الرابحُ يبقى وحيدًا».. كيف تخلَّص النظام المصري من كل الذين ساعدوه؟

اضيف الخبر في يوم الثلاثاء ٢٧ - يونيو - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه


الرابحُ يبقى وحيدًا».. كيف تخلَّص النظام المصري من كل الذين ساعدوه؟

القصةُ دائمًا تبدأُ بالسطورِ التي لا يَلحظها أحد؛ ابتسامة وزير الدفاع السابق، والرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي الساخرة التي توسطت قيادات الجيش عام 2013 بقيت وحيدةً بعدما اختفى معظم أبطال الصورة، وشاشات التلفاز الصاخبة لم يعد يظهر بها أولئك الإعلاميون ورموز السياسة الذين دعوا المواطنين لانتخاب «مُرشح الضرورة»، جميعهم أيضًا رحلوا تدريجيًّا عن الذاكرة، شأنهم شأن جبهة الإنقاذ التي لم يعد لها وجود؛ والدرس المُستفاد بعد ثلاثة أعوام من الحُكم، هو أن النظام المصري يعتقد أن الساحة لا تتسع لشخصين، وأن الصلاحيات لا يمكن تقاسمها؛ لأن «الرابحَ يجب أن يبقى وحيدًا».

مقالات متعلقة :

في هذا التقرير نشرح لك كيف أطاح السيسي تدريجيًا بكل الذين ساعدوه في الوصول للحكم، وهذه السطور هي إحدى فصول القائمة المنسية لرجال الدولة المنسيين.

1- الإطاحة بالترقية أو الإقالة

17 عضوًا من المجلس العسكري تمت إطاحتهم إضافة إلى 113 ضابطًا بالمخابرات العامة.

التاريخ المصري الحديث به مفارقة تاريخية جديرة بالتوقف والانتباه؛ أولها ما حدث في عام 1952، عقب حركة الجيش في 23 يوليو، وإجبار الملك فاروق الأول، ملك مصر والسودان، على تسليم السُلطة والتنازل عن العرش لوليّ عهده الأمير أحمد فؤاد الثانى، وقيام الضباط الأحرار بتشكيل مجلس قيادة الثورة برئاسة اللواء محمد نجيب؛ للمشاركة في حُكم البلاد مناصفة مع مجلس الوصاية الملكي على الأمير الصغير؛ ولكن ماذا حدث لأعضاء مجلس قيادة الثورة – عددهم 15 ضابطًا – بعدما تولى الرئيس عبد الناصر الحُكم؟

النظام المصري

التاريخ يُخبرنا أن الجميع حصل على حقائب وزارية ومناصب عليا في عهد عبد الناصر؛ فالمشير عبد الحكيم عامر تولى قيادة الجيش، وزكريا محي الدين أصبح رئيسًا للوزراء، وحسين الشافعي وزيرًا للشئون الاجتماعية، وكمال الدين حسين وزيرًا للتربية والتعليم، وجمال سالم ترأس حقيبة النقل والمواصلات، وتستمر سلسلة المناصب العليا للجميع، لكنها توقفت عند شخصين، اللواء محمد نجيب، الذي تم وضعه تحت الإقامة الجبرية، والعقيد يوسف صديق الذي تم اعتقاله بسبب اعتراضه على تعطيل الدستور، ومنح مجلس الوزراء صلاحيات البرلمان؛ بحسب ما جاء في مذكراته «أوراق يوسف صديق».

بعد مرور ما يقرب من ستين عامًا، عاد المجلس العسكري إلى الصورة عقب أحداث ثورة الغضب في 2011؛ وبعد فرض حالة الطوارئ أجبر الجيش مبارك على التنحِّي، ثم تولى إدارة المرحلة الانتقالية لعامٍ ونصف، كما قام بعزل الرئيس السابق محمد مرسي عقب أحداث 30 يونيو (حزيران) عام 2013، والجيش قام أيضًا بتأييد ترشح السيسي لخوض الانتخابات الرئاسية في عام 2014؛ لكن الأخير قام بالإطاحة بهم جميعًا عندما ربح كرسي الرئاسة؛ فكيف حدث ذلك؟

قبل استقالة السيسي من منصب وزير الدفاع، أصدر الرئيس المؤقت عدلي منصور، قرارًا جمهوريًا، وهو القانون رقم 20 لسنة 2014، والذي حدَّد تشكيل المجلس الأعلى للقوات المُسلحة، الذي يتكون من 25 عضوًا، بمن فيهم وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان، إلا أن القانون سمح لرئيس الجمهورية ولوزير الدفاع تعيين أعضاء في المجلس، كما أنه وضع شروطًا لإعلان الحرب، وإرسال قوات خارج البلاد؛ ولقراءة نص القرار الجمهوري كاملًا اضغط
هنا.

«ساسة بوست» تتبع حركة التنقلات التي قام بها السيسي داخل المجلس العسكري منذ عام 2013، واكتشف أن الإطاحة دائمًا كانت إما بالإقالة، أو التعيين في الوظائف المدنية، أو الترقية لمساعد وزير دفاع -وهي نوع من الاستغناء الشرفي- والمثير للانتباه أن هناك سبعة أعضاء فقط احتفظوا بمناصبهم حتى الآن، منهم الفريق محمود حجازي، مدير المخابرات الحربية السابق، والذي تم تعيينه رئيسًا للأركان، وهؤلاء هم:

1- أمين عام وزارة الدفاع، اللواء أركان حرب محمد فريد حجازي، وهو أحد أركان النظام الحالي.

2- قائد القوات الجوية، فريق طيار يونس المصري.

3- قائد قوات حرس الحدود، اللواء أركان حرب أحمد إبراهيم.

4- قائد المنطقة الغربية العسكرية، اللواء أركان حرب شريف بشارة.

5- رئيس هيئة تسليح القوات المسلحة، اللواء أركان حرب عبد المحسن موسى.

6- رئيس هيئة الشئون المالية للقوات المسلحة، اللواء أركان حرب محمد أمين نصر.

أما الأعضاء الفعليون الذين شاركوا في إدارة الفترة الانتقالية، وقاموا بعزل مرسي، ثم أيدوا ترشُّح السيسي، وكان لهم ظهورٌ خاص على الشاشات التلفزيونية، تمت الإطاحة بهم تدريجيًّا بخطة بطيئة بدأت منذ عام 2013، وانتهت قبل أيام بتعيين اللواء أحمد وصفي مساعدًا لوزير الدفاع، وهؤلاء هم:

1- اللواء محمد العصار، سفير الجيش لدى الولايات المتحدة ومسؤول اتفاقيات التسليح، وتم تعيينه في منصب مدني، وهو حاليًا وزير الإنتاج الحربي.

2- الفريق أسامة الجندي، قائد القوات البحرية سابقًا، وكان مسئولًا عن احتجاز الرئيس مرسي في قاعدة بحرية، وتم تعيينه نائبًا لرئيس هيئة قناة السويس الجديد.

3- الفريق عبد المنعم التراس قائد قوات الدفاع الجوى سابقًا، وهو أقدم ضابط بالجيش المصري، وكان أقرب القادة لتولي قيادة الجيش، وتم تعيينه مستشارًا لرئيس الجمهورية للشئون العسكرية.

4- اللواء أركان حرب محسن الشاذلي رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة سابقًا، وتمت إقالته، كما تمت إقالة اللواء توحيد توفيق، الذي عُين بدلًا منه، وتم تكليف اللواء وحيد عزت.

5- اللواء أركان حرب أحمد أبو الدهب رئيس هيئة التنظيم والإدارة سابقًا، وهو الآن مساعد وزير دفاع.

6- اللواء أركان حرب أحمد وصفي، قائد الجيش الثاني الميداني سابقًا، وكان مديرًا لهيئة التسليح، وكان أحد المرشحين لمنصب وزير الدفاع، وهو حاليًا مساعد وزير الدفاع.

7- اللواء أركان حرب جمال إسماعيل، رئيس هيئة الإمداد والتموين سابقًا، وتم تعيينه مديرًا للكلية الحربية.

8- اللواء أركان حرب عبد المحسن موسى، رئيس هيئة التسليح سابقًا، وتمت إقالته.

9- اللواء أركان حرب طاهر عبد الله طه، رئيس الهيئة الهندسية سابقًا، وتم تعيينه مساعد وزير الدفاع.

10- اللواء أركان حرب محمد أمين، رئيس هيئة الشئون المالية سابقًا، هو حاليًا مساعد وزير الدفاع.

11- اللواء مدحت غزي، رئيس هيئة القضاء العسكري، وتمت إقالته.

12- اللواء أركان حرب محمد الشحات، قائد الجيش الثاني الميداني، وهو حاليًا مدير إدارة المخابرات الحربية.

13- الفريق أركان حرب أسامة رشدي عسكر، قائد الجيش الثالث الميداني سابقًا، وهو حاليًا يرأس القيادة الموّحدة لمنطقة شرق القناة، والمسئولة عن متابعة العمليات العسكرية في سيناء.

14- اللواء أركان حرب توحيد توفيق، قائد المنطقة المركزية العسكرية سابقًا، وتم تعيينه رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة.

15- اللواء أركان حرب سعيد عباس، قائد المنطقة الشمالية العسكرية سابقًا، وهو حاليًا مساعد رئيس الأركان.

16- اللواء أركان حرب يحيى الحميلي، قائد المنطقة الجنوبية العسكرية سابقًا، وتمت إقالته.

17- اللواء أركان حرب مصطفى الشريف مدير إدارة شئون الضباط سابقًا، وتم تعيينه رئيسًا لديوان رئيس الجمهورية.

وهذه المفارقة البسيطة توضح كيف أن الرئيس السيسي لا يُشبه الرئيس الأسبق عبد الناصر؛ فأعضاء مجلس قيادة الثورة يتذكرهم التاريخ حتى الآن بمناصبهم الوزارية التي حصلوا عليها؛ بينما أعضاء المجلس العسكري تمت الإطاحة بهم في نشرة التنقلات الدورية التي تصدر عن القوات المسلحة كل ستة أشهر، هناك أيضًا دور للمخابرات العامة في تلك القصة.

المخابرات.. المعركة تستمر على الأرض

يعود الرئيس المؤقَّت عدلي منصور مرة أخرى في سطور ذلك التقرير؛ فقبل استقالة السيسي من منصبه، أصدر«منصور » قرارًا جمهوريًا ينصُّ على إحالة 10 من وكلاء المخابرات العامة للمعاش بناءً على طلبهم، وهو رقمٌ كبير أوحى للبعض بأنّ الإطاحة جاءت للتخلُّص من الولاءات القديمة، خاصة وأن تقارير صحفية مصرية تحدثت عن وجود أجهزة سيادية تؤيد الفريق أحمد شفيق.

ونشرت مجلة «إنترنت أونلاين» الفرنسية، تقريرًا حول الوضع في سيناء، حيث قالت إن التوتر يتصاعد بين أجهزة الاستخبارات العامة والعسكرية في مصر بسبب تداخل السلطات القضائية في مكافحة الإرهاب في شمال سيناء. ورجَّحت المجلة أن السيسي يحبذ وكالة الاستخبارات العسكرية التي تولى رئاستها عامين، بينما لا يبدو لديه ثقة كبيرة في الجهاز العام.

وكانت قناة الجزيرة نشرت تقرير موقع «إنتليجنس أونلاين» التابع للاستخبارات الفرنسية، والذي كشف عن وجود توتر بين المخابرات العامة والعسكرية؛ بشأن الوضع المتدهور في سيناء، حيث ذكرت النشرة أن المخابرات الحربية تتهم نظيرتها العامة بالتدخل في نطاق صلاحياتها بسيناء، موضحة أن السيسي يميل إلى جانب العسكرية على حساب العامة، التي لا يثق في ولاء رجالها، واصفة قرارات الإقالات المستمرة بـ«الهزة العنيفة».

جدير بالذكر أن أول من تمت الإطاحة به عقب عزل الرئيس مرسي، هو رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء محمد رأفت شحاتة، الذي تمّ عزله بعد يومين فقط من أحداث 3 يوليو (تموز) 2013، وبدأت بعدها سلسلة من 

اللواء أحمد وصفي، ومهندس صفقات الجيش، والمتحدث العسكري الأسبق

لأن الرابح يجب أن يبقى وحيدًا، فلا مكان لأصحاب الأضواء، وأول أعضاء تلك القائمة، هو اللواء أحمد وصفي، وتمت الإطاحة به على مرتين، أولها بإقالةٍ من قيادة الجيش الثاني الميداني، وتعيينه رئيسًا لهيئة تدريب القوات المسلحة، ثم عزله وتعيينه قبل أيام
مساعدًا لوزير الدفاع، وهى نهاية للرجل الأكثر شعبية في الجيش المصري.

ويعد «وصفي» بطل «حرب الإرهاب» في سيناء، وهي التي كانت سببًا في تزايد شعبيته، كما أنّ له سيطرة ونفوذ داخل المجتمع القبلي السيناوي، ويعتبر أحد منسقي الجيش مع قوات حفظ السلام الدولية المنتشرة في مصر، ونتيجة لشعبيته الصاعدة في الداخل والخارج توقع المتابعون للشأن العسكري أن يتم تعيينه رئيسًا للأركان، وهو مالم يحدث؛ وأرجع بعض
الخبراء المهتمين بالشأن العسكري إزاحة اللواء أحمد وصفي؛ نتيجة شعبيته التي تزايدت منذ عزل الرئيس محمد مرسي. جدير بالذكر أن وصفي كان مديرًا لمكتب وزير الدفاع الأسبق حسين طنطاوي، وكان معروفًا باسم «رجل طنطاوي» في الجيش، وربما هو أمر أراد السيسي التخلص منه.

ثاني الكبار على تلك القائمة هو اللواء العصار، وزير الإنتاج الحربي الحالي، وتصفه جريدة الأهرام القومية بـ«الصندوق الأسود لصفقات الجيش»، وكان رئيسًا لهيئة التسليح المسئولة عن التعاقد على صفقات الأسلحة ودخولها وخروجها من الخدمة، وأسندت إليه مهام اتصالات القوات المسلحة مع مسؤولي الدول الأجنبية، كما تولَّى مهمة تهدئة الرأي العام عقب أحداث ماسبيرو، أمام وسائل الإعلام، وفي عام 2011 كان على رأس الوفد العسكري المصري المرسل إلى الولايات المتحدة؛ من أجل تسليم شحنات الأسلحة المتوقفة عقب ثورة يناير (كانون الثاني) 2011.

وبالرغم من أن العصَّار قد تجاوز السن القانونية للتقاعد، إلا أن المجلس العسكري قد حرص على الاستفادة منه بالتمديد له؛ لكنّ السيسي قرر أخيرًا الإطاحة بالرجل الخطر عن طريق إقالته، وتعيين اللواء فؤاد عبد الحليم بدلًا منه مساعدًا لوزير الدفاع لشؤون التسليح، وتمّ نقل العصّار على رأس وزارة الإنتاج الحربي في حكومة المهندس شريف إسماعيل، ليسهل الإطاحة به بعيدًا مع خروج الحكومة الحالية.

ثالث أعضاء القائمة هو العقيد أحمد محمد علي، المتحدث العسكري الأسبق للجيش المصري، وهو أول من يحصل على هذا اللقب في تاريخ الجيش؛ ووصفه السيسي بأنه «جاذب السيدات»، والرجل الذي استطاع استغلال مهارته في التواصل الاجتماعي سواء خلال التصريحات الرسمية، أو العلاقات الشخصية التي جمعته بالشخصيات العامة، كان لها مردود كبير، أبرزها الصفحة الرسمية له التي جاوزت أكثر من مليون مشترك، وهو رقم كبيرٌ، لا يتفق مع النهاية التي حظي بها.

استقال «علي» من القوات المسلحة، وتم تعيينه سكرتير الرئيس للمعلومات، وتداولت بعض الصحف خبرًا لم يتسنّ لـ«ساسة بوست» التأكد من صحته، حول الإطاحة بالمتحدث السابق وتعيينه ملحقًا عسكريًا بإحدى الدول الإفريقية.

في التقرير القادم سوف نكمل النصف الآخر من القائمة المنسية للشخصيات التي ساعدت السيسي في الوصول للحكم وتم الاستغناء عنها.

اجمالي القراءات 3402
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق