تعليق: عن أَهْلَ الذِّكْرِ، وما تشابه منه > > { تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ (8)[50] | تعليق: نعم ، ويا ما فعل بتلك القلوب ذلك العجل. | تعليق: شكرا لكم أستاذي يحي فوزي على التعليق. | تعليق: إن كتاب القرآن هو الكتاب الوحيد الذي لا يؤمن به إلا المؤمنون المخلصون العبادة لله تعالى وحده، | تعليق: تعليق ( الجزء الثاني) | تعليق: تعليق (01) | تعليق: يتبع.../... | تعليق: يتبع.../... | تعليق: تعليق من CHATGPT على المقال المتواضع. | تعليق: كم رواتب حُكام العرب ؟؟؟ | خبر: أكبر رئيس في العالم سناً يسعى لولاية ثامنة: 43 عاماً في الحكم... والهدف: البقاء حتى المئة! | خبر: دراسة: رعاية الأحفاد تحمي كبار السن من الخرف | خبر: زعيم الطائفة الدرزية: المفاوضات مع دمشق لم تفض إلى نتائج وفرض علينا بيان مذل وضغط من دول خارجية | خبر: قطر تقدم 4.8 مليارات دولار للدول الأقل نموا | خبر: الجمعيات الإسلامية في بوركينا فاسو تدعو لمكافحة خطاب الكراهية والإرهاب | خبر: 4 دول عربية في مرمى رسوم ترامب الجمركية؟.. وما حجم صادراتها إلى الولايات المتحدة | خبر: ماكرون يمنح سيدة مصرية أرفع الأوسمة الفرنسية | خبر: زامبيا تدعو مواطنيها غير النظاميين بأميركا للعودة الطوعية | خبر: قوارب الموت الخيار الوحيد لذوي الأمراض المستعصية في ليبيا | خبر: موسم الحرائق في مصر... من الفاعل الحقيقي؟ | خبر: حبس انفرادي بلا زيارة خمس سنوات يدفع متهم لمحاولة الانتحار علنًا | خبر: المطبلون وقعوا فى بعض أزمات داخلية وخلافات مع السعودية.. لماذا انقلب إبراهيم عيسى على السيسي؟ | خبر: نظام اللجوء العالمي ينهار.. فما البديل الأفضل؟ | خبر: اكتشاف مدينة أثرية متكاملة جنوبي مصر | خبر: نيوزويك: ترامب يفرض قيودا صارمة على تأشيرات دول أفريقية |
مقدمة عن خرافات الطبرى في ( تفسيره ) عن اسطورة نزول المسيح

آحمد صبحي منصور Ýí 2020-08-30


مقدمة عن خرافات الطبرى في ( تفسيره ) عن اسطورة نزول المسيح  

 أولا :

1 ـ يقول جل وعلا :( وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً (33) الفرقان ). القرآن فيه تفسير القرآن ، القرآن يفسر بعضه بعضا . إذ أن بيان القرآن هو في داخل القرآن . سورة ( النور ) من أوائل ما نزل في المدينة ، ونزلت فيها تشريعات جديدة ، وتردد فيها التأكيد على البيان القرآنى ، قال جل وعلا :

المزيد مثل هذا المقال :

1 / 1 : (  سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (1)) النور )، مع ذلك إفتروا عقوبة الرجم .!

1 / 2 : ( وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (18 )

1 / 3 : ( وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ) (34)  

1 / 4 : ( لَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ ) (46)

1 / 5 :  ( كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (58)   

1 / 6 : ( كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (61)   

2 ـ إن الله جل وعلا قد جعل كتابه مُيسّرا للذكر للجميع ، قال جل وعلا :

2 / 1 : ( فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (58)  الدخان )

2 / 2 : ( فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْماً لُدّاً (97) مريم  )

2 / 3 : ( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ) القمر : 17 ، 22 ، 32 ، 40 )

أي من يريد حقائق الإسلام يجدها واضحة مباشرة يسيرة الفهم طالما يريد المؤمن ( الذكر ) ، أو الهداية. المطلوب من المؤمن أن يدخل على القرآن الكريم بقلب مفتوح للهداية مؤمنا بالقرآن الكريم وحده حديثا . عندها يمسُّه نور القرآن الكريم طالما كان قلبه مطهّرا من الايمان بأحاديث الشيطان. قال جل وعلا عن القرآن الكريم : ( فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78) لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ (79) تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (80) الواقعة ) بعدها يقول جل وعلا لمن يكفر بالقرآن وحده حديثا من أئمة الأديان الأرضية : ( أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (81) وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82) الواقعة  ).

3 ـ ومع تيسير فهم القرآن فإن فيه أعماقا للتدبر للراسخين في العلم . ومنهج التدبر القرآنى جاء في الآية السابعة من سورة ( آل عمران ): ( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ ) .  الآية واضحة ، ففي الكتاب آيات محكمات المعنى ، وفيه آيات متشابهات تكرر وتؤكد وتفصّل معنى الآية المحكمة ، والراسخون في العلم يؤمنون بالكتاب كله ، وهم يتدبرون آياته ، أي يتتبعونها ، يجعلون الآيات ( أمامهم ) بالهمزة المفتوحة ، وهم خلفها ، ويجعلون  القرآن إماما ( بالهمزة المكسورة ) ، وكل ذلك بدون فكرة مسبقة يريدون فرضها على القرآن الكريم ، بل طلب الهداية وتعلم العلم منه.  في تدبرهم يحددون مفهوم اللفظ القرآنى من داخل القرآن نفسه من خلال السياق المحلى بالآية وما قبلها وما بعدها ، ثم يتتبعون موضوع الآية في القرآن الكريم كله ، سواء الآيات الخاصة بالموضوع والآيات القريبة من الموضوع ، بهذا يجدون الآيات المتشابهة تشرح وتفصل وتبين الآيات المحكمة .

4 ـ هم بهذا يؤمنون بالقرآن الكريم كله كتابا مبينا ، قد فصّل الله جل وعلا آياته على علم ، قال جل وعلا : (وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (52) الأعراف ). أما من يدخل على القرآن الكريم يريد التلاعب به فهم يتتبعون المتشابه يضربون بعضه ببعض ويضربونه بالمحكم . وهم بهذا لا يزدادون بالقرآن إلا خسارا ، عكس المؤمنين به الذين يزدادون به شفاءا ورحمة. قال جل وعلا : (وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَاراً (82) الاسراء  )

ثانيا :    

1 ـ يتناقض تفسيرهم مع القرآن الكريم في المعنى القرآنى وتخاريف المفسراتية ، وفي وضوح الآية القرآنية وغموض وتشتت ما يسمونه بالتفسير. المفترض في التفسير إنه تفسير لشىء غامض مُبهم يستعصى على الفهم . ولكن تجد العكس ، ففعلا القرآن الكريم كتاب ( مُبين ) بذاته ، وآياته ( مُبينات ) بنفسها ( بيّنات ) بنفسها ، والمُبهم هو ( التفسير ) بكل ما فيه من غباء وتخلف وتناقض وإختلاف .

2 ـ وقد تعرضنا للآية السابعة من سورة آل عمران ووضوحها . ننقل ما قاله الطبرى في ( تفسيرها ) . ونترك القارىء يتبيّن بنفسه انه ليس تفسيرا بل تتويها وتعتيما .

3 ـ قال الطبرى :

3 / 1 :

( وَأَمَّا قَوْله : { مِنْهُ آيَات مُحْكَمَات } فَإِنَّهُ يَعْنِي مِنْ الْكِتَاب آيَات , يَعْنِي بِالْآيَاتِ آيَات الْقُرْآن . وَأَمَّا الْمُحْكَمَات : فَإِنَّهُنَّ اللَّوَاتِي قَدْ أُحْكِمْنَ بِالْبَيَانِ وَالتَّفْصِيل , وَأُثْبِتَتْ حُجَجهنَّ وَأَدِلَّتهنَّ عَلَى مَا جُعِلْنَ أَدِلَّة عَلَيْهِ مِنْ حَلَال وَحَرَام , وَوَعْد وَوَعِيد , وَثَوَاب وَعِقَاب , وَأَمْر وَزَجْر , وَخَبَر وَمَثَل , وَعِظَة وَعِبَر , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ . ثُمَّ وَصَفَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ هَؤُلَاءِ الْآيَات الْمُحْكَمَات بِأَنَّهُنَّ هُنَّ أُمّ الْكِتَاب , يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّهُنَّ أَصْل الْكِتَاب الَّذِي فِيهِ عِمَاد الدِّين وَالْفَرَائِض وَالْحُدُود , وَسَائِر مَا بِالْخَلْقِ إِلَيْهِ الْحَاجَة مِنْ أَمْر دِينهمْ , وَمَا كُلِّفُوا مِنْ الْفَرَائِض فِي عَاجِلهمْ وَآجِلهمْ . وَإِنَّمَا سَمَّاهُنَّ أُمّ الْكِتَاب , لِأَنَّهُنَّ مُعْظَم الْكِتَاب , وَمَوْضِع مَفْزَع أَهْله عِنْد الْحَاجَة إِلَيْهِ , وَكَذَلِكَ تَفْعَل الْعَرَب , تُسَمِّي الْجَامِع مُعْظَم الشَّيْء أَمَّا لَهُ , فَتُسَمِّي رَايَة الْقَوْم الَّتِي تَجْمَعهُ فِي الْعَسَاكِر أُمّهمْ , وَالْمُدَبِّر مُعْظَم أَمْر الْقَرْيَة وَالْبَلْدَة أُمّهَا . وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِيمَا مَضَى بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته . وَوَحَّدَ أُمّ الْكِتَاب , وَلَمْ يَجْمَع فَيَقُول : هُنَّ أُمَّهَات الْكِتَاب , وَقَدْ قَالَ هُنَّ لِأَنَّهُ أَرَادَ جَمِيع الْآيَات الْمُحْكَمَات أُمّ الْكِتَاب , لَا أَنَّ كُلّ آيَة مِنْهُنَّ أُمّ الْكِتَاب , وَلَوْ كَانَ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ كُلّ آيَة مِنْهُنَّ أُمّ الْكِتَاب , لَكَانَ لَا شَكّ قَدْ قِيلَ : هُنَّ أُمَّهَات الْكِتَاب . وَنَظِير قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { هُنَّ أُمّ الْكِتَاب } عَلَى التَّأْوِيل الَّذِي قُلْنَا فِي تَوْحِيد الْأُمّ وَهِيَ خَبَر لِ " هُنَّ " قَوْله تَعَالَى ذِكْره : { وَجَعَلْنَا اِبْن مَرْيَم وَأُمّه آيَة } 23 50 وَلَمْ يَقُلْ آيَتَيْنِ , لِأَنَّ مَعْنَاهُ : وَجَعَلْنَا جَمِيعهمَا آيَة , إِذْ كَانَ الْمَعْنَى وَاحِدًا فِيمَا حُمِلَا فِيهِ لِلْخَلْقِ عِبْرَة . وَلَوْ كَانَ مُرَاده الْخَبَر عَنْ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا عَلَى اِنْفِرَاده , بِأَنَّهُ جَعَلَ لِلْخَلْقِ عِبْرَة , لَقِيلَ : وَجَعَلْنَا اِبْن مَرْيَم وَأُمّه آيَتَيْنِ ; لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ فِي كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا لَهُمْ عِبْرَة . وَذَلِكَ أَنَّ مَرْيَم وَلَدَتْ مِنْ غَيْر رَجُل , وَنَطَقَ اِبْنهَا فَتَكَلَّمَ فِي الْمَهْد صَبِيًّا , فَكَانَ فِي كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا لِلنَّاسِ آيَة . وَقَدْ قَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : إِنَّمَا قِيلَ : { هُنَّ أُمّ الْكِتَاب } وَلَمْ يَقُلْ : " هُنَّ أُمَّهَات الْكِتَاب " عَلَى وَجْه الْحِكَايَة , كَمَا يَقُول الرَّجُل : مَا لِي أَنْصَار , فَتَقُول : أَنَا أَنْصَارك , أَوْ مَا لِي نَظِير , فَتَقُول : نَحْنُ نَظِيرك . قَالَ : وَهُوَ شَبِيه " دَعْنِي مِنْ تَمْرَتَانِ " , وَأَنْشَدَ لِرَجُلٍ مِنْ فَقْعَس : تَعَرَّضَتْ لِي بِمَكَانٍ حَلّ تَعَرُّض الْمُهْرَة فِي الطِّوَلِّ تَعَرُّضًا لَمْ تَأْلُ عَنْ قَتْلًا لِي حَلَّ أَيْ يَحِلّ بِهِ , عَلَى الْحِكَايَة , لِأَنَّهُ كَانَ مَنْصُوبًا قَبْل ذَلِكَ , كَمَا يَقُول : نُودِيَ : الصَّلَاة الصَّلَاة , يَحْكِي قَوْل الْقَائِل : الصَّلَاة الصَّلَاة ! وَقَالَ : قَالَ بَعْضهمْ : إِنَّمَا هِيَ أَنَّ قَتْلًا لِي , وَلَكِنَّهُ جَعَلَهُ " عَنْ " لِأَنَّ أَنَّ فِي لُغَته تُجْعَل مَوْضِعهَا " عَنْ " وَالنَّصْب عَلَى الْأَمْر , كَأَنَّك قُلْت : ضَرْبًا لِزَيْدٍ . وَهَذَا قَوْل لَا مَعْنًى لَهُ , لِأَنَّ كُلّ هَذِهِ الشَّوَاهِد الَّتِي اِسْتَشْهَدَ بِهَا , لَا شَكّ أَنَّهُنَّ حِكَايَات حَالَتهنَّ بِمَا حَكَى عَنْ قَوْل غَيْره وَأَلْفَاظه الَّتِي نَطَقَ بِهِنَّ , وَأَنَّ مَعْلُومًا أَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَمْ يَحْكِ عَنْ أَحَد قَوْله : أُمّ الْكِتَاب , فَيَجُوز أَنْ يُقَال : أَخْرَجَ ذَلِكَ مَخْرَج الْحِكَايَة عَمَّنْ قَالَ ذَلِكَ كَذَلِكَ . وَأَمَّا قَوْله { وَأُخَر } فَإِنَّهَا جَمْع أُخْرَى . ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي الْعِلَّة الَّتِي مِنْ أَجْلهَا لَمْ يُصْرَف " أُخَر " , فَقَالَ بَعْضهمْ : لَمْ يُصْرَف أُخَر مِنْ أَجْل أَنَّهَا نَعْت وَاحِدَتهَا أُخْرَى , كَمَا لَمْ تُصْرَف جُمَع وَكُتَع , لِأَنَّهُنَّ نُعُوت . وَقَالَ آخَرُونَ : إِنَّمَا لَمْ تُصْرَف الْأُخَر لِزِيَادَةِ الْيَاء الَّتِي فِي وَاحِدَتهَا , وَأَنَّ جَمْعهَا مَبْنِيّ عَلَى وَاحِدهَا فِي تَرْك الصَّرْف , قَالُوا : وَإِنَّمَا تُرِكَ صَرْف أُخْرَى , كَمَا تُرِكَ صَرْف حَمْرَاء وَبَيْضَاء فِي النَّكِرَة وَالْمَعْرِفَة لِزِيَادَةِ الْمَدَّة فِيهَا وَالْهَمْزَة بِالْوَاوِ , ثُمَّ اِفْتَرَقَ جَمْع حَمْرَاء وَأُخْرَى , فَبُنِيَ جَمْع أُخْرَى عَلَى وَاحِدَته , فَقِيلَ : فُعَل أُخَر , فَتُرِكَ صَرْفهَا كَمَا تُرِكَ صَرْف أُخْرَى , وَبُنِيَ جَمْع حَمْرَاء وَبَيْضَاء عَلَى خِلَاف وَاحِدَته , فَصُرِفَ , فَقِيلَ حُمْر وَبِيض . فَلِاخْتِلَافِ حَالَتَيْهِمَا فِي الْجَمْع اِخْتَلَفَ إِعْرَابهمَا عِنْدهمْ فِي الصَّرْف , وَلِاتِّفَاقِ حَالَتَيْهِمَا فِي الْوَاحِدَة اِتَّفَقَتْ حَالَتَاهُمَا فِيهَا . وَأَمَّا قَوْله : { مُتَشَابِهَات } فَإِنَّ مَعْنَاهُ : مُتَشَابِهَات فِي التِّلَاوَة , مُخْتَلِفَات فِي الْمَعْنَى , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا } 2 25 يَعْنِي فِي الْمَنْظَر : مُخْتَلِفًا فِي الْمَطْعَم , وَكَمَا قَالَ مُخْبِرًا عَمَّنْ أَخْبَرَ عَنْهُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل أَنَّهُ قَالَ : { إِنَّ الْبَقَر تَشَابَهَ عَلَيْنَا } 2 70 يَعْنُونَ بِذَلِكَ : تَشَابَهَ عَلَيْنَا فِي الصِّفَة , وَإِنْ اِخْتَلَفَتْ أَنْوَاعه . فَتَأْوِيل الْكَلَام إِذًا : إِنَّ الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء فِي الْأَرْض وَلَا فِي السَّمَاء , هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْك يَا مُحَمَّد الْقُرْآن , مِنْهُ آيَات مُحْكَمَات بِالْبَيَانِ , هُنَّ أَصْل الْكِتَاب الَّذِي عَلَيْهِ عِمَادك وَعِمَاد أُمَّتك فِي الدِّين , وَإِلَيْهِ مَفْزَعك وَمَفْزَعهمْ فِيمَا اِفْتَرَضْت عَلَيْك وَعَلَيْهِمْ مِنْ شَرَائِع الْإِسْلَام , وَآيَات أُخَر هُنَّ مُتَشَابِهَات فِي التِّلَاوَة , مُخْتَلِفَات فِي الْمَعَانِي . وَقَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { مِنْهُ آيَات مُحْكَمَات هُنَّ أُمّ الْكِتَاب وَأُخَر مُتَشَابِهَات } وَمَا الْمُحْكَم مِنْ آي الْكِتَاب , وَمَا الْمُتَشَابَه مِنْهُ ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : الْمُحْكَمَات مِنْ آي الْقُرْآن : الْمَعْمُول بِهِنَّ , وَهُنَّ النَّاسِخَات , أَوْ الْمُثْبِتَات الْأَحْكَام ; وَالْمُتَشَابِهَات مِنْ آيِهِ : الْمَتْرُوك الْعَمَل بِهِنَّ , الْمَنْسُوخَات . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 5163 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْعَوَّام , عَمَّنْ حَدَّثَهُ , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : { مِنْهُ آيَات مُحْكَمَات } قَالَ : هِيَ الثَّلَاث الْآيَات الَّتِي هَهُنَا : { قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبّكُمْ عَلَيْكُمْ } 6 151 إِلَى ثَلَاث آيَات , وَاَلَّتِي فِي بَنِي إِسْرَائِيل : { وَقَضَى رَبّك أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ } 17 23 إِلَى آخِر الْآيَات . 5164 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثنا مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلَى بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْك الْكِتَاب مِنْهُ آيَات مُحْكَمَات هُنَّ أُمّ الْكِتَاب } الْمُحْكَمَات : نَاسِخه , وَحَلَاله , وَحَرَامه , وَحُدُوده , وَفَرَائِضه , وَمَا يُؤْمَن بِهِ , وَيُعْمَل بِهِ . قَالَ : { وَأُخَر مُتَشَابِهَات } وَالْمُتَشَابِهَات : مَنْسُوخه , وَمُقَدَّمه , وَمُؤَخَّره , وَأَمْثَاله , وَأَقْسَامه , وَمَا يُؤْمَن بِهِ , وَلَا يُعْمَل بِهِ . 5165 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْك الْكِتَاب } إِلَى : { وَأُخَر مُتَشَابِهَات } فَالْمُحْكَمَات الَّتِي هِيَ أُمّ الْكِتَاب : النَّاسِخ الَّذِي يُدَان بِهِ وَيُعْمَل بِهِ ; وَالْمُتَشَابِهَات : هُنَّ الْمَنْسُوخَات الَّتِي لَا يُدَان بِهِنَّ . 5166 - حَدَّثَنِي مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ فِي خَبَر ذَكَرَهُ , عَنْ أَبِي مَالِك , وَعَنْ أَبِي صَالِح , عَنْ اِبْن عَبَّاس , وَعَنْ مُرَّة الْهَمْدَانِيّ , عَنْ اِبْن مَسْعُود , وَعَنْ نَاس مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْك الْكِتَاب مِنْهُ آيَات مُحْكَمَات هُنَّ أُمّ الْكِتَاب } إِلَى قَوْله : { كُلّ مِنْ عِنْد رَبّنَا } أَمَّا الْآيَات الْمُحْكَمَات : فَهُنَّ النَّاسِخَات الَّتِي يُعْمَل بِهِنَّ ; وَأَمَّا الْمُتَشَابِهَات : فَهُنَّ الْمَنْسُوخَات . 5167 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْك الْكِتَاب مِنْهُ آيَات مُحْكَمَات هُنَّ أُمّ الْكِتَاب } وَالْمُحْكَمَات : النَّاسِخ الَّذِي يُعْمَل بِهِ مَا أَحَلَّ اللَّه فِيهِ حَلَاله وَحَرَّمَ فِيهِ حَرَامه ; وَأَمَّا الْمُتَشَابِهَات : فَالْمَنْسُوخ الَّذِي لَا يُعْمَل بِهِ وَيُؤْمَن 5168 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : { آيَات مُحْكَمَات } قَالَ : الْمُحْكَم : مَا يُعْمَل بِهِ . 5169 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع : { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْك الْكِتَاب مِنْهُ آيَات مُحْكَمَات هُنَّ أُمّ الْكِتَاب وَأُخَر مُتَشَابِهَات } قَالَ : الْمُحْكَمَات : النَّاسِخ الَّذِي يُعْمَل بِهِ , وَالْمُتَشَابِهَات : الْمَنْسُوخ الَّذِي لَا يُعْمَل بِهِ , وَيُؤْمَن بِهِ . 5170 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : { آيَات مُحْكَمَات هُنَّ أُمّ الْكِتَاب } قَالَ : النَّاسِخَات , { وَأُخَر مُتَشَابِهَات } قَالَ : مَا نُسِخَ وَتُرِكَ يُتْلَى . * - حَدَّثَنِي اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سَلَمَة بْن نُبَيْط , عَنْ الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم , قَالَ : الْمُحْكَم مَا لَمْ يُنْسَخ , وَمَا تَشَابَهَ مِنْهُ : مَا نُسِخَ . * - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : { آيَات مُحْكَمَات هُنَّ أُمّ الْكِتَاب } قَالَ : النَّاسِخ , { وَأُخَر مُتَشَابِهَات } قَالَ : الْمَنْسُوخ . 5171 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع : { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْك الْكِتَاب مِنْهُ آيَات مُحْكَمَات هُنَّ أُمّ الْكِتَاب وَأُخَر مُتَشَابِهَات } قَالَ : الْمُحْكَمَات : الَّذِي يُعْمَل بِهِ . * - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يُحَدِّث , قَالَ : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { مِنْهُ آيَات مُحْكَمَات } يَعْنِي : النَّاسِخ الَّذِي يُعْمَل بِهِ , { وَأُخَر مُتَشَابِهَات } يَعْنِي الْمَنْسُوح , يُؤْمَن بِهِ وَلَا يُعْمَل بِهِ . * - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن حَازِم , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ الضَّحَّاك : { مِنْهُ آيَات مُحْكَمَات } قَالَ : مَا لَمْ يُنْسَخ , { وَأُخَر مُتَشَابِهَات } قَالَ : مَا قَدْ نُسِخَ . وَقَالَ آخَرُونَ : الْمُحْكَمَات مِنْ آي الْكِتَاب : مَا أَحْكَمَ اللَّه فِيهِ بَيَان حَلَاله وَحَرَامه ; وَالْمُتَشَابِه مِنْهَا : مَا أَشْبَهَ بَعْضه بَعْضًا فِي الْمَعَانِي وَإِنْ اِخْتَلَفَتْ أَلْفَاظه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 5172 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { مِنْهُ آيَات مُحْكَمَات } مَا فِيهِ مِنْ الْحَلَال وَالْحَرَام وَمَا سِوَى ذَلِكَ , فَهُوَ مُتَشَابِه يُصَدِّق بَعْضه بَعْضًا , وَهُوَ مِثْل قَوْله : { وَمَا يُضِلّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ } 2 26 وَمِثْل قَوْله : { كَذَلِكَ يَجْعَل اللَّه الرِّجْس عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ } 6 125 وَمِثْل قَوْله : { وَاَلَّذِينَ اِهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ } 47 17 * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد . مِثْله . وَقَالَ آخَرُونَ : الْمُحْكَمَات مِنْ آي الْكِتَاب : مَا لَمْ يَحْتَمِل مِنْ التَّأْوِيل غَيْر وَجْه وَاحِد ; وَالْمُتَشَابِه مِنْهُ : مَا اِحْتَمَلَ مِنْ التَّأْوِيل أَوْجُهًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 5173 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثني مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن الزُّبَيْر : { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْك الْكِتَاب مِنْهُ آيَات مُحْكَمَات } فِيهِنَّ حُجَّة الرَّبّ , وَعِصْمَة الْعِبَاد , وَدَفْع الْخُصُوم وَالْبَاطِل , لَيْسَ لَهَا تَصْرِيف وَلَا تَحْرِيف عَمَّا وُضِعَتْ عَلَيْهِ . وَأُخَر مُتَشَابِهَة فِي الصِّدْق , لَهُنَّ تَصْرِيف وَتَحْرِيف وَتَأْوِيل , اِبْتَلَى اللَّه فِيهِنَّ الْعِبَاد كَمَا اِبْتَلَاهُمْ فِي الْحَلَال وَالْحَرَام , لَا يُصْرَفْنَ إِلَى الْبَاطِل وَلَا يُحَرَّفْنَ عَنْ الْحَقّ . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى الْمُحْكَم : مَا أَحْكَمَ اللَّه فِيهِ مِنْ آي الْقُرْآن وَقَصَص الْأُمَم وَرُسُلهمْ الَّذِينَ أُرْسِلُوا إِلَيْهِمْ , فَفَصَّلَهُ بِبَيَانِ ذَلِكَ لِمُحَمَّدٍ وَأُمَّته . وَالْمُتَشَابِه : هُوَ مَا اِشْتَبَهَتْ الْأَلْفَاظ بِهِ مِنْ قَصَصهمْ عِنْد التَّكْرِير فِي السُّوَر فَقِصَّة بِاتِّفَاقِ الْأَلْفَاظ وَاخْتِلَافه الْمَعَانِي , وَقِصَّة بِاخْتِلَافِ الْأَلْفَاظ وَاتِّفَاق الْمُعَانَى . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 5174 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد وَقَرَأَ : { الر كِتَاب أُحْكِمَتْ آيَاته ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيم خَبِير } 11 1 قَالَ . وَذَكَرَ حَدِيث رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَرْبَع وَعِشْرِينَ آيَة مِنْهَا , وَحَدِيث نُوح فِي أَرْبَع وَعِشْرِينَ آيَة مِنْهَا . ثُمَّ قَالَ : { تِلْكَ مِنْ أَنْبَاء الْغَيْب } 11 49 ثُمَّ ذَكَرَ : { وَإِلَى عَاد } فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ : { وَاسْتَغْفِرُوا رَبّكُمْ } 11 90 ثُمَّ مَضَى ثُمَّ ذَكَرَ صَالِحًا وَإِبْرَاهِيم وَلُوطًا وَشُعَيْبًا , وَفَرَغَ مِنْ ذَلِكَ . وَهَذَا يَقِين , ذَلِكَ يَقِين أُحْكِمَتْ آيَاته ثُمَّ فُصِّلَتْ . قَالَ : وَالْمُتَشَابِه ذِكْر مُوسَى فِي أَمْكِنَة كَثِيرَة , وَهُوَ مُتَشَابِه , وَهُوَ كُلّه مَعْنًى وَاحِد وَمُتَشَابِه : { اُسْلُكْ فِيهَا } 23 27 { اِحْمِلْ فِيهَا } 11 40 { اُسْلُكْ يَدك } 28 32 { أَدْخِلْ يَدك } 27 12 { حَيَّة تَسْعَى } 20 20 { ثُعْبَان مُبِين } 7 107 قَالَ . ثُمَّ ذَكَرَ هُودًا فِي عَشْر آيَات مِنْهَا , وَصَالِحًا فِي ثَمَانِي آيَات مِنْهَا وَإِبْرَاهِيم فِي ثَمَانِي آيَات أُخْرَى , وَلُوطًا فِي ثَمَانِي آيَات مِنْهَا , وَشُعَيْبًا فِي ثَلَاث عَشْرَةَ آيَة , وَمُوسَى فِي أَرْبَع آيَات , كُلّ هَذَا يَقْضِي بَيْن الْأَنْبِيَاء وَبَيْن قَوْمهمْ فِي هَذِهِ السُّورَة , فَانْتَهَى ذَلِكَ إِلَى مِائَة آيَة مِنْ سُورَة هُود , ثُمَّ قَالَ : { ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاء الْقُرَى نَقُصّهُ عَلَيْك مِنْهَا قَائِم وَحَصِيد } 11 100 وَقَالَ فِي الْمُتَشَابِه مِنْ الْقُرْآن : مَنْ يُرِدْ اللَّه بِهِ الْبَلَاء وَالضَّلَالَة , يَقُول : مَا شَأْن هَذَا لَا يَكُون هَكَذَا , وَمَا شَأْن هَذَا لَا يَكُون هَكَذَا ؟ وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ الْمُحْكَم مِنْ آي الْقُرْآن : مَا عَرَفَ الْعُلَمَاء تَأْوِيله , وَفَهِمُوا مَعْنَاهُ وَتَفْسِيره ; وَالْمُتَشَابِه : مَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ إِلَى عِلْمه سَبِيل مِمَّا اِسْتَأْثَرَ اللَّه بِعِلْمِهِ دُون خَلْقه , وَذَلِكَ نَحْو الْخَبَر عَنْ وَقْت مَخْرَج عِيسَى اِبْن مَرْيَم , وَوَقْت طُلُوع الشَّمْس مِنْ مَغْرِبهَا , وَقِيَام السَّاعَة , وَفَنَاء الدُّنْيَا , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ , فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَعْلَمهُ أَحَد . وَقَالُوا : إِنَّمَا سَمَّى اللَّه مِنْ آي الْكِتَاب الْمُتَشَابِه الْحُرُوف الْمُقَطَّعَة الَّتِي فِي أَوَائِل بَعْض سُوَر الْقُرْآن مِنْ نَحْو الم , وَالمص , وَالمر , والر , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ , لِأَنَّهُنَّ مُتَشَابِهَات فِي الْأَلْفَاظ , وَمُوَافَقَات حُرُوف حِسَاب الْجُمَل . وَكَانَ قَوْم مِنْ الْيَهُود عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَمِعُوا أَنْ يُدْرِكُوا مِنْ قِبَلهَا مَعْرِفَة مُدَّة الْإِسْلَام وَأَهْله , وَيَعْلَمُوا نِهَايَة أُكْل مُحَمَّد وَأُمَّته , فَأَكْذَبَ اللَّه أُحْدُوثَتهمْ بِذَلِكَ , وَأَعْلَمَهُمْ أَنَّ مَا اِبْتَغَوْا عِلْمه مِنْ ذَلِكَ مِنْ قِبَل هَذِهِ الْحُرُوف الْمُتَشَابِهَة لَا يُدْرِكُونَهُ وَلَا مِنْ قِبَل غَيْرهَا , وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَعْلَمهُ إِلَّا اللَّه . وَهَذَا قَوْل ذُكِرَ عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه بْن رِئَاب أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِيهِ , وَقَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَة بِذَلِكَ عَنْهُ وَعَنْ غَيْره مِمَّنْ قَالَ نَحْو مَقَالَته فِي تَأْوِيل ذَلِكَ فِي تَفْسِير قَوْله : { الم ذَلِكَ الْكِتَاب لَا رَيْب فِيهِ } 2 1 : 2 وَهَذَا الْقَوْل الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه أَشْبَهَ بِتَأْوِيلِ الْآيَة , وَذَلِكَ أَنَّ جَمِيع مَا أَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ مِنْ آي الْقُرْآن عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَإِنَّمَا أَنْزَلَهُ عَلَيْهِ بَيَانًا لَهُ وَلِأُمَّتِهِ وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ , وَغَيْر جَائِز أَنْ يَكُون فِيهِ مَا لَا حَاجَة بِهِمْ إِلَيْهِ , وَلَا أَنْ يَكُون فِيهِ مَا بِهِمْ إِلَيْهِ الْحَاجَة , ثُمَّ لَا يَكُون لَهُمْ إِلَى عِلْم تَأْوِيله سَبِيل . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَكُلّ مَا فِيهِ لِخَلْقِهِ إِلَيْهِ الْحَاجَة , وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضه مَا بِهِمْ عَنْ بَعْض مَعَانِيه الْغِنَى , وَإِنْ اِضْطَرَّتْهُ الْحَاجَة إِلَيْهِ فِي مَعَانٍ كَثِيرَة , وَذَلِكَ كَقَوْلِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { يَوْم يَأْتِي بَعْض آيَات رَبّك لَا يَنْفَع نَفْسًا إِيمَانهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْل أَوْ كَسَبَت فِي إِيمَانهَا خَيْرًا } 6 158 فَأَعْلَمَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّته أَنَّ تِلْكَ الْآيَة الَّتِي أَخْبَرَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ عِبَاده أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَمْ يَنْفَع نَفْسًا إِيمَانهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْل ذَلِكَ , هِيَ طُلُوع الشَّمْس مِنْ مَغْرِبهَا . فَاَلَّذِي كَانَتْ بِالْعِبَادِ إِلَيْهِ الْحَاجَة مِنْ عِلْم ذَلِكَ هُوَ الْعِلْم مِنْهُمْ بِوَقْتِ نَفْع التَّوْبَة بِصِفَتِهِ بِغَيْرِ تَحْدِيده بَعْد بِالسِّنِينَ وَالشُّهُور وَالْأَيَّام , فَقَدْ بَيَّنَ اللَّه ذَلِكَ لَهُمْ بِدَلَالَةِ الْكِتَاب , وَأَوْضَحَهُ لَهُمْ عَلَى لِسَان رَسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُفَسَّرًا . وَاَلَّذِي لَا حَاجَة لَهُمْ إِلَى عِلْمه مِنْهُ هُوَ الْعِلْم بِمِقْدَارِ الْمُدَّة الَّتِي بَيْن وَقْت نُزُول هَذِهِ الْآيَة وَوَقْت حُدُوث تِلْكَ الْآيَة , فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا حَاجَة بِهِمْ إِلَى عِلْمه فِي دِين وَلَا دُنْيَا , وَذَلِكَ هُوَ الْعِلْم الَّذِي اِسْتَأْثَرَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِهِ دُون خَلْقه , فَحَجَبَهُ عَنْهُمْ , وَذَلِكَ وَمَا أَشْبَهَهُ هُوَ الْمَعْنَى الَّذِي طَلَبَتْ الْيَهُود مَعْرِفَته فِي مُدَّة مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمَّته مِنْ قِبَل قَوْله : الم , وَالمص , والر , وَالمر , وَنَحْو ذَلِكَ مِنْ الْحُرُوف الْمُقَطَّعَة الْمُتَشَابِهَات , الَّتِي أَخْبَرَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُمْ لَا يُدْرِكُونَ تَأْوِيل ذَلِكَ مِنْ قِبَله , وَأَنَّهُ لَا يَعْلَم تَأْوِيله إِلَّا اللَّه . فَإِذَا كَانَ الْمُتَشَابِه هُوَ مَا وَصَفْنَا , فَكُلّ مَا عَدَاهُ فَمُحْكَم , لِأَنَّهُ لَنْ يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُون مُحْكَمًا بِأَنَّهُ بِمَعْنًى وَاحِد لَا تَأْوِيل لَهُ غَيْر تَأْوِيل وَاحِد , وَقَدْ اُسْتُغْنِيَ بِسَمَاعِهِ عَنْ بَيَان يُبَيِّنهُ , أَوْ يَكُون مُحْكَمًا , وَإِنْ كَانَ ذَا وُجُوه وَتَأْوِيلَات وَتَصَرُّف فِي مَعَانٍ كَثِيرَة , فَالدَّلَالَة عَلَى الْمَعْنَى الْمُرَاد مِنْهُ إِمَّا مِنْ بَيَان اللَّه تَعَالَى ذِكْره عَنْهُ أَوْ بَيَان رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمَّتِهِ , وَلَنْ يَذْهَب عِلْم ذَلِكَ عَنْ عُلَمَاء الْأُمَّة لِمَا قَدْ بَيَّنَّا . الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { هُنَّ أُمّ الْكِتَاب } قَدْ أَتَيْنَا عَلَى الْبَيَان عَنْ تَأْوِيل ذَلِكَ بِالدَّلَالَةِ الشَّاهِدَة عَلَى صِحَّة مَا قُلْنَا فِيهِ , وَنَحْنُ ذَاكِرُو اِخْتِلَاف أَهْل التَّأْوِيل فِيهِ . وَذَلِكَ أَنَّهُمْ اِخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيله , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى قَوْله : { هُنَّ أُمّ الْكِتَاب } هُنَّ اللَّائِي فِيهِنَّ الْفَرَائِض وَالْحُدُود وَالْأَحْكَام , نَحْو قِيلنَا الَّذِي قُلْنَا فِيهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 5175 - حَدَّثَنَا عِمْرَان بْن مُوسَى الْقَزَّاز , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَارِث بْن سَعِيد , قَالَ : ثنا إِسْحَاق بْن سُوَيْد , عَنْ يَحْيَى بْن يَعْمَر أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : { مُحْكَمَات هُنَّ أُمّ الْكِتَاب } قَالَ يَحْيَى : هُنَّ اللَّاتِي فِيهِنَّ الْفَرَائِض وَالْحُدُود وَعِمَاد الدِّين , وَضَرَبَ لِذَلِكَ مَثَلًا فَقَالَ : أُمّ الْقُرَى مَكَّة , وَأُمّ خُرَاسَان مَرْو , وَأُمّ الْمُسَافِرِينَ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ إِلَيْهِ أَمْرهمْ , وَيُعْنَى بِهِمْ فِي سَفَرهمْ , قَالَ : فَذَاكَ أُمّهمْ . 5176 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : { هُنَّ أُمّ الْكِتَاب } قَالَ : هُنَّ جِمَاع الْكِتَاب . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنِيّ بِذَلِكَ فَوَاتِح السُّوَر الَّتِي مِنْهَا يُسْتَخْرَج الْقُرْآن . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 5177 - حَدَّثَنَا عِمْرَان بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَارِث بْن سَعِيد , قَالَ : ثنا إِسْحَاق بْن سُوَيْد , عَنْ أَبِي فَاخِتَة أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : { مِنْهُ آيَات مُحْكَمَات هُنَّ أُمّ الْكِتَاب } قَالَ : أُمّ الْكِتَاب : فَوَاتِح السُّوَر , مِنْهَا يُسْتَخْرَج الْقُرْآن ; { الم ذَلِكَ الْكِتَاب } 2 1 : 2 مِنْهَا اُسْتُخْرِجَتْ الْبَقَرَة , وَ { الم اللَّه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ } مِنْهَا اُسْتُخْرِجَتْ آل عِمْرَان.
3 / 2 :
( الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ زَيْغ } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَيْل عَنْ الْحَقّ , وَانْحِرَاف عَنْهُ . يُقَال مِنْهُ : زَاغَ فُلَان عَنْ الْحَقّ , فَهُوَ يَزِيغ عَنْهُ زَيْغًا وَزَيَغَانًا وَزُيُوغَة وَزُيُوغًا , وَأَزَاغَهُ اللَّه : إِذَا أَمَالَهُ , فَهُوَ يُزِيغهُ , وَمِنْهُ قَوْله جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { رَبّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبنَا } لَا تُمِلْهَا عَنْ الْحَقّ { بَعْد إِذْ هَدَيْتنَا } 3 8 وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 5178 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , قَالَ : ثني اِبْن إِسْحَاق , عَنْ مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن الزُّبَيْر : { فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ زَيْغ } أَيْ مَيْل عَنْ الْهُدَى . 5179 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : { فِي قُلُوبهمْ زَيْغ } قَالَ : شَكّ . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 5180 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس : { فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ زَيْغ } قَالَ : مِنْ أَهْل الشَّكّ . 5181 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن هَارُون , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ فِي خَبَر ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي مَالِك , وَعَنْ أَبِي صَالِح , عَنْ اِبْن عَبَّاس , وَعَنْ مُرَّة الْهَمْدَانِيّ , عَنْ اِبْن مَسْعُود , وَعَنْ نَاس مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ زَيْغ } أَمَّا الزَّيْغ : فَالشَّكّ . 5182 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : { زَيْغ } شَكّ . قَالَ اِبْن جُرَيْج { الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ زَيْغ } الْمُنَافِقُونَ.

3 / 3 :
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ } يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ } مَا تَشَابَهَتْ أَلْفَاظه وَتَصَرَّفَتْ مَعَانِيه بِوُجُوهِ التَّأْوِيلَات , لِيُحَقِّقُوا بِادِّعَائِهِمْ الْأَبَاطِيل مِنْ التَّأْوِيلَات فِي ذَلِكَ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ الضَّلَالَة وَالزَّيْغ عَنْ مَحَجَّة الْحَقّ تَلْبِيسًا مِنْهُمْ بِذَلِكَ عَلَى مَنْ ضَعُفَتْ مَعْرِفَته بِوُجُوهِ تَأْوِيل ذَلِكَ وَتَصَارِيف مَعَانِيه . كَمَا : 5183 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ } فَيَحْمِلُونَ الْمُحْكَم عَلَى الْمُتَشَابِه , وَالْمُتَشَابِه عَلَى الْمُحْكَم , وَيُلَبِّسُونَ , فَلَبَّسَ اللَّه عَلَيْهِمْ . 5184 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن الزُّبَيْر : { فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ } أَيْ مَا تَحَرَّفَ مِنْهُ وَتَصَرَّفَ , لِيُصَدِّقُوا بِهِ مَا اِبْتَدَعُوا وَأَحْدَثُوا , لِيَكُونَ لَهُمْ حُجَّة عَلَى مَا قَالُوا وَشُبْهَة . 5185 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ } قَالَ : الْبَاب الَّذِي ضَلُّوا مِنْهُ وَهَلَكُوا فِيهِ اِبْتِغَاء تَأْوِيله . وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ بِمَا : 5186 - حَدَّثَنِي بِهِ مُوسَى بْن هَارُون , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ فِي قَوْله : { فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ } يَتَّبِعُونَ الْمَنْسُوخ وَالنَّاسِخ , فَيَقُولُونَ : مَا بَالُ هَذِهِ الْآيَة عُمِلَ بِهَا كَذَا وَكَذَا مَجَاز هَذِهِ الْآيَة , فَتُرِكَتْ الْأُولَى وَعُمِلَ بِهَذِهِ الْأُخْرَى ؟ هَلَّا كَانَ الْعَمَل بِهَذِهِ الْآيَة قَبْل أَنْ تَجِيء الْأُولَى الَّتِي نُسِخَتْ . وَمَا بَالُهُ يُعَدّ الْعَذَاب مَنْ عَمِلَ عَمَلًا يَعُدّ بِهِ النَّار وَفِي مَكَان آخَر مِنْ عَمَله فَإِنَّهُ لَمْ يُوجِب النَّار . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِيمَنْ عُنِيَ بِهَذِهِ الْآيَة , فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِهِ الْوَفْد مِنْ نَصَارَى نَجْرَان الَّذِينَ قَدِمُوا عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَحَاجُّوهُ بِمَا حَاجُّوهُ بِهِ , وَخَاصَمُوهُ بِأَنْ قَالُوا : أَلَسْت تَزْعُم أَنَّ عِيسَى رُوح اللَّه وَكَلِمَته ؟ وَتَأَوَّلُوا فِي ذَلِكَ مَا يَقُولُونَ فِيهِ مِنْ الْكُفْر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 5187 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع , قَالَ : عَمَدُوا - يَعْنِي الْوَفْد الَّذِينَ قَدِمُوا عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَصَارَى نَجْرَان - فَخَاصَمُوا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالُوا : أَلَسْت تَزْعُم أَنَّهُ كَلِمَة اللَّه وَرُوح مِنْهُ ؟ قَالَ : " بَلَى " , قَالُوا : فَحَسْبنَا ! فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ زَيْغ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ اِبْتِغَاء الْفِتْنَة } ثُمَّ إِنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنْزَلَ : { إِنَّ مَثَل عِيسَى عِنْد اللَّه كَمَثَلِ آدَم } . .. الْآيَة . 3 59 وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي أَبِي يَاسِر بْن أَخْطَب , وَأَخِيهِ حُيَيّ بْن أَخْطَب , وَالنَّفَر الَّذِينَ نَاظَرُوا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَدْر مُدَّة أُكْله وَأُكْل أُمَّته , وَأَرَادُوا عِلْم ذَلِكَ مِنْ قِبَل قَوْله : الم , وَالمص وَالمر , والر فَقَالَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِيهِمْ : { فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ زَيْغ } يَعْنِي هَؤُلَاءِ الْيَهُود الَّذِينَ قُلُوبهمْ مَائِلَة عَنْ الْهُدَى وَالْحَقّ , { فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ } يَعْنِي مَعَانِي هَذِهِ الْحُرُوف الْمُقَطَّعَة الْمُحْتَمِلَة التَّصْرِيف فِي الْوُجُوه الْمُخْتَلِفَة التَّأْوِيلَات اِبْتِغَاء الْفِتْنَة . وَقَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَة بِذَلِكَ فِيمَا مَضَى قَبْل فِي أَوَّل السُّورَة الَّتِي تُذْكَر فِيهَا الْبَقَرَة . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَنَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بِذَلِكَ كُلّ مُبْتَدِع فِي دِينه بِدْعَة مُخَالِفَة لِمَا اِبْتَعَثَ بِهِ رَسُوله مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَأْوِيلِ يَتَأَوَّلهُ مِنْ بَعْض آي الْقُرْآن الْمُحْتَمِلَة التَّأْوِيلَات , وَإِنْ كَانَ اللَّه قَدْ أَحْكَمَ بَيَان ذَلِكَ , أَمَّا فِي كِتَابه وَإِمَّا عَلَى لِسَان رَسُوله . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 5188 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : { فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ زَيْغ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ اِبْتِغَاء الْفِتْنَة } . وَكَانَ قَتَادَة إِذَا قَرَأَ هَذِهِ الْآيَة : { فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ زَيْغ } قَالَ : إِنْ لَمْ يَكُونُوا الْحَرُورِيَّة وَالسَّبَئِيَّة فَلَا أَدْرِي مَنْ هُمْ . وَلَعَمْرِي لَقَدْ كَانَ فِي أَهْل بَدْر وَالْحُدَيْبِيَة الَّذِينَ شَهِدُوا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْعَة الرِّضْوَان مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَار , خَبَر لِمَنْ اِسْتَخْبَرَ , وَعِبْرَة لِمَنْ اِسْتَعْبَرَ , لِمَنْ كَانَ يَعْقِل أَوْ يُبْصِر . إِنَّ الْخَوَارِج خَرَجُوا وَأَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمئِذٍ كَثِير بِالْمَدِينَةِ وَالشَّام وَالْعِرَاق وَأَزْوَاجه يَوْمئِذٍ أَحْيَاء , وَاَللَّه إِنْ خَرَجَ مِنْهُمْ ذَكَر وَلَا أُنْثَى حَرُورِيًّا قَطُّ , وَلَا رَضُوا الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ وَلَا مَالَئُوهُمْ فِيهِ , بَلْ كَانُوا يُحَدِّثُونَ بِعَيْبِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُ وَنَعْته الَّذِي نَعَتَهُمْ بِهِ , وَكَانُوا يُبْغِضُونَهُمْ بِقُلُوبِهِمْ وَيُعَادُونَهُمْ بِأَلْسِنَتِهِمْ وَتَشْتَدّ وَاَللَّه عَلَيْهِمْ أَيْدِيهمْ إِذَا لَقُوهُمْ . وَلَعَمْرِي لَوْ كَانَ أَمْر الْخَوَارِج هُدًى لَاجْتَمَعَ , وَلَكِنَّهُ كَانَ ضَلَالًا فَتَفَرَّقَ , وَكَذَلِكَ الْأَمْر إِذَا كَانَ مِنْ عِنْد غَيْر اللَّه وَجَدْت فِيهِ اِخْتِلَافًا كَثِيرًا , فَقَدْ أَلَاصُوا هَذَا الْأَمْر مُنْذُ زَمَان طَوِيل , فَهَلْ أَفْلَحُوا فِيهِ يَوْمًا أَوْ أَنْجَحُوا ؟ يَا سُبْحَان اللَّه كَيْفَ لَا يَعْتَبِر آخِر هَؤُلَاءِ الْقَوْم بِأَوَّلِهِمْ ؟ لَوْ كَانُوا عَلَى هُدًى قَدْ أَظْهَرَهُ اللَّه وَأَفْلَجَهُ وَنَصَرَهُ , وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا عَلَى بَاطِل أَكْذَبَهُ اللَّه وَأَدْحَضَهُ , فَهُمْ كَمَا رَأَيْتهمْ كُلَّمَا خَرَجَ لَهُمْ قَرْن أَدْحَضَ اللَّه حُجَّتهمْ , وَأَكْذَبَ أُحْدُوثَتهمْ , وَأَهْرَقَ دِمَاءَهُمْ ; وَإِنْ كَتَمُوا كَانَ قَرْحًا فِي قُلُوبهمْ وَغَمًّا عَلَيْهِمْ , وَإِنْ أَظْهَرُوهُ أَهْرَقَ اللَّه دِمَاءَهُمْ , ذَاكُمْ وَاَللَّه دِين سُوء فَاجْتَنِبُوهُ . وَاَللَّه إِنَّ الْيَهُود لَبِدْعَة , وَإِنَّ النَّصْرَانِيَّة لَبِدْعَة , وَإِنَّ الْحَرُورِيَّة لَبِدْعَة , وَإِنَّ السَّبَئِيَّة لَبِدْعَة , مَا نُزِّلَ بِهِنَّ كِتَاب وَلَا سَنَّهُنَّ نَبِيّ . * - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ زَيْغ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ اِبْتِغَاء الْفِتْنَة وَابْتِغَاء تَأْوِيله } طَلَبَ الْقَوْم التَّأْوِيل فَأَخْطَئُوا التَّأْوِيل , وَأَصَابُوا الْفِتْنَة , فَاتَّبَعُوا مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَهَلَكُوا مِنْ ذَلِكَ . لَعَمْرِي لَقَدْ كَانَ فِي أَصْحَاب بَدْر وَالْحُدَيْبِيَة الَّذِينَ شَهِدُوا بَيْعَة الرِّضْوَان . وَذَكَرَ نَحْو حَدِيث عَبْد الرَّزَّاق , عَنْ مَعْمَر , عَنْهُ . 5189 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن خَالِد بْن خِدَاش وَيَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَا : ثنا إِسْمَاعِيل بْن عُلَيَّة , عَنْ أَيُّوب , عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي مُلَيْكَة , عَنْ عَائِشَة قَالَتْ : قَرَأَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْك الْكِتَاب } إِلَى قَوْله : { وَمَا يَذَّكَّر إِلَّا أُولُوا الْأَلْبَاب } فَقَالَ : " فَإِذَا رَأَيْتُمْ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيهِ فَهُمْ الَّذِينَ عَنَى اللَّه فَاحْذَرُوهُمْ " . * - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت أَيُّوب , عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي مُلَيْكَة , عَنْ عَائِشَة أَنَّهَا قَالَتْ : قَرَأَ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَة : { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْك الْكِتَاب } إِلَى : { وَمَا يَذَّكَّر إِلَّا أُولُوا الْأَلْبَاب } . قَالَتْ : فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَإِذَا رَأَيْتُمْ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيهِ " أَوْ قَالَ : وَيَتَجَادَلُونَ فِيهِ فَهُمْ الَّذِينَ عَنَى اللَّه فَاحْذَرُوهُمْ قَالَ مَطَر , عَنْ أَيُّوب أَنَّهُ قَالَ : " فَلَا تُجَالِسُوهُمْ , فَهُمْ الَّذِينَ عَنَى اللَّه فَاحْذَرُوهُمْ " . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا أَيُّوب , عَنْ اِبْن أَبِي مُلَيْكَة , عَنْ عَائِشَة , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , بِنَحْوِ مَعْنَاهُ . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ أَيُّوب , عَنْ اِبْن أَبِي مُلَيْكَة , عَنْ عَائِشَة , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , نَحْوه . 5190 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْحَارِث , عَنْ أَيُّوب , عَنْ اِبْن أَبِي مُلَيْكَة عَنْ عَائِشَة زَوْج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ : قَرَأَ رَسُول اللَّه هَذِهِ الْآيَة : { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْك الْكِتَاب مِنْهُ آيَات مُحْكَمَات هُنَّ أُمّ الْكِتَاب وَأُخَر مُتَشَابِهَات } . .. الْآيَة كُلّهَا , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا رَأَيْتُمْ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ وَاَلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيهِ فَهُمْ الَّذِينَ عَنَى اللَّه أُولَئِكَ الَّذِينَ قَالَ اللَّه : فَلَا تُجَالِسُوهُمْ " . 5191 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبُو أُسَامَة , عَنْ يَزِيد بْن إِبْرَاهِيم , عَنْ اِبْن أَبِي مُلَيْكَة , قَالَ : سَمِعْت الْقَاسِم بْن مُحَمَّد يُحَدِّث عَنْ عَائِشَة , قَالَتْ : تَلَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَة : { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْك الْكِتَاب مِنْهُ آيَات مُحْكَمَات هُنَّ أُمّ الْكِتَاب } ثُمَّ قَرَأَ إِلَى آخِر الْآيَات , فَقَالَ : " إِذَا رَأَيْتُمْ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ , فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّى اللَّه فَاحْذَرُوهُمْ " . 5192 - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثنا الْوَلِيد بْن مُسْلِم , عَنْ حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن الْقَاسِم , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَة , قَالَتْ : نَزَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ } فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " قَدْ حَذَّرَكُمْ اللَّه , فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ فَاعْرِفُوهُمْ " . 5193 - حَدَّثَنَا عَلِيّ , قَالَ : ثنا الْوَلِيد , عَنْ نَافِع , عَنْ عُمَر , عَنْ عَائِشَة , قَالَتْ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ! " , ثُمَّ نَزَعَ : { فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ زَيْغ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ } " وَلَا يَعْلَمُونَ بِمُحْكَمِهِ " . * - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَمِّي , قَالَ : أَخْبَرَنِي شَبِيب بْن سَعِيد , عَنْ رَوْح بْن الْقَاسِم , عَنْ اِبْن أَبِي مُلَيْكَة , عَنْ عَائِشَة : أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَة : { فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ زَيْغ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ اِبْتِغَاء الْفِتْنَة وَابْتِغَاء تَأْوِيله وَمَا يَعْلَم تَأْوِيله إِلَّا اللَّه وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم } فَقَالَ : " فَإِذَا رَأَيْتُمْ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيهِ فَهُمْ الَّذِينَ عَنَى اللَّه فَاحْذَرُوهُمْ " . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم , قَالَ : ثنا خَالِد بْن نِزَار , عَنْ نَافِع , عَنْ اِبْن أَبِي مُلَيْكَة , عَنْ عَائِشَة فِي هَذِهِ الْآيَة : { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْك الْكِتَاب } . .. الْآيَة . يَتَّبِعهَا : يَتْلُوهَا , ثُمَّ يَقُول : " فَإِذَا رَأَيْتُمْ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيهِ فَاحْذَرُوهُمْ فَهُمْ الَّذِينَ عَنَى اللَّه " . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن هَارُون , عَنْ حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ اِبْن أَبِي مُلَيْكَة , عَنْ الْقَاسِم , عَنْ عَائِشَة , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْآيَة : { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْك الْكِتَاب مِنْهُ آيَات مُحْكَمَات هُنَّ أُمّ الْكِتَاب } إِلَى آخِر الْآيَة , قَالَ : " هُمْ الَّذِينَ سَمَّاهُمْ اللَّه , فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ فَاحْذَرُوهُمْ " . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَاَلَّذِي يَدُلّ عَلَيْهِ ظَاهِر هَذِهِ الْآيَة أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الَّذِينَ جَادَلُوا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمُتَشَابِهِ مَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ كِتَاب اللَّه إِمَّا فِي أَمْر عِيسَى , وَإِمَّا فِي مُدَّة أُكْله وَأُكْل أُمَّته , وَهُوَ بِأَنْ تَكُون فِي الَّذِينَ جَادَلُوا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمُتَشَابِهِهِ فِي مُدَّته وَمُدَّة أُمَّته أَشْبَه , لِأَنَّ قَوْله : { وَمَا يَعْلَم تَأْوِيله إِلَّا اللَّه } دَالّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ إِخْبَار عَنْ الْمُدَّة الَّتِي أَرَادُوا عِلْمهَا مِنْ قِبَل الْمُتَشَابِه الَّذِي لَا يَعْلَمهُ إِلَّا اللَّه . فَأَمَّا أَمْر عِيسَى وَأَسْبَابه , فَقَدْ أَعْلَمَ اللَّه ذَلِكَ نَبِيّه مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمَّته وَبَيَّنَهُ لَهُمْ , فَمَعْلُوم أَنَّهُ لَمْ يَعْنِ إِلَّا مَا كَانَ خَفِيًّا عَنْ الْآحَاد.
3 / 4 :
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { اِبْتِغَاء الْفِتْنَة } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : اِبْتِغَاء الشِّرْك . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 5194 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن هَارُون , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن حَمَّاد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { اِبْتِغَاء الْفِتْنَة } قَالَ : إِرَادَة الشِّرْك . 5195 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع فِي قَوْله : { اِبْتِغَاء الْفِتْنَة } يَعْنِي الشِّرْك . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ اِبْتِغَاء الشُّبُهَات . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 5196 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { اِبْتِغَاء الْفِتْنَة } قَالَ : الشُّبُهَات بِهَا أُهْلِكُوا . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { اِبْتِغَاء الْفِتْنَة } الشُّبُهَات , قَالَ : هَلَكُوا بِهِ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { اِبْتِغَاء الْفِتْنَة } قَالَ : الشُّبُهَات , قَالَ : وَالشُّبُهَات مَا أُهْلِكُوا بِهِ . 5197 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن الزُّبَيْر : { اِبْتِغَاء الْفِتْنَة } أَيْ اللَّبْس . وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَاهُ : إِرَادَة الشُّبُهَات وَاللَّبْس . فَمَعْنَى الْكَلَام إِذًا : فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَيْل عَنْ الْحَقّ وَحَيْف عَنْهُ , فَيَتَّبِعُونَ مِنْ آي الْكِتَاب مَا تَشَابَهَتْ أَلْفَاظه , وَاحْتَمَلَ صَرْفه فِي وُجُوه التَّأْوِيلَات , بِاحْتِمَالِهِ الْمَعَانِي الْمُخْتَلِفَة إِرَادَة اللَّبْس عَلَى نَفْسه وَعَلَى غَيْره , اِحْتِجَاجًا بِهِ عَلَى بَاطِله الَّذِي مَالَ إِلَيْهِ قَلْبه دُون الْحَقّ الَّذِي أَبَانَهُ اللَّه فَأَوْضَحَهُ بِالْمُحْكَمَاتِ مِنْ آي كِتَابه . وَهَذِهِ الْآيَة وَإِنْ كَانَتْ نَزَلَتْ فِيمَنْ ذَكَرْنَا أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِ مِنْ أَهْل الشِّرْك , فَإِنَّهُ مَعْنِيّ بِهَا كُلّ مُبْتَدِع فِي دِين اللَّه بِدْعَة , فَمَالَ قَلْبه إِلَيْهَا , تَأْوِيلًا مِنْهُ لِبَعْضِ مُتَشَابِه آي الْقُرْآن , ثُمَّ حَاجَّ بِهِ وَجَادَلَ بِهِ أَهْل الْحَقّ , وَعَدَلَ عَنْ الْوَاضِح مِنْ أَدِلَّة آيِهِ الْمُحْكَمَات إِرَادَة مِنْهُ بِذَلِكَ اللَّبْس عَلَى أَهْل الْحَقّ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ , وَطَلَبًا لِعِلْمِ تَأْوِيل مَا تَشَابَهَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ كَائِنًا مَنْ كَانَ , وَأَيّ أَصْنَاف الْبِدْعَة كَانَ مِنْ أَهْل النَّصْرَانِيَّة كَانَ أَوْ الْيَهُودِيَّة أَوْ الْمَجُوسِيَّة , أَوْ كَانَ سَبَئِيًّا , أَوْ حَرُورِيًّا , أَوْ قَدَرِيًّا , أَوْ جَهْمِيًّا , كَاَلَّذِي قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَإِذَا رَأَيْتُمْ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ بِهِ فَهُمْ الَّذِينَ عَنَى اللَّه فَاحْذَرُوهُمْ " . وَكَمَا : 5198 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ اِبْن طَاوُس , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : وَذُكِرَ عِنْده الْخَوَارِج , وَمَا يَلْقَوْنَ عِنْد الْفِرَار , فَقَالَ : يُؤْمِنُونَ بِمُحْكَمِهِ , وَيَهْلِكُونَ عِنْد مُتَشَابِهه . وَقَرَأَ اِبْن عَبَّاس : { وَمَا يَعْلَم تَأْوِيله إِلَّا اللَّه } . .. الْآيَة . وَإِنَّمَا قُلْنَا : الْقَوْل الَّذِي ذَكَرْنَا أَنَّهُ أَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِقَوْلِهِ : { اِبْتِغَاء الْفِتْنَة } لِأَنَّ الَّذِينَ نَزَلَتْ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَة كَانُوا أَهْل شِرْك , وَإِنَّمَا أَرَادُوا بِطَلَبِ تَأْوِيل مَا طَلَبُوا تَأْوِيله اللَّبْس عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَالِاحْتِجَاج بِهِ عَلَيْهِمْ لِيَصُدُّوهُمْ عَمَّا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ الْحَقّ , فَلَا مَعْنًى لِأَنْ يُقَال : فَعَلُوا ذَلِكَ إِرَادَة الشِّرْك , وَهُمْ قَدْ كَانُوا مُشْرِكِينَ.

3 / 5 :
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَابْتِغَاء تَأْوِيله } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى التَّأْوِيل الَّذِي عَنَى اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { وَابْتِغَاء تَأْوِيله } فَقَالَ بَعْضهمْ مَعْنَى ذَلِكَ : الْأَجَل الَّذِي أَرَادَتْ الْيَهُود أَنْ تَعْرِفهُ مِنْ اِنْقِضَاء مُدَّة أَمْر مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمْر أُمَّته مِنْ قِبَل الْحُرُوف الْمُقَطَّعَة مِنْ حِسَاب الْجُمَل " الم " , وَ " المص " , وَ " الر " , وَ " المر " وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْآجَال . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 5199 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : أَمَّا قَوْله : { وَمَا يَعْلَم تَأْوِيله إِلَّا اللَّه } يَعْنِي تَأْوِيله يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا اللَّه . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ . عَوَاقِب الْقُرْآن . وَقَالُوا : إِنَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَعْلَمُوا مَتَى يَجِيء نَاسِخ الْأَحْكَام الَّتِي كَانَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ شَرَعَهَا لِأَهْلِ الْإِسْلَام قَبْل مَجِيئِهِ , فَنَسَخَ مَا قَدْ كَانَ شَرَعَهُ قَبْل ذَلِكَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 5200 - حَدَّثَنِي مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَابْتِغَاء تَأْوِيله } أَرَادُوا أَنْ يَعْلَمُوا تَأْوِيل الْقُرْآن , وَهُوَ عَوَاقِبه , قَالَ اللَّه : { وَمَا يَعْلَم تَأْوِيله إِلَّا اللَّه } , وَتَأْوِيله عَوَاقِبه , مَتَى يَأْتِي النَّاسِخ مِنْهُ فَيَنْسَخ الْمَنْسُوخ . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَابْتِغَاء تَأْوِيل مَا تَشَابَهَ مِنْ آي الْقُرْآن يَتَأَوَّلُونَهُ - إِذْ كَانَ ذَا وُجُوه وَتَصَارِيف فِي التَّأْوِيلَات - عَلَى مَا فِي قُلُوبهمْ مِنْ الزَّيْغ , وَمَا رَكِبُوهُ مِنْ الضَّلَالَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 5201 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن الزُّبَيْر : { وَابْتِغَاء تَأْوِيله } وَذَلِكَ عَلَى مَا رَكِبُوا مِنْ الضَّلَالَة فِي قَوْلهمْ , خَلَقْنَا وَقَضَيْنَا . وَالْقَوْل الَّذِي قَالَهُ اِبْن عَبَّاس مِنْ أَنَّ اِبْتِغَاء التَّأْوِيل الَّذِي طَلَبَهُ الْقَوْم مِنْ الْمُتَشَابِه هُوَ مَعْرِفَة اِنْقِضَاء الْمُدَّة , وَوَقْت قِيَام السَّاعَة , وَاَلَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ السُّدِّيّ مِنْ أَنَّهُمْ طَلَبُوا وَأَرَادُوا مَعْرِفَة وَقْت هُوَ جَاءَ قَبْل مَجِيئِهِ أَوْلَى بِالصَّوَابِ , وَإِنْ كَانَ السُّدِّيّ قَدْ أَغْفَلَ مَعْنَى ذَلِكَ مِنْ وَجْه صَرَفَهُ إِلَى حَصْره عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ : إِنَّ الْقَوْم طَلَبُوا مَعْرِفَة وَقْت مَجِيء النَّاسِخ لِمَا قَدْ أُحْكِمَ قَبْل ذَلِكَ . وَإِنَّمَا قُلْنَا : إِنَّ طَلَب الْقَوْم مَعْرِفَة الْوَقْت الَّذِي هُوَ جَاءٍ قَبْل مَجِيئِهِ الْمَحْجُوب عِلْمه عَنْهُمْ وَعَنْ غَيْرهمْ بِمُتَشَابِهِ آي الْقُرْآن , أَوْلَى بِتَأْوِيلِ قَوْله : { وَابْتِغَاء تَأْوِيله } لِمَا قَدْ دَلَّلْنَا عَلَيْهِ قَبْل مِنْ إِخْبَار اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّ ذَلِكَ التَّأْوِيل لَا يَعْلَمهُ إِلَّا اللَّه , وَلَا شَكّ أَنَّ مَعْنَى قَوْله : " قَضَيْنَا " وَ " فَعَلْنَا " , قَدْ عَلِمَ تَأْوِيله كَثِير مِنْ جَهَلَة أَهْل الشِّرْك , فَضْلًا عَنْ أَهْل الْإِيمَان وَأَهْل الرُّسُوخ فِي الْعِلْم مِنْهُمْ.

3 / 6 :
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا يَعْلَم تَأْوِيله إِلَّا اللَّه } يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِذَلِكَ : وَمَا يَعْلَم وَقْت قِيَام السَّاعَة وَانْقِضَاء مُدَّة أُكْل مُحَمَّد وَأُمَّته وَمَا هُوَ كَائِن , إِلَّا اللَّه , دُون مَنْ سِوَاهُ مِنْ الْبَشَر الَّذِينَ أَمَلُوا إِدْرَاك عِلْم ذَلِكَ مِنْ قِبَل الْحِسَاب وَالتَّنْجِيم وَالْكَهَانَة . وَأَمَّا الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم , فَيَقُولُونَ : آمَنَّا بِهِ كُلّ مِنْ عِنْد رَبّنَا , لَا يَعْلَمُونَ ذَلِكَ , وَلَكِنْ فَضَّلَ عِلْمهمْ فِي ذَلِكَ عَلَى غَيْرهمْ الْعِلْم بِأَنَّ اللَّه هُوَ الْعَالِم بِذَلِكَ دُون مَنْ سِوَاهُ مِنْ خَلْقه . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , وَهَلْ الرَّاسِخُونَ مَعْطُوف عَلَى اِسْم اللَّه , بِمَعْنَى إِيجَاب الْعِلْم لَهُمْ بِتَأْوِيلِ الْمُتَشَابِه , أَوْ هُمْ مُسْتَأْنَف ذِكْرهمْ بِمَعْنَى الْخَبَر عَنْهُمْ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ آمَنَّا بِالْمُتَشَابِهِ , وَصَدَّقْنَا أَنَّ عِلْم ذَلِكَ لَا يَعْلَمهُ إِلَّا اللَّه ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَمَا يَعْلَم تَأْوِيل ذَلِكَ إِلَّا اللَّه وَحْده مُنْفَرِدًا بِعِلْمِهِ . وَأَمَّا الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم فَإِنَّهُمْ اُبْتُدِئَ الْخَبَر عَنْهُمْ بِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ : آمَنَّا بِالْمُتَشَابِهِ وَالْمُحْكَم , وَأَنَّ جَمِيع ذَلِكَ مِنْ عِنْد اللَّه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 5202 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم , قَالَ : ثنا خَالِد بْن نِزَار , عَنْ نَافِع , عَنْ اِبْن أَبِي مُلَيْكَة , عَنْ عَائِشَة , قَوْله : { وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ } قَالَتْ : كَانَ مِنْ رُسُوخهمْ فِي الْعِلْم أَنْ آمَنُوا بِمُحْكَمِهِ وَمُتَشَابِهه , وَلَمْ يَعْلَمُوا تَأْوِيله . 5203 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ اِبْن طَاوُس , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : كَانَ اِبْن عَبَّاس يَقُول : { وَمَا يَعْلَم تَأْوِيله إِلَّا اللَّه } يَقُول الرَّاسِخُونَ : آمَنَّا بِهِ . 5204 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي اِبْن أَبِي الزِّنَاد , قَالَ : قَالَ هِشَام بْن عُرْوَة : كَانَ أَبِي يَقُول فِي هَذِهِ الْآيَة : { وَمَا يَعْلَم تَأْوِيله إِلَّا اللَّه وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم } أَنَّ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْم لَا يَعْلَمُونَ تَأْوِيله , وَلَكِنَّهُمْ يَقُولُونَ : { آمَنَّا بِهِ كُلّ مِنْ عِنْد رَبّنَا } 5205 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه , عَنْ أَبِي نَهِيك الْأَسَدِيّ قَوْله : { وَمَا يَعْلَم تَأْوِيله إِلَّا اللَّه وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم } فَيَقُول : إِنَّكُمْ تَصِلُونَ هَذِهِ الْآيَة وَإِنَّهَا مَقْطُوعَة { وَمَا يَعْلَم تَأْوِيله إِلَّا اللَّه وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلّ مِنْ عِنْد رَبّنَا } فَانْتَهَى عِلْمهمْ إِلَى قَوْلهمْ الَّذِي قَالُوا . 5206 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا اِبْن دُكَيْن , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عُثْمَان بْن عَبْد اللَّه بْن مَوْهَب , قَالَ : سَمِعْت عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز يَقُول : { الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم } اِنْتَهَى عِلْم الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْم بِتَأْوِيلِ الْقُرْآن إِلَى أَنْ قَالُوا : { آمَنَّا بِهِ كُلّ مِنْ عِنْد رَبّنَا } 5207 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَشْهَب , عَنْ مَالِك فِي قَوْله : { وَمَا يَعْلَم تَأْوِيله إِلَّا اللَّه } قَالَ : ثُمَّ اِبْتَدَأَ فَقَالَ : { وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلّ مِنْ عِنْد رَبّنَا } وَلَيْسَ يَعْلَمُونَ تَأْوِيله . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَمَا يَعْلَم تَأْوِيله إِلَّا اللَّه وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم , وَهُمْ مَعَ عِلْمهمْ بِذَلِكَ وَرُسُوخهمْ فِي الْعِلْم { يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلّ مِنْ عِنْد رَبّنَا } ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 5208 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ قَالَ : أَنَا مِمَّنْ يَعْلَم تَأْوِيله . 5209 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد . { وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم } يَعْلَمُونَ تَأْوِيله وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ . حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم } يَعْلَمُونَ تَأْوِيله وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ . 5210 - حُدِّثْت عَنْ عَمَّار بْن الْحَسَن , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع : { وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم } يَعْلَمُونَ تَأْوِيله وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ . 5211 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن الزُّبَيْر : { وَمَا يَعْلَم تَأْوِيله } الَّذِي أَرَادَ مَا أَرَادَ إِلَّا اللَّه وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ . ( فَكَيْفَ يَخْتَلِف وَهُوَ قَوْل وَاحِد مِنْ رَبّ وَاحِد ؟ ) ثُمَّ رَدُّوا تَأْوِيل الْمُتَشَابِهَة عَلَى مَا عَرَفُوا مِنْ تَأْوِيل الْمُحْكَمَة الَّتِي لَا تَأْوِيل لِأَحَدٍ فِيهَا إِلَّا تَأْوِيل وَاحِد , فَاتَّسَقَ بِقَوْلِهِمْ الْكِتَاب , وَصَدَّقَ بَعْضه بَعْضًا , فَنَفَذَتْ بِهِ الْحُجَّة , وَظَهَرَ بِهِ الْعُذْر , وَزَاحَ بِهِ الْبَاطِل , وَدَمَغَ بِهِ الْكُفْر . فَمَنْ قَالَ الْقَوْل الْأَوَّل فِي ذَلِكَ , وَقَالَ : إِنَّ الرَّاسِخِينَ لَا يَعْلَمُونَ تَأْوِيل ذَلِكَ , وَإِنَّمَا أَخْبَرَ اللَّه عَنْهُمْ بِإِيمَانِهِمْ وَتَصْدِيقهمْ بِأَنَّهُ مِنْ عِنْد اللَّه , فَإِنَّهُ يَرْفَع " الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْم " بِالِابْتِدَاءِ فِي قَوْل الْبَصْرِيِّينَ , وَيَجْعَل خَبَره " يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ " . وَأَمَّا فِي قَوْل بَعْض الْكُوفِيِّينَ فَبِالْعَائِدِ مِنْ ذِكْرهمْ فِي " يَقُولُونَ " , وَفِي قَوْل بَعْضهمْ بِجُمْلَةِ الْخَبَر عَنْهُمْ , وَهِيَ وَيَقُولُونَ " . وَمَنْ قَالَ الْقَوْل الثَّانِي , وَزَعَمَ أَنَّ الرَّاسِخِينَ يَعْلَمُونَ تَأْوِيله عَطَفَ بِالرَّاسِخِينَ عَلَى اِسْم اللَّه فَرَفَعَهُمْ بِالْعَطْفِ عَلَيْهِ . وَالصَّوَاب عِنْدنَا فِي ذَلِكَ , أَنَّهُمْ مَرْفُوعُونَ بِجُمْلَةِ خَبَرهمْ بَعْدهمْ وَهُوَ " يَقُولُونَ " , لِمَا قَدْ بَيَّنَّا قَبْل مِنْ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ تَأْوِيل الْمُتَشَابِه الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذِهِ الْآيَة , وَهُوَ فِيمَا بَلَغَنِي مَعَ ذَلِكَ فِي قِرَاءَة أُبَيّ : " وَيَقُول الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم " كَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهُ ; وَفِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه : إِنَّ تَأْوِيله إِلَّا عِنْد اللَّه " وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم يَقُولُونَ " . وَأَمَّا مَعْنَى التَّأْوِيل فِي كَلَام الْعَرَب : فَإِنَّهُ التَّفْسِير وَالْمَرْجِع وَالْمَصِير , وَقَدْ أَنْشَدَ بَعْض الرُّوَاة بَيْت الْأَعْشَى : عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ تَأَوَّل حُبّهَا تَأَوُّل رِبْعِيّ السِّقَاب فَأَصْحَبَا وَأَصْله مِنْ آلَ الشَّيْء إِلَى كَذَا , إِذَا صَارَ إِلَيْهِ وَرَجَعَ يَئُول أَوْلًا وَأَوَّلْته أَنَا : صَيَّرْته إِلَيْهِ . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ قَوْله : { وَأَحْسَن تَأْوِيلًا } 4 59 أَيْ جَزَاء , وَذَلِكَ أَنَّ الْجَزَاء هُوَ الَّذِي آلَ إِلَيْهِ أَمْر الْقَوْم وَصَارَ إِلَيْهِ . وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : وَتَأَوُّل حُبّهَا " : تَفْسِير حُبّهَا وَمَرْجِعه , وَإِنَّمَا يُرِيد بِذَلِكَ أَنَّ حُبّهَا كَانَ صَغِيرًا فِي قَلْبه , فَآلَ مِنْ الصِّغَر إِلَى الْعِظَم , فَلَمْ يَزَلْ يَنْبُت حَتَّى أَصْحَبَ فَصَارَ قَدِيمًا كَالسَّقَبِ الصَّغِير الَّذِي لَمْ يَزَلْ يَشِبّ حَتَّى أَصْحَبَ فَصَارَ كَبِيرًا مِثْل أُمّه . وَقَدْ يُنْشَد هَذَا الْبَيْت : عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ تَوَابِع حُبّهَا تَوَالَى رِبْعِيّ السِّقَاب فَأَصْحَبَا
3 / 7 :
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ } يَعْنِي بِالرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْم : الْعُلَمَاء الَّذِينَ قَدْ أَتْقَنُوا عِلْمهمْ وَوَعَوْهُ فَحَفِظُوهُ حِفْظًا لَا يَدْخُلهُمْ فِي مَعْرِفَتهمْ وَعِلْمهمْ بِمَا عَلِمُوهُ شَكّ وَلَا لَبْس , وَأَصْل ذَلِكَ مِنْ رُسُوخ الشَّيْء فِي الشَّيْء , وَهُوَ ثُبُوته وَوُلُوجه فِيهِ , يُقَال مِنْهُ : رَسَخَ الْإِيمَان فِي قَلْب فُلَان فَهُوَ يَرْسَخ رَسْخًا وَرُسُوخًا . وَقَدْ رُوِيَ فِي نَعْتهمْ خَبَر عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَهُوَ مَا : 5212 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْن سَهْل الرَّمْلِيّ , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه , قَالَ : ثنا فَيَّاض بْن مُحَمَّد الرَّقِّيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن يَزِيد بْن آدَم , عَنْ أَبِي الدَّرْدَاء وَأَبِي أُمَامَة , قَالَا : سُئِلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ الرَّاسِخ فِي الْعِلْم ؟ قَالَ : " مَنْ بَرَّتْ يَمِينه , وَصَدَقَ لِسَانه , وَاسْتَقَامَ لَهُ قَلْبًا , وَعَفَّ بَطْنه , فَذَلِكَ الرَّاسِخ فِي الْعِلْم " . 5213 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى وَأَحْمَد بْن الْحَسَن التِّرْمِذِيّ , قَالَا : ثنا نُعَيْم بْن حَمَّاد , قَالَ : ثنا فَيَّاض الرَّقِّيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن يَزِيد الْأَوْدِيّ - قَالَ : وَكَانَ أَدْرَكَ أَصْحَاب رَسُول اللَّه - قَالَ : حَدَّثَنَا أَنَس بْن مَالِك وَأَبُو أُمَامَة وَأَبُو الدَّرْدَاء : أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْم , فَقَالَ : " مَنْ بَرَّتْ يَمِينه , وَصَدَقَ لِسَانه , وَاسْتَقَامَ بِهِ قَلْبه , وَعَفَّ بَطْنه وَفَرْجه ; فَذَلِكَ الرَّاسِخ فِي الْعِلْم " . وَقَدْ قَالَ جَمَاعَة مِنْ أَهْل التَّأْوِيل : إِنَّمَا سَمَّى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْم الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْم بِقَوْلِهِمْ : { آمَنَّا بِهِ كُلّ مِنْ عِنْد رَبّنَا } . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 5214 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ جَابِر , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : { الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ } قَالَ : الرَّاسِخُونَ الَّذِينَ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلّ مِنْ عِنْد رَبّنَا . 5215 - حَدَّثَنِي مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم } هُمْ الْمُؤْمِنُونَ , فَإِنَّهُمْ { يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ } بِنَاسِخِهِ وَمَنْسُوخه { كُلّ مِنْ عِنْد رَبّنَا } 5216 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج : قَالَ اِبْن عَبَّاس : قَالَ عَبْد اللَّه بْن سَلَام : { الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم } وَعِلْمهمْ قَوْلهمْ . قَالَ اِبْن جُرَيْج : { الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ } وَهُمْ الَّذِينَ يَقُولُونَ : { رَبّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبنَا } وَيَقُولُونَ : { رَبّنَا إِنَّك جَامِع النَّاس لِيَوْمٍ لَا رَيْب فِيهِ } . .. الْآيَة . وَأَمَّا تَأْوِيل قَوْله : { يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ } فَإِنَّهُ يَعْنِي : أَنَّ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْم يَقُولُونَ صَدَّقْنَا بِمَا تَشَابَهَ مِنْ آي الْكِتَاب , وَأَنَّهُ حَقّ , وَإِنْ لَمْ نَعْلَم تَأْوِيله . وَقَدْ : 5217 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن حَازِم , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا سَلَمَة بْن نُبَيْط , عَنْ الضَّحَّاك : { وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ } قَالَ : الْمُحْكَم وَالْمُتَشَابِه.
3 / 8 :
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { كُلّ مِنْ عِنْد رَبّنَا } يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { كُلّ مِنْ عِنْد رَبّنَا } كُلّ الْمُحْكَم مِنْ الْكِتَاب وَالْمُتَشَابِه مِنْهُ مِنْ عِنْد رَبّنَا , وَهُوَ تَنْزِيله وَوَحْيه إِلَى نَبِيّه مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا : 5218 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ جَابِر , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : { كُلّ مِنْ عِنْد رَبّنَا } قَالَ : يَعْنِي مَا نُسِخَ مِنْهُ , وَمَا لَمْ يُنْسَخ . 5219 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة قَوْله : { وَمَا يَعْلَم تَأْوِيله إِلَّا اللَّه وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم } قَالُوا : { كُلّ مِنْ عِنْد رَبّنَا } آمَنُوا بِمُتَشَابِهِهِ , وَعَمِلُوا بِمُحْكَمِهِ . 5220 - حُدِّثْت عَنْ عَمَّار بْن الْحَسَن , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع فِي قَوْله : { كُلّ مِنْ عِنْد رَبّنَا } يَقُولُونَ : الْمُحْكَم وَالْمُتَشَابِه مِنْ عِنْد رَبّنَا . 5221 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلّ مِنْ عِنْد رَبّنَا } يُؤْمِن بِالْمُحْكَمِ وَيَدِين بِهِ , وَيُؤْمِن بِالْمُتَشَابِهِ وَلَا يَدِين بِهِ , وَهُوَ مِنْ عِنْد اللَّه كُلّه . 5222 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : { وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم } يَعْمَلُونَ بِهِ , يَقُولُونَ : نَعْمَل بِالْمُحْكَمِ وَنُؤْمِن بِهِ , وَنُؤْمِن بِالْمُتَشَابِهِ وَلَا نَعْمَل بِهِ , وَكُلّ مِنْ عِنْد رَبّنَا . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي حُكْم " كُلّ " إِذَا أُضْمِرَ فِيهَا . فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرِيِّينَ : إِذَا جَازَ حَذْف الْمُرَاد الَّذِي كَانَ مَعَهَا الَّذِي " الْكُلّ " إِلَيْهِ مُضَاف فِي هَذَا الْمَوْضِع لِأَنَّهَا اِسْم , كَمَا قَالَ : { إِنَّا كُلّ فِيهَا } 40 48 بِمَعْنًى : إِنَّا كُلّنَا فِيهَا , قَالَ : وَلَا يَكُون " كُلّ " مُضْمَرًا فِيهَا وَهِيَ صِفَة , لَا يُقَال : مَرَرْت بِالْقَوْمِ كُلّ , وَإِنَّمَا يَكُون فِيهَا مُضْمَر إِذَا جَعَلْتهَا اِسْمًا لَوْ كَانَ إِنَّا كُلًّا فِيهَا عَلَى الصِّفَة , لَمْ يَجُزْ , لِأَنَّ الْإِضْمَار فِيهَا ضَعِيف لَا يَتَمَكَّن فِي كُلّ مَكَان . وَكَانَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفِيِّينَ يَرَى الْإِضْمَار فِيهَا وَهِيَ صِفَة أَوْ اِسْم سَوَاء , لِأَنَّهُ غَيْر جَائِز أَنْ يُحْذَف مَا بَعْدهَا عِنْده إِلَّا وَهِيَ كَافِيَة بِنَفْسِهَا عَمَّا كَانَتْ تُضَاف إِلَيْهِ مِنْ الْمُضْمَر , وَغَيْر جَائِز أَنْ تَكُون كَافِيَة مِنْهُ فِي حَال , وَلَا تَكُون كَافِيَة فِي أُخْرَى , وَقَالَ : سَبِيل الْكُلّ وَالْبَعْض فِي الدَّلَالَة عَلَى مَا بَعْدهمَا بِأَنْفُسِهِمَا وَكِفَايَتهمَا مِنْهُ , بِمَعْنًى وَاحِد فِي كُلّ حَال , صِفَة كَانَتْ أَوْ اِسْمًا , وَهَذَا الْقَوْل الثَّانِي أَوْلَى بِالْقِيَاسِ , لِأَنَّهَا إِذَا كَانَتْ كَافِيَة بِنَفْسِهَا مِمَّا حُذِفَ مِنْهَا فِي حَال لِدَلَالَتِهَا عَلَيْهِ , فَالْحُكْم فِيهَا أَنَّهَا كُلَّمَا وُجِدَتْ دَالَّة عَلَى مَا بَعْدهَا , فَهِيَ كَافِيَة مِنْهُ.
3 / 9 :
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا يَذَّكَّر إِلَّا أُولُوا الْأَلْبَاب } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَمَا يَتَذَكَّر وَيَتَّعِظ وَيَنْزَجِر عَنْ أَنْ يَقُول فِي مُتَشَابِه آي كِتَاب اللَّه مَا لَا عِلْم لَهُ بِهِ إِلَّا أُولُو الْعُقُول وَالنُّهَى . وَقَدْ : 5223 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن الزُّبَيْر : { وَمَا يَذَّكَّر إِلَّا أُولُوا الْأَلْبَاب } يَقُول : وَمَا يَتَذَكَّر فِي مِثْل هَذَا , يَعْنِي فِي رَدّ تَأْوِيل الْمُتَشَابِه إِلَى مَا قَدْ عُرِفَ مِنْ تَأْوِيل الْمُحْكَم حَتَّى يَتَّسِقَا عَلَى مَعْنًى وَاحِد , إِلَّا أُولُو الْأَلْبَاب ).

اجمالي القراءات 4481

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (2)
1   تعليق بواسطة   مصطفى اسماعيل حماد     في   الأحد ٣٠ - أغسطس - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[92794]

ملاحظة


فى الفقرة4من أولا السطر الثالث يضربنه والمقصود يضربونه ،وأشهد ان هذا الطبرى لم يكن له من هم سوى التنفير من كتاب الله.



2   تعليق بواسطة   آحمد صبحي منصور     في   الأحد ٣٠ - أغسطس - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[92795]

شكرا أخى الحبيب د مصطفى ، أكرمك الله جل وعلا ،


وتم التصحيح .

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5233
اجمالي القراءات : 62,111,219
تعليقات له : 5,496
تعليقات عليه : 14,895
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي