حديث الساعة.. ما وراء أحداث كردستان العراق المشتعلة الآن

اضيف الخبر في يوم الإثنين ١٦ - أكتوبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه


حديث الساعة.. ما وراء أحداث كردستان العراق المشتعلة الآن

تدهورت الأمور بين الحكومة العراقية وإقليم كردستان العراق، حد تسجيل الساعات القليلة الأخيرة سيطرة للقوات العراقية على القاعدة العسكرية الأكبر في كركوك (كي)، وعلى مطار كركوك العسكري، ليعلن رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي أنه: «لم نقم إلا بواجبنا الدستوري لبسط السلطة الاتحادية وحماية الثروة النفطية بكركوك».

فقبل أن تفرح كردستان بنتائج استفتاء الانفصال، الذي أجري في 25 سبتمبر (أيلول) الماضي، عانى الإقليم من محاصرة سياسية واقتصادية وعسكرية، وخلقت أزمة فعلية في الداخل الكردي والخارج مع الدول المجاورة، وباتت أحلام أكراد العراق في الاستقلال بعد دحر تنظيم الدولة أمرًا بعيد المنال، بسبب التحرك الداخلي والخارجي ضد آمالها.

كيف تدهورت الأمور بين إقليم كردستان وبغداد؟

تلاحقت الأحداث خلال الساعات القليلة الماضية، كانت أخبار تفيد بأن قوات الجيش العراقي والحشد الشعبي هددت بشن هجوم على محافظة كركوك الواقعة تحت سيطرة إقليم كردستان، بعد مهلة حُددت لإخلاء البيشمركة لمواقعها العسكرية والحقول النفطية، وأخرى تؤكد أن قوات البيشمركة على جهوزية تامة للرد على أي هجمات قد تشن.

حشود للجيش العراقي على مداخل كركوك (المصدر: أ ف ب)

وفعليًا تقدم الجيش العراقي وسيطر على مواقع وقواعد عسكرية في كركوك، بعد إرسال كل من الحكومة العراقية وكردستان تعزيزات عسكرية إلى محيط المحافظة، وقد أعلن الجيش العراقي أمس إسقاط طائرة استطلاع صغيرة بدون طيار، يُعتقد أنها تابعة لقوات البيشمركة المتواجدة على تخوم مناطق العياضية، شمال غرب الموصل مركز محافظة نينوى (شمال)، وذلك بعدما طلب البرلمان العراقي إرسال قوات إلى كركوك والمدن الأخرى المتنازع عليها، ولا يمكن استبعاد رفض بغداد لإجراء استفتاء الانفصال عن العراق باعتباره سببًا رئيسًا لهذا التوتر، فبغداد تشترط إلغاء نتائج الاستفتاء قبل إقدامها على أي حوار مع الإقليم.

قوات البيشمركة (المصدر: رويترز)

وتريد بغداد التي وجهت إنذارًا إلى إقليم كردستان بإخلاء آبار النفط في كركوك قبل إقدامها على استعادة هذه المواقع للسيطرة على المحافظة التي فقدتها في العام 2014، بعدما تمكنت البيشمركة من دحر عناصر تنظيم الدولة وسيطرت بشكل كامل تلك القوات على أغلب مناطق المحافظة الغنية بالنفط، ثم قامت بتحويل مسار الأنابيب النفطية إلى داخل إقليم كردستان، وباشرت التصدير دون موافقة بغداد، وتنتج المحافظة من ثلاثة حقول نفطية نحو 400 ألف برميل يوميًا، لذلك تعد الركن الاقتصادي الأساسي في مشروع استقلال كردستان.

هل يقع اقتتال داخلي بين بغداد وأربيل؟

«باشرت القوات المسلحة العراقية حركتها تجاه استعادة مواقعها قبل أحداث حزيران (يونيو) 2014»،هذا ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن عميد يتواجد ضمن القوة المنتشرة جنوب مدينة كركوك، إذ اكدت مصادر كردية أن تحركات عسكرية و نقل الأسلحة إلى مواقع قريبة من الاحتكاك تتم على قدم وساق من قبل القوات العراقية ومليشيا الحشد الشعبي.

القوات العراقية تنهي الوجود الكردي في طوزخرماتو (المصدر: العرب اللندنية)

بينما قال محافظ كركوك، نجم الدين كريم، خلال مؤتمر صحفي، أنه: «في حال ارتكب الآخرون أي خطأ وتقدموا صوبنا فسنلقنهم درسًا لن ينسوه أبدًا، إننا لم ولن نتراجع مترًا واحدًا عن مواقعنا، ونحن جاهزون لأية مواجهة»، وتبعًا لهذه التطورات لن تستبعد عضو البرلمان العراقي عن «الاتحاد الوطني الكردستاني»، ريزان شيخ دلير، احتمال أن تؤدي الأزمة الحالية التي يمر بها العراق إلى اقتتال داخلي، ودعت التحالف الدولي والولايات المتحدة الأمريكية إلى الوقوف على الحياد لحل الأزمة، إذ قد يمنع وقوع هذا الاقتتال الدور الأمريكي المعني جدًا بضبط السلاح داخل كركوك، وقد نقلت «الحياة» اللندنية عن مصادر سياسية قولها أن: «الولايات المتحدة تجري وساطة تعتمد قرارًا من المحكمة الاتحادية يلزم الطرفين، لكن الاقتراحات لتسوية الأزمة ما زالت تراوح مكانها، وتخشى أن يوقف أي نزاع عسكري حول كركوك كل المساعي إلى إيجاد حل».

محافظة كركوك (المصدر: العربية نت)

يقول الباحث في معهد واشنطن «مايكل نايتس»: «لا بدّ أن تحرص الولايات المتحدة على حماية الجائزة الكبرى، أي العلاقات مع بغداد، ولكن الخطة الاحتياطية القائمة على حكومة إقليم كردستان لا تزال تتمتع بأهمية كبرى بالنسبة للمصالح الأمريكية، وربما لتركيا أيضًا إذا ما تعثّر إعجابها المفاجئ ببغداد»، ويضيف «نايتس» الذي عمل في جميع محافظات العراق: «يتعيّن على إدارة ترامب اتخاذ إجراءات فورية للحفاظ على الثقة الدولية في حكومة إقليم كردستان وعلى الصلات معها».

ويستبعد المختص بالعلاقات الدولية والشؤون الخارجية، خالد الغري: أن تكون الحرب ورادة، ويوضح: «الولايات المتحدة هي من تضع خطوط الصراع وتمنع استخدام القوة ضد الأكراد بالرغم من عدم تأييدها للاستفتاء، ولذلك تحاول الدفع بالأطراف نحو الحوار بين بغداد والإقليم»، مستدركًا لـ«ساسة بوست»: «لكن إيران تحاول دفع المشكلة إلى مواجهة فعلية، فالحشد الشعبي بتشكيل هادي العامري وقيس الخزعلي يهددون يوميًا بإعلان الحرب وتجويع الأكراد».

إيران تشعل الحرب بين البيشمركة والجيش العراقي

وصل أمس الأحد القائد بالحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، إلى كردستان العراق، أعلنت أهداف الزيارة بأنها لبحث تصاعد الأزمة بين أربيل وبغداد، وحدث ذلك بالتزامن مع تقدم الجيش العراقي و ميليشيا «الحشد الشعبي» في اتجاه جنوب كركوك ووسط توتر كبير.

القائد بالحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني (المصدر: شبكة أورينت)

جاءت هذه الزيارة مع تأكيدات كردية بأن «قوات الحشد الشعبي وبعض من قطعات الجيش العراقي بدأت الليلة قبل الماضية بالتحرك والاستعداد للهجوم على المناطق الخاضعة لسيطرة البيشمركة خاصة في محيط كركوك»، وقالت تلك المصادر أن: «هذه التحركات تأتي بعد تشجيع ودفع أجنبي وكذلك بعد التصريحات التهديدية في الأيام الأخيرة لبعض المسؤولين العراقيين الحكوميين والعسكريين ضد شعب كردستان والتي كانت تحتوي على إشارات خطيرة حول اندلاع حرب وهجوم على كردستان».

قوات الحشد الموالية لإيران (المصدر: شبكة أورينت)

«سليماني» الذي يوفر التدريب والسلاح لميليشيا الحشد الشعبي في العراق، «يحاول بكل ثقله من خلال الحشد الشعبي والحرس الثوري بالدفع نحو المواجهة»، كما يقول المختص بالعلاقات الدولية والشؤون الخارجية، خالد الغري، فإيران في ظل التضييق الأمريكي عليها تحاول الرد من خلال القبض على العراق والسيطرة على الأكراد، ويضف الغري: «سليماني بتلك الزيارة يحاول أن يتوافق مع السليمانية لتسليم الحشد كركوك الورقة الأضعف في عملية الاستفتاء، وإحداث شق داخل الصف الكردي، وبغداد تحاول أن تستوعب القضية من خلال استغلالها من قبل إيران»، ويتابع القول: «الأكراد يخشون على مصيرهم من الحرس الثوري والحشد الشعبي بعد انتهاء تنظيم الدولة، فالأكراد شوكة في تصور إيران التي تحول السيطرة على كل العراق لفتح الطريق من طهران نحو المتوسط».

ظهور الخلاف الكردي الكردي

«قوات البيشمركة تواجه مع الجيش العراقي جنبًا إلى جنب العدو في ساحات الوغى، وأصبحت البيشمركة البطلة نجمة لامعة في الشرق الأوسط في مواجهة الإرهاب، لكن كما نرى فإنها والقوات العراقية تواجه إحداهما الأخرى في معركة غير مرغوب فيها»، جزء مما جاء في رسالة وجهها نجل رئيس حزب الرئيس العراقي السابق الراحل جلال طالباني «بافيل» إلى المجتمع الدولي وبغداد لتجنب القتال.

الرئيس العراقي ورئيس إقليم كردستان العراق (المصدر: شبكة أورينت)

وأضاف «بافيل» في رسالته أن: «المناطق المتنازع عليها في حاجة إلى إدارة مشتركة لنزع فتيل الأزمة، وكركوك في حاجة إلى إدارة مشتركة بموجب آخر نتائج الانتخابات وتشكيل مجلس جديد للمحافظة وتعيين محافظ إن لزم الأمر»، فسرعان ما ظهرت بوادر خلاف بين أكراد العراق، حيث تنقسم قوات البيشمركة في كركوك قسمين، أحدهما تابع لحزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» وينتشر في جنوب كركوك وشرقها، وآخر تابع للحزب «الديموقراطي» بزعامة مسعود بارزاني وينتشر في شمال المدينة وغربها، يقول المختص في الشأن الكردي «نواف الركاد» أن الخلاف الكردي الكردي قديم جدًا، وقد ظهر جليًا خلال الحرب الأهلية الكردية بجناحيها البارزاني والطلباني، وحتى اليوم ما زالا يتقاسمان السلطة والبيشمركة والثروة دون أي بوادر توحد على الإطلاق.

جلال طلباني و مسعود برزاني (المصدر: أ ف ب)

ويضيف الركاد لـ«ساسة بوست»: «هناك حاجة للبارزاني لتجديد العقد الاجتماعي الذي قد يتيح له ولجماعته الاستئثار بالسلطة خصوصًا بعد انتهاء ولايته القانونية بوصفه رئيسًا للإقليم وعدم جواز التجديد له، وكذلك يتعلق الأمر بأسباب مرتبطة بفشل تجربة الدولة المدنية الديمقراطية و خاصة بعد انجراف الدولة العراقية نحو الدولة الدينية»، ويتوقع الركاد أن تزيد الأمور صعوبة على البارزاني، لأن الجبهة الداخلية مفككة وغير متماسكة ما يسهّل عرقلة المشروع برمته.

اجمالي القراءات 2295
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق