أسوار «الكمباوندات» تحمي الأجانب وأثرياء السعودية من سطوة «هيئة الأمر بالمعروف»

اضيف الخبر في يوم الأحد ٢٤ - سبتمبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه


أسوار «الكمباوندات» تحمي الأجانب وأثرياء السعودية من سطوة «هيئة الأمر بالمعروف»

تحولت الكمباوندات السكنية داخل السعودية إلى ملاذ لآلاف الأثرياء داخل مدن المملكة لمُمارسة طقوس الحياة بعيدًا عن القيود الدينية والاجتماعية التي وضعتها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كضوابط يلتزم بها مواطنو المملكة، التزامًا بالتقاليد الاجتماعية التي تحولت لنصوص قانونية استلهمها شيوخ المملكة من الشريعة الإسلامية المنصوص عليها مصدرًا رئيسًا للتشريع داخل السعودية. تستكشف السطور التالية أنماط الحياة داخل الكمباوندات السكنية بالمملكة سواء للأجانب أو الفئة الثرية من السعوديين الذين يقطنونها، وهل يسري داخلها القيود ذاتها التي تضعها الهيئات الدينية والشرطة السعودية على جميع أطياف الشعب أم أنها تحررت من كُل هذه الضوابط؟

مقالات متعلقة :

عوالم منعزلة للأجانب بعيدًا عن قيود الهيئات الدينية

على امتداد مساحات كُبرى من الأراضي داخل السعودية، تأسست مجمعات سكنية مغلقة، مُحاطة بأسوار شاهقة، وحراسات أمنية مشددة عند أبوابها، تستوقف من تشتبه فيه ويقف على مقربة من هذه الأرض؛ أنشأتها شركات أجنبية كمناطق سكنية للعاملين الأجانب فيها، وعوالم منعزلة للعاملين في هذه الشركات، يُتاح داخلها كُل المحظورات التي تُشدد عليها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كالخمر والسينما والسباحة والترفيه والمسرح بعيدًا عن عيون المشايخ والشعب السعودي.

واتجهت الشركات الأجنبية الكُبرى العاملة داخل المملكة نحو بناء المجمعات السكنية المغلقة، للحيلولة دون القيود الكثيرة التي تضعها السلطات السعودية على مواطنيها، وتعدد المُحرمات التي حولت السعودية لمجتمع مُغلق، يعيش مواطنوها دون الحد الأدنى من الرفاهية المتمثلة في السينما والمسرح والسماح للمرأة بقيادة السيارة، وفق ما يراه البعض. وأتاحت الشركات للأجانب العاملين فيها داخل هذه المجمعات السكنية المغلقة حرية التنقل دون قيود على سلوكهم أو طقوسهم كالمشروبات الروحية، والسماح بالاختلاط بين الجنسين، وحرية التنقل والحركة داخل المجمع من غير رقابة على تحركاتهم، وكذلك حرية ارتداء ملابس متحررة يرفضها المجتمع السعودي، وتُجرمها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ويتمثل الجانب الترفيهي داخل المجمعات السكنية للشركات الأجنبية في وجود صالات سينما وملاعب رياضية، ومطاعم، وأسواق خاصة، وحمامات سباحة، وملاعب جولف، فضلًا عن المساحات الخضراء الشاسعة التي يتجولون فيها ليلًا، بينما تحتل الشركات الأمريكية المرتبة الأولى ضمن الهيئات الأجنبية داخل السعودية التي بنت مجمعات سكنية مغلقة لمواطنيها العاملين على أراضي المملكة

وعاودت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مُمارسة مهامها داخل السعودية، بعد عام من تقييد صلاحياتها، في مايو (أيار) 201، التي تضمنت توزيع عناصرها في الأسواق والشوارع، وتسليم الهيئة أجهزة تمكنها من تتبع مركبات أعضائها الميدانيين، مزودة بأجهزة اتصالات وإنترنت.

أثرياء المملكة على خطى الأجانب.. الكمباوند  خيار لممارسة الحياة دون قيود  

سار أثرياء السعودية على خطى الأجانب في النأي بأنفسهم بعيدًا عن المدن السكنية السعودية العادية، للحيلولة دون الوقوع في مصيدة الهيئات الدينية، وسلطات الأمن التي شددت حجم القيود المفروضة على سكانها، وطورت من أنظمة رقاباتها بوضع كاميرات في الشوارع لمراقبة هيئة المارة، وسلوكهم خلال سيرهم.

وحسب أمانة منطقة الرياض، فبناء المجمعات السكنية المغلقة داخل مدينة الرياض يستلزم بعض الاشتراطات الهندسية «أن يكون السور الخارجي للمجمع من الأسمنت المسلح وبمواصفات تتحمل الصدمات أو التقليل منها، واختيار الموقع المناسب للمجمع بحيث لا يسبب ازدحامًا على المواقع والمرافق المحيطة به، ويحيط الشوارع بالمجمع من جميع الجهات لضمان استقلاليته ولتسهيل المراقبة الأمنية»، بينما لم تُحدد أي ضوابط دينية أو أخلاقية داخل المجمعات تسري على سكانها.

ولا تتدخل الهيئات الحكومية السعودية في تحديد أسعار إيجار هذه الوحدات السكنية، أو إلزام مالكي الكومباوند بعدم بيعها أو استئجارها للأثرياء من السعوديين، وكذلك في أنماط سلوكيات مبررين ذلك بكونها استثمارًا خاصًا يخضع لمسألة العرض والطلب. حسب شهادات جمعها محرر «ساسة بوست» من مواطنين أجانب يعيشون داخل المملكة، فنظرة السعوديين للمجمعات السكنية المغلقة صارت مختلفة تمامًا عما كانت عليه قبل سنوات عديدة.

يشرح مواطن مصري يعيش داخل كمباوند سكني بمدينة الرياض ذلك، قائلًا: «كانت النظرة لهذه المجمعات هي أنها أماكن أنشئت لمُمارسة الفجور، وارتكاب المعاصي بعيدًا عن أعين هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قبل أن تتبدل هذه النظرة لدى قطاع من جانب السكان بأنها أماكن للحياة دون ضغوط وقيود بشكل طبيعي، وهي المسألة التي جعلت المقتدرين ماديًا ينقلون حياتهم إلى هذه المجمعات، وينقلون أبناءهم للمدارس الدولية التي لا تقع تحت وصاية وزارة التعليم السعودية».

يُكمل الرجل الذي يعمل مديرًا بإحدى الشركات الأمريكية داخل المملكة على مدار 20 عامًا: «شهد العام الأخير نزوحًا جماعيًا لمئات الأسر السعودية نحو المجمعات السكنية المغلقة بحثًا عن حياة بديلة للحياة التي يجدونها رتيبة ومملة، والتي قد تدفعهم للانتحار نتيجة حالة الانغلاق التي تعيشها المملكة».

وتتراوح أسعار إيجار الوحدات السكنية داخل الكمباوند بالمدن السعودية ما بين 220 ألف ريال إلى 75 ألف ريال شهريًا، وهو أدنى سعر، بينما تُمثل مجمعات الخطوط الجوية السعودية، وإعمار أوجيه، وأرامكو الأكثر شهرة ورفاهية وكذلك سعرًا سواء للإيجار أو للتملك داخل هذه المجمعات التي يشغل الأجانب فيها النسبة الأكبر.

يُظهر أحد الفيديوهات داخل كمباوند إشبيليا السكني بالعاصمة السعودية الرياض لعدد من سكان المجمع ملمحًا من أنماط الحياة داخل هذه المجمعات، إذ ترقص مجموعة من الفتيات بملابس متحررة مع أصدقائهن على موسيقى إحدى الأغنيات الأجنبية في حفل عيد ميلاد، وسط قاعة تتوزع داخلها كشافات إضاءة تمنح المكان روحًا مغايرة لتلك السائدة داخل شوارع السعودية التي تكتظ بالنساء اللاتي يرتدين العباءة التزامًا بالنص الحكومي المرسوم للحياة الاجتماعية في السعودية.

ويوضح الموقع الرسمي لكومباوند إشبيليا، أحد أرقى المجمعات السكنية بمدينة الرياض، أنه يضم عدد 408 فيلا سكنية مبنية وفق أعلى مواصفات البناء، منها 107 فيلا تحتوي كل منها على مسبح خاص بها داخل أسوار الفيلا، بينما يضم المركز الترفيهي الرئيسي داخل المدينة ملاعب إسكواش وصالات بولينج وألعابًا إلكترونية، وعددًا من الملاعب الرياضية، منها ملعب لكرة القدم وكرة السلة وملاعب التنس الأرضي، فضلًا عن حمام سباحة رئيسي.

كمباوند أرامكو: الشوارع بأسماء أجنبية

تأسست شركة أرامكو السعودية عام 1933، بعد عامٍ واحد من تأسيس المملكة، واستعانت المملكة في التأسيس بوافدين أجانب أغلبهم  أمريكيون لإدارة الشركة التي صارت أكبر شركات البترول في العالم. واجه عمال الشركة صعوبات في التأقلم داخل المدن السعودية على خلفية القيود على كُل سلوك أو فعل يمارسونه من جانب السلطات الأمنية والهيئات الدينية، قبل أن تشرع الشركة في
تأسيس مجمع سكني مغلق
بمدينة الظهران شرق السعودية، ويتحول بذلك المجمع لأحد معالم السعودية التي يتحاكى سكانها عن هذا المجمع المغلق على سكانه، من خلال الصور المُسربة من داخله والفيديوهات التي تحاكي أنماط الحياة المتحررة، والكُتب التي وثق فيها سكان المجمع حياتهم داخل المجمع السكني.

وتبلغ مساحة المجمع السكني لأرامكو نحو 58.2 كيلومترًا مربعًا، التي شغلها أكثر من 10 آلاف أمريكي من موظفي الشركة في 1933، قبل أن تنضم إليهم جنسيات مختلفة من موظفي الشركة في السنوات المُقبلة. «أرامكو: الحياة فوق حقول النفط – Aramco: Above the Oil Field»، هو عنوان لواحد من أهم الكُتب التي وثقت الحياة داخل مجمع أرامكو السكني، إذ روت المصورة عائشة مالك سنوات طفولتها ومراهقتها داخل هذا المجمع السكني، الذي كانت تعيش فيه برفقة والدها الذي كان يعمل داخل الشركة البترولية.
وتحكي
عائشة عن أنماط الحياة داخل هذا المجمع لموقع cnn:

«الظهران هي رؤية مصغّرة للولايات المتحدة، حيث تتشابه الشوارع والجنسيات والأديان والثقافات»، مشيرة إلى أن الحياة في المجمع لم تتغير على مر السنوات، وكأن المجمع لا يمت للزمن بصلة».

وتوضح الفيديوهات الترويجية للمجمع السكني عن تسمية الشوارع بأسماء أجنبية، ومساحة من الحرية لحركة السيدات داخل المجمع في مُمارسة الرياضة، والتنقل دون قيود اجتماعية داخل أنحاء المجمع بعربات الجولف، دون قيود على ملابسهن، وانتشار مطاعم دولية، بينما تُظهر التعليقات على هذه الفيديوهات من المواطنين السعوديين حالة الغضب كتعليق يقول: «يبدو أننا عايشين في الجزء المخيس من السعودية، الجزء الجميل للأجانب بس، يالسعودي كل تبن وخس بالتراب والحدائق والألعاب والاستمتاع بس للأجنبي».

وفي تعليق آخر لشاب سعودي على أحد فيديوهات المجمع السكني لأرامكو يقول: «يهب وأنا لي 25 سنة عايش في السعودية مواطن ولا عمري شفت كذا حلال للأجانب حرام علينا».

اجمالي القراءات 2128
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق