موسكو الوحيدة القادرة على منعها.. هل تقع «أسوأ حرب» قريبًا بين إيران وإسرائيل؟

اضيف الخبر في يوم الخميس ١٩ - أبريل - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه


موسكو الوحيدة القادرة على منعها.. هل تقع «أسوأ حرب» قريبًا بين إيران وإسرائيل؟

بين احتمالية الحرب الوشيكة – أو المؤجلة – كما كتبت أقلام المحللين والمراقبين خلال الأيام القليلة الماضية، يضع العسكريون في إسرائيل وإيران أيديهم على الزناد استجابة لكل الاحتمالات. إسرائيل تقصف مطار التيفور ولا تعلن، وكذلك إيران ترسل طائراتها بدون طيار محملة بمتفجرات إلى إسرائيل دون أن تعترف، وفيما قضت إسرائيل أمرها باستهداف النفوذ الإيراني في سوريا عبر ضربة تلو الأخرى، يوقن الإسرائيليون أن صبر إيران قد ينفد نتيجة لخسائرها المتزايدة؛ فلذلك الحرب قد تبدأ وتصبح الأسوأ منذ عقود في الشرق الأوسط.

بدأت المواجهة العلنية.. فهل تقع «أسوأ حرب»؟

فيما تتواصل الضربات «مجهولة المصدر» على سوريا، لن تنسى إيران الضربة الجوية التي وقعت يوم التاسع من أبريل (نيسان) الماضى على قاعدة التيفور الجوية التي تستخدمها قواتها في سوريا؛ فهي الضربة التي تسببت في مقتل سبعة من أفراد الحرس الثوري الإيراني، أبرزهم قائد الطائرات دون طيار التابعة للحرس الثوري الإيراني، العقيد «مهدي دهقان يزدلي».

مدفعية إسرائيلية تقصف أهدافًا تابعة لحزب الله 2006 (المصدر: موقع إسرائيل أوف تايمز)

هذه الضربة التي دفعت إسرائيل لوضع حدودها القامية إيرانية جعلت مواجهة عسكرية بين الطرفين تلوح في الأفق، فبينما كانت إسرائيل لا تستبعد الانتقام الإيراني ضد الضربة الأولى التي نالت من أهداف إيرانية حية لمنشآت أو أفراد، رأت بحسبها «قوة جوية إيرانية» في سوريا تنقل أسلحة، وهو ما جعلها تقتنع أن هناك استعدادًا إيرانيًا لاستهدافها في حال ارتفاع منسوب التوتر بينهما، وتقول المصادر الإسرائيلية: «إن هذه القوة تضم ثلاث وحدات، هي: وحدة استطلاع الطائرات دون طيار، ووحدة صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، ووحدة الدفاع الجوي».

وتنقل صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية عن مصادر عسكرية تأكيدها أن قائد قوات القدس التابع للحرس الثوري، قاسم سليماني، هو من يقود حملة الانتقام الإيرانية غير المستبعد أن تكون وشيكة بواسطة طائرات دون طيار للاستطلاع وصواريخ تطلق على إسرائيل.

ويتوقع الإسرائيليون ردًا إيرانيًا، وإن لم يكن آنيًا على غارة التيفور، ولذلك قال النائب الأول لرئيس مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وناثان شانزر: إن «مواجهة تلوح في الأفق بين إسرائيل وإيران ستكون أسوأ حرب في الشرق الأوسط منذ عقود».

ويضيف في مقاله بصحيفة «معاريف» العبرية: «لكن الآن أيضًا فإن التقديرات المعقولة هي أنه إذا حاول الإيرانيون الثأر، فإنهم سيفعلون هذا من خلال عملية محدودة؛ كي لا يؤدوا إلى تصعيد شامل. من جهة أخرى فإن نجاحهم في تنفيذ عملية عسكرية أو عملية مضادة قد يؤدي إلى رد حاد جدًا من إسرائيل، ومن هنا فإن الطريق قصير إلى تدهور سريع».

 المحللون الغربيون يؤكدون: «الحرب قريبة»

يعتقد الإسرائيليون أن انتصارات النظام السوري العسكرية في العامين الأخيرين أدت إلى تجهيز محور  إيران لحرب مستقبلية مع إسرائيل، وترتكز المخاوف الإسرائيلية على تواجد القوات الإيرانية بالقرب من الجولان، وبناء بنية تحتية عسكرية إيرانية في سوريا، وكذلك ضمان بقاء أي اشتباكات تقع محصورة في سوريا.

وبالرغم من بهجة الإسرائيليين بالضربة الأمريكية الأخيرة على سوريا، إلا أنهم سرعان ما أيقنوا أن هذه الضربة المحدودة غير مجدية لطموحهم في تحجيم الوجود العسكري الإيراني في سوريا، ولذلك مضوا يستهدفون هذا الوجود، ونتيجة ذلك ذهب بعض المحللين الغربيين للقول إن فرص الحرب بين الطرفين باتت محتومة في عام 2019، في حال قيام استخدام إيران لميليشياتها الأجنبية وقواتها الخاصة في ضرب إسرائيل، فحسب موقع «ناشونال إنترست» فإنه «فيما يتعلق بعام 2018، فإن المواجهة المباشرة تحدث بين إسرائيل وإيران، وليست مجرد تخمين، فبعد اعتراض طائرة دون طيار فوق الأجواء الإسرائيلية، والغارات الانتقامية التي سقطت فيها مقاتلة (إف-16) إسرائيلية، فإن هذه المشاهد المتداخلة تفتح الباب أمام حرب واسعة لو استمرت طهران في تقوية وجودها في سوريا بعد هزيمة تنظيم الدولة».

ويذهب الكاتب في صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية «توماس فريدمان» للقول: إن «المرحلة الهادئة في طريقها للنهاية، خاصة أن إسرائيل وإيران ضاغطتان على الزناد للتقدم نحو المرحلة المقبلة، ولو حدث هذا، فستجد كلًا من الولايات المتحدة وروسيا صعوبة في البقاء بعيدًا عن المواجهة»، ويضيف: «إيران أصبحت أكبر قوة محتلة في العالم العربي، لكن قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، ربما يبالغ في اللعبة، خاصًة عندما يجد نفسه في مواجهة مباشرة مع إسرائيل في سوريا، وبعيدًا عن إيران، ودون غطاء جوي»، ويختم بالقول في مقاله: «هل تتجه إيران وإسرائيل إلى حرب مباشرة؟»: «حتى يتراجع سليماني، فإنك سترى قوة لا يمكن إيقافها، وهي فيلق القدس، تتجه نحو هدف لا يتغير، وهو إسرائيل؛ لذا فاربطوا الأحزمة».

فيما يقول الكاتب «روجر بويز» في صحيفة «التايمز» البريطانية: « لقد شببت بانتظار اندلاع حرب عالمية منذ خريف عام 1962 وحتى ربيع عام 2018، ولكني الآن واثق أن الحرب في طريقها إلينا»، ويضيف في مقاله: «إسرائيل وإيران على شفا المواجهة في سوريا». «ما يجعل احتمال نشوب الحرب أمرًا شبه مؤكد، هو بدء الحرس الثوري الإيراني في الآونة الأخيرة ببناء عدد أكبر من المعسكرات في سوريا».

وقد وصلت الأمور لحد كشف مصادر إسرائيلية في فبراير الماضي عن توقيع واشنطن وتل أبيب لسلسلة من الاتفاقيات العسكرية مع بعض جيران إيران، من ضمنها أذربيجان، وتهدف هذه الاتفاقيات إلى السماح للقوات الجوية لإسرائيل والولايات المتحدة بالإقلاع من قواعدها؛ لقربها من طهران، وقد حذرت إيران البلدان المجاورة من التعاون العسكري والأمني مع إسرائيل.

موسكو الوحيدة القادرة على منع حرب دامية.. فهل تفعل؟

تدرك إسرائيل – التي حافظت اضطرارًا على علاقة مقربة مع الروس – أن موسكو – التي غضت الطرف عن ضرباتها في سوريا ومنعت إيران وحزب الله من الرد – قد تغير موقفها بعد الضربة الأمريكية ردًا على الهجوم الكيماوي في دوما.

الرئيس الروسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي (المصدر: الأناضول)

فعقب الضربة الإسرائيلية لمطار التيفور، أعلنت روسيا أن إسرائيل هي التي قصفت المطار، دون إبلاغها مسبقًا بالعملية، كما جرت العادة، وبعد هذه الضربة الذي تزامنت مع تصعيد كبير في سوريا إثر تبعات قصف مدينة دوما بالسلاح الكيماوي، باتت إسرائيل مقتنعة  أكثر من أي وقت مضى أن روسيا التي تمركزت في سوريا بالقواعد والقدرات العسكرية لا ترغب، وليس من مصلحتها تحجيم النفوذ الإيراني في سوريا، وكان الرئيس السابق لـ«جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (الموساد)»، فرايم هليفي، قد قال مؤخرًا: إنه «من الممكن أن نصل إلى وضع الحرب مع روسيا وضعًا تتواجه فيه القوات الإسرائيلية ضد القوات الروسية، وقد يتطور الأمر إلى اندلاع حرب».

وتابع القول للقناة الإسرائيلية العاشرة (غير الحكومية): «علينا التعامل مع هذه القوة العظمى بطريقة لا تؤدي إلى حرب، إلا أننا حتى في حالة نشوب الحرب علينا الخروج منتصرين».

ومع رجحان الميزان لصالح إسرائيل في استهداف الوجود الإيراني في سوريا، فإن من أهم المعيقات التي قد تحول دون استمرار إسرائيل في ذلك هو الموقف الروسي المحجم لهذا الاستهداف بسبب التداخل بين القوات الإيرانية والروسية في كثير من المواقع بسوريا، ناهيك عن أن المصلحة الروسية تميل رغم أي خلافات مع إيران لصالح الحفاظ على القوة العسكرية الإيرانية، كما أن روسيا تملك أوراق قوة، كالتهديد بتفعيل منظومة صواريخها المتطورة الموجودة في سوريا ضد الطائرات الإسرائيلية، أو تزويد النظام السوري بمنظومات صواريخ إس 300، وهذا الوضع جعل إسرائيل تتيقن أهمية الروس في معركتهم مع إيران.

على جانب آخر، أكدت سيناريوهات المعركة إلى أين؟

يصف مدير مركز بيسان للدراسات العربية والإيرانية «محمد المذحجي» ما يحدث بين إسرائيل وإيران بأنه «دعاية عدائية فارغة» على اعتبار أن إيران لا تريد أية مواجهة مباشرة مع إسرائيل، وهي لا تريد أن تدخل في أي صراع حقيقي مع إسرائيل في ظل محاولاتها الحثيثة لتكون شريكًا استراتيجيًا للصينيين والأوروبيين.

راجمة صواريخ إسرائيلية (المصدر: جيتي)

ويضيف خلال حديثه لـ«ساسة بوست»: «أما عن الجانب الإسرائيلي: فلا تريد تل أبيب أي صدام مباشر بينها وبين طهران، لكن في الظروف الصعبة التي تمر بها إسرائيل، يبحث نتنياهو عن تصعيد مع إيران وسوريا لتحقيق هدفين: الأول ضمان حصة معينة في الساحة السورية، والتي أصبحت إسرائيل أحد الخاسرين الرئيسين فيها بسبب إفشال مشروع إسقاط النظام السوري. وتحاول تل أبيب إفساد المفاوضات السرية الجارية بين القوى الغربية وروسيا قدر المستطاع؛ حتى ترغم الأطراف على القبول بشروطها، وأهمها إنشاء منطقة منزوعة السلاح على حدودها مع سوريا. فضلًا عن أنها تستغل التواجد الإيراني وميليشياته لضرب وإضعاف الجيش السوري قدر المستطاع».

 أما الخيار الثاني فيتمثل في أن نتنياهو بحاجة لافتعال أزمة خارجية لتصدير أزمته الداخلية وملفات الفساد المفتوحة ضده وضد أفراد أسرته إلى خارج البلاد، وبعبع إيران سيكون الخيار المفضل في هذه الحالة، حسب المذحجي الذي لا يستبعد احتمال رد إيراني على قصف إسرائيل لمطار التيفور، فيقول: «ستكتفي إيران برد محدود محتمل من قبل ميليشيات موالية لها في سوريا، أو إسقاط النظام السوري لطائرات إسرائيلية كما حصل قبل فترة، وفي الظروف الحالية، من غير المتوقع أن يتحرك حزب الله لصالح داعميه الرئيسين الإيرانيين، ويوجه ضربة ولو محدودة ضد إسرائيل؛ لأنه لا يريد أن يدخل في مواجهة مباشرة مع اسرائيل نظرًا للانتخابات التشريعية اللبنانية».

تحدثنا أيضًا للمحلل العسكري السوري، «راني جابر»، الذي أكد أن المواجهة الشاملة الإسرائيلية الإيرانية – عمليًا -مستبعدة في المنطقة حتى اللحظة، مستدركًا: «لكن قد تحدث عملية عسكرية بمستوى منخفض لتحديد مستوى النفوذ الإيراني في سوريا بشكل دقيق على المستويين الجغرافي والتقني، أي نوعية التكنولوجيا المسموح لإيران بنشرها في مناطق نفوذها، وخاصة تلك المتعلقة بالاستطلاع والصواريخ الباليستية، وعموم المعدات التي تمنع إسرائيل نشرها بشكل يمثل تهديدًا لها».

ويوضح «جابر»: إن «خروج القوة الإيرانية من المنطقة يعني تشكل فراغ ضخم لا تستطيع أي من روسيا أو حتى أمريكا تداركه، وحتى نشر القوات العربية المزمع لن يكون قادرًا على شغل هذا الفراغ في حال حصل تحييد وإخراج لإيران من سوريا».

ويتابع القول لـ«ساسة بوست»: «من وجهة نظر عسكرية بحتة إسرائيل قادرة على إجبار إيران على الخروج من الجنوب السوري ككل بشكل عسكري وصولًا حتى دمشق وربما أبعد من ذلك بكثير، فعلى الرغم من الدعاية العسكرية الإيرانية، فهي غير قادرة على مواجهة إسرائيل في الجنوب السوري، ولا تمتلك أية قوة جوية، أو دفاعًا جويًا قادرًا على وقف القوة الجوية الإسرائيلية، والروس لن يتدخلوا»، مضيفًا: «ما يعني أنها ستتلقى الضربات في حال قررت الرد عبر قصف شمالي فلسطين، فسوف تعرض نفسها لضربات انتقامية غربية مباشرة؛ إذ ما قد يحصل في سوريا هو عملية رسم نفوذ جديدة لا تخرج إيران، بل تعيد رسم نفوذها، وليس من الوارد خلال المدى المنظور إخراجها؛ فهي عماد القوة البرية الفاعلة في سوريا، وهي التي تمسك الأرض عمليًا في معظم أنحاء سوريا، وهي ليست في حالة عداء حقيقي مع إسرائيل، بل مجرد عملية تحديد نفوذ لا تصل لمرحلة العداء».

اجمالي القراءات 1823
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق