تمر مصر بأزمة اقتصادية هي الأسوأ من نوعها في تاريخها المعاصر. وعلى الرغم من أن عوامل كثيرة أدت إلى هذا الوضع، إلا أن موقع بلومبيرج الأمريكي الشهير يرى أن التدهور الحاد الحاصل حاليًا مرده إلى السياسات الخاطئة التي ينتهجها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
يقول الموقع إن مصر قد أعلنت توصلها إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، يقضي بحصولها على قرض بنحو 12 مليار دولار، لإنقاذ البلاد من التدهور الاقتصادي وانفجار معدلات التضخم والبطالة. إلا أنه وعند إلقاء نظرة على التاريخ القريب، فإن الحال لا يدعو إلى التفاؤل.
فمنذ انقلاب الثالث من يوليو، يشير الموقع، حصلت الحكومة المصرية على مليارات من الدولارات ذهبت كلها أدراج الرياح. فالمؤشرات الاقتصادية كلها تظهر حالة الانهيار شبه الكامل التي تضرب الاقتصاد المصري. تقول الإحصاءات إن نسبة البطالة بين الشباب قفزت إلى 26% وبلغ عجز الميزان التجاري حوالي 7% من إجمالي الإنتاج المحلي وعجز الموازنة 12%.
وإذا نظرنا إلى حال قطاع السياحة، الذي كان في أوج قوته إبان حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، فإننا نجد أن المصدر الأول للعملة الأجنبية في البلاد قد تضرر بشدة منذ انتفاضة 2011، وتلقى الضربة القاضية بإسقاط الطائرة الروسية من قبل الإرهابيين فوق سيناء، والسقوط الغامض لطائرة مصر للطيران في مايو (أيار) السابق.
وما زاد الطين بلة، يقول التقرير، إن البلاد تعاني من أزمة حادة من نقص الدولار الأمريكي. فانخفض الاحتياطي الاستراتيجي من العملة خلال السنوات الخمسة الماضية دون أن يرتفع مجددًا.
لكن الموقع يرى أن الرئيس السيسي يتحمل اللائمة بشكل كبير عن الوضع الراهن، فقد تسلم الرجل منذ سيطرته على مقاليد السلطة قبل ثلاث سنوات ما يقارب 40 مليار دولار كمعونات من دول الخليج، حسبما صرح هو في إحدى التسجيلات الصوتية المسربة، وبدلًا من إنفاقها على مشاريع البنية التحتية، أنفقها على مشروعات ضخمة مشكوك في جدواها الاقتصادية، مثل تفريعة قناة السويس، والتخطيط لبناء عاصمة إدارية جديدة.
ولم تكمل الحكومة إجراء الإصلاحات الاقتصادية. فلم يكتمل برنامج رفع الدعم عن المحروقات، وزيادة الضرائب. كما أن الحكومة تتخوف من تعويم العملة حتى لا تنفجر الأسعار أكثر.
إن حوالي ربع الشعب المصري يعاني من الفقر والأمية. وجاءت مشكلة المياه بسبب سد النهضة لتكمل مثلث الرعب. كما أن حال الزراعة في مصر سيء للغاية، ويعاني نظاما التعليم والصحة في البلاد من ضعف غير مسبوق.
يقول الموقع إن اتفاقية القرض ليست سوى مسكّن للألم، وذلك باعتراف الصندوق نفسه. وحتى تخرج مصر من عثرتها، لا بد من ربط المساعدات بتطبيق إصلاحات حقيقية، وإنفاق الأموال على مشاريع البنى التحتية الرئيسية، وتسهيل إجراءات الاستثمار والاقتراض على الشركات المحلية والأجنبية، وتخلي الجيش عن سيطرته على مفاصل الاقتصاد الحيوية. حينها، يقول التقرير، ستعود مصر قبلة استثمارية واعدة كما كانت قبل الربيع العربي.