الجسيم الا اذا كانت هناك رموزا وتأويلات فى ثنايا النص القرانى فمثلا اذا افترضنا ان هذ الشئ المشار اليه فى الايه يعبرعن الالكترون الذى يحمل الشحنه السالبه. واليمين فى الايه يقصد به النواه المقابله له والتى تحمل الشحنه المضاده الموجبه لانها  تحتوى على البروتونات الموجبه واما يتفيؤ ظلاله عن اليمين  فهى حركة الالكترون الدائريه حول النواه ،(اما يتفيؤ ظلاله عن الشمائل ) فهى حركاته الذاتيه  المغزليه داخل المدارات ( اوبين المدارات اذا استفز الاكترون فقام باداء بعض القفزات). الشمائل هى المدارات المشحونة بنفس شحنة الالكترون السالبه

تطوير بعض القفزات بين المدارات المختلفة وعمل الاكروبات  يتسبب فى انبعاث او امتصاص اشعاعات ضوئية او فوتونات وهى التى تعتبر الحجر الاساس لتصميم معظم الاستخدامات التطبيقية والعملية للالكترونيات.

شكل(3) يصور بدقه معنى عن يمينه وعن شمائله. فهناك نموذج واحد للحركه الدائرية للالكترون حول النواه الموجوده وسط الشكل وهى التى تمثل اليمين(موجبة الشحنة) وفى المقابل نرى العديد من المدارات السالبة الشحنة التى يدور فيها الالكترون حول نفسه بحركة مغزلية وهى تمثل الشمائل.

وكلمه اخيره عن خاصية الالكترون الغريبة وهى كونه يتواجد فى الطبيعة فى صورتين متعاكستين متكاملتين :الصوره المادية او الجسيم, والصوره الموجية الاشعاعية. وهذا التكامل والتعاون ينبغى ومن باب اولى ان يحكم العلاقات الانسانية بين بنى البشر والذين يجمعهم طبيعة خلق واحده. اما التمنى والامل الحقيقى ان ارى التكامل بين الصورتين المتعاكستين فى الالكترونات يتجسد ايضا بين البشر وبين الكائنات الاخرى المخلقه من الموجات الكهرومغناطيسيه والتى اعتقد ان يكون الجن احد هذه الكائنات.

شكل(4) يوضح لنا اول صوره حقيقيه التقطت للذره بنواتها والالكترون يحيط بالنواه فى شكل سحابه دائريه محاطا بهاله من الاشعاعات الضوئيه اوالفوتونات.  

.

.


:

 

اجمالي القراءات 14068