واشنطن بوست: ترامب مصاب بالعمى الاستراتيجي

اضيف الخبر في يوم السبت ٢٤ - نوفمبر - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الخليج الجديد


واشنطن بوست: ترامب مصاب بالعمى الاستراتيجي

"إنه على حق، فالعالم خطير ودائما ما كان كذلك، لكن استسلامه للقتلة سيجعل العالم أكثر خطورة"..

هكذا علقت هيئة تحرير صحيفة "واشنطن بوست"، الجمعة، على تصريحات الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" الأخيرة، التي دافع فيها ضمنيا عن ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" واصفة إياها بـ "العمى الاستراتيجي".

فقضية اغتيال "خاشقجي"، بحسب مقال هيئة التحرير، ليست قضية يوزن فيها الاهتمام بحقوق الإنسان مقابل الأهداف الاستراتيجية للولايات المتحدة، بل على العكس من ذلك، إذ أن ما يعتبره "ترامب" واقعية سياسية قاسية هو هجوم خطير على المصالح القومية الأمريكية في الواقع.

واعتبر المقال تبريرات "ترامب" مخادعة؛ لأنه "ضخم من حجم الأعمال التي توفرها السعودية بالولايات المتحدة، وسقط في فخ التملق الملكي وسمح بحماقة لنفسه بالكذب".

وأضاف: "لقد فشل في رؤية أن السعودية أكثر اعتماداً على الولايات المتحدة من العكس، وتجاهل حقيقة واضحة هي أن كل عمل كبير قام به ولي العهد المتهور (محمد بن سلمان)، حتى قبل جريمة الاغتيال، أضر بالمصالح الأمريكية".

وضرب المقال أمثله بحرب "بن سلمان" الكارثية في اليمن، التي صبت بمصلحة إيران في النهاية، وجهوده الفاشلة لإخضاع قطر (حليف الولايات المتحدة) واختطافه الغريب لرئيس الوزراء اللبناني (سعد الحريري)، وهو أيضا حليف أمريكي.

تقويض أمريكي

وترى هيئة تحرير واشنطن بوست أن عمى "ترامب" الاستراتيجي أعمق من مجرد سوء قراءة للتحالف مع السعودية، إذ أنه "يقوض الفهم الأساسي الذي ميز الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية تحت رئاسة كل من الجمهوريين والديمقراطيين".

فقد أقر جميع هؤلاء القادة مبدأ أن الولايات المتحدة تعتمد أكثر من أي دولة أخرى، على قواعد يمكن التنبؤ بها؛ لأنها بحاجة إلى عالم يمكن فيه لرجال الأعمال أن يخرجوا من أوطانهم ويعودوا إليها دون خوف من الاختطاف، حيث يمكن للسفن أن تسبح بالمحيطات دون حراس مسلحين، وحيث يتم الوفاء بالعقود والفصل في النزاعات بصورة عادلة، وحيث يستطيع الصحفيون إعلام الأمريكيين بالأوضاع الحقيقية على الأرض.

لقد أدرك رؤساء أمريكا السابقون أن طريقة تحقيق مثل هذا العالم تتمثل في تجنيد الحلفاء الذين سيعيشون بموجب قواعد الولايات المتحدة مقابل حمايتهم، وهم مطمئنون لمعرفتهم بأن أمريكا لن تستخدم تفوقها في الضغط عليهم مقابل كل دولار.

واستمر الحلفاء مع الولايات المتحدة لأنها لم تقف لصالح نفسها فقط، وإنما لصالح القواعد التي تفيد الجميع والقيم التي يعتزون بها كالحرية والكرامة الإنسانية وسيادة القانون، بحسب هيئة تحرير واشنطن بوست.

ضرر المصالح

لكن "ترامب" يأتي الآن، وبكل بلادة، ليعلن أنه سيضغط على كل دولة أخرى بأقصى ما يستطيع، ولذا ترى هيئة تحرير الصحيفة أنه لا يهتم بالقيم الأمريكية، ولن يمكنه التعهد بالحفاظ على النظام العالمي.

وحذرت واشنطن بوست من أن نتيجة مسار "ترامب" لن تمثل تنازلًا أخلاقيًا فحسب، بل خفض للرفاه الدولي أيضا، إذ لن يكون أي ركن من أركان العالم آمنا، ليس فقط مدينة ساليزبري بإنجلترا، حيث أرسل الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" عملاءه بأسلحة سامة؛ ولا إسطنبول، حيث دنست السعودية ما كان ينبغي أن يكون حرما لمجمع دبلوماسي بجريمة القتل المتعمدة وتقطيع أوصال صحفي محترم.

كما ستنمو معاداة أمريكا بينما يرى الناس حول العالم أنها تمارس السلطة لدوافع أنانية بحتة، وستجد الدول بدائل للدولار الأمريكي بدلاً من قبولها له كعملة دولية، ومع انسحاب الولايات المتحدة من دعم الديمقراطية والاستقرار والتنمية سيستعيد القراصنة الممرات البحرية، وسترتفع نسب الفقر والهجرة الجماعية، وسيتبع ذلك زيادة بممارسات الإرهاب والتطرف.

إن الرئيس الصارم، الذي يضع مصالح الولايات المتحدة في الاعتبار حقا، كان له أن يصر على المساءلة لأولئك الذين خططوا لارتكاب جريمة القتل، وأن يفهم أن العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية لا يمكن أن تعتمد على شخص واحد، وأن مكانة الولايات المتحدة في العالم - وبالتالي نفوذ وازدهار الأمريكيين - ستتضاءل إذا لم تبد أي اعتراض على مقتل شخص مسالم يبلغ من العمر 59 عامًا ويقيم بشمال ولاية فرجينيا.

لكن هذا الرئيس (ترامب) لا يفهم أيًا من ذلك، بحسب المقال، ولذا يقع على عاتق الكونغرس اتخاذ القرار، إما باتباعه في طريق الواقعية الزائفة أو بتبني موقف الدفاع عن القيم والمصالح الأمريكية.

اجمالي القراءات 1152
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق