بداية الثورة الثانية
أحداث شارع محمد محمود

احمد شعبان في الإثنين ٢٦ - نوفمبر - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

 

حين النظر بحيادية لما يجري حول وزارة الداخلية بما يعرف بشارع محمد محمود ، يراه نتيجة طبيعية لحالة السيولة الحادة  التي نعيشها على كافة المستويات السياسية من استقطابات حادة ، والاجتماعية بفقدان العدالة ، والاقتصادية من تردي الأحوال المعيشية ، والأمنية من انفلاتات ، ناهيك عن العدالة البطيئة والغير ناجزة .

في بؤرة الصراع الدائر طرفان هما المتظاهرين الذي يطالبون بالقصاص العادل من قتلة الثوار وممن أطفؤوا نور العيون من جانب ، ووزارة الداخلية التي تدافع عن النظام من جانب آخر .

وعلى حافتي المشهد القوى المدنية في جانب ، والنظام الحاكم الممثل للتيارات الاسلامية على الجانب الآخر .

خرج المتظاهرون لإحياء ذكرى أحداث العام الماضي بذات الشارع ، والذي اختلط فيها كل أطياف المجتمع المدني بمن فيهم بلطجية ومأجورين وأطفال شوارع " صنيعة المجتمع " الذين عانوا من الظلم الاجتماعي ، سواء كانوا موجهين أو مندفعين بما لديهم من حقد على المجتمع نتيجة تهميشهم  .

يري المتظاهرون هزلية محاكمات قتلة الثوار وتبرئتهم ، لذا لا يودون انهاء تظاهراتهم حتى تتحقق مطالبهم والمتمثلة في القصاص وإقالة الوزارة  .

ونظام حكم الاسلاميين حسب العادة يظن انه انتعاء هذه التظاهرات بعد فترة لعدم قدرة الثوار في الاستمرار في تظاهراتهم .

لذا لا نجد تدخلا من الحكومة لاحتواء الموقف ، وتركت المشكلة للقوى الأمنية التي ليس لديها سوى مواجهة العنف بالعنف .

وسوف يتكرر ذات العنف مرارا وتكرارا ، وقد يشتد إن لم يتم تدارك الموقف بـ :

المصارحة ، الشفافية ، مشاركة كامل فئات المجتمع .

حينئذ تسود الطمأنينة ربوع الوطن .

ولكن ماحدث قد خيب آمال القطاعات المدنية ، فقد أصدر الرئيس مرسى ما زاد الحالة سيولة واستقطابا وعنفا بين سائر قوى المجتمع المدنية منضما إليهم بعض الرموز والأحزاب الإسلامية مثل ابو الفتوح وحزب النور السلفي .

لقد جاءت قرارات الرئيس مرسى الدستورية تخول له كامل السلطات بصورة غير مسبوقة ، ورغما أنها غلفت ببعض مطالب معظم القوى السياسية ، إلا أنها جعلت المجتمع لا ينشق إلى نصفين فحسب بل انشقت  كامل مؤسسات الدولة ، فصيل متهم بأنه يدعوا إلى الإباحية باسم الحريات وتعطيل مصالح الدولة ، وفصيل متهم بأنه يريد أن يحكمنا بهواه بإسم الإله .

ولذلك فقد وصفه البعض بالحاكم بأمر الله .

واشتعل العنف داخل معظم ربوع الوطن .

والموقف يأكد أن النظام الحاكم لا يستطيع أن يحكم إلا بقرارات في اتجاه واحد ، ويمكن الرجوع عنها ثم إعادتها مرة أخرى يصدرها فرد واحد  يشار إلى أنه المرشد ، وقد تعهد الرئيس بأن لا يظلم عنده أحد " الدكتاتور العادل " ، ولا يستطيع أحد أن يضمن هذا التعهد ، فكما يقال السلطة المطلقة مفسدة مطلقة .

ويقال أنها لمدة قصيرة فقط ، ولا أحد يستطيع أن يضمن ماذا يفعل بهذه السلطة في تلك الفترة الوجيزة وإلى أي مدى يمكن أن تطول .

وبدأت المواجهة الحادة ، وانتقل الصراع إلى صراع ارادات ، وأصبح كل فريق يحاول تعرية الفريق الآخر أمام الكافة ايذانا باغتياله ، وأصبح الوضع تكسير عظام ، كل طرف يريد القضاء على الطرف الآخر .

وسؤالي لسيادة الرئيس عن الحكمة التي تعلمها من القرآن الكريم وهدف ديننا " السلام " الذي من الأوجب أن يكون بيننا ، وعن درء المفاسد المقدم على جلب المصالح .

وارجوا أن لا يكون الزمن قد تخطى مرحلة التوفيق بين الطرفين ، حتى لا تكون نهاية تجانس المجتمع المصري قصريا وتوجيهه إلى وجهة لا يرضى عنها الكثيرون وهذا حقهم .

وقد يكون سيناريو أسوأ كما نرى في بعض بلداننا العربية وقد بدأت ارهاصاته .

فلا ضير من تراجع الرئيس للمرة الثالثة حرصا على السلام الاجتماعي الذي نحن أحوج ما نكون إليه ، كما حدث قبلا في قرار اعادة مجلس الشعب ، وإقالته الأولى للنائب العام ، فمصر أبقى من أي فصيل أو جماعة أو رئيس .

أقول لك سيادة الرئيس ابقي على مصر التي استخلفك الله عليها لوجه الله .

والمصيبة الأكبر والتي أصبحت آنية هي فهمنا لأوامر الله ، وهو ما يحتاج إلى ثورة حقيقية لاصلاح الفكر الديني حتى نصل إلى تجانس المجتمع المصري المؤدي إلى التكامل لتحقيق أمر الله ، وليس التشتت الذي نعيشه والذي وصل إلى ذروته الآن .

فلا يستطيع أي تيار اسلامي الادعاء بأنه يملك صحيح الإسلام وحده .

ويكفي القول بفرقتهم واختلافهم الذي يصفه القرآن الكريم بأنه حالة كفر حذرنا الله جل وعلا تحذيرا شديدا من الوقوع فيه  .

وما يعيه الناس حقيقة من أمر الله هو " تقوى الله وإقامة العبادات " والتي جعلت الكافة مؤمنين والحمد لله .

كما تجعل من يكرسون للاختلاف والفرقة منا كفرة بنص القرآن ، مما يدفع وجوبا كافة التيارات الإسلامية أن تلتف حول بعضها باحثة عما يوحدها كما أراد لها الله .

أما أن يحكم فصيل منهم برؤاه ويقول أنا أحكم بأمر الله فهذا كذب وافتراء والنماذج التي تأكد ذلك تفوق الحصر .

انهي كلامي مناشدا أصحاب القلوب الحية الحريصين على مصلحة الوطن والأمة أن يتساموا بأنفسهم فوق كل الخلافات متعاونين لخدمة المطحونين من هذا الشعب دون جريرة ارتكبوها .

وعلى الله قصد السبيل .

اجمالي القراءات 9279