لِتُنذِرَ قَوْماً مَا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ

لطفية سعيد في الجمعة ١١ - ديسمبر - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

 
في التعليق على مقال للاستاذ إبراهيم دادي  (يس والقرءان الحكيم. لماذا أقسم الله تعالى بالقرءان الحكيم؟)  كانت هناك وجهتي نظر حول الإنذار فرأي يقول : إن الإنذار كان موجودا في مكة:  
  (وأن الجزيرة العربية جاءتهم النذارة من خلال ما كان لديهم  من تعاليم ملة إبراهيم ،والتوراة والإنجيل  الصحيحة مع اليهود والنصارى
وبناءا عليه فإن (ما)فى قوله تعالى ((لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ) يس -6- هى ليست نافية عنهم الرسالات السابقة وإنما هى  بمعنى  (الذى ) اى تُنذرهم بما أُنذر به أباءهم  الأولين  من  ملة إبراهيم، و ما جاء  بعدها فى التوراة والإنجيل  ووصلهم  عن طريق يهود ونصارى  الجزيرة العربية  آنذاك)
ورأي آخر يرى أن( ما )نافية  في ( مَّا أُنذِرَ) نافية إذ لا يصح التقدير أن أقول : لتنذر قوما الذي أُنذر آباؤهم  )  أراها للنفي  ، تنفي الإنذارعن الآباء ، ولذلك هم  (غافلون)
كما سبق وأن ذكرت أنني استفدت استفادة بالغة من هذه الآراء ، بيد أن الأمر يحتاج لأكثر من تعليق ،حتى تعم الفائدة ،وتتتضح الرؤى ، اسمحوا لي ان اقوم بهذا الدور طارحة الموضوع للمناقشة ومنتظرة من الدكتور احمد رايه فيما سقنا من أدلة   ونظرا لارتباط الإنذار في الآية الكريمة في سورة( يس) بأهل مكة الذين سماهم القرآن الكريم بالأميين خلافا لرأي السلف التراثي وما اجتمعوا عليه من هدم للمعنى القرآني ، وقد وجدت رابطا للدكتور أحمد صبحي يشرح ببساطة هذا المعنى مدلالا عليه تدليلا رائعا .. فاسمحوا لي ان  أن أنقل لكم جزءا  من فتوى للدكتور أحمد يفرق فيها بين الفهم التراثي للفظ أمي، والفهم القرآني له ،فيذكر أن(الأمى)و (الأميين)فى القرآن يعنى الذين لم ينزل عليهم كتاب سماوى سابق  : http://www.ahl-alquran.com/arabic/show_article.php?main_id=83 .
(فاليهود والنصارى هم اهل الكتاب او الذين أوتواالكتاب ,وغيرهم من سكان الجزيرة العربيه هم (أميون)اى لم يأتهم كتاب سماوى قبل القرآن ، وبهذا كان يميز القرآن بين اهل الكتاب العرب وبقيه العرب الذين لم يكونوا يهودا,او نصارى، واقرأ فى ذلك قوله تعالى :( وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ )و(وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ )....(ال عمران20، 75 )....(فالأميون)أي العرب الذين لم يأتهم كتاب سماوى فى مقابل اهل الكتاب العرب ،وخصوصا ان مصطلح(عربي ) لم يات فى القرآن وصفا لاهل الجزيرة العربية اولبعضهم دون الاخر،إذ كانوا جميعا عربا، وإنما جاء وصفا للسان العربى الذى يتكلمون به ، ونزل به القرآن .إذا كان الطريق الوحيد فى التمييز هو وصف بعضهم بانهم اهل كتاب ووصف الاخرين بانهم "أميون". بل وصف القرآن بعض الذين يقرأون ويكتبون من اليهود بأنهم "أميون" حيث كانوا يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يزعمون انه من عند الله .. فقال أنهم "أميون" لانهم جهلوا بالكتاب السماوى فاصبحوا كباقى العرب الذين لم يأتهم كتاب سماوى ، والخلاصة ان كلمة "أمى" لا تعنى الجهل بالقرءة والكتابة ، وإنما تعنى غير اليهود والنصارى .
المهم أن نفهم القرآن بمصطلحاته هو ، وليس بمصطلحات التراث ، والمهم أيضا ان وصف النبى محمد (ص) بالأمى يعنى الذى لم ينزل عليه كتاب من قبل القرآن ، مثل قومه الأميين) انتهى النقل .
 
وقد تتبعت انا لفظ  نذير ،ونقلت بعض الايات التي تخص النبي محمد عليه السلام نظرا لتعدد الايات  فقد صرفت النظر عما يخص الإنذار في الأمم السابقة وهو كثير :  
وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (46)القصص
) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ(3) االسجدة
) وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (34سبأ
وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ(44).سبأ.
مْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ(3).السجدة.
وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ(46).القصص
وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (23)الزخرف
 (فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْماً لُدّاً (97) مريم
.
وختاما  رابط آخر وجدته لأستاذنا الدكتور احمد صبحي في نفس الموضوع ( الإنذار 
 
http://www.ahl-alquran.com/arabic/show_article.php?main_id=13537
رابعا : خاتم المرسلين منذرا  كالرسل السابقين
1 ـ لم يأت قومه رسول نذير قبله بكتاب سماوى نزل عليه (  تَنزِيلُ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (3) السجدة ) ، أو بتعبير آخر لم يكن لهم كتاب سماوى قبل القرآن الكريم ، ولم يرسل رب العزة قبل محمد عليه السلام رسولا نذيرا لهم (وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ (44) سبأ ) ( لِتُنذِرَ قَوْماً مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (46) القصص ). (يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ (3) عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (4) تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5) لِتُنذِرَ قَوْماً مَا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ (6 ) يس )
لذا كان وصف العرب بالأميين أى الذين ليس لهم كتاب سماوى مثل ( أهل الكتاب ) . وكان اهل الكتاب يعيشون مع العرب الأميين ، فكان أولئك العرب الأميون يقسمون بالله جل وعلا لئن جاءهم نذير رسول ليكونن أهدى من أهل الكتاب، فلما جاءهم خاتم النبيين كفروا  :( وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً (42) فاطر  )
2 ـ وفى البداية قال له ربه جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنذِرْ (2) المدثر )، وأمره أن يعلن أنه النذير المبين : ( وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (89) الحجر) انتهى النقل)
 
لفظ (غفل، غافل)  طلبت من الدكتور أحمد ان يدرجه ضمن موضوعات القاموس القرآني ،لأنه يختلف في سياق القرآن فمثلا في الآيات التالية يعني مجرد الغفلة وعدم الانتباه  (والله اعلم ):  
وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ (  102 النساء 
وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ (15القصص 
بل ان لفظ غافل قد يفيد المدح في الاية الكريمة هذه :إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23) النور
 اما فيما يلي الوضع يختلف  كلية فغافل  لا تعطي معنى الغفلة والسهو بل تعطي معني الكفر ( والله اعلم ) ) وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (39) مريم
اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (1) الأنبياء
وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ (97)الأنبياء
وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (5) الأحقاف
والله المستعان قمت بقدر استطاعتي، لا ادعيي انني وفيت الموضوع فقد تركت عامدة متعمدة نقاط للمشاركة والنقاش ، لأترك المجال لكل من أراد المشاركة فيما تم طرحه من آراء ، وهي مجرد نقاشات وأراء في حدود المعارف البشرية المحدودة والقليلة ،  لأن الحقيقة الكاملة يملكها فقط رب العزة
اجمالي القراءات 12337