صعوبة الإصلاح الديني للأسباب الآتية
الإصلاح الديني بين الممكن والمستحيل

لطفية سعيد في الجمعة ١٥ - أغسطس - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

 

بداية يمكننا أن نقول  : أن مصر تحديدا يصعب فيها الإصلاح الديني على أي رئيس ، ، ولكن لا يستحيل بالطبع ، فهو ممكن ،ولكن هناك عوامل مهمة يلخصها هذا المقال  ، لو استطاع الرئيس تجاوزها ، لتمكن من الإصلاح الديني ،لأنه هو الأساس لأي إصلاح  آخر .. . من هذه العوامل : ان مصر بها نوع من التدين غريب يستغله الحكام منذ عهد بعيد ، هذا  التدين يقوم على مجموعة من المسلمات عير محددة المعالم ،بل مشخصنة فالاعتقاد ليس لأفكار بل فيما يقوله الشيخ فلان أي لشخصه  ، وهو صحيح  طالما أن هذا الشيخ قاله بالتحديد  !! بنفس العقلية كان تعامل المصرين مع كتاب البخاري  عبر قرون كان الحكام فيها وشيوخ السلطة قد جعلوه جهاز التحكم عن بعد ، لما أرادوه من أمور ..

إن رفع التقديس عن أي بشر بما فيهم الرسل في حياتهم الخاصة ،يستلزم  حيادية وقوة في الحق واستعمال مقياس علمي عملي  و لدينا هذا المقياس وهو القرآن وهو خير معلم لنا جميعا  حين كان يوجه الرسل إن هم جانبوا الصواب ، يكفي أن نعرف أن القرآن يقول للرسول  محمد : " اتق الله  " حاول ان تقولها لشيخ بخاري ، وارصد ردة فعله وأنت تعرف ما أقصد ..

تطهير الإعلام الحكومي ، لأنه هو من يصنع هذه العقلية التي يصعب إصلاحها ونعني بالتطهير التدقيق فيما يقدم من برامج موجهة دينية ومنع ما فيها من خرافات وتهويل وكرامات ومنع المبالغات في كل ما ينقل وهذا متاح وتحت السيطرة ، والالتزام بالصحيح من الأخبار والممكن من الإصلاح في هذا المجال كثير، يكفي أن نقارن بين الفترة التي تسبق ثورة 25 يناير وفترة 25 يناير بعد التأكد من نجاحها إذ ان الإعلام المصري والحكومي بصفة خاصة قد حدثت له طفرة نوعية بكل المقاييس في الصدق فيما ينقل من أخبار ، ومناقشات حية غير معدة سلفا .. يعني ليس مستحيلا أن تكرر مثل هذه التجارب، بشرط حيادية رجال الإعلام ،من مقدمين ومعدين ، مهمة جدا في هذه الفترة ، لأن هذه الحيادية عير متوفرة إلا في القليل النادر  ...  

الرجوع إلى مبادئ الشريعة السمحة التي تقوم على

العدل و حرية الرأى و الفكر و المعتقد وحرية التعبير و تأجيل الخلافات العقيدية الى الله تعالى يوم القيامة ليحكم هو جل وعلا بين الناس فيما كانوا فيه يختلفون. ولو تم تطبيق تلك المبادئ حرفيا و باخلاص ما حدث إضطهاد للمسيحيين و الشيعة و البهائيين والقرآنيين فى مصر

   

كثرة الاستدلال بآيات القرآن ،  وصرف النظر عما سواه في الإعلام ومراحل التعليم المختلفة  ،لأن القرآن كفيل أن يعلم الناس وحده بمجرد قراءته ، والتنبيه على عدم التفسير حتى لا يفتح الباب لغير القرآن لسد فراغ العقول

منع التدخل في الشأن المصري من قبل أي دولة تجعل نفسها راعية للسلام أو الدين في المنطقة ،وهذا يكون واضحا، فمصر ليست دولة ضعيفة لكي تذعن لدولة أخرى ، مصر قوية بكوادرها وقيمها وتاريخها وثرواتها الطبيعية ، ورفض الوصاية الدينية تحديدا يقطع صلة الشيوخ بجهات التمويل

إلغاء مصطلح الثوابت من القاموس المصري مطلقا ، والذي يتمسك به شيوخ البخاري  ليحافظوا على مكانتهم ووجودهم  في المجتمع ،إذ أنهم بدون هذه الثوابت ليس لهم أي وجود ، وإحلال المصطلحات الآتية  العدل ، الحرية  ، التيسير ، ورعاية الفقراء مكانه  وهذا يعني الالتزام بمبادئ حقوق الإنسان . بهذه المبادئ وبها فقط يحدث استقرار في المجتمع وليس بلبلة كما يدعي شيوخ الثوابت البخارية فرضاع الكبير من الثوابت البخارية والتداوي ببول الإبل ، والتبرك ببول النبي، وكذلك التلصص على النساء هذا إن  أردت ان ترتبط بهن ،  ولو لم تعجبك  فماذا سيكون الحل وقد تجسست عليهن وتتبعت عوراتهن ؟!!! ولم يقل الشيخ أحمد عمر هاشم المصدر الذي اعتمدت عليه فتوى إمكانية التجسس على عورات النساء موجود  أم لا  ، لسبب بسيط أنه لا يستطيع أن يشكك في حديث واحد ، مهما حمل من أخطاء !! بل اكتفى برفض الفتوى فقط ، وهو يبكي على بخاريه !! وهو يفتح بابه لتخريج مثل تلك الفتاوى وايجاد حلول وتخريج لها،  ولا يدري أنه حتى ولو ظل بابه مفتوحا الدهر كله،  ولو اتي بدبلوماسي العالم كله، وبمن اشتهروا بقدرتهم على عمل المستحيل  (من الفسيخ شربات) ما استطاع أن يخرج ولو القليل ،لأنه لا يصح إلا الصحيح ! والصحيح كله موجود في كتاب الله ،واضح ـ  كاف ـ  شامل وبعد ذلك يمكن أن يكون الإصلاح ممكنا

الحد من تسلط طبقة المترفين في المجتمع المصري إذا قللنا من التمييز في المجتمع لصالح طبقة بعينها ونعني بها طبقة المترفين، وقد تناول الدكتور أحمد في مقاله :"الهلاك ومصدر التشريع المصري " تلك الطبقة المترفة وربطها بآيات القرآن ، وإخبار القرآن عنها بأن أشد ملامحها عبادة الأسلاف وهذا جزء منه  :  

 

(ان من اعجاز القرآن فى مصطلحاته واشاراته الاجتماعية لفظ "المترفون" وهى تلك الطبقة النى تحتكر الثروة والسلطة على حساب الفقراء الجياع ، ويكون وجودهم نذيرا باهلاك المجتمع. وثقافة التقليد وعبادة الأسلاف اذا سادت فهى التى تدل على هذه الحالة المتردية وتبررها وتؤكد استمرارها لأن المترفين حين يتحكمون فى المجتمع يتحول البشر لديهم الى مجرد ارقام ومتاع متوارث ، يتوارثه المترفون فاجرا عن فاجر بمثل ما سارت وتسير عليه الحياة السياسية والاجتماعية للعرب والمسلمين منذ الفتنة الكبرى وحتى الآن
وتاريخ العرب و المسلمين ملىء بدورات متعاقبة من الاهلاك والانفجارات الداخلية والاستعمار القادم من الخارج ، وفى كل منها كانت تقع المذابح والفتن والمهالك التى لا تصيب المترفون أو الذين ظلموا خاصة بل يدفع ثمنها الجميع
إن العادة ان يظهر منذرون يحاولون الاصلاح السلمى فيقابلهم المترفون الحاكمون بالتطرف فى الظلم وعقاب المصلحين والذين يأمرون بالقسط . عندها تحل اللعنة و يأتى التدمير للقرية الظالم أهلها. والقرية فى المصطلح القرآنى تعنى المجتمع
يقول تعالى (وَمَا أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنذِرُونَ ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ ) ( الشعراء 208 : 209 ) أى لكى تتوفر شروط إهلاك القرية لا بد أن تكون ظالمة ، وأن يأتى لها منذرون مصلحون
المترفون هم الظالمون الذين تحكموا فى تلك القرية وأوردها مورد التهلكة . يقول تعالى (وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا ) ( الاسراء 16 ) أى أمرنا مترفيها بالعدل عن طريق المنذرين المصلحين فردوا بالفسق و العصيان والطغيان فحق عليهم القول والتدمير. ينصحهم المصلحون بالعدل ولكن لديهم اكاذيب الشفاعة و دخول الجنة بالشراء ، وحولهم شيوخ ما وجدنا عليه آباءنا يزينون لهم الطغيان والفساد ، يقول تعالى (وما ارسلنا فى قرية من نذيرالا قال مترفوها انا بما أرسلتم به كافرون. وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين:"سبأ34-35".) 
هذا هو ما نراه فى القرآن الكريم من قوانين إهلاك نخشى ان تحدث لمصر. وندعو الله تعالى ألا تحدث .. 
ولكن المعطيات السياسية والاجتماعية تحمل نذير شؤم. فالقوتان المتصارعتان على الحكم فى مصر لاتؤمن واحدة منهما بالمشاركة السياسية ، ولا تريد إلا الكعكة كلها. ولقد تصارعا من قبل على قاعدة نفى الاخر فقام العسكر بنفى الاخوان بعد الثورة ، وجاء دور الاخوان الان ليقوموا بنفى العسكر. ولن يتم ذلك بسهولة حيث يسيطر العسكر على القوة العسكرية بينما يسيطر الاخوان على الثقافة الدينية السائدة التى اصبحت الآن تخترق العسكر من الداخل ، وبالتالى فان الصراع بينهما يعنى حربا أهلية أفظع مما يحدث فى العراق الان
والحرب الأهلية فى العراق وغيرها هى المصطلح المعاصر لكلمة الاهلاك فى القرآن الكريم
أى أن خصوم القرآنيين ( العسكر و البخاريون ) هم الذين سيدمرون مصر ـ إن لم يتوبوا و يصلحوا .. 
والخلاص لا يكون إلا بالاصلاح. ويبدأ الاصلاح بالالتزام بمصدرية التشريع فى مصر ، وأن تكون هى العدل والحرية والتيسير ورعاية الفقراء. وهذه هى مبادىء الشريعة الاسلامية ، وتلك هى جوهر المواثيق الدولية لحقوق الانسان. ولا بد من تنقية التشريع المصرى على هذا الاساس ، ولا بد من الالتزام به حرفيا
بدون الاصلاح فالهلاك قادم.. والاخوان أيضا.. 
ندعو الله تعالى لمصر بالسلامة).!!)

مقال الدكتور أحمد كتبه سنة 2007 وكأنه  قد كتبه الآن  !! فهو يعبر عن أحداث ومشكلات  تحدث الآن  فمن يقرأ المقال يتصور أنه كتبه تعليقا على ما يحدث من مشكلات وتصارع بين العسكر والإخوان اليوم  ، وهو يتحدث عن استبعاد العسكر للإخوان وهو يخشى على مصر من الهلاك وأن تتحول إلى عراق ثانية .. يعني باختصار نفس العيوب ونفس الأسباب الني ستؤدي للهلاك ... وهذه هي بصيرة المؤرخ الذي يستشرف المستقبل  من خلال دراسة التاريخ ،لأن التاريخ دائما ما يعيد نفسه .. وبعد هل ستتم الاستفادة من مقالات الدكتور أحمد صبحي، أم سنظل هكذا حتى نصل إلى ما يخشاه الدكتور ونخشاه جميعا .. ولا نتمنى لمصرنا هذا المصير المظلم  !! والله أسأل أن يحفظها وأهلها من كل شر   ...

اجمالي القراءات 11113