ذراع القاعدة في اليمن تصل أبعد من الجنوب

في الثلاثاء ٢٢ - مايو - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

يشير الهجوم الانتحاري الذي أوقع اكثر من 90 قتيلا ونحو 300 جريح في صنعاء يوم الاثنين إلىان فرع تنظيم القاعدة في اليمن تمدد بعيدا خارج دائرة نفوذه في الجنوب ليثبت قدرته على الوصول إلىأهداف عسكرية حساسة في العاصمة نفسها.


لندن: كان الهجوم الذي أوقع أكثر من 90 قتيلا ونحو 300 جريح يوم الاثنين في العاصمة اليمنية صنعاء، استهدف جنودا يتدربون استعدادا لاستعراض عسكري حيث كاد يقتل وزير الدفاع ايضا، اشد الهجمات الارهابية التي عرفها اليمن تدميرا منذ سنوات، وتزامن مع استمرار القتال الذي يخوضه مسلحون يرتبطون بالقاعدة للدفاع عن رقعة ارض سيطروا عليها حديثا في الجنوب، في تحدٍ مباشر لحكومة صنعاء المدعومة اميركيا بشن حرب عصابات شرسة ضد قواتها.

وتنظر إدارة اوباما إلىفرع القاعدة في اليمن على انه الخطر الرئيسي الذي يهدد الولايات المتحدة. وكان تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية مسؤولا عن مؤامرة لتفجير طائرة متوجهة إلىديتروت عام 2009 وعن مخطط في عام 2010 لارسال طرود ملغومة إلىشيكاغو بطائرات شحن ومحاولة فاشلة لارسال انتحاري على متن طائرة غربية متوجهة إلىالولايات المتحدة في نيسان (ابريل) الماضي.
وردت الولايات المتحدة بتصعيد ضرباتها الجوية في اليمن حيث نفذت 21 غارة على عناصر القاعدة منذ كانون الثاني (يناير)، وتوسيع دور فرق العمليات الخاصة الأميركية في تدريب الجيش اليمني ومده بالمعلومات الاستخباراتية في عملياته العسكرية ضد مواقع المسلحين في الجنوب.

وكان هجوم يوم الاثنين تذكيرا، من بعض النواحي، بأعمال العنف التي شهدتها باكستان ردا على تحالف اسلام آباد مع الولايات المتحدة ضد الجماعات الارهابية. واشار الرئيس اوباما إلىأوجه الشبه في تصريحات اطلقها في شيكاغو خلال القمة الأطلسية.

وقال اوباما ان اليمن اخذ يستدرج الكثير من العناصر الذي كانوا يقاتلون سابقا في منطقة القبائل شمال غربي باكستان حيث ينشط تنظيم القاعدة. واضاف "اننا سنواصل العمل مع الحكومة اليمنية لنحاول الكشف عن قيادة تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية وعملياته ونحاول احباطها".

وكان منفذ هجوم الاثنين جنديا يشارك في التدريب على استعراض عسكري في ساحة السبعين وسط صنعاء. وقال مسؤولون امنيون انه فجر نفسه في حوالي الساعة العاشرة صباحا حين كان الجنود يقفون تحية للنشيد الوطني قبل ان يلقي وزير الدفاع كلمة في الجنود بدقائق. ويُعتقد ان الوزير وغيره من كبار القادة العسكريين لم يُصابوا في الهجوم وان غالبية القتلى هم من الجنود.

واكد تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية مسؤوليته عن الهجوم في بيان أُرسل إلىوكالة رويترز وجاء فيه ان الهجوم نُفذ للثأر مما سماه الحرب لاميركية على عناصره في جنوب اليمن. وقال انه حاول اغتيال وزير الدفاع وقادة عسكريين كبار حضروا لمتابعة التدريب على الاستعراض متوعدا بمزيد من الهجمات.

ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن مسؤولين امنيين اميركيين انهم يقرون بمصداقية اعلان تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية مسؤوليته عن الهجوم ولكن خبراء وكالة المخابرات المركزية والاجهزة الاستخباراتية الأخرى ما زالوا يدرسون المعلومات المتوفرة عن الهجوم.

ويرى محللون ان الهجوم يمكن ان يعكس حدوث تغير جغرافي في استراتيجية التنظيم. فعلى امتداد اشهر ظلت صنعاء عمليا بمنأى عن العنف الذي تشهده مناطق أخرى من اليمن مثل الجنوب حيث يستهدف تنظيم القاعدة ضباط الجيش والمسؤولين الامنيين. وفي الاسابيع الأخيرة شنت قوات الجيش اليمني هجوما واسعا على مواقع المسلحين بمساعدة مدربين ومستشارين اميركيين وطائرات بدون طيار اميركية.

وقال بروس هوفمان الخبير بالجماعات الارهابية في جامعة جورجتاون لصحيفة واشنطن بوست ان هجوم الاثنين يبين ان ذراع تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية اطول مما كان يُعتقد في السابق. واضاف ان تمكن التنظيم من اختراق القوة الأمنية الأولى المسؤولة عن حماية البلد "يتحدث مجلدات عن قدراته ومساره وهو يؤكد ان الجماعة تزداد قوة لا ضعفا".

وتتولى السيطرة على مداخل صنعاء وكل طريق رئيسي داخل المدينة عمليا قوات عسكرية تتمركز في نقاط تفتيش. واثار هجوم الاثنين مخاوف من ان يكون عناصر آخرون في تنظيم القاعدة اخترقوا الجيش المنقسم بسبب الاحتقانات السياسية الناجمة عن الانتفاضة اليمنية العام الماضي. ويعبر مثل هذا الاختراق مقترنا بتزايد استخدام الانتحاريين، عن تكتيكات استخدمها التنظيم في بلدان اخرى مثل افغانستان والعراق وباكستان ومؤخرا في سوريا.

ويواجه اليمن بوصفه افقر بلدان المنطقة معضلات ومشاكل متعددة بينها تفاقم نقص التغذية وأزمة ماء حادة.
وفي ساحة السبعين يوم الاثنين كانت الدماء وقطعا ممزقة من الملابس العسكرية تغطي الطريق الذي كان الجنود يصطفون فيه عندما وقع الهجوم. ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن الرائد خالد الهيمي ان كل شيء حدث بسرعة كبيرة. واضاف "كنا نقف في نهاية شارع السبعين عندما سمعنا الانفجار ورأينا اشلاء الجنود تتطاير في الهواء".

وقال الجندي الجريح ماجد الحاج (22 عاما) متحدثا من سريره في المستشفى "ان الانفجار حدث وسط اللواء، وكنا واقفين في النهاية فأصابتنا الشظايا فيما قُتل الذين كانوا يقفون في الوسط والمقدمة".

وكان من المقرر ان يجري الاستعراض العسكري الثلاثاء احتفالا بذكرى الوحدة وان يحضره الرئيس عبد ربه منصور هادي. وتعهد الرئيس هادي منذ توليه مقاليد الرئاسة من علي عبد الله صالح بهزم تنظيم القاعدة وانهاء نشاطه المسلح في اليمن. ولكن الرئيس يسعى ايضا إلىاحتواء الصراع بين الموالين للرئيس السابق صالح وخصومه.

واكد هادي بعد هجوم الاثنين تصميمه على مواصلة القتال ضد تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية. واعلن " ان الحرب على الارهاب سوف تستمر حتى يتم استئصاله والقضاء عليه نهائيا مهما كانت التضحيات".

ولكن الرئيس اوباما اشار إلىان مثل هذه الهجمات لن تستدرج الولايات المتحدة إلىتوسيع دورها في النزاع اليمني. وحرصت الإدارة على ان تؤكد ان الدور الاميركي ينحصر في تقديم الاستشارة إلىالقوات اليمنية ولن تنجر إلىنزاع هو اقرب للحرب الأهلية. وقال اوباما ان احد الدروس التي تعلمتها الولايات المتحدة من خبرة افغانستان هي "مواصلة التركيز على قضية مكافحة الارهاب والعمل مع الحكومة وألا نتمدد بافراط".

اجمالي القراءات 2109