فوضى أكبر تلوح في الأفق بالشرق الأوسط

اضيف الخبر في يوم الثلاثاء ١١ - أغسطس - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الخليج الجديد


فوضى أكبر تلوح في الأفق بالشرق الأوسط

إذا كنت تعتقد أن الشرق الأوسط قد وصل إلى الحضيض وقد حان الوقت ليخرج من أزمته أخيرا بعد عقد من الاضطرابات والصراع، فعليك أن تفكر في الأمر مرة أخرى.

وبالنظر إلى الحقائق الاقتصادية والسياسية والمجتمعية في المنطقة فإنها تتحول فقط من رهيبة إلى مروعة، ولا نهاية تلوح في الأفق.

ويمكن للمنطقة أن تخرج عن نطاق السيطرة نحو مستقبل أكثر عنفا وفوضى مع تداعيات دولية غير متوقعة.

وربما تراجعت عمليات القتل والدمار نسبيا في بعض الأماكن في الوقت الحالي، لكن جراح الحرب لا تلتئم بل تتفاقم بسبب جائحة فيروس "كورونا" وما يرتبط به من صعوبات اقتصادية. 

وفي عام 2010، كانت المنطقة أيضا تتجه نحو الهاوية، ولكن مع القليل من الضجة، أما اليوم، فالأمور أوضح من ضوء الشمس.

وإذا كانت المواقف الشبيهة بما نحن عليه اليوم قد أدت إلى عقد عنيف ومدمّر، فقد تؤدي أحداث نهاية العالم التي نشهدها اليوم إلى نتيجة أسوأ بكثير.

 

شتاء حار

وكنت قد كتبت في نوفمبر/تشرين الثاني 2010: "سيكون هذا شتاء حارا"، متنبئا بدرجة الحرارة السياسية للعام التالي.

وقلت حينها: "لن تفعل درجات الحرارة المنخفضة في الشرق الأوسط الكثير لتهدئة ما نتوقع أن يكون فصل شتاء حار. ونظرا لأن عددا من الدول الهشة، أو التي وصلت إلى طريق مسدود، قد زادت بها حدة التوترات بما ينبئ بأزمة كبيرة وصراع وربما عنف رهيب، فمن الأهمية بمكان أن نفكر ونستعد للسيناريوهات المختلفة، بما في ذلك الحرب في أسوأ السيناريوهات".

وكانت قائمة البلدان طويلة، وكانت تشترك في خصائص متشابهة، الانقسام العميق، وإحباط الشعب، والسيادة المعرضة للخطر، وعدم الاستقرار، وخطر الصراع والعنف بين الدول وداخلها.

وربما عانت المنطقة بشكل رهيب خلال القرن الماضي، ولكن لم يبد الشرق الأوسط بائسا للغاية كما كان في العقد الأول من القرن الـ21، حيث نخب الحكم الفاسدة للغاية، والتوترات الشديدة، وانتشار الفقر على نطاق واسع.

وفي غضون أشهر، اندلعت الاحتجاجات الشعبية في كل مكان تقريبا، ما أدى إلى "الربيع العربي" القصير، الذي سرعان ما أعقبه مواسم مضطربة جعلت المنطقة في حالة من الفوضى والعنف.

واليوم، كما في ذلك الوقت، يكمن الغضب واليأس في كل زاوية في الشوارع، وفي مطلع هذا العقد، تماما كما في مطلع العقد السابق، تواجه المنطقة أزمة اقتصادية عالمية.

ومرة أخرى، لا تعاني دول الشرق الأوسط من عدم الكفاءة والقمع والفساد في أنظمتها فحسب، بل تعاني أيضا من السياسة الخارجية الأمريكية الحمقاء والمتهورة التي تدعم المستبدين وتثير عدم الاستقرار.

لكن الآن، على عكس ما كان عليه الحال في ذلك الوقت، لا تعاني المنطقة من صراع دام عقدا واحدا بل عقدين، وأضيف لها الحروب الأهلية، والحروب بالوكالة، والحروب الإمبريالية، التي تركت سوريا وليبيا واليمن والعراق في حالة يرثى لها.

وفي الواقع، لا ترقى الكآبة في عام 2010 إلى مستوى الاكتئاب والغضب الشديدين في عام 2020.

لقد مهد مزيج الفساد السياسي والشلل الجيوسياسي والكساد الاقتصادي الطريق لوحشية وعنف غير مسبوقين.

من سيئ إلى أسوأ

وإذا كانت "عملية السلام" الإسرائيلية الفلسطينية في عام 2010 قد وصلت إلى طريق مسدود، فقد ماتت اليوم، لقد تعمق الاحتلال العسكري، وتصاعدت التوترات وسط اقتراب ضم إسرائيلي لثلث الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وكان النظام الإيراني ولا يزال قويا، لكن التوتر مع جيرانه اشتد بعد تدخله العسكري في الحروب الأهلية في سوريا واليمن، وهي الحروب التي دمرت جزءا كبيرا من البلدين، وأدت إلى مقتل وتشريد الملايين.

وعلى مدى الأعوام الـ4 الماضية، أججت إدارة "ترامب" التوترات في كل من الخليج والشرق الأدنى، حيث دعمت السياسات التوسعية الإسرائيلية وانسحبت من الاتفاق النووي الإيراني وأعادت فرض عقوبات قاسية على البلاد وشركائها التجاريين.

ويمكن أن يتصاعد التوتر بين الجانبين ليصبح صراعا مفتوحا، خاصة إذا أُعيد انتخاب "ترامب" في نوفمبر/تشرين الثاني، ويمكن للمرء أن يتخيل الموت والدمار الذي قد ينتج عن حرب إمبريالية أخرى ضد قوة إقليمية.

وينطبق الأمر نفسه على التدخل الروسي المدمر والتدخل الأوروبي المضاد في الشؤون الإقليمية.

ولا تزال منطقة شمال أفريقيا وساحل البحر الأحمر تعاني من التمرد والجفاف والخلافات الإقليمية، مع خروج الحرب الأهلية في ليبيا عن نطاق السيطرة وسط زيادة التدخل العسكري الأجنبي.

وحتى تلك الدول الصغيرة التي كان يُشار إليها في السابق على أنها "جزر هادئة"، مثل تونس ولبنان والأردن، فإنها تواجه اليوم عدم استقرار وتوترات متزايدة.

وتحولت دولة أخرى، وهي الإمارات، إلى "دولة بوليسية" مزعزعة للاستقرار إلى حد كبير، حيث لعبت دورا رجعيا خبيثا من ليبيا إلى اليمن.

أما تونس، التي تم اعتبارها قصة النجاح الوحيدة لـ"الربيع العربي"، نجدها غارقة اليوم في التقلبات السياسية والصعوبات الاقتصادية، بينما يعاني لبنان والأردن من اضطرابات اجتماعية وخزائن فارغة.

ويؤثر انخفاض ​​أسعار النفط على جميع دول المنطقة المنتجة للطاقة، من الجزائر إلى العراق مرورا بالسعودية وبقية دول الخليج، وكذلك الدول الأفقر في المنطقة التي تعتمد على التحويلات المالية من الخارج، والنتيجة هي ارتفاع معدلات البطالة وضعف الخدمات العامة وعدم الاستقرار.

وواحدة من تلك الدول التابعة هي مصر، ولعقود من الزمان، كانت الدولة العربية الأكثر سكانا التي يحكمها نظام استبدادي غير كفء، لكنها اليوم تحكمها ديكتاتورية وحشية فاسدة سجنت عشرات الآلاف من المعارضين السياسيين والناس العاديين.

ومنذ أن تولى "عبدالفتاح السيسي" السلطة عبر انقلاب عسكري في 2013، واعدا بإحياء مصر، لم ينتج نظامه الفاسد سوى الشلل والاكتئاب.

وكانت بعض العواصم الغربية تأمل أن يتبع "السيسي" نموذج الديكتاتور العسكري في تشيلي "أوجستو بينوشيه"، الذي بصرف النظر عن حكمه الوحشي، فقد حقق بعض الاستقرار، لكن تبين أن النمو الاقتصادي ليس أكثر من مجرد تمنيات.

والآن، بعد أن أصبح داعمو "السيسي" في الخليج غير قادرين أو مستعدين لتزويده بمليارات الدولارات الإضافية، فمن المرجح أن تنشأ أزمات إنسانية واقتصادية وسياسية في البلاد.

اجمالي القراءات 579
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق