ب3 : إمتداد المعركة خارج الأزهر. كتاب الأزهر عدو الإسلام الأكبر.
مقدمة للباب الثالث:
1 ـ لم يكن هجومى على الأزهر في فراغ ، إذ أحدث دويا ، فاتسعت ساحة المعركة ودخل فيها آخرون ، منهم من كان معى ، ومنهم من تصدّى لى بتحريض من الأزهر.
2 ـ الأستاذ الصحفى عبد الوارث الدسوقى كان يعرفنى قبل أن أتعرف عليه . كنت أخطب في مسجد في الزمالك وقت أن كنت مُطاردا من الأزهر ، وكان هو من بين الحضور . بعد فترة السجن جاءتنى دعوة لمقابلته في مبنى ( الأخبار ) ، وكان المشرف على باب التفاعل فيها ، أظن أنه ( الرأي للشعب ) أو شيء من هذا القبيل ، سبق أن تخرّج عليه يديه كثيرون يدينون له بالفضل برغم عزوفه عن تولى منصب رئيس التحرير . ترك ذلك لتلامذته الذين إزدحمت بأسمائهم الجريدة وقتئذ .
قابلته ـ وكنت بسبب الفقر في مظهر رث ّ . عرض على بكل شهامة مساعدات مالية قائلا إنه تأتيه تبرعات من كثيرين ، فرفضت ، وطلبت منه أن يسمح لى بالنشر في الأخبار بلا مقابل . وعد وأوفى . رحمه الله جل وعلا .
وعرفت فيما بعد إنه نشر دفاعا عنى وأنا في السجن بتوقع آخرين .
كان أول مقال نشره لى بتاريخ 15 رمضان 1409 ، في الصفحة الرابعة .
وهو الآتى :
القرآن هو الحل :
دعوة للاحتكام إلى كتاب الله..
فى مواجهة السلاسل والجنازير!!
1 ـ تفاقمت الأزمة بين الدولة والجماعات الدينية. ولا يبدو هناك حل حاسم مع الاطراد المستمر فى الأزمة الاقتصادية التى تضيف أنصارا جددا إلى معسكر الجماعات الدينية من الشباب المتمرد واليائس والساخط. ويزيد من حدة الازمة أن وسائل الدولة فى مواجهتها لم يحالفها التوفيق . فالجماعات الدينية تقوم على أسس دينية فكرية تدعمها ظروف اقتصادية وسياسية ، ومواجهة الأفكار الدينية بالعنف يتيح لها فرصة الانتشار خصوصا إذا وجدت المناخ الاقتصادى الملائم. وتحاول الدولة اجراء حوار مع الشباب مع زيادة المساحة الاعلامية فى المواد الدينية. ولكن لا يبدو النجاح من نصيب هذه الخطوة أيضا لسببين أساسيين :
أ ــ إن القائمين على إجراء الحوار والمسيطرين عليه من رجال الدين الرسميين، وهم نجوم أجهزة الاعلام الرسمية فى البرامج الدينية، واتهامهم بأنهم" علماء سلطة" حدا بهم لمحاولة إنكار هذه التهمة فى تصريحات علنية لم تجد شيئا!.
ب ــ ثم وهذا هو الأهم ــ إن علماء الدين الرسميين ينتمون لنفس الأسس الدينية التى يؤمن بها ويدافع عنها شباب الجماعات الدينية، وانطلاقا منها يؤسسون حقهم فى تكفير المجتمع وخروجهم عليه ، بل واستباحة الدماء وطلب الاستشهاد!.
2 ـ وبدون مواربة ــ فلم يعد هناك متسع للمجاملات على حساب الوطن ــ نقول ان الأسس الدينية التى تنبت فيها دعاوى التطرف تتمثل فى الاحاديث التى صيغت ثم انتشرت ودونت منذ العصر العباسى فى خضم الصراعات السياسية والفكرية بين الأحزاب والفرق السياسية والدينية .. ولاتزال تلك الاحاديث تمارس دورها فى أذكاء الصراعات بين المسلمين . وبرغم مافيها من تناقض وتصادم مع القرآن الكريم فإنها اكتسبت حصانة تصونها عن النقد بل ومحاولة النقاش لأن من طبيعة المؤسسات الدينية الرسمية أن تحافظ على التراث وأن تدفع عنه خطر النقاش والبحث العلمى الحر . ومن استقراء تاريخ الحركة الفكرية فى الحضارة الاسلامية نعرف أن الائمة المجتهدين كانوا خارج المؤسسات الدينية الرسمية ، بل نالهم من الدولة العباسية وعلمائها الرسميين صنوف الأذى والاضطهاد، ونعرف ماحدث لائمة الفقه الأربعة على يد الخلفاء العباسيين وأعوانهم فى عصر حكمت وسيطرت فيه الدولة الدينية وطبق فيه " الخلفاء" الشريعة لتعزز من سلطانهم المطلق .
3 ـ إن احتمالات المستقبل المفجعة لا تترك مجالا لأى مفكر مهموم بوطنه لكى يهرب من مواجهة المشكلة الدينية ، والباحث المسلم يعلم عن يقين أن حلول المشكلة الدينية تأتى من القرآن الذى ما فرط فى شىء والذى جاء تبيانا لكل شىء..
يقول سبحانه وتعالى فى وجوب التحاكم للقرآن " وما اختلفتم فيه من شىء فحكمه الى الله..(الشورى 10) "ويقول " أفغير الله ابتغى حكما وهو الذى أنزل اليكم الكتاب مفصلا" (الانعام 114) . وتحت عنوان" القرآن هو الحل" يمكن كتابة مجلدات فليس ذلك العنوان الا تحديدا للشعار السياسى المطروح فى علاج أزمة الحكومة ، واذا صدقت النوايا فى حصار المشكلة الدينية ومحاولة حلها فان القرآن سيكون هو الحل الوحيد الناجح .
4 ـ لن نستطيع مواجهة التعصب الدينى إلا بآيات القرآن الكريم " ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن " (النحل125) " وإ نا أو إياكم لعلى هدى أو فى ضلال مبين ، قل لاتسألون عما أجرمنا ولانسأل عما تعملون ، قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم"(سبأ26:24) .
5 ـ وهذه الكراهية " المقدسة" للأقباط هل تتفق مع قوله تعالى" لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا انا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون"(المائدة82 ) وهل الله منحاز لنا فقط دون غيرنا؟ دعونا نستمع إلى شهادة رب العزة .. القرآن الكريم يقول لا .. اقرأ قوله تعالى " إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولاهم يحزنون"
( البقرة62 ).. " ان الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولاهم يحزنون "(المائدة69) . ان موقف بعضهم من التعصب ضد الأقباط لا أساس له فى القرآن ، ربما يستند إلى بعض الأحاديث الموضوعة من نوعية " ضيقوا عليهم فى الطرقات" و" ارتفاع السفلة فى البنيان" على أنه من علامات الساعة ... إلخ ...
6 ـ إنهم يحاولون فرض السيطرة على الشارع على أساس أنه فريضة دينية تستند للحديث المشهور " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده.. إلخ" وأحاديث أخرى.. وقد كانت تلك الأحاديث دستورا لطوائف الفقهاء الحنابلة وحركاتهم فى العصر العباسى وبالبحث يمكن أن تعرف متى حيكت وانتشرت تلك الاحاديث.
7 ـ ماهى حدود الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وفقا لآيات القرآن ؟. يقول تعالى لخاتم النبيين " واخفض جناحك لمن إتبعك من المؤمنين، فإن عصوك فقل إنى برىء مما تعملون" (الشعراء216:215 ) لم يقل له فإن عصوك فإضربهم بالسلاسل والجنازير. وحين كان النبى صلى الله عليه وسلم فى المدينة كان بعض المنافقين يدخل على النبى ليقول معسول الكلام ثم يخرج ليتآمرعليه. بماذا أمر القرآن الكريم النبى أن يفعل ؟ اقرأ قوله سبحانه وتعالى " ويقولون طاعة فاذا برزا من عندك بيت طائفة منهم غير الذى تقول والله يكتب مايبيتون ، فأعرض عنهم وتوكل على الله(النساء81 ) لم يقل له أقتلهم وانما قال أعرض عنهم ..
8 ـ لسنا فى مجال استعراض للحلول القرآنية ، وفى القرآن مايكفى ، والفجوة عميقة بين القرآن ونوعية التدين عندنا، ولسنا فى مجال الزام غيرنا باجتهادنا، ونحن نحترم حق الآخرين فى الاختلاف معنا. وانما ندعو للاحتكام إلى كتاب الله فى حل المشكلة الدينية التى تهدد حاضرنا ومستقبلنا ونريد حوارا مفتوحا يشارك فيه كل المفكرين المهتمين بمصير مصرنا الحبيبة .
9 ـ لن ينقذ مصر إلا القرآن الكريم .
10 ـ لماذا لانعطى فرصة لكتاب الله ؟
- كاتب المقال :استاذ سابق بكلية اللغة العربية بجامعة الازهر.
إنتهى المقال :
وأقول :
مقال كهذا مفروض أن يأتي من مشيخة الأزهر ، فهذا هو دوره القانوني في ( تجلية حقائق الإسلام ) . بدلا من ذلك أوعز الى جريدة الوفد لتهاجمنى . فماذا قالت جريدة والوفد ؟ وماذا كان ردّى عليهم ؟
إنتظرونا ..
شاهد قناة ( أهل القرآن / أحمد صبحى منصور )