فصل الدين عن الدولة ضرورة دينية ودنيوية

سامح عسكر في السبت ١٤ - ديسمبر - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

طبيعة الحياة التي نعيشها الآن تفرضها العديد من أفكار وأساليب الحياة في الغرب..فالتعددية الحزبية ومجالس البرلمان والدستور والتنوع القضائي..هذه كلها إحياءات للفكر البشري الغربي، بينما هذه المُعطيات لم تكن موجودة في أذهان السلف والخلف لمذاهب المسلمين سواءاً كانوا سنة أم شيعة.

هذا يعني أن أي تسميات لمذاهب"السنة أو الشيعة" الآن هي مجرد أسماء ليست لها مُسمىً واضح، فالفكر السني الذي قال في الماضي(من شق عصا الطاعة فاضربوا عنقه) أو (السمع والطاعة ولو لعبدٍ حبشي) لا يتسق مع أساليب المنافسة الحزبية والتنوع السياسي والفكري الآن الذي تذخر به مجتمعات المسلمين.

كذلك فالفكر الشيعي الذي أوجب الإمامة بالنص هو نفسه من نقض هذا الوجوب الآن باعترافه بأن آيات الله"العلماء"هم مجرد دُعاة للدين وللمذهب ولا شأن لهم بالإدارة والأحزاب أو العمليات السياسية.

لابد من إعادة النظر في فهم الدور الذي يقوم به كُلّاً من..(الشيخ والسياسي)..فالشيخ الذي يصرخ الآن من حُرمة فصل الدين عن الدولة هو نفسه من يقول بعدم جواز إطلاق أي وصف ديني على مؤسسات الدولة!..يعني هو يقول الشئ ونقيضه.

هؤلاء يُنشئون أبنائهم على أن فصل الدين عن الدولة كُفر، وأن الذين يفصلون الدين عن الدولة هم أعداء الإسلام..فإذا وافقناهم فهل يقبلون على تسمية أي وزارة في الدولة بالوزارة الدينية؟..أو على تسمية السرير في المنزل بالسرير الديني؟...أو وصف الخُبز في الأفران بالخُبز الديني؟

الإجابة بالقطع لا ...

لأن الدولة هي كيان إداري مُستهلك يستخدمه المواطن لقضاء حاجته..وكذلك السرير في المنزل هو كائن مُستهلك مصنوع خصيصاً لقضاء الحاجة...وكذلك الخُبز في الأفران يصنعه الإنسان لقضاء حاجته، والدليل أن هناك تجمعات بشرية كبيرة تعيش بدون دولة ولا أي ظاهرة من ظواهرها، وهي ليست بحاجة لهذه الدولة لكي تعيش أو تمارس حياتها بشكل طبيعي، فهل يمكن وصف هؤلاء أن دولتهم كذا وكذا؟!!

إن فصل الدين عن الدولة هو ضرورة حياتية بالضبط كفصل الدين عن أثاث البيت وكفصل الدين عن الطعام...والخلط بين الدين وهذه الأشياء يجعل من الطعام والأثاث والدولة كائنات مُقدسة لا نرفض أيٍ منها ولا يجوز التمرد عليها.

اجمالي القراءات 12503