غضب في الأزهر لانتقاد مسؤول في الفاتيكان التمسك بقدسية القرآن

في الأحد ٢١ - أكتوبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

قاهرة - أعرب علماء بارزون في الأزهر عن دهشتهم وغضبهم الشديد من تصريحات مسؤول الشؤون الاسلامية في الفاتيكان الكاردينال جان لويس توران التي وصف فيها الحوار مع المسلمين بأنه غير مجد طالما تمسك المسلمون بأن القرآن الكريم نص إلهي لا يجوز نقده، والتي جاءت في أعقاب وصول رسالة وقعها 138 عالما ومفكرا اسلاميا طالبوا فيها الفاتيكان بدعم صيغ الحوار بين المسيحيين والمسلمين كوسيلة لصنع السلام في العالم.

وانتقد رئيس لجنة الشؤون الدينية في مجلس الشعب ورئيس جامعة الأزهر السابق الدكتور أحمد عمر هاشم ، وبحسب ما جاء فى صحيفة الخليج الاماراتية، تصريحات مسؤول الفاتيكان، ودعا العقلاء من أتباع الكنيسة الى تدارك مخاطر هذه التصريحات سريعا، لأنها تنهي وتقضي على كل أمل في إقامة حوار هادئ وموضوعي بين المسلمين والمسيحيين.

وقال إذا كنا نسعى الى التحاور والتفاهم مع الآخرين، انطلاقا من دعوة كتابنا الكريم "قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم"، فإن هذه الدعوة ليست على إطلاقها، بل يجب ان تسبقها شروط، أولها عدم فرض رأي أو اتجاه معين على أطراف الحوار أو التقليل من شأن معتقده، فلا بد من الاحترام المتبادل، وإلا فإن هذا الحوار سيكون محكوما عليه بالفشل قبل أن يبدأ.

وقال أستاذ العقيدة والفلسفة في جامعة الأزهر الدكتور محمد المسير انه غير مندهش من رد فعل الفاتيكان على وثيقة علماء ومفكري الأمة الإسلامية.

وأضاف: إن رد مسؤول الفاتيكان جاء ليؤكد ان استمرار المسلمين في استجداء الغرب لا يليق بأي حال، وطالما استمر المسلمون في طلب اللقاء مع الفاتيكان من أجل البحث عن صيغ للتعايش، فإن الفاتيكان سيستمر في فرض شروطه، ولن يتوقف ذلك "الغرور" من جانبهم، إلا إذا أقمنا حوارا عقليا حقيقيا حول ما اختلفنا فيه.

وأعرب المسير عن دهشته من إصرار المسلمين على قصر الحوار مع الفاتيكان فقط من دون العقائد الأخرى، مثل الكنيسة الشرقية والبوذية وحتى الهندوسية، خصوصا ان التعلق الطويل بأستار الفاتيكان لم يجن المسلمون منه شيئا ذا قيمة، لا سيما أن الفاتيكان لا يعبر إلا عن الصور المهزومة للمسيحية الكاثوليكية في الغرب، وبابا الفاتيكان لا يمثل أي قيمة لدى رجل الشارع في أوروبا.

وحذر وكيل الأزهر الشريف الشيخ عمر الديب من أن هذه التصريحات لا تخدم قضية الحوار والتعايش السلمي بين شطري العالم الإنساني كله، وهما المسلمون والمسيحيون، بل على العكس، تؤدي الى وأد المحاولات الحثيثة لإقامة حوار موضوعي وبناء يسعى الى حياة آمنة مستقرة بين العالمين الإسلامي والمسيحي، وهي التي يقوم بها الأزهر والفاتيكان وبقية طوائف المسيحية.

وأضاف ان هذه التصريحات تدل على مدى الجهل بالإسلام الحنيف ودستوره الخالد القرآن الكريم الذي جاء داعيا الى نشر السلام والمحبة بين جميع البشر، على اختلاف عقائدهم وأجناسهم، باعتبار انهم اخوة معنا فكيف يدعوننا الى "هجر" قرآننا؟! إنه لشيء مؤسف ان يصدر هذا الكلام من شخص المفترض أنه مسؤول.

ووصف الداعية الاسلامي الدكتور عبدالصبور شاهين الاستاذ في كلية دار العلوم جامعة القاهرة تصريحات المسؤول البارز في الفاتيكان الكاردينال جان لويس توران بأنها شيء طبيعي لما آل اليه حالنا نحن المسلمين من ضعف وتفرق وتشرذم، حتى صرنا ننتظر من الآخرين ان يحددوا لنا الطريق، وما نقبله وما نرفضه من دون أن تكون لنا إرادة الاختيار، او حتى الاحتفاظ بمقدساتنا وثوابتنا، وإن كانوا يتحدثون عن القرآن الكريم فهو كتاب الله المنزل على رسوله الكريم الذي لم يأته الباطل من بين يديه ولا من خلفه، كالكتب السماوية الأخرى التي حرفت”.

ويرى شاهين أن هذه التصريحات كشفت بجلاء نوايا الطرف الآخر في الحوار، ورغبته في تنحية القرآن الكريم جانبا، وهذا هو الهدف الحقيقي لكل حملات العداء ضد الإسلام.

ويعبر رئيس قسم الدراسات الإنجليزية في جامعة الأزهر الدكتور محمد أبوليلة عن دهشته الشديدة من رد الفاتيكان على رسالة مفكري وعلماء الأمة الإسلامية، ووصف الرد بالمؤسف والمخزي، لأنه ليس للحوار شروط مسبقة، فعلى الرغم من أنهم لا يعترفون برسالة الإسلام، إلا أن العلماء والمفكرين تغاضوا عن ذلك، أما أن يأتي هذا الرد المخزي والمعيب الذي يطالبون فيه بأن نعلن أن القرآن ليس كلام الله كشرط للحوار إنما يعني أنهم يريدون التحاور مع إسلام مشوه، وبلا عقيدة ولا شرف، فالقرآن ضمير وإنسانية وروح الإسلام.

وأضاف أبو ليلة: أتعجب بشدة من موقف الفاتيكان الذي يمثل الكنيسة الكاثوليكية التي تعتبر أن الكتاب المقدس كلام الله، على الرغم من النقد الكثير الذي تعرض له الكتاب المقدس على يد العلمانيين، فلماذا يطالبوننا نحن بأن نتخلى عن معتقدنا ونخضعه للنقد وهم لا يقبلون ذلك؟.

وحذر أبو ليلة من أن استمرار الفاتيكان في التعامل بصلف وغرور مع دعوات المسلمين للحوار سيرسخ في أذهان كل مسلم أن الحوار خطأ، طالما أن القيادات الدينية تتعامل معه من منطلق سياسي، مستغلين في ذلك حالة الوهن الإسلامي، وإذا ظن الفاتيكان أن إصرار المسلمين على الحوار تعبير عن استسلامهم سيكون خطأ غير مغفور لكل القيادات الدينية المسيحية.
اجمالي القراءات 6592