معجزة اختيار اللفظ في القرآن:مدخل لعلم قرآنى جديد ( الجزء التاسع )

آحمد صبحي منصور في الثلاثاء ٢٤ - سبتمبر - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

 

الثانى والعشرون : فى دعاء ابراهيم عليه السلام

فى القصص القرآنى شخصية تمثل قمة الخير ( ابراهيم عليه السلام ) ، وقد أمر رب العزة بأن نتبع ملته  ( النساء 125 ) وجعل خاتم النبيين والصادقين من المؤمنين هم أولى الناس بابراهيم ( آل عمران 68). وفى المقابل شخصية فرعون الذى يمثل حضيض الشّر ، والذى سار ويسير على دأبه كل العُصاة والطُغاة والبُغاة : ( آل عمران 11 ،الانفال 52 ، 54 ) ، وهو لهم الإمام ( القصص 41  ) والسلف لهم جميعا ( الزخرف 56 ) . وتاريخ المسلمين العملى يؤكد أنهم حتى الآن يتمسكون بسنة فرعون ويسيرون على دأب فرعون .  ومن المنتظر أن يتجاهلوا ما قاله رب العزة عن ابراهيم فى القرآن. ولو قلت لأحدهم اليوم الحقيقة القرآنية  بإن خاتم النبيين كان مأمورا بإتباع ملة ابراهيم لاعتبرك كافرا . ولذلك لم يستفيدوا بالاعجاز الهائل الذى يتجلى فى دعاء ابراهيم الذى أخبرنا به رب العزّة لنتعلم منه ونتعظ .  

من دعاء ابراهيم

دعا ابراهيم عليه السلام ربه جل وعلا فقال:( الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82) رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (83) وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ (84) وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (85) وَاغْفِرْ لأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنْ الضَّالِّينَ (86) وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (87) يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ (88) إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89) الشعراء ).

دعا ابراهيم عليه السلام ربه جل وعلا بهذا الدعاء حين كان شابا وبعد أن هجر أباه. والآيات فى سياقها الخاص تقول : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ (69) إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ (70) قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَاماً فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ (71) قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (72) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (73) قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (74) قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ الأَقْدَمُونَ (76) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلاَّ رَبَّ الْعَالَمِينَ (77) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78 )) وضمن الدعاء قال : (وَاغْفِرْ لأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنْ الضَّالِّينَ  ) . أى دعا لأبيه بالغفران بعد أن هجر أباه وقومه . وكان قد وعد أباه الضال المُشرك أن يستغفر له:( قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً (47) مريم )(إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنْ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4) الممتحنة ). وظل ابراهيم يدعو لأبيه بالغفران حتى أنجب على الكبر ولديه اسماعيل واسحاق فقال : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ (39) رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (41) ابراهيم ). أى دعا هنا بالغفران له ولوالديه . ثم جاءه الأمر بأن يكفّ عن الدعاء لوالده فقد تبيّن له أنه عدو لله جل وعلا ويجب أن يتبرأ منه فأطاع وكفّ : ( وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلاَّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ (114) التوبة ).

روعة إختيار اللفظ فى دعاء ابراهيم

1 ـ من روعة إختيار اللفظ هنا أن ابراهيم عليه السلام بدأ دعاءه بالثناء على ربه جل وعلا بعبارة غاية فى الايجاز والاعجاز هى (الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ )، وتفسيرها القرآنى جاء فى السياق الخاص بعدها ، إذ جمع ابراهيم عليه السلام هنا بين نوعى الهداية : الهداية الطبيعية فى الخلق ، والهداية الايمانية. الهداية الطبيعية هى التى جبل الله جل وعلا الخلق عليها ، ونشهدها فى العجائب فى سلوك الأحياء وهى تسعى الرزق وتتكاثر وتتشاجر من الأميبا والحشرات والأسماك والحيوانات والطيور، من الحيوان المنوى الذى يكافح ويتنافس مع غيره ليسبق فى الوصول الى البويضة ليلقّحها ، الى الطفل الوليد وهو يبحث بفمه عن ثدى أمه ويلتقمه ليرضع بطريقة عجيبة الى أسراب الطيور والأسماك التى تقطع مسافات طوالا بين الولادة والتكاثر الى الموت ( تهتدى ) بغريزة أودعها الخالق فيها، الى مستعمرات النمل والنحل . هذه الهداية الطبيعية التى أودعها الخالق جل وعلا فى الأحياء يقول عنها كتابه الكريم:( قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50) طه) (سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى (1) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (3) الأعلى ). وابراهيم عليه السلام يعترف شاكرا لله جل وعلا بهذه الهداية الطبيعية ، فالله جل وعلا هو الذى خلقه ويهديه الهداية الطبيعية ،فيطعمه ويسقيه :( الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79). ثم هو جل وعلا الذى يُخضع ابراهيم للحتميات المقدرة سلفا  ، ومنها المرض والموت ثم البعث : (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81).

 إنّ قول ابراهيم عن ربه جل وعلا ( وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ ) له دلالة هائلة يغفل عنها أكثر الناس ، الذين يأكلون ويشربون وهم لاهون عن أن الذى يطعمهم ويسقيهم هو رب العزة ، فهو جل وعلا الذى ينزل الرزق ويخلق الطعام . رغيف الطعام الذى بين يديك له تاريخ معروف مذ كان بذرة قمح الى أن وصل الى يديك بفضل الله جل وعلا الرزاق . وحين تأكله فان الله جل وعلا هو الذى هيّا فينا مضغ الطعام وشرب الماء ودخوله من مضيق البلعوم الى المرىء ثم المعدة ، بحيث لو ضل طريقه ووصل بعضه للرئتين لقيت حتفك . وهو جل وعلا الذى هيّا هضمه فى المعدة والأمعاء ، ثم هيأ إمتصاصه ، ثم خروج فضلاته بولا وبرازا ليعيد دورته فى الأرض بخارا وسمادا ينبت الزرع وياكل منه الضّرع . قد يتذكر الفرد منا نعمة الهداية الطبيعية هذه حين يعانى مرضا يعيق الأكل والهضم والإخراج . وعندها يتذكر ـ  لو كان مؤمنا ـ  أن الله جل وعلا هو الذى بهدايته الطبيعية يطعمنا ويسقينا .

الهداية الطبيعية هى لكل المخلوقات ، وهى مضمونة من رب العزّة لكل الأحياء ، وهى مخلوقة فينا ، وهى ضمن الحتميات ، ولسنا مُحاسبين عليها يوم القيامة ، وليست لنا حرية فى قبولها أو رفضها . أما الهداية الايمانية فهى معروضة لنا وليست مفروضة علينا ، فلنا حرية طلب الهداية وحرية الضلال والاضلال ، وسيتم حسابنا على إختيارنا الدينى هذا ( يوم الدين ) .

ومبكرا جدا إختار ( الفتى ) ابراهيم الهداية الايمانية ، فبعد أن بدأ ابراهيم عليه السلام بالاعتراف بالهداية الطبيعية دعا ربه أن يمُنّ عليه بالهداية الايمانية فقال : ( وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82) رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (83) وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ (84) وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (85) وَاغْفِرْ لأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنْ الضَّالِّينَ (86) وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (87) يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ (88) إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89). دعا الشاب ابراهيم ربه جل وعلا أن يهديه . وحين إهتدى تمسك بالهداية وعانى من أجلها حتى لقد تعرض الى إلقائه فى نار مشتعلة ليقتلوه حرقا ، وهاجر وأدخله ربه جل وعلا فى إختبارات وأوامر نجح فيها ،فقال عنه رب العزة:( وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37) النجم) فجعله الله جل وعلا للناس إماما:( وَإِذْ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (124)البقرة ).

2 ـ  قال ابراهيم عليه السلام فى صدر حياته هذا الدعاء . وفيه نستشعر روعة التعبير ، بل ونستشعر معه بضألة إيماننا حتى فى الشيخوخة أمام إيمان ابراهيم فى شبابه. إن ابراهيم عليه السلام يقول : ( وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82)) فلم يقل ( إغفر لى ) بل هو ( يطمع ) فى الغفران، علاوة على أن التعبير بالجملة الاسمية اكثر دلالة من صيغة الطلب. ثم يقول عن نفسه ( خطيئتى ) وهو الذى أوتى الرشد والهداية مبكرا ، أى يبالغ فى لوم نفسه وإتهامها الى درجة أن يجعل ذنوبه خطيئة يطمع من ربه جل وعلا أن يغفرها لها وقت الغفران وهو يوم الدين . أما نحن فنزعم الايمان ونرتكب كبائر الخطايا ونبررها ، بل إن بعضنا يحولها الى فريضة تعبدية كالوهابيين فى جهادهم الارهابى . ومعظم المسلمين يرتكبون أفظع الكبائر يستندون على أساطير شفاعة النبى، مع إن الله جل وعلا قد قال له ينفى شفاعته:( أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (19) الزمر).

3 ـ على أن أروع ما قاله ( الشاب ) ابراهيم عليه السلام هو:( رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (83). والمسلمون منذ أكثر من ألف عام إعتادوا عادة سيئة ، هى تزكية أنفسهم وأئمتهم وأوليائهم بالصلاح، يتمسكون بسُنّة سيئة لبعض أهل الكتاب الذين إعتادوا تزكية أنفسهم فنزل التأنيب لهم واتهامهم بالكذب على الله جل وعلا الذى جعلهم عبرة ، وقال جل وعلا فى شأنهم للنبى وللناس جميعا : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلْ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (49) انظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْماً مُبِيناً (50) النساء ) . وهذا الافتراء والإثم المبين يقع فيه الآن الوهابيون الذين يعتقدون أنهم المُختارون من الله جل وعلا للتحكم فى الناس ، وبمجرد ان يُطلق أحدهم على الناس لحيته فقد أصبح ممثلا لرب العزة ومُخولا من لدنه فى التحكم فى الناس وقتلهم باسم الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وتطبيق الشرع السنى . إن الله جل وعلا ينهى عن تزكية النفس بالتقوى لأنه جل وعلا هو الأعلم بمن إتّقى : ( فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ اتَّقَى (32) النجم ).ولكن المسلمين الذين إتخذوا القرآن مهجورا يصدرون قرارا بأنهم وحدهم الصالحون من البشر المتميزون على البشر مهما إرتكبوا من خطايا وكبائر ، ويجعلون أئمتهم (صالحين ) بالاعتداء على حق رب العزة وهو وحده الأعلم بمن إتقى .

وهنا نجد روعة دعاء ابراهيم الذى يرجو ربه جل وعلا أن يلحقه بالصالحين :( وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (83). لاحظ روعة التعبير ، أى يرجو أن يكون مُلحقا بالصالحين ، وليس إماما للصالحين .!.وهو نفس دعاء حفيده يوسف عليهما السلام ، فيوسف وهو فى قمة مجده الدنيوى ( عزيزا لمصر ) دعا ربه جل وعلا فقال : (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنْ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101) يوسف ) ، وهو نفس موقف النبى سليمان عليه السلام فى أوج مجده الدنيوى ، إذ دعا ربه جل وعلا أن يُدخله فى عباده الصالحين : (  وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19) النمل ). وعلى نفس السُّنّة الاسلامية يتمنى المؤمن أن يُلحقه ربه جل وعلا بالصالحين ، وهذا ما قاله بعض أهل الكتاب من القسيسين والرهبان عندما إستمعوا للقرآن : ( وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنْ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنْ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83) وَمَا لَنَا لا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنْ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (84) ( المائدة ). فالمؤمن الحق يتهم نفسه ولا يزكيها بالتقوى والصلاح ، بل يتمنى بمشيئة الله أن يكون من الصالحين فى تعامله مع الناس، وهذا ما قاله الرجل ( الصالح ) لموسى : ( قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَةَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ الصَّالِحِينَ (27) القصص ) .

إن الله جل وعلا هو وحده صاحب الحق فى وصف بعض عباده بالصلاح ، وقد وصف فى القرآن الكريم الأنبياء الذين ماتوا بالصلاح والتقوى والاحسان ، فقال عن لوط عليه السلام:( وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُ مِنْ الصَّالِحِينَ (75) الانبياء )، وقال عن غيره : (وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنْ الصَّالِحِينَ (85) ( الانعام ) وعن يونس :( فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنْ الصَّالِحِينَ (50) القلم ). وهو جل وعلا وحده صاحب الحق فى تزكية هذا وذمّ ذاك طبقا للعمل صالحا أم سيئا ، فقال عن بعض أهل الكتاب : (  ضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِنْ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنْ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (112) وقال فى الآية التالية إنهم ليسوا كلهم سواء لأن منهم أتقياء صالحين :( لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114) وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (115) آل عمران ). فالصلاح والتقوى صفات مطروحة للتعامل البشرى ، ومن يتمسك بالصلاح طاعة لله ورسوله سيكون يوم القيامة مع من أنعم الله جل وعلا عليهم من الصالحين  فى الآخرة: ( وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً (69)(النساء) . والله جل وعلا هو الذى يتولى ويدافع عمّن يتمسك بالصلاح حين يواجهون المشركين بالحكمة والموعظة، وهذا ما كان يفعله خاتم المرسلين فى مواجهته لعُبّاد القبور المقدسة بالحُجّة والبرهان: ( أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلْ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنظِرُونِ (195) إِنَّ وَلِيِّي اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ (196) الاعراف).

إستجابة الله جل وعلا لدعاء ابراهيم

1 ـ ولنتعلم حُسن الدعاء المُستجاب ذكر الله جل وعلا دعوات ابراهيم وأنه جل وعلا إستجاب لمعظمها .   فقد دعا ربه أن يعطيه حكما وأن يلحقه بالصالحين :( رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ)، فنسب الله جل وعلا الملة الصحيحة ( ملة ابراهيم ) وجعله من الصالحين ، قال جل وعلا :( وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدْ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنْ الصَّالِحِينَ (130) البقرة )، وتكرر وصفه بأنه من الصالحين:( وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنْ الصَّالِحِينَ (122)النحل ).

ودعا ربه أن يهبه ذرية صالحة فجاءت الاستجابة سريعة (رَبِّ هَبْ لِي مِنْ الصَّالِحِينَ (100) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ (101) الصافات ). ودعا ربه جل وعلا  أن تقيم ذريته الصلاة وأن يستجيب الله جل وعلا دعاءه :( رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40) ابراهيم ) فاستجاب ربه جل وعلا وجعل فى ذريته النبوة والكتاب:(وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنْ الصَّالِحِينَ (27) العنكبوت) . ودعا ابراهيم ربه أن تكون له ذكرى طيبة بعده: ( وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ (84) الشعراء ) ، فمدحه رب العزة وإتّخذه خليلا: ( وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً (125) النساء ) ، ومدحه بما لم يمدح به أحدا من قبله ومن بعده : ( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ (114) التوبة)( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ (75) هود ) ، ( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) شَاكِراً لأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (121) وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنْ الصَّالِحِينَ (122) ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنْ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (123) النحل ) .

ودعا ربه جل وعلا أن تكون مكة بلدأ آمنا ، وأن يرزق أهله من الثمرات : ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنْ الثَّمَرَاتِ ) (126) البقرة )، وأن يثوب اليه الناس ويأتوه ليعمر بهم المكان : ( رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنْ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنْ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37) ابراهيم )، فاستجاب الله جل وعلا دعاءه ، وأنزل فى التشريع أن يكون البيت مثابة للناس وأمنا وارتبط هذا بابراهيم ومقام ابراهيم : ( وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125)  البقرة ) (فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ (97) آل عمران ). واستمتعت قريش بالأمن والثراء والثمرات :( أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (57) القصص)( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ (67) العنكبوت ). (لإِيلافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4))

ودعا ربه ومعه ابنه اسماعيل أن تأتى منهما أمة مسلمة ، وان يبعث فيهم رسولا يتلو عليهم آيات الله ويعلمهم الكتاب والحكمة : ( وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128) رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129) البقرة ). واستجاب رب العزة فكان من ذريته امة مسلمة ، ثم كان من ذريته خاتم المرسلين ، عليهم جميعا السلام .

ولكن طلب الغفران لأبيه:( وَاغْفِرْ لأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنْ الضَّالِّينَ (86)الشعراء) وجاءه النهى:( وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلاَّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ (114) التوبة) فأطاع ، عليه السلام .! .

ذكر الله جل وعلا هذا الدعاء وأسلوبه الرائع الأخّاذ حتى نتعلم . فهل تعلمنا شيئا من قصص ابراهيم عليه السلام ؟ هل تمسكنا بملته فى إخلاص الدين لله جل وعلا وحده ؟ أم أننا فى صفّ العداء لابراهيم وملة ابراهيم ؟

أخيرا

1 ـ أذكر أنه فى كتاب ( الأنبياء فى القرآن الكريم ) الذى كتبته ضمن خمسة كتب قررتها على الطلبة فى جامعة الأزهر عام 1985 ، أننى إنتقدت البخارى لأنه أتهم ابراهيم عليه السلام بالكذب ، وإستدللت من القرآن على صدق ابراهيم وتفرده عليه السلام بين أنبياء الله جل وعلا . وكوفئت على تأليف هذا الكتاب وغيره بالمحاكمة بتهمة ( إنكار حقائق الاسلام ). أى إن ( إسلامهم ) هو فى أتهام ابراهيم بالكذب دفاعا عن البخارى وتكذيبا للقرآن الكريم ، ولا بأس عندهم أن يكون خليل الله ابراهيم كذابا ، ولا بأس عندهم أن يأمرنا رب العزة بأن نتبع ملة ابراهيم الذى يتهمونه بالكذب ثلاث مرات . المهم عندهم ألا يكون الاههم البخارى كذابا . ولم يكتفوا بمحاكمتى التى استمرت عامين بل قاموا بتشويه سمعتى ، وتجرأ بعض أتباعهم فكتب فى مجلة خليجية تحمل إسم الاسلام مقالا يتهجّم علىّ ، تحت عنوان ( حقيقة الكذبات التى كذبها ابراهيم ) أى جعل كذبات ابراهيم من المعلوم من دينهم بالضرورة ، وقام بتكفيرى لأننى أنكرت أتهام ابراهيم بالكذب . هذا هو حال الوهابيين ..عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين

2 ـ وبتاريخ 14 مايو 2010 ، وتحت عنوان (أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ ؟؟ ) قلت فى نهاية المقال : (ولكن هل استفاد المسلمون بوعظ القرآن الكريم ؟ وهل استفادوا بوعظ قصة ابراهيم عليه السلام ؟ الاجابة معروفة ، ليس فقط فى سياق المقارنة بين أحوالنا اليوم وحال قوم ابراهيم ، ولكن أبضا فى حديث أبى هريرة فى البخارى الذى يتهم ابراهيم بأنه كذب ثلاث كذبات. الله جل وعلا يشهد لابراهيم انه كان صديقا نبيا ، اى لم يكن مجرد صادق بل صديق ، وأنه كان صديقا قبل ان يكون نبيا ، والله جل وعلا  يجعل ابراهيم إماما للناس فى صدقه وتقواه ، وذلك بعد أن نجح ابراهيم فى كل الاختبارات :(وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) ( البقرة  124 ). نجح فيها بتفوق أى (وفّى ) : (وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى) ( النجم 37 ). ولكنه عند البخارى وأبى هريرة كذاب .فى الحقيقة فإن ابراهيم عليه السلام نقطة محورية ؛ من مواقف الناس منه نعرف هل هم على الباطل أم على الحق، فمن يعرض عن ملة ابراهيم هم من السفهاء: (وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ )(البقرة  130 )، ومن يوالى ابراهيم وينصره فقد والى الله جل وعلا ورسله:( إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَـذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ)(آل عمران  68). وبالتالى فإن من يتهم ابراهيم بالكذب يكون سفيها عدوا لله تعالى ورسله. وهذا ينطبق على  ابى هريرة والبخارى ومن يقدسونهما ، وقد اتهموا ابراهيم بأنه كذاب ، وبأنه كان يكذب حتى يتيح للملك أن يزنى بزوجته سارة . !! هل يرضى أحدكم أن يوصف بالكذب و التعريص على زوجته ؟ ولكن أعداء ابراهيم عليه السلام اتهموه بتلك التهم الحقيرة ، وهم الأحق بها .. عليهم لعنة الله جل وعلا و الملائكة و الناس أجمعين  .)

3 ـ وموعدنا معهم يوم الدين : (إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (134) قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (135) الانعام ) .

ودائما : صدق الله العظيم . 

اجمالي القراءات 9808