كيف تعيد الصين تشكيل الشرق الأوسط؟

اضيف الخبر في يوم السبت ١٥ - يونيو - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الخليج الجديد


كيف تعيد الصين تشكيل الشرق الأوسط؟

مع نمو الاقتصاد الصيني وتزايد تعطش البلاد للطاقة، لا ترى الصين أي بديل عن تعميق علاقاتها بالشرق الأوسط.

وعلى الرغم من ذلك، فإن استراتيجية الصين هي بناء علاقات مع دول منفردة وليس مع المنطقة ككل، وتبحث الصين عن أشياء مختلفة تمامًا عن كل من شركائها الإقليميين، وتسعى إلى الحفاظ على مصالحها الإقليمية عن طريق الحفاظ على علاقاتها الثنائية متميزة، وفي مجملها، تتحدى الصين النهج الأمريكي تجاه المنطقة.

لدى الصين 5 شركاء رئيسيين في الشرق الأوسط؛ الأول هو المملكة العربية السعودية، وتعد المملكة أكبر شريك تجاري للصين في غرب آسيا، فيما تعد الصين أكبر شريك تجاري للمملكة العربية السعودية في جميع أنحاء العالم.

وتلعب شركات البناء الصينية دوراً متزايداً في تطوير البنية التحتية السعودية، في هذه الأثناء، كانت السعودية حريصة بشكل خاص على بناء المصافي ومنشآت إنتاج البتروكيماويات في الصين.

ويبدو أن المملكة العربية السعودية تعمل على تطوير العلاقة مع الصين كتحوط ضد انخفاض استهلاك النفط الغربي، وأيضًا للتحوط ضد الانزعاج الغربي من الاستبداد داخل السعودية.

تمتد العلاقات بين شبه الجزيرة العربية والصين إلى ما وراء المملكة العربية السعودية، وتعد الصين أيضًا الشريك التجاري الأكبر لدولة الإمارات العربية المتحدة، ويعد ميناء دبي مركزا عالميا لشحن البضائع الصينية.

ويعيش أكثر من 200 ألف مواطن صيني في دولة الإمارات، التي تبرز كمنصة للتجار الصينيين الذين يبحثون عن فرص في الأسواق القريبة، وتلعب الإمارات دورًا رائدًا في مبادرة الحزام والطريق الصينية.

وفي السنوات الخمس الماضية، مع تزايد اهتمام الصين بالمرور عبر قناة السويس، استثمرت الصين مليارات الدولارات في مصر، وتساعد الشركات الصينية في بناء العاصمة الإدارية الجديدة لمصر في الصحراء خارج القاهرة، وتقوم بتطوير ميناء صناعي على البحر الأحمر في العين السخنة، وقام الرئيس "السيسي" بـ6 رحلات على الأقل إلى بكين منذ توليه منصبه في عام 2014، مقارنة برحلتين فقط إلى واشنطن.

أما الدولة الرابعة الشريكة للصين فهي (إسرائيل)، وبعد أن وضعت الولايات المتحدة نهاية قاطعة للتعاون الإسرائيلي مع بكين في التكنولوجيا العسكرية ذات الجذور الأمريكية، بنت (إسرائيل) أهميتها الاستراتيجية للصين من خلال العلاقات التجارية العميقة في التكنولوجيا الإسرائيلية المتقدمة والتعاون من الحكومة إلى الحكومة في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب.

وتتطور العلاقات بين البلدين بسرعة، فوفقا لـ"طومسون رويترز"، زاد الاستثمار الصيني في (إسرائيل) عشرة أضعاف بين عامي 2016 و2017، حيث بلغ مجموع الاستثمارات أكثر من 16 مليار دولار.

وتعمل الشركات الصينية بعمق في البنية التحتية الإسرائيلية، وبناء أنفاق للسكك الحديدية الخفيفة، وتوسيع مرافق الموانئ في أشدود وحيفا، وترتبط باتفاقيات للمشاركة في تشغيل الموانئ لمدة 25 عامًا.

والدولة الخامسة، هي إيران حيث تخدم إيران عددًا من الأغراض بالنسبة للصين، وتعد إيران دولة منتجة للطاقة معادية للولايات المتحدة في منطقة حليفة لواشنطن بشكل تقليدي، وهي قوة في الطرف الآخر من آسيا تساعد الصين على إنشاء طرق تجارية لا تستطيع البحرية الأمريكية تعطيلها.

ولأن إيران، من منظور صيني، لا تتماشى مع بقية الشرق الأوسط الحليف لأمريكا، فإن العلاقة مع إيران تساعد في عزل الصين عن الجهود الأمريكية للضغط عليها.

ولكن ربما الأهم من ذلك، أن إيران تخدم المصالح الاستراتيجية للصين وهي تتحدى الوجود العسكري الأمريكي في غرب المحيط الهادئ.

وفي عهد إدارة "ترامب" فإن النزاع الأمريكي مع إيران يفصل الولايات المتحدة عن حلفائها ويساعد على إنشاء نظام دولي متعدد الأطراف تتفوق فيه الصين.

إذن، فإن استراتيجية الصين في الشرق الأوسط ليست استراتيجية إقليمية واحدة بقدر ما هي محفظة استثمارات، حيث تركز طموحات الصين الوطنية في كل دولة على العلاقات الاقتصادية، وتتبع الشركات المملوكة للدولة عن كثب الأولويات الحكومية.

ولدى الولايات المتحدة بالمثل خطط شاملة على ما يبدو في كل بلد تقريبًا مع مجتمع أعمال يتبع الأرباح أينما وجدت.

لكن الفرق الأكبر بين البلدين هو ما تعد به كل منهما، وتعد الصين بتطوير اقتصادي واسع النطاق دون حدوث ثورة اجتماعية، وتعد الولايات المتحدة بإجراء إصلاح أكثر شمولًا للدولة والمجتمع.

 وقد حقق النهج الأمريكي نتائج في كوريا الجنوبية واليابان وتايوان وألمانيا وأماكن أخرى، ولكن تم وضع جزء كبير من أسسه في بيئة الحرب الباردة في الخمسينات والستينات، ويصعب الحصول على أمثلة أكثر حداثة؛ على سبيل المثال، لم تجعل عشرات المليارات من الدولارات وعقود من الجهود من مصر ثرية، والعالم مليء بالحالات التي فشلت فيها جهود التنمية الأمريكية في تحقيق أهدافها.

وتتلخص المهمة التي تواجه الولايات المتحدة في إقناع الدول بتفوق نهجها الأكثر شمولية تجاه التنمية، ويتعلق هذا جزئيًا بإظهار النتائج الإيجابية لجهود الولايات المتحدة، وجزئيًا بتسليط الضوء على أوجه القصور في النهج الصيني.

ورغم ذلك، هناك جزء واحد من النهج الصيني يستحق المحاكاة، وهو ذلك المزيج من التركيز والجدية، لدى الصين أهداف جدية وخطط جادة للوصول إليها. وغالبًا ما تبدو الولايات المتحدة متمسكة بما كانت تقوم به دوما وليس بما يجب أن تفعله، وتبقى إعادة النظر في أولويات الولايات المتحدة وأهدافها وأدواتها السياسية في الشرق الأوسط عملية مهمة طال انتظارها تكتسب أهمية إضافية مع احتدام المنافسة مع الصين.

اجمالي القراءات 2317
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق