ميدل إيست آي»: «السيسي» المرتبك يشدد القمع قبل انتخابات محسومة لصالحه

اضيف الخبر في يوم الأربعاء ١٤ - مارس - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الخليج الجديد


ميدل إيست آي»: «السيسي» المرتبك يشدد القمع قبل انتخابات محسومة لصالحه

ميدل إيست آي»: «السيسي» المرتبك يشدد القمع قبل انتخابات محسومة لصالحه

ما هي بالضبط المرحلة النهائية للعبة التي يلعبها الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي»؟

ليس هناك شك في أن «السيسي» سينجح في الحصول على فترة ثانية في الانتخابات الرئاسية الشهر المقبل. وقام نظامه إما باعتقال أو إسكات جميع المعارضين المحتملين، بما في ذلك رئيس أركان الجيش السابق «سامي عنان».

وكان «عنان» قد أعلن المنافسة في الانتخابات، وتعرض الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات الذي يراقب الفساد في مصر «هشام جنينة»، للاعتداء منذ ذلك الحين على يد بلطجية بالقرب من منزله، ثم جرى اعتقاله فيما بعد، وذلك بعدما تم اختيار «جنينة» عضوا في فريق «عنان» الرئاسي المحتمل.

وجاء سقوط «عنان» الدرامي في أعقاب محاولة تم إجهاضها لجنرال عسكري سابق آخر، وهو الفريق «أحمد شفيق»، للانضمام إلى السباق. وبعد فترة وجيزة، سحب محامي حقوق الإنسان والمرشح الرئاسي السابق «خالد علي» طلبه للترشح، لأسباب واضحة.

قمع المعارضة

لكن مع ذلك، تستمر حملة القمع.

وفي 15 فبراير/شباط، تم اعتقال «عبدالمنعم أبو الفتوح»، وهو مرشح سابق للرئاسة عام 2012 وسياسي إسلامي، من منزله. ومنذ ذلك الحين، جمد حزبه «مصر القوية» أنشطته. وقبل أقل من أسبوع من ذلك، ألقت الشرطة القبض على نائب رئيس الحزب، «محمد القصاص»، الذي تم اتهامه «بالانضمام إلى جماعة محظورة وتمويلها».

ومنذ انتخابات عام 2012، أصبح «أبو الفتوح» غير ذي صلة إلى حد كبير بالساحة السياسية، التي أدت إلى إضعاف جميع السياسيين عدا الموالين لـ«السيسي». وكان من الواضح أنه تم استهدافه بعد أن بثت له قناة الجزيرة القطرية، «المحظورة» في مصر، لقاء انتقد فيه «السيسي» واستمر في الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات، مما أكسبه اتهامات مثيرة للضحك، مثل «زعزعة استقرار البلاد» و «تضخيم الأزمات».

وفي الآونة الأخيرة، تم اختطاف ناشطين يساريين على الجانب الآخر من الطيف السياسي، وهما «جمال عبدالفتاح»، البالغ من العمر 72 عاما، و«حسن حسين»، البالغ 62 عاما، من منازلهما، في أوائل مارس/آذار، واختفيا منذ ذلك الحين.

وبعد أسبوع، ظهرا في نيابة أمن الدولة رهن الاعتقال رسميا، في انتظار التحقيق في اتهامات «بالانضمام إلى جماعة إرهابية، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي في نشر أفكار الجماعة، والتحريض على أعمال الإرهاب، ونشر أخبار كاذبة».

وعلى الصعيد الإعلامي، تعرضت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) لعاصفة سياسية، بعد نشرها فيلم وثائقي قصير تبرز فيه ما قالت إنه حالات اختفاء قسري وتعذيب قامت بها الأجهزة الأمنية تحت إدارة «السيسي».

وأبرز البرنامج حالة «زبيدة»، البالغة من العمر 23 عاما، والتي ظهرت والدتها وهي تبكي على البرنامج، مشيرة إلى إساءات «لا توصف» لابنتها في الحجز، وقالت إنها لم ترها لمدة عام كامل. لكن قضيتها انقلبت رأسا على عقب عندما بثت شبكة موالية للحكومة، وهي «أون تي في»، بمساعدة من وزارة الداخلية، وفقا للمضيف «عمرو أديب»، مقابلة مشكوك فيها للغاية مع «زبيدة»، دحضت فيها كل ادعاءات والدتها.

ومنذ ذلك الحين، تم اعتقال الأم ومحاميها.

كما دعت دائرة المعلومات الحكومية، التي ترخص عمل أعضاء الصحافة الأجنبية، إلى مقاطعة رسمية لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، إلى أن تصدر اعتذارا عن «انتهاكها للمعايير المهنية والأخلاقية».

لكن الذراع الطويلة لـ «القانون» وصلت أيضا إلى مشجعي النظام سيء السمعة على التليفزيون الوطني، مثل مقدم البرامج الحوارية «خيري رمضان»، الذي تم إلقاء القبض عليه لفترة وجيزة ثم أُطلق سراحه بكفالة بتهمة «إهانة الشرطة»، بعد أن بث حلقة من برنامجه اشتكت فيها زوجة ضابط شرطة من ظروف معيشية صعبة.

وقبل ذلك بأيام، كان النائب العام قد أمر باتخاذ إجراء قانوني ضد الحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي التي تنشر «أخبارا وشائعات كاذبة»، وضاعف ذلك «السيسي» بتصريح بأن أي إهانة من قبل منظمة إعلامية ضد الجيش أو الشرطة أو تشويه للبلاد تعد «خيانة»، وليست حرية رأي.

ومنذ ذلك الحين، وصلت للمدارس العامة أوامر بإضافة أغنية تدريب عسكرية إلى روتين الصباح اليومي، حيث يواصل الجيش حملته «الشاملة» في سيناء، حيث يتم تدمير المدارس والمنازل بشكل عشوائي.

النظام في أضعف حالاته

لا تعد عملية الاعتقالات في حد ذاتها، والهيمنة القاسية على مؤسسات الدولة، جديدة أو غير متوقعة. لكن السؤال الحقيقي هو ماذا يقول هذا التصعيد عن «الحالة الذهنية» للنظام؟

من الواضح أن نظام «السيسي» عازم على قتل كل السبل إلى أي انتقال سلمي للسلطة. وفي الوقت الذي يرى فيه أنصاره حملة القمع المحمومة بأنها تعزز «الزعيم القوي الملهم»، وهو دور أسطوري ادعاه «السيسي» زورا، فإن الحقيقة تحت السطح هي العكس تماما.

ويعد النظام المصري في أضعف حالاته منذ انقلاب عام 2013. وتراجعت شعبية «السيسي» بشكل كبير على مر السنين، حيث ظهرت حقيقة أفعاله في الكثير من القضايا الساخنة، مثل تسليم جزر البحر الأحمر في مصر، «تيران وصنافير» إلى المملكة العربية السعودية. وهناك سوء إدارة لأزمة المياه التي تلوح في الأفق، المتعلقة ببناء سد النهضة الإثيوبي العظيم، فضلا عن الفشل في القضاء على التمرد الذي يقوده تنظيم الدولة الإسلامية في سيناء.

وكشفت تحقيقات في صحيفة «نيويورك تايمز»، نشرت في 3 فبراير/شباط، أنه بسبب هذا الفشل ولأكثر من عامين، «نفذت الطائرات بدون طيار والمروحيات والطائرات الحربية الإسرائيلية حملة جوية سرية، وشنت أكثر من 100 غارة جوية داخل مصر»، بموافقة «السيسي».

وأطلق الخبر عاصفة من النفي الذي لا يمكن تصديقه من قبل النظام والمدافعين عنه. ولكن بعد أقل من شهر، أعلن «السيسي» أنه «سجل هدفا» بإبرامه صفقة غاز طبيعي بقيمة 15 مليار دولار مع (إسرائيل).

وطبقا لصحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، وقعت «ديليك دريلينغ» وشريكتها الأمريكية «نوبل إنيرجي» على اتفاق لبيع ما مجموعه 64 مليار متر مكعب من الغاز، على مدى 10 أعوام، لشركة «دولفينوس القابضة» المصرية، والتي يقول المراقبون إنه قد يمهد الطريق أمام تعاون أوسع نطاقا، وأنه يساعد في تحويل مصر إلى مركز تصدير للغاز الإسرائيلي.

ولا تبدو حقيقة أن هذا الغاز قد سُرق من الفلسطينيين تشكل أي قضية أخلاقية لدى «السيسي»، الذي يعامل (إسرائيل) كجار ودود.

برلمان مطاطي

وحالما يحصل «السيسي» على فترته الثانية رسميا، سيواصل دور المنقذ المخلص. وعند هذه النقطة، سيضرب على الحديد وهو ساخن. وفي حالة النشوة من انتصاره الزائف، سيصعد «الحرب على الإرهاب»، لتبرير تعديل دستوري يحتمل أن يبقيه في السلطة إلى ما لا نهاية.

وبطبيعة الحال، سيقوم البرلمان المعين بتقديم فروض الولاء والطاعة، ولكن حتى في حالة مواجهة أي معارضة، ستكون الانتخابات البرلمانية المقبلة ستكون في عام 2020، في منتصف فترة ولايته الثانية، وعندها يمكن الإطاحة بأي مثيرين للمشاكل.

ولعل الميزة الأكثر غموضا في هذه التمثيلية السياسية، هي أنها تتوقف فقط على شراء الوقت. وسيقضي «السيسي» فترته الثانية في وصم وسائل الإعلام المعارضة بالاتهامات، وتوقيف واعتقال المعارضين، وتعزيز خنق المؤسسة العسكرية للسلطة.

ورغم كل ما قيل، لا يعتبر هذا الاستبداد الجامح الذي يحكم البلد الأكثر أهمية في المنطقة، علامة على الثقة ولا البراغماتية، بل إنه «ذيل» يضرب بشكل عشوائي لوحش أسير تم صيده في شبكة شائكة من أكاذيبه الخاصة، مع عدم وجود نهاية حقيقية في الأفق. ولم يحقق «السيسي» سوى سلسلة من المكاسب قصيرة المدى، والتي سوف تؤدي فقط إلى تأخير سقوطه الوشيك دون أدنى شك.

ولم ير «مبارك» مصيره قادما، ولن يستمر «السيسي» أبدا 30 عاما.

اجمالي القراءات 933
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق