هل تكون 2018 سنة عزل ترامب من البيت الأبيض؟

اضيف الخبر في يوم الخميس ٠٤ - يناير - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسة بوست


هل تكون 2018 سنة عزل ترامب من البيت الأبيض؟

يقترب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من قضاء عامه الأول رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية، خلفًا للرئيس السابق باراك أوباما، وقد أثار ترامب خلال هذا العام جدلًا في كل تصريح غريب يلقي به، أو تغريدة على حسابه الرسمي، ولا ينتهي الجدل إلا مع تصريح آخر أو تغريدة جديدة تسحب البساط من سابقتها.

لا تكف الصحف الأمريكية والعالمية الآن عن السؤال عن إمكانية نزع سلطات ترامب وإبعاده عن منصبه على رأس السلطة التنفيذية في الولايات المتحدة، ففي بداية ديسمبر (كانون الثاني) الحالي، تقدم «آل جرين» (Al Green)، ممثل الحزب الديموقراطي عن ولاية تكساس، بطلب سحب الثقة (impeachment) من الرئيس دونالد ترامب، مرفقًا طلبه بمجموعة من الإجراءات البرلمانية لإقناع الكونجرس الأمريكي بإجراء تصويت على قراره المقترح.

وقال «جرين»: «إنّ دونالد جون ترامب جلب بتصريحاته الازدراء والسخرية والعار لمنصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وزرع الخلاف بين طوائف الشعب الأمريكي؛ وبهذا يثبت أنه غير قادر على أن يكون الرئيس، وقد خان ثقة الشعب الأمريكي به، وتسبب في أذى جلي لشعب الولايات المتحدة، كما أنه ارتكب مخالفات كبيرة في البيت الأبيض».

يعتمد النظام الأمريكي للحكم آليات معينة تضمن لأعضاء الكونجرس التحقيق مع الرئيس، ويتم عرض كل طلب تحقيق للتصويت في الكونجرس، ويجري التحقيق حال موافقة أغلبية الثلثين في المجلس على إجرائه، ولا يعني هذا – حال إجرائه – حتمية طرد الرئيس الأمريكي من سدة الحكم، لكنه في المقابل يعني ضعفًا شديدًا تهتز له سلطة الرئيس، وتحجم قدرته على اتخاذ قرارات مهمة، بالرغم من أن هذه العملية عادة ما تأخذ الكثير من الوقت والخطوات الشاقة. 

أبرز ضحايا هذه العملية كان الرئيس بيل كلينتون، الذي جرى إجراء التحقيق معه عام 1998، لكنه بقى بعد إعلان نتائج التحقيق رئيسًا للولايات المتحدة، كذلك الرئيس ريتشارد نيكسون، الذي تعرض للتحقيق هو الآخر، وانتهت القضّية إلى استقالته، كأوّل رئيس أمريكيّ يستقيل من منصبه، بالإضافة إلى الرئيس ليندن جونسون، لكن قرار مجلس الشيوخ كان الإبقاء عليه في مكتبه، ولم يشهد التاريخ الأمريكي خروج رئيس من منصبه كنتيجة للتحقيقات معه من قبل مجلس الشيوخ الأمريكي.

خطوات ترامب الأولى نحو البيت الأبيض قد تكتب نهايته فيه

أحد أكبر الأسئلة التي تشغل الشارع الأمريكي في هذه اللحظة، هو ما إذا كانت لجنة المستشار القانوني الخاص، روبرت مولر، سيتوفّر لديها قريبًا الدليل على تواطؤ الرئيس الحالي دونالد ترامب مع روسيا، للالتفاف حول نتيجة الانتخابات الأمريكية الأخيرة التي خاضها ترامب ضد مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون. هناك العديد من القرائن التي تم الكشف عنها خلال الشهور التي تقلد فيها ترامب منصب الرئيس، والتي تشي بالكثير فيما يخص هذه القضية.

 



كانت الاعترافات التي قدمها مستشار الأمن القومي السابق للرئيس ترامب «مايكل فلين»، أحد أبرز المحطات الأخيرة التي رفعت سقف التوقعات بشأن احتمالية تعرض الرئيس الأمريكي لتحقيق من قبل الكونجرس. 

 

«فلين» اعترف بأنه مذنب، مؤكدًا أنه قام بتقديم بيانات كاذبة واحتيالية عن قصد وعلم مسبق لوكالة الاستخبارات الأمريكية بشأن محادثاته مع السفراء الروسيين. من بين تلك الوقائع التي كشف عنها مستشار ترامب للأمن القومي أيضًا أنه تم توجيهه من قبل عضو مهم في فريق الرئيس ترامب للتواصل مع مسؤولين روسيين رسميين في ديسمبر (كانون الأول) 2016، وسيكون على الجميع انتظار النتيجة النهائية لتحقيقات لجنة مولر بعد عرضها على الكونجرس الأمريكي لاتخاذ القرار بشأنها.

ترامب يسير على خطى نيكسون ويتوقع نتائج مختلفة

في مايو (أيار) الماضي قرر ترامب عزل مدير الاستخبارات الأمريكية «جيمس كومي»؛ وهو الأمر الذي أثار الكثير من الأصوات المعارضة في أروقة السياسة الأمريكية. «كومي» كان المسئول عن التحقيقات التي تجريها الأجهزة الاستخباراتية الأمريكية بشأن تورط ترامب وحملته الرئاسية في إجراء اتصالات مع روسيا لغرض التأثير على نتائج الانتخابات الرئاسية، وصنع هذا القرار اتفاقًا نادرًا بين طبقات الديمقراطيين والجمهوريين في الولايات المتحدة حول درجة الخطورة الحقيقية للدور الذي قامت به روسيا في الانتخابات الأمريكية الأخيرة، واعتبر هذا القرار بمثابة مؤشر حقيقي على وجود معلومات حقيقية عن الصلة التي أنكرها ترامب بينه وبين روسيا في مرحلة ما قبل الانتخابات الأخيرة التي فاز فيها على مرشحة الحزب الديمقراطي، هيلاري كلينتون.

 

James Comey will be replaced by someone who will do a far better job, bringing back the spirit and prestige of the FBI.

 

في سنة 1973 كان الرئيس الأمريكي نيكسون هو أول من استخدم هذه الحيلة عندما قام بطرد المحقق الخاص المخول بالتحقيق في حادثة «ووترجيت»، لكن الأمور لم تجر كما تمنى، فكانت هذه الخطوة بمثابة فتيل أشعل الغضب الشعبي في وجه نيكسون، وأجبر مجلس الشيوخ على الإسراع في إجراء التحقيقات بعد ذلك. 

هذه الحادثة جعلت المقارنة بين مصير ترامب ومصير نيكسون معقولة إلى حد بعيد، فالسياسات الأمريكية ليست متسامحة مع فكرة استخدام إجراء قانوني بهدف عرقلة إجراء قانوني آخر، وهو الأمر الذي لم ينتبه له ترامب على الأرجح.

«ترامب خطر على الديمقراطية».. آلاف الدولارات لتمويل أعمال من حكومات خارجية. لم يكن «أل جرين» هو السياسي الوحيد الذي طالب بإجراء تحقيق مع الرئيس ترامب في الشهور الأخيرة، «ستيف كوهين» ممثل الحزب الديمقراطي في مجلس الشيوخ عن مدينة «ممفيس»، ومعه خمسة أعضاء آخرين من الحزب الديمقراطي، تقدموا كذلك في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بطلب إجراء تحقيق مع ترامب، مبررين طلبهم بأن الرئيس دونالد ترامب أصبح «خطرًا على الديمقراطية». 

وقال كوهين: «حان الوقت لنوضح للشعب الأمريكي، ولهذا الرئيس، أن سلسلة التصرفات التي اخترق فيها الدستور الأمريكي يجب أن يجري إيقافها عن طريق التحقيق معه».

هذه المرة كانت الاتهامات المرفقة بطلب التحقيق تتضمن اتهام ترامب بعرقلة العدالة في التحقيق الجاري بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، كما في عريضة «جرين»، إضافة إلى اتهامات بخرق الدستور الأمريكي بتلقي آلاف من الدولارات في تمويل أعمال من حكومات خارجية؛ لإقامة مؤتمرات أو لقاءات في المؤسسات المملوكة لترامب. 

وأشارت تفاصيل هذا الاتهام إلى أن المملكة العربية السعودية دفعت – بحسب تقارير – 270 ألف دولار للفندق الدولي المملوك لترامب بواشنطن العاصمة، كما دفعت القنصلية الكويتية ما يتراوح بين 40 ألف و60 ألف دولار، إضافة إلى تعمده الدائم زيارة أماكن يمتلكها بصفته رئيسًا للولايات المتحدة، ما كلف الحكومة الأمريكية قرابة 137 ألف دولار.

لائحة الاتهام شملت أيضًا إهانة القضاء الفيدرالي، بطريقة حديثه غير اللائقة عن القضاء، والتقليل من حرية الإعلام عن طريق تعمده ذكر الوسائل الإعلامية بشكل دائم متهمًا إياها بمنصات «الأخبار المفبركة»، بوضع كل هذه «الجرائم» في الحسبان، فإن إجراء تحقيق عاجل مع الرئيس ترامب يجب أن يعتبر «تصرفًا وطنيًا»،بحسب عضو الكونغرس «أل جرين».

حساب «ترامب» على «تويتر» يهدد عرشه!

بالرغم من التحسن الواضح في الاقتصاد الأمريكي، من وجهة نظر الاقتصاديين اليمينيين، والارتفاع العام لمؤشرات سوق الأوراق المالية، وانعكاس ذلك على الأجور الآخذة في الارتفاع، وقرب الانتهاء الكامل من وجود لـ«الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)»، والسيطرة الكبيرة على معدلات الهجرة غير الشرعية؛ إلا أن معدلات رفض، ومعارضة المواطنين الأمريكيين للرئيس الحالي دونالد ترامب ترتفع لمعدلات قياسيةمقارنة بكل الرؤساء الذين سبقوه.

يقترب العام الأول لترامب في البيت الأبيض على الانتهاء، في الوقت الذي تنخفض فيه معدلات تأييده بشكل درامي، وبمقارنته بكل الرؤساء قبله، فهو الأقل شعبية بينهم جميعًا في هذه المرحلة من فترته الرئاسية. 

ليس هذا هو الرقم القياسي الأول لترامب فيما يخص معدلات فقدان التأييد الشعبي؛ فقد حصد لقب أسرع رئيس أمريكي يفقد تأييد أكثر من نصف الأمريكي، إذ وصلت نسبة المعارضين له إلى 51% من الشعب الأمريكي يوم 28 يناير (كانون الثاني) 2017، أي بعد ثمانية أيام فقط من توليه المنصب، أما في منتصف ديسمبر الحالي فقد بلغت نسبة مؤيديه 38%، مقابل 56.4% للمعارضين.

بالتأكيد لا يمكن إرجاع هذه النسب القياسية في المعارضة الشعبية لترامب إلى سبب واحد، فالحقيقة أن الأمر أكثر تعقيدًا، وهناك الكثير من الأسباب التي تصلح أن تكون سببًا منطقيًا لتفسير هذه الظاهرة. 

ترجع الكثير من التحليلات هذا التدني في شعبية ترامب إلى حسابه الشخصي على تويتر، فقد أكدتاستطلاعات رأي أقيمت في الولايات المتحدة، أن أحد أكثر النقاط اتفاقًا بين المحافظين والديمقراطيين في الولايات المتحدة أنهم جميعًا يكرهون تغريدات الرئيس على تويتر، والمتتبع لتغريدات ترامب يستطيع الخروجبنتيجة عامة، وهي أن الرئيس الأمريكي مهتم بالنزاعات الشخصية مع بعض المشاهير من الرياضيين والإعلاميين، وكذلك بعض المنصات الإعلامية الشهيرة في الولايات المتحدة أكثر من اهتمامه بالمهام الرئيسة لمنصبه كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية.

انتخابات الكونجرس 2018.. معركة تكسير العظام

سيكون الحزب الديمقراطي أمام معركة حقيقية في انتخابات الكونجرس 2018، انتخابات سيعول عليها أعضاء وأتباع الحزب الجمهوري لتخليص الولايات المتحدة من كابوس ترامب، كما يعوّل الحزب على استغلال وعود ترامب بإلغاء نظام التأمين الصحي الحالي الذي دعمه الرئيس السابق أوباما، ليحل محله نظام جديد متحيز للشركات الكبرى، وأصحاب رؤوس الأعمال؛ ما سيخلف 13 مليون أمريكي من الطبقات الفقيرة والعاملة المؤيدة لترامب في الغالب بدون تأمين صحي. 

بالإضافة إلى ذلك، فإن خطابات الكراهية التي أطلقها ضد الأقليات العرقية والمهاجرين، وخطط تشريعات الضرائب التي تتحيز بدورها ضد الطبقات الفقيرة، وغيرها من الإجراءات التي تبناها ترامب في عامه الأول، كلها سيستغلها الحزب الديمقراطي لتحقيق أكبر مكسب ممكن في الانتخابات القادمة.

هذه الانتخابات، وإن لم تكن ضمانة لخروج ترامب من البيت الأبيض قبل انتهاء فترته الأولى، إلا أنها ستعتبر في أروقة السياسة الأمريكية بمثابة استفتاءات مباشرة على الرئيس ترامب، كما ستكون – في حالة فوز الديمقراطيين، على أقل تقدير – عامل كبح للإجراءات التي ينوي ترامب تنفيذها في عامه الثاني كرئيس للولايات المتحدة. 

اجمالي القراءات 1248
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق