زعيم عصابة برتبة ضابط.. لماذا ينحرف رجال شرطة بمصر؟

اضيف الخبر في يوم الخميس ١٥ - أغسطس - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الجزيرة


زعيم عصابة برتبة ضابط.. لماذا ينحرف رجال شرطة بمصر؟

من سرقة رواد البنوك والسيارات إلى الماشية، ومن تجارة الآثار والمخدرات إلى النصب على المصريين، تعددت التشكيلات العصابية التي يتزعمها رجال شرطة بالخدمة وخارجها، كان آخرها الإعلان عن القبض على تشكيل عصابي لسرقة الأجهزة الكهربائية من المنازل يقوده أمين شرطة.

الجزيرة نت ترصد أشهر الحوادث التي تورط فيها رجال شرطة مؤخرا، محاولة تلمس أسباب تنامي الظاهرة في السنوات الأخيرة وطرق علاجها.

سرقات متنوعة
لم يصدق كثير ممن قرأ بصفحات الحوادث عن سقوط تشكيل عصابي لسرقة الماشية في منطقة العياط جنوبي القاهرة، أن من يقودها هو ضابط شرطة برتبة رائد.

بدأت القصة تتكشف بعدما استغاث مزارع بدورية للشرطة وأخبرهم بمواصفات سيارة يستقلها ثلاثة أشخاص اعترضوا طريقه وهددوه بالأسلحة النارية، فاضطر لترك سيارته المحملة بالماشية، فركبها أحدهم وفروا هاربين بالسيارتين.

تم إلقاء القبض على الضابط "ع . أ" الذي اعترف بتزعمه عصابة مستعينا بأصحاب سوابق لسرقة سيارات الماشية أو مبالغ من التجار، لتنتهي فصول القصة بالحكم على الضابط بالسجن 28 عاما.

وفي عام 2016، ألقت الشرطة القبض على ضابط حديث التخرج كوّن مع تسعة آخرين عصابة ارتكبوا 24 واقعة كسر أبواب منازل وسرقة محتوياتها، وذلك في المناطق الراقية مثل مصر الجديدة والرحاب شرق القاهرة.

لم تقتصر حوادث السرقة على الضباط، حيث نشرت الصحف المصرية العديد من الحوادث كان أبطالها أمناء الشرطة، منهم من تزعم تشكيلا عصابيا بحي مدينة نصر شرق القاهرة، حيث كان يستوقف من يشك أن بحوزته أموالا بزعم أنهم ضباط أموال عامة، ثم يشهرون الأسلحة في وجه الضحية ويسلبوه هاتفه وأمواله، وكانت آخر عملية -قبل سجنهم عشر سنوات- سرقة مدرّس بالإكراه كان بحوزته 320 ألف جنيه (الدولار نحو 17 جنيها).

أمين شرطة آخر تزعم عصابة من خمسة أفراد، قاموا بـ29 سرقة جميعها "box-sizing: border-box; text-decoration-line: underline; font-family: Greta, "arabic typesetting", serif !important;">نصب وسلاح وآثار
لم تكن السرقة الجريمة الوحيدة لبعض رجال الشرطة، حيث وصل الأمر إلى القبض على عريف وأمين شرطة في قوات أمن مدينة السلام شرق القاهرة، يتاجرون مع آخرين بالأسلحة، وعثر بحوزتهم على 58 بندقية خرطوش وطلقات ومسدسات بهدف ترويجها.

كما كشفت تحقيقات أجرتها نيابة العمرانية التابعة لمحافظة الجيزة عن تورط ضابط شرطة مع 11 آخرين في النصب على مواطنين، بإيهامهم بقدرتهم على توفير الدولارت بأسعار منافسة، وحين يتقابلون للتبادل يدخل ضابط ومعه أفراد من العصابة ويوهمون الضحية بأنهم من مباحث الأموال العامة، ويصادرون الأموال بحجة الاتجار في العملات.

وبنفس الطريقة السينمائية، دأب ضابط شرطة مع خمسة آخرين على سرقة المواطنين في منطقة عين شمس شرق القاهرة، ولكن عن طريق تجارة الآثار، حيث حدد دور كل فرد من العصابة، فجزء منهم يجلب قطعة أثرية، والجزء الآخر يوفر مشتريا لترويجها.

وعندما يلتقون مع الضحية يقتحم الضابط موقع التسليم ويلقي القبض عليهم، ويترك فرصة للضحية للهروب تاركا الأموال التي أتى بها لشراء القطعة الأثرية.

وكان أكبر تجمع لرجال شرطة في تشكيل عصابي، هو قيام ضابط برتبة ملازم وأربعة أمناء شرطة ومعهم ستة آخرون، بتشكيل عصابة للسطو المسلح على المنازل عبر اقتحامها بزعم أنهم ضباط في جهاز الأمن الوطني، وأثناء تفتيش المنزل يقومون بالاستيلاء على المشغولات الذهبية والأموال.

سطوة البدلة الميري
يفسر المحامي والحقوقي محمود رشدي سلوك الضباط وأمناء الشرطة -سواء المفصولين أو من في الخدمة- بالجرأة الشديدة التي تمنحها لهم "البدلة الميري"، حيث لا يجرؤ الكثيرون على مناقشة كون المجرم ضابط شرطة.

ودلل رشدي على رأيه بالحادث المنشور حول ادعاء ضابط في منطقة العجوزة غرب القاهرة أنه من الأمن الوطني، وهو ما يخرس ألسنة كل من يقابله، مضيفا "ضباط الأمن الوطني يفعلون ذلك أثناء اقتحامهم منازل المعارضين، وقرأنا كثيرا عن سرقات وأشياء يندى لها الجبين تتم في منازل أهالي معارضي النظام حين اقتحامها".

ويرى رشدي في حديثه للجزيرة نت أن بعض الجرائم التي يرتكبها الضباط المنحرفون يتحملها رجال الشرطة بتصرفاتهم المستبدة مع المواطنين، متابعا "فإذا تجرأ شخص وسأل ضابطا عن هويته لمجرد التأكد، سينال من الضرب والحبس ما لا طاقة له به، وتجعله عبرة لكل من تسول له نفسه تكرارها".

وفي محاولة للتعرف على مبرر السلوك الإجرامي لبعض رجال الشرطة، تواصل مراسل الجزيرة مع أكثر من خبير في علم نفس، لكنهم رفضوا السؤال مؤكدين أن الشرطي مثله مثل أي شخص، ولا يمكن تفسيره كظاهرة بعيدا عن سلوك غيرهم من المواطنين أو أرباب المهن الأخرى.

الحل في تشديد العقوبة
ويرى الخبير الأمني اللواء أشرف أمين أن انحراف رجال الأمن يعد إخلالا جسيما بواجبات الوظيفة وخيانة للأمانة، وأكثر خطورة على المجتمع من انحراف المدني، حيث يكون مدعاة لافتقاد الثقة في جهاز الشرطة.

وفي حديثه للجزيرة نت، اعتبر الخبير الأمني أن الحل في تغليظ العقوبة لتكون أشد حزما ووجوبا وكافية لـ"زجر من تسول له نفسه الاحتماء خلف ستار مهنة جليلة كالشرطة".

وعن سر انتشار الظاهرة، أكد أمين أنه رغم الانحرافات التي تنشر عن بعض رجال الشرطة، تظل نسبة الانحرافات داخل الجهاز ضئيلة للغاية، وتكاد لا تذكر مقارنة بمثيلاتها في دول أخرى، مضيفا "لذا لا يمكن وصفها بالظاهرة".

الدراما ترصد الظاهرة
ورغم نفي الخبير الأمني وجود ظاهرة انحراف بين الرجال الشرطة، فإن الدراما المصرية تناولتها في العديد من الأعمال السينمائية والتلفزيونية قديما وحديثا.

لعل من آخر هذه الأعمال الجزء الأول من مسلسل "كلبش" (بطولة أمير كرارة) الذي حقق شهرة كبيرة، ويدور حول ضابط شرطة يتعرض لمؤامرة من أمين شرطة فاسد.

كما جسد الفنان الراحل خالد صالح دور عقيد شرطة فاسد في فيلم "تيتو"، حيث يستغل المجرمين في تنفيذ سرقات وعمليات سطو مسلح، مستغلا المعلومات التي يحصل عليها بحكم منصبه الكبير.

وتحرص كل الأعمال الدرامية على رصد انحراف بعض رجال الشرطة، لكنها تحرص أيضا على تقديمها بصورة حالات فردية يتم معاقبتها من داخل الشرطة نفسها.

اجمالي القراءات 851
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق