السعودية لا تخفي غضبها من قانون 'جاستا'
الرياض تعتبر اعتماد القانون يشكل مصدر قلق كبير للمجتمع الدولي الذي تقوم العلاقات الدولية فيه على مبدأ المساواة والحصانة السيادية.
العرب
هدوء وثقة في ردّ الفعل الرسمي السعودي
الرياض - توقف دبلوماسيون أوروبيون في الرياض على الصيغ التي استخدمها بيان مجلس الوزراء السعودي الاثنين في التعامل مع قانون “العدالة ضد رعاة الإرهاب” المعروف إعلاميا بـ”جاستا”، والذي أسقط الكونغرس “فيتو” الرئيس باراك أوباما عليه الأسبوع الماضي، والذي يفتح الباب أمام عائلات ضحايا الـ11 من سبتمبر، بمقاضاة المملكة العربية السعودية.
واعتبر مجلس الوزراء السعودي برئاسة الملك سلمان بن عبدالعزيز أن اعتماد القانون يشكل مصدر قلق كبير للمجتمع الدولي الذي تقوم العلاقات الدولية فيه على مبدأ المساواة والحصانة السيادية.
وتطل السعودية على التشريع الأميركي الجديد بصفته حدثا يتجاوز ما قد يختص بها، لينال من توازنات قانونية دولية تشوّه قواعد الصيانة وحصانتها.
وتقارب الرياض الأمر من موقع المُحاور وليس المعادي، لا سيما في الإعراب عن الأمل بأن يتّخذ الكونغرس الخطوات اللازمة من أجل تجنب العواقب “الوخيمة والخطيرة” التي قد تترتب على سن القانون.
وكان وزير الثقافة والإعلام الدكتور عادل الطريفي واضحا في بيانه من أن مجلس الوزراء شدد على أن “اعتماد قانون جاستا يشكل مصدر قلق كبير للمجتمع الدولي الذي تقوم العلاقات الدولية فيه على مبدأ المساواة والحصانة السيادية، وهو المبدأ الذي يحكم العلاقات الدولية منذ المئات من السنين”.
واعتبرت مصادر متابعة لشؤون العلاقات الأميركية السعودية في واشنطن أن الأوساط الأميركية لاحظت هدوءا وثقة في ردّ الفعل الرسمي السعودي، على الرغم من مظاهر الامتعاض والغضب التي عبّرت عنها أقلام في الصحافة السعودية.
ولاحظت هذه المصادر أن التناول السعودي الذي خرج عن مجلس الوزراء أمس، بقي في إطار تقديم النصح لواشنطن من موقع الصديق، من حيث الأمل “في أن تسود الحكمة وأن يتخذ الكونغرس الأميركي الخطوات اللازمة من أجل تجنب العواقب الوخيمة والخطيرة التي قد تترتب على سن قانون جاستا”.
وقد علل البيان هذه الدعوة بأن “إضعاف الحصانة السيادية يؤثر سلبا على جميع الدول بما في ذلك الولايات المتحدة”.
ورغم أن تقارير الصحف الأميركية هي التي أثارت مسألة التداعيات المالية والاقتصادية المترتبة على القانون، وتحدثت عن احتمالات انسحاب الرساميل الخليجية والسعودية من السوق الأميركي، إلا أنه لم يصدر عن أي مصادر سعودية أو خليجية رسمية، سياسية ومالية، أي تهديد أو تلميح بهذا الشأن.
ورأت أوساط بنكية خليجية أن لا نية لدى دول مجلس التعاون باتخاذ أي إجراءات “عقابية”، لكنها أضافت أن أي انسحاب مالي، سواء من خلال بيع الأصول أو سحب الاستثمارات، يبقى رهن مزاج السوق، والذي يطال كل البيئة الاستثمارية في العالم، وليس فقط المستثمر الخليجي.
ومقابل ردود الفعل الغاضبة التي نشرتها الصحافة السعودية والعربية، والتي اعتبرت الإجراء الأميركي جزءا من سياسة المحاباة التي تعتمدها الإدارة الأميركية تجاه إيران، فإن كتابا سعوديين سارعوا في الأيام الأخيرة إلى التروي في تقييم الأمر ووضعه في سياق أميركي داخلي يتعلق بالتداعيات القانونية لأحداث الـ11 من سبتمبر.
وذكّروا بالعلاقات التاريخية بين البلدين، وبالحاجة المشتركة للتحالف والتنسيق في ملفات السياسة والأمن والاقتصاد. ودعا هؤلاء الكتاب إلى التعامل مع الأمر ضمن إطار قانوني يُرد عليه بأدوات قانونية.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أعلن الأحد أن بلاده ستتعاون مع السعودية قانونيا لتقييم قانون “جاستا”. جاء ذلك في مقابلة تلفزيونية للرئيس التركي مع قناة روتانا خليجية.
وقال أردوغان “عبرت عن أسفنا وحزننا لإقرار قانون جاستا وسوف نتخذ خطوات في هذا الموضوع بصفتنا رئيسا لمنظمة التعاون الإسلامي ووجهت وزير الخارجية ووزير العدل للوقوف إلى جانب المملكة لتصحيح هذا الخطأ الكبير”.
وأعربت منظمة التعاون الإسلامي عن “أملها في أن تعيد السلطات التشريعية في الولايات المتحدة النظر في القانون المذكور، وألا يدخل حيّز التنفيذ، وذلك من أجل ضمان السلم الإقليمي والدولي”.
واعتبرت المنظمة، التي تتخذ من جدة مقرا لها، في بيان الاثنين أن ”القانون الأحادي يفتح للأسف الشديد الباب أمام فوضى واسعة في العلاقات الدولية”، وأن “التشريع المذكور قد يطلق أيدي الدول في إصدار تشريعات مماثلة كرد فعل منتظر لحماية حقوقها”.
وتحاول الرياض التعاطي بهدوء مع الأزمة، لكنها بالتوازي تلـمح إلى قدرتها على تحشيد المناصرين لها في هذه الأزمة بالفضاء الإسلامي السني، وهو فضاء واسع وذو أهمية بالنسبة إلى العلاقات الأميركية.