المرأة العراقية: حقوق تضيع في زمن الغلبة الطائفية | |||||
انتكاسة أوضاع العراقيات بلغت حد إرجاعهن إلى عهد الجاهلية حيث أصبحت العراقية تباع في الأسواق كالبضاعة، وهي ممارسات أقدم عليها داعش بالفتيات الإيزيديات. | |||||
العرب [نُشر في 29/11/2015، العدد: 10112، ص(20)] | |||||
هذه الحقوق، التي ضمن الدستور العراقي جانبا هاما منها، خوّلت للعراقيات المساهمة في بناء دولة قوية كعنصر اجتماعي فاعل جنبا إلى جنب مع الرجل فتجدها في المدارس تلميذة ومعلمة كما تجدها في قطاع الصحة وبقية النشاطات الخدمية والمالية والصناعية في أدوار متعددة من العاملة إلى تسيير الشؤون المؤسسية وفي مواقع المسؤولية. كما دخلت عالم المهن الحرة كالمحاماة وعالم الأعمال كصاحبات المشاريع. هذا التواجد في مختلف مناحي الحياة أتاحته البيئة الاجتماعية التي قبلت بوجود المرأة في الفضاء العام. وعند النظر إلى الحياة اليومية في تلك السنوات نلاحظ أن المرأة العراقية كانت تتحرك بحرية وباطمئنان في الشارع العراقي وكانت تدرس وتبلغ المستويات العليا من التعليم العالي كلما سمحت لها الظروف العائلية والمادية، وحتى مظهرها لم يكن يوحي بخشيتها من الشارع ولا من المحيطين بها، بل إن حركتها ومظهرها كانا منسجمين تلقائيا مع ما تربت عليه في أسرتها ومع محيطها الاجتماعي الذي تحترم عاداته وتقاليده، وكان موفّقا بين انتمائها الديني أو المناطقي، وبين وعيها بأنها تنتمي لوطن جامع اسمه العراق. لكن اليوم وفي القرن الحادي والعشرين وبعد غزو العراق ارتهن وضع المرأة بالوضع السياسي في البلاد وخاصة بالوضع الأمني الذي لم يشهد استقرارا يخوّل لها مواصلة مسيرتها نحو تحقيق نمائها ونماء دولتها. وفي السنوات الأخيرة وبعد انهيار الدولة وصعود التيارات الدينية وبعد ازدهار مظاهر التطرف الديني والطائفية وحضور الإسلام السياسي في المشهد العام وما عقبه من ظهور للعصابات الاجرامية والإرهابية انقلبت أوضاع المرأة العراقية رأسا على عقب. وأصبحت تخشى الخروج للفضاء العام خوفا من الآخرين ومن العصابات وحتى من أفراد عائلتها بعد تغير المزاج الاجتماعي ونزوع العديد منهم نحو التشدد بما جعلهم يتنكرون لحقها في التحرك بحرية في بلدها. ولم تتغير فقط معطيات الأمن والمجتمع في العراق بل تغيرت أيضا المعطيات الاقتصادية والسياسية وأصبحت المرأة تقاسم الرجال معاناتهم من الحرب ونتائجها الاقتصادية ومن مظاهر الفقر والتشرد والنزوح، وتقاسمهم أيضا المعاناة من الاضطرابات السياسية وأصبحت تقصى من إدارة الشأن السياسي في البلاد وتستبعد من المناصب البارزة في الدولة (سواء جراء النظرة الدونية للمرأة بشكل عام أو إقصاء لها من خلال انتمائها الطائفي) والدليل على ذلك غيابها عن تشكيلات الحكومات العراقية. وانتكاسة أوضاع وحقوق العراقيات لم تقف عند هذا الحد بل إنهن رجعن إلى عهد الجاهلية وبصورة أكثر بشاعة حيث أصبحت العراقية تباع في الأسواق كالبضاعة، وهي ممارسات أقدم عليها داعش حين قام بالمتاجرة بالفتيات الإيزيديات. كما أصبحت العراقيات عموما، مسيحيات وسنيات وشيعيات وغير ذلك من المكونات، عرضة للخطف وللاستغلال من قبل الارهابيين وللتجنيد وللقتل وللترميل والتهجير وغيرها من الجرائم في ظل غياب مريع للدولة التي يفترض أن توفر لهنّ الحماية والحقوق. |