قبل مناقشته في جنيف الأربعاء القادم :16 جمعية حقوقية: تقرير حقوق الإنسان الحكومي يكذب علي المنظمات ا

اضيف الخبر في يوم السبت ١٣ - فبراير - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: إنقاذ مصر


قبل مناقشته في جنيف الأربعاء القادم :16 جمعية حقوقية: تقرير حقوق الإنسان الحكومي يكذب علي المنظمات ا

 

 

 

قبل مناقشته في جنيف الأربعاء القادم :16 جمعية حقوقية: تقرير حقوق الإنسان الحكومي يكذب علي المنظمات الدولية ... 14 ألف معتقل و35 حالة اختفاء قسري والتعذيب منهجي في الأقسام والسجون. الطوارىء أهدرت استقلال القضاء وحولت مصر إلي دولة بوليسية. والفقر يلاحق

 

 

13th February

 

يبدأ  المجلس الدولي لحقوق الإنسان بجنيف الأربعاء القادم مناقشة تقرير الحكومة المصرية حول أوضاع حقوق الإنسان في البلاد ، فيما تقدمت  عدة منظمات حقوقية بتقارير موازية للتقرير الحكومي وقالت قيادات بها أن التقرير الحكومي لا يقدم صورة حقيقية عن الإنتهاكات التي تتعرض لها حالة حقوق الإنسان ، متهمين الحكومة ب" الكذب " علي المنظمات الدولية وتقديم صورة مزيفة عن تلك الحالة .
من جانبه أعلن وزير الشؤون القانونية والمجالس النيابية الدكتور مفيد شهاب أن تقرير الحكومة يتضمن رصدا لما وصفه ب" الإنجازات " التي قامت بها مصر في السنوات الأخيرة لدعم مسيرة حماية حقوق الإنسان وحرياته بالإضافة إلي جهود نشر ثقافة حقوق الإنسان بين مختلف فئات الشعب المصري .
وأصدرت 16من منظمات حقوق الإنسان مؤخرا تقريرا بعنوان "شاهد عيان امام الامم المتحدة كارثة حقوق الإنسان في مصر" رصدت فيه مظاهر متعددة لإنتهاكات حقوق الإنسان في مصر وقالت أن التقرير الحكومي تجاهل كل تلك الإنتهاكات مشيرة في بدايته إلي أن   حالة الطوارئ المفروضة دون انقطاع منذ عام 1981 لعبت  دوراً أساسياً في ترسيخ   نمط متكامل من الاستثناء   وإهدار حكم القانون، وتعطيل مختلف الضمانات الدستورية للحقوق والحريات العامة، وكذلك إهدار ضمانات سيادة القانون وخضوع الدولة لأحكامه، وتآكل مقومات الدولة القانونية، وتحطيم ثقة المواطنين في الدولة وشعورهم بقيمتهم الذاتية.
أكد التقرير أن توسع   سلطات الأجهزة الأمنية  حول  مصر إلى دولة بوليسية ، مشيرا إلي أن  الأجهزة الأمنية  أصبحت تلعب دورا محوريا في كافة مناحي الحياة العامة حيث لم يقتصر دورها علي التدخل  في شؤون المؤسسات السياسية أو الأهلية أو التعليمية أو الدينية أو الإعلامية وإنما وامتد أيضا الى تعطيل تنفيذ أحكام القضاء في الكثير من الحالات.
حذر التقرير من  استمرار  الإختلال في مؤشرات العدالة الاجتماعية وارتفاع  نسبة الفقر واتساع  نطاق التفاوت في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بين الريف والحضر، وبين الأغنياء والفقراء، لافتا إلي أن  انتهاكات أغلب الحقوق الاقتصادية والاجتماعية  أصبحت على نفس الدرجة من المنهجية والانتشار التي تتميز بها انتهاكات الحقوق المدنية والسياسية في مصر.
انتقد التقرير ما وصفه بتذرع الحكومة  بالخطر الذي تشكله جماعات الإسلام السياسي، والتوظيف السياسي للدين أو لدعاوى ثقافية لإضفاء قدر من المشروعية على انتهاكات حقوق الإنسان، وإقامة هياكل ديكورية توحي باهتمام الدولة بحقوق الإنسان، وإدخال تعديلات على بعض القوانين لا تغير من جوهر البناء التشريعي الاستبدادي، لافتا إلي أن الدولة تقوم في  أحسن الأحوال بإتخاذ بعض الخطوات الايجابية محدودة الأثر في مجالي حقوق النساء والأطفال، ومحاولة تسويقها لدى المجتمع الدولي على وجه الخصوص لتفادي المزيد من الانتقادات وصرف الأنظار عن حزمة واسعة من التدابير التشريعية والسياسات التي يتعين انتهاجها من أجل وضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان في مصر.
تعذيب منهجي
وأكد أن جرائم التعذيب ترتكب  في أقسام الشرطة ومقار الإحتجاز
    وأحياناً داخل السجون  مشيرا إلي أن  هذه الجرائم  تؤدي في حالات عديدة وموثقة إلى الوفاة من جراء الإصابات أو شدة التعذيب ويرفض  التقرير التبرير الحكومي  بأن الأمر "لا يعدو كونه حفنة من الحوادث الفردية التي يرتكبها بضعة ضباط فاسدين "   مؤكدا أن  مئات الشهادات الموثقة تفيد بأن التعذيب سياسة منهجية يمارسها ضباط الشرطة على نطاق واسع وفي كل أنحاء البلاد ضد المحتجزين سواء كانوا من السياسيين أو الجنائيين، متهمين أو مشتبهاً بهم، رجالاً أو نساء، بالغين أو قاصرين مشيرا إلي أن الحكومة المصرية توسعت في  السنوات الأخيرة   في أنشطة التعذيب حتى أصبحت تقوم به بالوكالة عن دول أخرى كالولايات المتحدة.

وانتقد التقرير سريان عقوبة الإعدام   على عدد كبير من الجرائم في كل من قانون العقوبات وقانون الأحكام العسكرية وقانون الأسلحة والذخائر وقانون مكافحة المخدرات والاتجار فيها مشيرا إلي أن  محاكم الجنايات  - والتي تصدر عنها كافة أحكام الإعدام في القضايا غير المتصلة بـ"الإرهاب" ـ لا توفر مجالاً لإستئناف أحكامها أمام هيئة قضائية أعلى، وإنما يقتصر حق المحكوم عليه على الطعن في أحكامها أمام محكمة النقض التي يقتصر اختصاصها بدورها على التأكد من سلامة تطبيق وتفسير القانون دون إعادة النظر في موضوع الدعوى أو أدلة الاتهام ، معتبرا أن  الجانب الأكثر خطورة فيما يتعلق بتطبيق عقوبة الإعدام، يتمثل في  صدور العديد من أحكام الإعدام عن محاكم الطوارئ أو المحاكم العسكرية ضد مدنيين، وهي محاكمات لا توفر الحد الأدنى من ضمانات المحاكمة المنصفة  لافتا إلي أنه ومنذ منذ عام 1992 أصدرت المحاكم العسكرية ومحاكم الطوارئ ما لا يقل عن 137 حكماً بالإعدام في قضايا تتعلق بـ"الإرهاب"، تم تنفيذ ما لا يقل عن 67 منها. وفيما رصد التقرير وقوع ما لايقل عن 35 حالة اختفاء قسري في مصر منذ عام 1992 – أشهرها حالة الصحفي بالأهرام رضا هلال –فقد أكد أيضا أن أجهزة الشرطة توسعت  في الأعوام الأخيرة في حملات المداهمة الجماعية والعشوائية، لا سيما في أعقاب وقوع تفجيرات أو اعتداءات جنائية أو طائفية، وهي حملات يتلوها عادة احتجاز أعداد متفاوتة من المواطنين بشكل غير قانوني ودون عرضهم على أي جهة قضائية، مع عدم السماح لهم بالاتصال بأسرهم أو محاميهم ، منتقدا قيام  أجهزة الأمن بإحتجاز عائلات كاملة كرهائن لإجبار مطلوبين على تسليم أنفسهم ، مشيرا إلي أن قانون الطوارئ يسمح بالاعتقال الإداري لكل من يمثل "خطراً على الأمن العام"، ولا يسمح للمعتقلين بالطعن في مشروعية اعتقالهم أمام هيئة قضائية إلا بعد مرور شهر كامل على اعتقالهم   وأنه نتيجة لهذه السياسة وإهدار الداخلية للأحكام الخاصة بالإفراج عن المعتقلين   فقد وصل عدد المعتقلين في السنوات الأخيرة إلى ما بين 12-14 ألف معتقل، يرجع تاريخ اعتقال بعضهم إلى 15 عاماً دون اتهام أو محاكمة وبالرغم من حصولهم على عدد من قرارات الإفراج التي لم تنفذ.
انتهاكات

وقال التقرير أن   النظام القضائي  يحفل  بأشكال مختلفة من انتهاك معايير المحاكمات المنصفة وضمانات استقلال القضاء مشيرا إلي أن  قانون الطوارئ سمح  للأجهزة الأمنية بتعطيل أحكام الدستور على مدى ما يقرب من ثلاثة عقود، حيث أجاز لها وضع قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع والانتقال والإقامة والمرور في أماكن أو أوقات معينة، وذلك على الرغم من كفالة الدستور لهذه الحريات ومنع تدخل رجال الأمن في ممارستها ، اضافة إلي انتشار  عمليات القبض والتفتيش دون أذون قضائية و إنشاء محاكم استثنائية هي محاكم أمن الدولة "طوارئ" التي تختص بالنظر في طائفة واسعة من الجرائم التي يعاقب عليها القانون العام. ولا تتوافر في هذه المحاكم ضمانات المحاكمة المنصفة ولا يمكن الطعن على أحكامها ، مضيفا أن     حالة الطوارئ تجيز لرئيس الجمهورية إحالة المدنيين للمحاكم العسكرية، للمحاكمة في القضايا التي يختار عدم إحالتها للقضاء العادي ، وأن  المحاكم العسكرية بدورها تنتهك معايير المحاكمة المنصفة، ومنها حق المتهم في محاكمة علنية أمام محكمة محايدة ومستقلة (وليس أمام ضباط عسكريين يتبعون السلطة التنفيذية) وقال أن    المحاكمات العسكرية  لم تقتصر على المشتبه في تورطهم في جرائم إرهابية، بل استهدفت في مناسبات عدة صحفيين وكتاب ومعارضين سياسيين وأعضاء بالبرلمان.

ورأي التقرير أن  التعديلات الدستورية التي دفعت بها الحكومة في عام 2007  سمحت بإضفاء حماية دستورية على هذا الوضع الشاذ الذي يقضي بالالتفاف على القضاء الطبيعي وإنشاء نظام دائم موازٍ له لإجراء محاكمات لا ترغب الدولة في اجرائها امام القضاء الطبيعي مشيرا في ذلك إلي أن المادة 179 من الدستور  أصبحت تكفل لرئيس الجمهورية إحالة المتهمين في قضايا الإرهاب إلى "أية جهة قضاء منصوص عليها في الدستور أو القانون"، في تكريس لمبدأ القضاء الاستثنائي ،  كما منحت المادة 179 للدولة الحق في إصدار قانون لمكافحة الإرهاب يجيز لها تعليق العمل بمواد الدستور المتعلقة بالحق في الحرية الشخصية وحرمة الحياة الخاصة وحرمة المنازل وعدم جواز القبض على الأشخاص وتفتيشهم وتفتيش منازلهم ومراقبة اتصالاتهم وبريدهم إلا بإذن من السلطة القضائية، وهو ما يهدد بإدماج كافة السلطات التي تتمتع بها أجهزة الأمن في ظل حالة الطوارئ في نصوص القانون العادي حتى في حالة إنهاء العمل بقانون الطوارئ.
ويرصد التقرير استمرار الحكومة   في انتهاك استقلال القضاء، بأشكال مختلفة تشمل تحكم السلطة التنفيذية في إجراءات تعيين وتأديب وندب وإعارة وتدريب وإجازات القضاة، و كذلك تبعية إدارات الإشراف القضائي لوزارة العدل وما يمثله ذلك من نفوذ للسلطة التنفيذية على القضاة ووكلاء النيابة، فضلا عن النصوص القانونية التي تمنح وزير العدل سلطة ندب رؤساء المحاكم الابتدائية والإشراف على إدارات المحاكم والتدخل في نظمها الداخلية كترتيب وتشكيل الدوائر وتوزيع القضايا على الدوائر المختلفة.
تراجع
من ناحية أخري  ذهب التقرير إلي  أن  أوضاع حرية الدين والمعتقد استمرت  في التراجع خلال العقود الماضية، متهما  الحكومة بالإبقاء على قوانين وسياسات تكرس التمييز على أساس الدين أو المعتقد، خاصة التمييز ضد الأقباط  وقال أن  أبرز أشكال التمييز في ذلك الصدد  هي تلك المتعلقة بحرية ممارسة الشعائر الدينية والحق في إنشاء وترميم الكنائس، والقيود المفروضة على الحق في اختيار أو تغيير الدين أو المعتقد،   فضلاً عن التمثيل المتدني للأقباط في الوظائف العامة والمجالس النيابية والمحلية، والتمييز ضد أصحاب المعتقدات التي لا تعترف بها الدولة وعلى رأسهم البهائيين  منتقدا ما وصفه بعدم اهتمام  أجهزة الدولة بتزايد التوتر و العنف الطائفي في المجتمع بين المسلمين والمسيحيين، وارتفاع وتيرة الاعتداءات الطائفية واتساع نطاقها الجغرافي ليشمل أغلب أنحاء البلاد

 وفيما يخص حرية الرأي والتعبير أكد التقرير استمرار  الانتهاكات والقيود رغم نجاح الصحافة المكتوبة والمرئية في انتزاع هامش أوسع من حرية الصحافة في السنوات الأخيرة مشيرا إلي رفض  الحكومة  لتعديل العديد من النصوص القانونية التي تجيز الحبس في قضايا النشر، رغم وعد رئيس الجمهورية بإلغاء هذه العقوبة منذ عام 2004 ، إضافة إلي تزايد  حالات الملاحقة القضائية للصحفيين ـ سواء على يد الدولة أو على يد عناصر مرتبطة بها ـ بما أدى إلى صدور أحكام بالحبس أو الغرامات الباهظة ضدهم في الأعوام الأخيرة. كما تزايدت حالات الاعتداء الجسدي على الصحفيين أثناء تأدية عملهم دون معاقبة، فضلاً عن التضييق على القنوات الفضائية الخاصة والتدخل في عملها وإغلاق عدد من مكاتبها وملاحقة بعض العاملين فيها قضائياً في تهم تتعلق بعملهم الصحفي ، واستمرار  ممارسات مصادرة المطبوعات وحجب بعض المواقع الإلكترونية ، وقيام  أجهزة الأمن باعتقال بعض المدونين على خلفية آرائهم السياسية أو ما يقومون بنشره على مدوناتهم وإحالة بعضهم إلى محاكمات أفضت إلى سجنهم.
قيود
وقال أنه  برغم السماح بصدور بعض الصحف المستقلة في الأعوام الماضية فإن الدولة ما زالت ترفض تخفيف القيود التشريعية على حرية إصدار الصحف وملكيتها أو إنشاء المحطات الإذاعية والتلفزيونية الخاصة، وتستخدم هذه القيود في التفاوض مع الراغبين في الحصول على التراخيص بشأن محتوى المادة الإعلامية التي يعتزمون تقديمها ، منتقدا في شأن آخر اهدار   الحريات الأكاديمية والطلابية،  وأنه بالرغم من النص الدستوري على أهمية استقلال الجامعات فإن قانون تنظيم الجامعات يخضعها تماماً لسلطة المجلس الأعلى للجامعات، الذي يرأسه وزير التعليم العالي ويضم في عضويته رؤساء الجامعات المعينين بقرارات جمهورية، إلى جانب خمسة أعضاء يعينهم الوزير ، حيث يتحكم هذا المجلس الحكومي في تحديد أعداد المقبولين بالجامعات، وتقرير إنشاء الدرجات العلمية والأقسام والكليات الجديدة، كما يتدخل أيضاً في صميم العمل الجامعي عبر القيام بتوزيع ميزانيات الجامعات على البنود المختلفة. مشيرا إلي أن استمرار العمل باللائحة المنظمة للأنشطة الطلابية التي أصدرتها الدولة عام 1979 يفرض الكثير من القيود على حق الطلاب في حرية الرأي والتعبير التنظيم ويضع  شروطاً معقدة ومانعة للترشيح في الانتخابات الطلابية تمنح مبررات قانونية للإدارة والأجهزة الأمنية لشطب الطلاب من قوائم المرشحين على أساس خلفياتهم السياسية والفكرية، بالإضافة إلي إعطاء الإدارة سلطة التحكم في كافة الأنشطة الطلابية.  
ورصد التقرير استمرار فرض " قيود مفرطة "   علي الحق  في حرية تكوين المنظمات غير الحكومية المستقلة، و الجمعيات الأهلية  و الأحزاب السياسية،  مشيرا إلي أن تكوين الأخيرة يخضع  للقيود المشددة التي يفرضها قانون الأحزاب السياسية الصادر عام 1977، والذي يكفل صلاحيات هائلة للجنة شئون الأحزاب ـ التي يسيطر عليها الحزب الحاكم ـ تتيح لها الموافقة على إنشاء الأحزاب أو وقف نشاطها وتعليق صحفها، بما يمنح الحزب الحاكم الكلمة العليا في تحديد منافسيه السياسيين أو استئصالهم موضحا أن  اللجنة  قامت بالفعل برفض تأسيس ما لا يقل على 75 من الأحزاب السياسية ،  وأفضت بعض قراراتها إلى تجميد أنشطة بعض الأحزاب وتعميق الصراعات داخلها، من خلال دعمها لهذا الطرف أو ذاك بالمخالفة لأحكام القانون.
تدخلات
ووجه التقرير انتقادات حادة للتدخلات الحكومية في شؤون  التنظيمات النقابية المستقلة،  مشيرا إلي أن القانون رقم 35 لسنة 76 بشأن النقابات العمالية يخضع كافة التشكيلات النقابية العمالية لإشراف ورقابة وزارة القوى العاملة، ويمنح الوزارة حق الاعتراض على إجراءات تكوين المنظمات النقابية ، كما يمنح القانون سلطات واسعة للوزارة تتيح لها التدخل بشكل هائل في تنظيم وإدارة انتخابات النقابات العمالية. وتفضي هذه التدخلات الإدارية ـ فضلا عن التدخلات الأمنية ـ إلى استبعاد آلاف العمال من حقهم في الترشيح، علاوة على التزوير واسع النطاق للعملية الانتخابية، بما يكفل تكريس سيطرة العناصر الموالية للحكومة وحزبها على مستويات التنظيم النقابي الرسمي المعروف باسم اتحاد نقابات عمال مصر وقال أنه في  ظل التوسع في سياسات التوظيف بعقود مؤقتة، فإن العمالة المؤقتة التي باتت تشكل نسبة لا يستهان بها من مجمل القوى العاملة تظل محرومة من الحق في الترشيح للمستويات المختلفة من التنظيم النقابي الرسمي ، موضحا أنه فيما يتعلق بالنقابات المهنية فقد تضمن القانون المنظم لها رقم    100 لسنة 1993  قيودا بالغة التعسف  استهدفت منع انخراط هذه النقابات في العمل السياسي، ما أدي  إلى تجميد إجراء الانتخابات لنحو 14 عاما في 12 من النقابات المهنية.
فقر وتفاوت طبقي

وقال التقرير أن المصريين لا يتمتعون  بالحق في حرية التجمع السلمي، وأن  الدولة تستخدم  القيود التشريعية والعنف المفرط في حرمانهم من ممارسة هذا الحق. مشيرا إلي أنه ورغم  تزايد وتيرة الاحتجاجات السلمية في الأعوام الأخيرة، إلا أن أغلبها تم تنظيمه بالمخالفة لأحكام هذه القوانين المعيبة، وكثيراً منها تعرض للاعتداء على المشاركين فيها بما أدى إلى سقوط عدة قتلى (كما حدث في احتجاجات المحلة الكبرى في إبريل 2008) والمئات من المصابين ، منتقدا أيضا القيود  27  القيود والانتهاكات التنفيذية والأمنية فيما يتعلق بالإنتخابات العامة والرئاسية وقال أن  التعديلات الدستورية الأخيرة فرضت قيوداً مستحيلة حرمت المرشحين المستقلين فعلياً من التنافس في الانتخابات الرئاسية.
 وعرج التقرير علي الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية مؤكدا أن واحدا
  من كل خمسة مصريين يعاني  من الفقر، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة والبنك الدولي ، كما يشير تقرير التنمية البشرية لمصر لعام 2008، والصادر عن الدولة، إلى أن نسبة من يعيشون تحت خط الفقر الرسمي ارتفعت من 16.7% عام 2000 إلى 19.6% من السكان ،  وتزيد هذه النسبة في الريف لتصل إلى 52% في صعيد مصر. ويظهر التفاوت واضحاً بين الريف والحضر نتيجة السياسات التمييزية في مجال الخدمات وكفالة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية  و رغم أن الريف المصري يشكل نسبة 56% من سكان البلاد، إلا أن سكان الريف يمثلون 78% من الفقراء، و80% من السكان الأشد فقراً. وتزداد الصورة قتامة  كلما اتجهنا جنوباً، فبينما لا تشكل محافظات الصعيد أكثر من ربع سكان مصر فإن نسبة هؤلاء إلى إجمالي السكان الأشد فقراً تصل إلى 66%. كما تستأثر محافظات الصعيد بنسبة 95% من القرى الألف الأشد فقراً في مصر،  بل إن الوضع في الصعيد ازداد تدهوراً في الأعوام الأخيرة وتدفع النساء والأطفال كالعادة الثمن الأكبر للفقر.

  وفيما يتعلق بالحق في الصحة قال التقرير أنه  في الوقت الذي لا يتمتع فيه قرابة نصف سكان البلاد بأي تغطية تأمينية علاجية، فإن مستوى الإنفاق العام على الصحة ظل متدنياً للغاية، حيث لم يتجاوز 3.6% من الإنفاق العام في موازنة الدولة لعام 2008-2009. ووفقاً لإحصائيات وزارة الصحة عام 2008 فإنه من بين حوالي 87 ألف وحدة ومنشأة صحية في أنحاء البلاد، فإن نصيب الريف منها لم يتجاوز حوالي ثلاثة آلاف وحدة ، كما لا تحصل الشريحة الدنيا من الدخل إلا علي 16% من الإنفاق على الصحة بينما الشريحة الأعلى من مستوى الدخل في مصر تحصل على 24% من الإنفاق العام على الصحة.

 وتشير أوضاع الحق في السكن الملائم إلى تدهور مماثل  حيث  شهدت الأعوام الأخيرة اتساعاً في حزام العشوائيات العريض المحيط بالعاصمة، واتساعاً موازياً في انتهاكات حقوق السكن في مصر وعلى رأسها الإخلاءات القسرية التي أسفرت عن تشريد كثير من سكان العشوائيات بدلا من إيجاد سكن بديل ولائق لهم ، مشيرا إلي أن  الجماعات السكانية الواقعة على أطراف الدولة  تعاني من أنماط إضافية من التهميش والانتهاكات ،  حيث يعيش بدو سيناء على حدود مصر الشرقية في شبه انفصال كامل عن الحكومة المركزية في القاهرة. وإلى جانب نصيب البدو المنخفض من خدمات البنية التحتية والصحة والتعليم، فإن الدولة تمنعهم من تملك الأراضي التي يعيشون عليها أو الاستفادة من أهم الأنشطة الاقتصادية في منطقتهم وهي السياحة. كما أدى حصر الاتصال بين البدو والدولة في يد الأجهزة الأمنية وحدها إلى التعامل مع المجتمع البدوي على أساس صور نمطية سلبية قائمة علي الاشتباه المسبق في انخراطهم في أعمال التهريب أو تجارة المخدرات والسلاح أو التعاون مع السلطات الإسرائيلية ،  وفي الأعوام الأخيرة وفي أعقاب التفجيرات التي شاهدتها سيناء منذ عام 2004 تعرض بدو سيناء لانتهاكات أمنية سافرة تمثلت في اقتحام مناطقهم واعتقال الآلاف من الرجال وتعذيبهم.

وأضاف أنه بالمثل  فإن أهالي النوبة في أقصى جنوب مصر ما زالوا يدفعون ثمن التهجير الجماعي الذي تعرضوا له على عدة مراحل على مدى القرن العشرين في سبيل تنفيذ مشروعات مائية ،  وترفض سلطات الدولة الاستجابة لمطالب النوبيون بحقوقهم، والتي تشمل إعادة تأسيس قراهم حول بحيرة النوبة بعد أن استقر منسوب المياه فيها، وتنفيذ خطة وبرنامج زمني لتسهيل عودة المهجرين إلى هذه القرى وتوفير فرص العيش والبنية التحتية والتنمية المستدامة في المنطقة، وكفالة حق النوبيين في المشاركة في عملية اتخاذ القرار ومتابعة تنفيذه فيما يتعلق بأي مشروعات تخص منطقتهم.
تمييز وعنف

 من ناحية أخري أكد التقرير أن     الفترة الأخيرة  شهدت بعض التقدم في عدد من ملفات حقوق النساء في مصر، من قبيل صدور قانون محاكم الأسرة وإزالة التمييز ضد النساء في مجال منح الجنسية المصرية لأبنائهن، وفتح مجال لتعيين النساء في النيابة الإدارية والقضاء، وصدور قانون لتخصيص مقاعد للنساء بمجلس الشعب كتدبير مؤقت  ومع ذلك لازالت النساء   يعانين من جملة من مظاهر التمييز على المستوى التشريعي، إضافة إلى التمييز والعنف اللذين تتعرض لهما النساء المصريات في الواقع المعاش ، مضيفا أن   القانون المصري  لا يحتوي على نص يجرم العنف الأسري،   كما لا يوجد نص تشريعي واضح يجرم التحرش الجنسي في أماكن العمل.  
وقال أنه علي  الرغم من زيادة الدور الاقتصادي للنساء (33% من الأسر المصرية تعولها نساء) في ظل سياسات الانفتاح الاقتصادي وتسارع وتيرة الخصخصة وتراجع الدولة عن تقديم الخدمات الأساسية وارتفاع معدلات البطالة، إلا أن ذلك الدور جاء بالأساس كرد فعل لانتشار الفقر وبطالة الزوج أو العائل ولم يصاحبه أي امتياز أو زيادة في التمتع بالحقوق القانونية داخل الأسرة ،  ورغم الحاجة الماسة للحماية القانونية في مثل هذا السياق الا ان قانون العمل الموحد انتقص العديد من المكتسبات التي حصلت عليها النساء مسبقاً حيث لم  يعد يحق للمرأة الحصول إجازة وضع قبل مرور عشرة أشهر من بدء العمل بينما كانت في القانون السابق ستة أشهر فحسب و يتم التعامل معهن على أساس أنهن عمالة مؤقتة يمكن أن تترك العمل في أي وقت بسبب دورهن الإنجابي داخل الأسرة، وبالتالي تحرم العاملات من حق الترقي وأيضاً من الحصول على الزيادة في الأجر والحوافز التي تمنح لمن يشغل المناصب الإشرافية.

 

 

اجمالي القراءات 3762
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق