أعداد التوانسة الراغبين في الهجرة إلى أوروبا تتضاعف

اضيف الخبر في يوم الخميس ١٩ - أبريل - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: BBC


أعداد التوانسة الراغبين في الهجرة إلى أوروبا تتضاعف

تقول السلطات التونسية إن أعداد "الحراقة" (المهاجرين سراً إلى أوروبا) ارتفعت خلال العام الماضي بمقدار خمسة أضعاف مقارنة العام الذي قبله.

مقبرة الغرباء

مقالات متعلقة :

 

Image caption وزارة الداخلية التونسية منعت آلاف حالات التسلل إلى أوروبا عام 2017

فبينما أوقفت وزارة الداخلية التونسية أكثر من ستة آلاف حالة تسلل عام 2017، كان عدد الذين حاولوا الهجرة عام 2016 نحو ألف شخص.

وتقدر السلطات عدد من وصلوا إلى السواحل الايطالية سنة 2017 بنحو ثمانية آلاف تونسي. لكن هيئات مستقلة تونسية تقدر العدد بأكثر من عشرة آلاف.

وقد أصبح موضوع "الحرقة"، والهجرة السرية طابعاً أساسياً لعدد من المدن التونسية.

فالمناطق التي "يحرق" منها التوانسة أشهرها نابل في الشمال، بسبب الانحناءة الجغرافية التي تجعلها الأقرب لإيطاليا، .

ما أن تدخل تلك المنطقة، التي تشتهر بانتاج الهريسة، وهو الفلفل الحار الذي لا تخلو المائدة التونسية منه، حتى تلاحظ حركة الشبان في المقاهي المتاخمة للبحر.

يقول أحد الذين يسهلون عمليات الهجرة أن نابل منطقة أساسية للحرقة بحكم أن العمل هنا قديم، للمهربين.

وذكر لنا، على شرط عدم الكشف عن هويته: "أنا لا تذكر الناس، ولا أعقد علاقات صداقة مع الراغبين بالهجرة... اتعامل بالموضوع كموضوع تجاري، وهذه حرفتي".

"تراني في بلادي مقهور"

على سفينة محطمة على طرف الشاطئ، في نابل التقيت ثلاثة شبان بحكايات مختلفة.

أحدهم كان في إيطاليا ويعيش حياة جيدة، حسب قوله، لكنه ترك ذلك وراءه وعاد بعد الثورة "ليبني وطنه"، لكنه، يقول إنه أكتشف الواقع اليومي الصعب، ويحاول الحرقة مرة أخرى.

السلطات الايطالية قالت أنها أبعدت أكثر من 500 تونسي حاول الهجرة عام 2017، بناء على اتفاق ثنائي. أحدهم غيلان، الذي أبعدته السلطات الفرنسية عام 2017.

ولا يزال غيلان ما زال مصرا على الهجرة.

وأما آخر من التقيتهم، فقد حرق اثنتي عشرة مرة، وما زال يحاول، ويقول لي: "هذا حلم يومي، ننام ونصحو ولا نفكر بأي شيء سوى الهجرة يوميا".

من نابل انتقلت إلى جرجيس، وهي منطقة انتقال للهجرة أيضاً، لكن قربها من ليبيا في الجنوب، يجعلها ممراً للذين يسعون للهجرة من ليبيا.

بالنسيبة للكثير منهم ومعظمهم من الأفارقة، هو ليس ممر بل قبر، ونهاية حياة. يحاولون الهجرة عبر ليبيا، فتقذفهم أمواج البحر بعد الغرق..

ذهبت للقاء، شمس الدين مرزوق... كان منهمكا في حفر قبر... مقبرة ممتدة وبسيطة وسط أرض خالية جنوبي تونس.

شمس الدين مرزوق، بعد أن هاجر ولديه، نذر حياته، لدفن الجثامين التي يلقيها البحر، لأولئك الذين لم ينجحوا في الهجرة.

كان شمس الدين يجهز القبر لاستقبال جثمان كاميرونية، من المستشفى بعد تجهز التصريحات لإخراج جثتها التي قذفتها أمواج البحر.

يردد شمس الدين إكرام الميت دفنه، حسب الدين الإسلامي، بغض النظر عن دين المتوفي، أو عرقه، أو جنسيته.

أطلق على المقبرة اسم مقبرة الغرباء.

معظم الجثامين التي يتعامل معها شمس الدين، من التي جرفها البحر، وفي معظم الأحيان، يصعب التعرف عليها.

روى شمس الدين لي قصة قبر بشاهد واضح، يعود لنيجيرية اسمها روزماري، فهي عكس معظم شواهد القبور بأرقام ترميزية، تحمل اسماً.

يقول ان روزماري ماتت وتم التعرف عليها، حتى اهلها يزورون قبرها اليوم. يشعر شمس الدين أنه يؤدي الرسالة.

"بانتظار من لا يعود"

ما زالت جرجيس تذكر يوم 11 فبراير/شباط، أسابيع بعد الثورة التي أدت إلى هرب حاكمها القوي زين العابدين بن علي.

في العام 2011، حين كانت موجة الحرقة على أشدها، خرج عبدالله، كما يروي ابوه، ضمن مجموعة من 120 مهاجراً

في منتصف الليل وقبل الوصول إلى لامبيدوزا، ارتطم قاربهم، بسفينة خفر سواحل تونسية. شقت القارب شقين، حسب الأب.

السلطات قالت إن خطأ ما تسبب بالحادث، والد عبدالله، فاروق للآن لا يقبل تلك الرواية.

تم استخراج 17 جثة، و5 اعتبروا في عداد المفقودين بينهم عبدالله.

فاروق بقي لأشهر يخرج إلى البحر متأملاً، أن يقذف الموج له جثمان ابنه.

"كل شيء يرتبط بالحرقة"

ما أن تتجول في شوارع جرجيس جنوبي تونس، وكما في سائر البلاد، تلاحظ انتشار المقاهي. تقليد الجلوس في المقاه هذا قديم منذ أيام الاستعمار الفرنسي في البلاد.

البعض الآخر يقضي وقته جالسا امام منازلهم ذات الساحات المزروعة بالزيتون. يجمع بين كل هؤلاء كبر سنهم.

جرجيس المطلة على البحر الأبيض المتوسط هي إحدى مناطق انطلاق الهجرة السرية، أو "الحرقة" باللهجة المحلية.

كأن كل شيء هنا يرتبط بتلك الهجرة... غالبية من في الشارع من كبار السن، لأن الشباب هاجروا، يقول لي أحد المحليين.

بيوت فخمة تطل على البحر، لا حياة فيها، يقول آخر، الا في الصيف حين يعود المهاجرون (أو عرب فرنسا كما يوصفون هنا).

بنوا بيوتا لعطلاتهم الصيفية، في مدينتهم الأصلية، بعد أن نجحوا في الهجرة.

كل هذا جعل الهجرة عنوانا لها.

حسن لهيذب أسس في المدنية متحفاً لتوثيق ما يقذفه البحر منذ عام 1993. اليوم تحول قسم كبير من المتحف عن الهجرة السرية.

على جنبات القسم المخصص للهجرة السرية، علق احذية الغرقى منهم...وكلما دخل القسم حركها، ليقول: "إنها محاولة رمزية لبث الحياة فيها". 

اجمالي القراءات 1478
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق