تدوير القضايا.. كيف يبقى السيسي معارضيه في السجون بلا محاكمات؟

اضيف الخبر في يوم الخميس ١٤ - مايو - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الخليج الجديد


تدوير القضايا.. كيف يبقى السيسي معارضيه في السجون بلا محاكمات؟

لم يكن تجديد حبس الصحفي المصري "معتز ودنان"، على ذمة قضية جديدة، بعد حبسه احتياطيا لمدة 27 شهرا، سوى إحدى صور سياسة التدوير، التي ينتهجها النظام المصري بحق معارضيه.

وقبل أيام، حصل "ودنان" على إخلاء سبيل في القضية رقم 441 لسنة 2018، بعد اعتقاله في فبراير/شباط 2018، على خلفية إجرائه مقابلة صحفية مع رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق، المستشار "هشام جنينة".

ولم يهنأ "ودنان" بالقرار سوى يومين، حتى جرى الزج به مجددا في  القضية رقم 1898 لسنة 2019 (أمن دولة)، بتهمة "الانضمام إلى جماعة إرهابية".

سياسة التدوير

خلال السنوات الأخيرة، دأبت "الداخلية" المصرية، على تنفيذ سياسة التدوير، والتي تتم بطريقتين، الأولى أن يجري إخلاء سبيل المعتقل على الورق فقط، ثم يقدم للنيابة العامة بمحضر جديد، وتحريات تفيد بتورطه في تهمة جديدة.

وفي هذه الطريقة، يتعمد "الأمن الوطني" (جهاز استخباراتي داخلي)، تغيير ملابس وأحراز المخلى سبيله، وتحرير محضر له في منطقة جغرافية ثانية؛ وذلك لخداع النيابة العامة والرأي العام، وإيهامهم بأنه عاد لممارسة نشاطه "الإجرامي والتخريبي"، بعد الإفراج عنه، بحسب دعاوى الجهاز.

والطريقة الثانية، هي الإفراج عن المعتقل فعليا لعدة أيام أو أسابيع، ونشر خبر إطلاق سراحه في وسائل الإعلام، ثم القبض عليه مجددا، وتلفيق تهم جديدة له، على ذمة قضية جديدة.

الغريب أن بعض المتهمين يتم إدراجهم على ذمة قضايا حدثت وقائعها أثناء فترة سجنهم الأولى، وهو ما يوفر ثغرة للمحامين لطلب الإفراج عن موكليهم، لكن النظام لا يتوانى على تدويرهم في قضايا جديدة مرة ثالثة ورابعة.

ويتصدر قائمة ضحايا سياسة التدوير، المرشح الرئاسي السابق، "عبد المنعم أبو الفتوح" رئيس حزب "مصر القوية"، المعتقل منذ 14 فبراير/شباط 2018، بعد إطلاقه انتقادات بحق الرئيس "عبدالفتاح السيسي" في مقابلة مع قناة "الجزيرة".

وقضى "أبوالفتوح" أكثر من عامين على ذمة القضية رقم 440 لسنة 2018 حصر أمن دولة، بتهمة "الاتصال بكيانات معادية للدولة ونشر أخبار كاذبة".

وقبل إخلاء سبيله، جرى التحقيق معه من قبل نيابة أمن الدولة العليا المصرية، على ذمة القضية رقم 1971 لسنة 2019، والمتهم فيها بـ"تولي قيادة جماعة إرهابية، وارتكاب جريمة من جرائم التمويل"، خلال فترة وجوده في السجن.

المصير ذته لاقاه نائب رئيس الحزب، "محمد القصاص" الذي قضى نحو 22 شهرا من الحبس الاحتياطي في الحبس الانفرادي، على ذمة القضية رقم 977 لسنة 2017 والمعروفة إعلاميا بـ"مكملين 2"، التي تضم عددا من الصحفيين والسياسيين.

وفي 12 ديسمبر/كانون الأول الماضي، جرت التحقيقات مع "القصاص" بتهمة "الانضمام إلى جماعة إرهابية وتمويلها"، وتقرر إعادة حبسه على ذمة القضية رقم 1781 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا.

أبلة فاهيتا

ويعد مراسل برنامج "أبلة فاهيتا" الشهير، على فضائية "سي بي سي"، أحد أبرز ضحايا التدوير، حيث تم إدراجه على ذمة القضيتين، رقم 621 لسنة 2018 ورقم 1956 لسنة 2019 حصر أمن الدولة.

وعلى الرغم من إخلاء سبيل "شادي أبو زيد"، فبراير/شباط الماضي، فإنه لم ير النور، وجرى حبسه 15 يوما بتهمة "مشاركة جماعة إرهابية أغراضها وأهدافها"، و"التحريض على النظام الحاكم".

وهناك مدير "التنسيقية المصرية لحقوق الإنسان"، المحامي "عزت غنيم"، الذي قضى أكثر من عامين في الحبس الاحتياطي على ذمة القضية رقم 441 لسنة 2018.

ولاحقا جرى تجديد حبس "غنيم" في قضية جديدة تحمل رقم 1118 لسنة 2019، والتي يواجه فيها نفس اتهامات القضية الأولى، وهي "الانضمام إلى جماعة أسست على خلاف القانون" و"نشر أخبار كاذبة".

أما مؤسس رابطة أسر المختفين قسريا (حقوقية)، المحامي "إبراهيم متولي"، المعتقل منذ سبتمبر/آيلول 2017، فقد حصل على قرار بإخلاء سبيله في 15 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بتدابير احترازية على ذمة القضية 900 لسنة 2017.

وتعرض "متولي" لإخفاء قسري، ليظهر لاحقا في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 ، على ذمة قضية جديدة، رقم 1470 لسنة 2019 حصر أمن دولة، ويواجه فيها اتهامات بـ"الانضمام لجماعة إرهابية وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي".

علا القرضاوي

وترصد "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان" (حقوقية مستقلة)، في تقرير لها، تمدد التدوير لتطال النساء المعتقلات، بتهم ذات صبغة سياسية، وأبرزهن نجلة رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الدكتور "يوسف القرضاوي".

وتقبع "علا القرضاوي" إلى جانب زوجها "حسام خلف" (الأمين العام المساعد لحزب الوسط)، خلف الأسوار، بتهمة الانتماء إلى جماعة مخالفة للقانون منذ 30 يونيو/حزيران 2017.

وفي يوليو/تموز 2019، قررت محكمة جنايات إخلاء سبيل "علا القرضاوي" بتدابير احترازية، لكن جرى لاحقا تجديد حبسها في قضية جديدة، بتهمة "تمويل الإرهاب"، لتقترب من إكمال العام الثالث على التوالي قيد الحبس الاحتياطي.

أما المدون الليبرالي الساخر "إسلام الرفاعي" الشهير بـ"خرم"، فهو معتقل منذ نوفمبر/تشرين الثاني2017، وجرى تجديد حبسه وتدويره على 3 قضايا مختلفة، ليبقى قيد الحبس حتى اليوم.

وهناك آخرين من ضحايا سياسة التدوير، منهم المحامي "مهاب الإبراشي"، والحقوقي "محمد حمدون"، ورئيس تحرير موقع "مصر العربية"، الكاتب الصحفي "عادل صبري"، والناشطين "عادل الأعصر" و"حسن البنا".

ويعد التدوير، تحايلا من الأمن الوطني على القانون، وتجاوزا في استخدام الحبس الاحتياطي المطول كعقوبة للمعارضين السياسيين، والصحفيين والناشطين الحقوقيين.

ويوجد نحو 1700 سجين داخل السجون المصرية على الأقل تخطوا المدة القصوى للحبس الاحتياطي، المقدرة بعامين، وفق تقارير حقوقية.

وتطلق منظمات حقوقية على القضية رقم 441 لسنة 2018، "الثقب الأسود"، في إشارة إلى ابتلاع القضية العشرات من الصحفيين والحقوقيين، دون رابط بينهم، لكن تهما من عينة "الانتماء لجماعة إرهابية، ونشر أخبار كاذبة، وإساءة استخدام مواقع التواصل"، صارت مطية وذريعة للنظام للتوسع في الاعتقال التعسفي، والحبس الاحتياطي لسنوات.

اجمالي القراءات 998
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق