مشروع النهضة هل هو مشروع عدواني؟

سامح عسكر في الأربعاء ٠٩ - يناير - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

 

يصعب على المرء منا التنبؤ في ظل أحداث فوضوية تجتاح مصر..فالرئيس المصري ينتهك القانون فماذا ينتظر الشعب إذا؟!..إنه قانون الغابة قد فرضه علينا هذا الرئيس الذي لم يتوانى عن استحلال الكذب والغش في وقائع عديدة لمسها الشعب.. ولا تجده يستنكر أو على الأقل يتعظ من سلوك وردود أفعال الناس..في مثل هذه الحالة لابد من دراسة كيفية تفكير الرئيس وجماعته هل يؤمنون بطوائف ومذاهب تُشرعن لهم هذه الأعمال، أم أن المسألة لديه مُختصرة في أقوال مفكري الجماعة من قبل وكما كذبوا علينا بأنهم مسلمين فقط لا غير؟!..في الحقيقة أرى أن الإسلام كدين يكفي للاتباع، وكفكرة بحاجة إلى توضيح، وما دام هناك توضيحاً فهناك طريقة للفهم، وما دامت هناك طريقة للفهم فهناك مذهب فكري، لذلك أرى بأن الجماعة تتبع مذهباً فكريا وليس بالضرورة أن يكون إسلامياً مع حفظ كونهم مسلمين دينياً.

الرئيس وجماعته لديهم مشروعاً سياسياً معروف لديهم"بمشروع النهضة"وقد خرج مؤخرا المتحدث الرسمي باسم الجماعة ونفى بأن يكون هذا المشروع اقتصادي أو سياسي بل -هو وحسب توصيفه -بأنه مشروع"فكري"، وهنا تُثار الأسئلة..طالما كان مشروعاً فكريا فهو مشروع سياسي واقتصادي وديني شامل، بالضبط كمشاريع الشيوعيين أو النازيين وغيرهم ممن كانت لديهم مشاريع شبيهة بهذا المشروع، فالعمل السياسي هو إداري بالدرجة الأولى، والإدارة بحاجة إلى فكر لتجريد مفاهيم العمل السياسي ونزعها من أي مشابهة قد تؤدي إلى الخلط، وما دام هذا المشروع فكري فهو بالأصل سياسي لتبعيته لروح الإدارة وتجريد المفاهيم، ولو حاولنا رصد كيفية نشأة الجماعة من الناحية الفكرية لتذكرنا مجلة "النذير"وكيف كانت المجلة بوقاً لرفض واستنكار أي فصل بين العملين الديني والسياسي...وتكررت تجربة"النذير"الآن في صحيفتهم"الحرية والعدالة"مع لمسة قنوات فضائية أتاحت التواصل مع الشرائح الأمية...لذلك فالتفكير لم يتغير.

إذاً فمشروع النهضة يهدف إلى الدمج بين العملين الديني والسياسي،ومن هذا المشروع تخرج مفاهيم تُشكّل دروساً للتوعية وللتعامل مع المرحلة، هذه المفاهيم لم تعد تخص عملية انسحاب الشيخ"حسن البنا"من انتخابات برلمان 1942 والدروس المستفادة منها..بل تتعداها لإنشاء كيان سياسي وديني جديد ينظر لتاريخ الجماعة "بفقه المرحلة"وأن القضية لم تعد في الانشغال بجدلية"الدين والسياسة"أكثر من الانشغال في كيفية تطبيق هذا الدمج..سيعود بنا ذلك العمل إلى مبدأ"الخلافة الإسلامية"التي بشرت به الجماعة إبان نشأتها وإلى الآن، وكيف أن عملية الدمج هذه ستساوق هذا المبدأ خشية التعارض أو الصدام، خاصة وأن هذا المبدأ يتبناه العديد من الجماعات الإسلامية الأخرى والتي تختلف مناهجها وطرقها في التغيير عن جماعة الإخوان..

في المحصلة سنرى مشروعاً مُشتركاً بدت ملامحه في دعم هذه الجماعات للإخوان في معاركها الانتخابية بُغية الوصول لهذا الحُلم، ولكن أحسب أن العقل الجمعي الإخواني لا يأمن للشَريك"المُخالف"خاصة في زمن قوتهم، ربما يتحدوا معهم في ضعفهم-للمصلحة-ولكن بدا لي أن رواسب القهر التي عانى منها الإخوان طيلة عشرات السنوات ستأتي بالحافز الانتقامي..بمعنى أن المنتقم لا يرى في العالم إلا نفسه، والجميع متآمرون أشرار استحضاراً لمشاهد الألم البدني والنفسي في الذاكرة، لذلك أرى أن عُقدة"المؤامرة" التي أصابت الإخوان ورئيسهم ثم ظهرت بشكلٍ فج مؤخراً ما هي إلا نِتاج لمرض "العُصاب"الذي يصيب المرء منا بحالة شكوك مبالغ فيها ووسواس قهري يتسبب في تجاهل الذات وانعدام تقييمها بالتوازي مع زيادة وحدة في العُدوانية..ولا أشك طرفة عين أن الإخوان الآن هم في أكثر مراحلهم الزمنية عُدوانية، وأن الحالة المُجتمعية والإعلامية لو كانت تسمح لهم بتكرار جرائمهم في الأربعينيات لأقدموا عليها بدون تفكير.

اجمالي القراءات 8557