المسلم يعيش حياه علمانية ورغم ذلك ينبذها

سامح عسكر في الثلاثاء ٢٦ - يناير - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

لو سألت أي مسلم عادي هل الشيخ يتحكم في طريقة تربيتك لأولادك؟..هل يختار طعامك؟..هل يختار ملبسك؟..هل يختار طريقة نومك؟..هل يختار كيفية جماع الزوجين؟

هل يختار مكان شقتك السكنية؟..هل يختار لك مساحتها وكام شباك وكام حمّام؟..هل يختار لك طريقة كلامك؟..هل يختار كم من الأموال تكفيك؟

لو قال: نعم فالشيخ يقول لي كذا وكذا

قل له: هل يفرض عليك عقابا إن لم تلزم قوله؟

لو قال: لا فهذا هو معنى العلمانية،، لو فرض عليك عقابا فهو تسلط ديني، ولو لم يفرض فهذه علمانية..

ليقل الشيخ ما يشاء ولكن ليس له سلطة على البشر

الإنسان حر..خلقه الله كذلك..نفسه تطمئن للحرية..تسكن روحه للانطلاق، يكره أي سلطة تحد من قدراته التي يراها في كل الأحوال عظيمة.

كذلك لو سألته: هل الشيخ يختار لك وظيفة معينة؟..هل يفرض عليك ركوب مواصلات والسير في الشارع بطريقته هو؟..هل تتزوج من يختارها لك الشيخ؟

لو قال: لا فهو اعتراف أيضا بأنه شخص علماني يعيش حياة علمانية صرفة..

ما لا يفهمه البعض أن العلمانية لا تعني.."قتل رجال الدين"..أو حبسهم، بل .."نزع سلطانهم"..من المجتمع، وإبقاءهم في الأخير كمجرد رأي كمئات وآلاف بل ملايين الآراء..

العلمانية تعني الحرية وكرامة الإنسان، تعني احترام عقله وقدرته على الإبداع..تعني البناء والتطور ومواكبة كل العصور، تعني نشر العلم والمعرفة بلا حدود..وهذا غير ممكن بتسلط رجال الدين، لأن حُكمهم هو إسقاط رأيهم كأحكام قيمة، يعني تأليه للبشر عيني عينك.

هذا يعني أن العلمانية ليست قيمة مقابلة للدين، بل يمكنها أن تعمل من خلاله، وتحافظ على الدين كقيمة إلهية ونزع الصفة البشرية منه، وتتقيد بأطروحات الأديان الأخلاقية وتحض على نشر الفضيلة..ولكن كما قلنا دون إقصاء أو تهميش ، ودون تدخل رجال الدين ، لأن العلمنة في الأخير من إسمها تعني.."العلم"..والعلم يعني المعرفة، والمعرفة لو تدخل فيها رجل الدين سيجعلها محدودة .

كذلك فأي قانون في الدولة يمنع الرأي إلا إذا كان موافقا لهيئة دينية أو دين ومذهب..فهو قانون ديني، وعنصر من عناصر الدولة الدينية..ووجودة خطر على حياة الناس وحرياتهم وقدراتهم على الإبداع..

طب سؤال: كم دولة عربية وإسلامية تطبق هذه القيم العلمانية؟

الإجابة في تقديري هم قلة: لبنان وتونس وسوريا والعراق هم أشهر الدولة العلمانية، كذلك ماليزيا وأندونيسيا وبعض دول القوقاز..وتعلمنهم منذ فترة طويلة، عدا أن هناك قصور في أندونيسيا ولكن علمانية الدولة هناك مشهورة.

أما مصر فهي شبه علمانية لكن دستورها علماني وهذه من متناقضات مصر، لذلك هي من أكثر دول العالم جمعا للنقيضين، قوانين كازدراء الأديان وخدش الحياء هي قوانين مطاطة غير مقيدة بحرية العقيدة والتعبير المنصوص عليها دستوريا، يعني في الأخير هي دولة.."كوكتيل"..ومجتمع.."متردد عاجز عن التعريف".. والتشدد والتجارة بالأديان تكون منتشرة في دول ومجتمعات كهذه.

العلمانية تحميك كشخص..وتحمي أهلك ومجتمعك من خطر رجال الدين وتدخلهم في السياسة ، لكنها لن تحميك من الجهل ، فالعلماني قد يكون جاهل، ومعرفته مرهونة بالاطلاع والحرية، لذلك علمانية دون معرفة تعني شخص بليد ومنتفع، أما بالمعرفة شخص مثقف ونشيط..وبالاحتكاك يتولد الضمير اللي بيكون أساس الأخلاق في المجتمع.

لذلك فالعلمانية ليست ضد الأخلاق بل تدعمها ولكن من هذا الجانب.."جانب المعرفة وحرية الرأي"..يكفي أن تعلم أن جمعيات حقوق الإنسان- التي تدافع عنك وعن مظلوميتك في بلدك- هي اختراع علماني صرف..ورغم ذلك هي فكرة أخلاقية..

بعد ذلك لا أرى أي سبب أو حجة لرفض العلمانية، وأي كلام فيها يعبر عن جهل مطبق واستسلام لنفوذ رجال الدين، أو من ينتفع منهم من الحكام وأصحاب النفوذ..
 

 
اجمالي القراءات 7834