الصراع المذهبى فى صالح إسرائيل -ماذا تعرف عن الصراع «المسيحي المسيحي» في فلسطين الذي تزكيه إسرائيل؟

اضيف الخبر في يوم الخميس ٠٨ - ديسمبر - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه


الصراع المذهبى فى صالح إسرائيل -ماذا تعرف عن الصراع «المسيحي المسيحي» في فلسطين الذي تزكيه إسرائيل؟

شكل قرار بطريرك المدينة المقدسة وسائر أعمال فلسطين والأردن «ثيوفيلوس الثالث» بقطع راتب المطران «عطا الله حنا» حلقة جديدة في سلسلة الصراع المسيحي المسيحي على الأرض الفلسطينية.

مقالات متعلقة :

ثمة قضايا شائكة ومصيرية بين الكنيسة الأرثوذكسية والبطريركية اليونانية التي يمثلها «ثيوفيلوس الثالث»، فالأخير يقوم ببيع أراضي مسيحية لإسرائيل، ويدعو رهبانه لتجنيد المسيحيين في الجيش الإسرائيلي، بينما تصر الكنيسة الأرثوذكسية على مواقفها الدينية ذات الصبغة الوطنية بحرمة ذلك، وبحسب المراقبين، تعمل إسرائيل على تغذية هذا الصراع، فتارة تشعله برعاية قضية تجنيد الشباب المسيحي العربي في جيشها، وتارة أخرى بشراء أراض مملوكة للكنسية لتوسيع مستوطناتها وإقامة مشاريعها.

قرارات «ثيوفيلوس».. مسلسل لم يبدأ فجأة

لم يكن القرار المتخذ قبل أيام بقطع راتب رئيس أساقفة سبسطية للروم الارثوذكس المطران عطا الله حنا من قبل البطريرك ثيوفيلوس الثالث و«مجمعة المقدس» مفاجئًا، فقد سبق وأن قُطع راتب عطا الله في يونيو (حزيران) عام 2014، عندما اتخذ الرجل موقفًا ضد تجنيد المسيحيين الفلسطينيين في جيش الاحتلال الإسرائيلي.

 

يُتهم ثيوفيلوس بـ«تسريب أوقاف الكنيسة إلى إسرائيل، واتّخاذ قرارات جائرة في حقّ الرهبان العرب»، وقد أقدم على إقصاء «الأرشمندريت خريستوفرس» وإبعاده عن الكنيسة، وقطع راتب «الأرشمندريت مليتيوس بصل»، وليس آخر هذه الأحداث، ترحيل الراهب القبرصي – اليوناني «أركاديوس» عن فلسطين؛ نتيجة تصديه لما اعتبره، الهيمنة اليونانية على الكنيسة الأرثوذكسية، ودفاعه عن أملاك الكنيسة، ومنع تسريبها لإسرائيل.

 

 

 

 

 

يقول المطران عطا الله حنا «نحن اليوم أمام مرحلة جديدة وواقع جديد، ويبدو أننا مطالبون بأن نكون أكثر اقتناعًا بأنه لن يخرج شيء إيجابي تجاه مطالبنا من البطريرك ثيوفلوس ومجمعه»، وتابع عطا الله في بيانه «إن قرارات المجمع اليوم تدل على انعدام الحكمة والمسؤولية، ونحن في الأيام القادمة مطالبون باتخاذ قرارات مصيرية، أما وقد أغلق البطريركية كافة الأبواب أمامنا، لن تخيفنا قرارات قطع الرواتب، ولا أي قرارات أخرى؛ فنحن أصحاب قضية عادلة».

من جانبه، يقول عضو المجلس المركزي الأرثوذكسي في أراضي 48 «أليف صبّاغ» لـ«المونيتور»: إن «الحراك الأرثوذكسي منهجي، ويستند إلى رؤية مستقبلية، وهو جزء من خطّة استراتيجيّة بعيدة المدى؛ هدفها إصلاح الكنيسة الأرثوذكسية، واستعادة حق أبنائها العرب في إدارة شؤونها»، مضيفًا «خلال الفترة المقبلة، سنكون مضطرين للتوجه إلى المحاكم الإسرائيليّة، والتقدم بشكاوى إليها ضد البطريركية، خصوصًا بعد تنصل السلطات الأردنية من مسؤولياتها، إضافة إلى تكثيف العمل الميداني لفضح ممارسات البطريرك».

وتلوم الجهات المسيحية كلا من السلطة الفلسطينيّة والأردن؛ باعتبارهما قادرتين على إعادة الحكم العربي إلى الكنيسة الأرثوذكسية، فهما يملكان إمكانات عدة، فالأردن تستطيع سحب جواز السفر الأردني الذي يملكه البطريرك بحكم قانون 1958.

بيع أراض الكنيسة لإسرائيل

في يناير (كانون الثاني) الماضي وخلال احتفالات عيد الميلاد المجيد، قررت المؤسسات الأرثوذكسية في مدن بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور، مقاطعة استقبال البطريرك «ثيوفيلوس الثالث» واعتبر ذلك إعلان انتفاضة من قبل الطائفة الأرثوذكسية على البطريركية التي تواطأت خلال السنوات العشر الأخيرة في بيع وتسريب مئات الدونمات في بيت لحم والقدس ويافا لإسرائيل.

أخطر عمليات البيع كانت في العام 2009، في هذه العملية تم بيع 71 دونمًا لصالح توسيع مستوطنات «أبو غنيم» و«حارهوما» و«غيلو» و«جفعات همتوس»، وهي الصفقة التي وصفت بأنها تحاصر قرية بيت صفافا، وتسمح بتوسيع المستوطنات أبو غنيم وجيلو وجفعات همتوص وكيبوتس رمات راحيل.

 

وبالعودة إلى البيان التوضيحي للطائفة الأرثوذكسية التي قاطعت استقبال «ثيوفيلوس الثالث»، فقد ذكر البيان استنكار الطائفة لـ«الاستمرار في تسريب الأراضي والعقارات الوقفية الأرثوذكسية بيعًا أو تأجيرًا، بما لا يساهم في تعزيز صمود وثبات أبناء الرعية على أرض الآباء والأجداد، بل يساهم في تهجير الشباب المسيحي».

ولا يمكنا تجاهل ما نشره موقع «بكرا الإلكتروني» في يناير (كانون الثاني) الماضي، إذ حصل الموقع على وثائق موقعة من  البطريرك «ثيوفيلوس الثالث» تظهر قيام الكنيسة الأرثووكسية ببيع ألف دونوم مقابل مليون دولار في قيسارية، حيث تم بيع منطقة المدرج الروماني والمطاعم والمناطق الأثرية في قيسارية والمنطقة التي تحيط بها، وهي مملوكة للكنيسة الأرثوذكسية، وكانت مؤجرة لمدة 135 سنة للحكومة الإسرائيلية بعقد منذ عام 1974، وقال الموقع آنذاك «هذه الأرض كلّها باعتها الكنيسة مؤخرًا لجهة غريبة».


وكُشف مؤخرًا عن بيع أراضي «سوق الدير»، إذ أكدت الجمعية الخيرية الأرثوذكسية في يافا على بيع أماكن مقدسة للأوقاف المسيحية، وجاء في بيان الجمعية «تبين حسب وثائق وحقائق لا لبس فيها ولا شك، أن البطريرك ثيوفيولوس الثالث وبمساندة السنود المقدس، قد قام ببيع جميع حقوق الملكية لوقفية سوق الدير المركزية بجانب دوار الساعة في مدينة يافا بيعًا نهائيًا لا حكرًا ولا تأجيرًا«.

وقالت الجمعية: إن الأراضي التي تبلغ مساحتها 6.5 دونم وفيها ما يقارب ستة آلاف من المباني الأثرية بيعت لشركة وهمية أجنبية باسم «بونا تريدينج ليميتيد» بمبلغ يقارب 1.5 مليون دولار أمريكي، بينما قيمة هذه الأماكن الحقيقية تفوق الـ 200 مليون شيكل (ما يقارب من60 مليون دولار) ، ونقل موقع «عرب 48» عن عضو إدارة الجمعية الخيرية الأرثوذكسية في يافا «بيتر حبش» قوله «الوثائق والمستندات الرسمية التي سُربت من البطريركية تثبت للأسف الشديد أنه جرى بيع سوق الدير بمبلغ زهيد يقارب 1.5 مليون دولار أمريكي في العام 2013، وهذا كشف الآن لأول مرة، وهو أمر خطير للغاية، لماذا بيع سوق الدير لشركة وهمية؟«

 

من جانبها نفت بطريركية الروم الأرثوذكس ما أسمته بـ«البيانات التي صدرت ضدنا وضد البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث، بطريرك المدينة المقدسة وسائر أعمال فلسطين والأردن، والتي تضمن اتهامات ببيع عقارات وأراض وأوقاف تابعة للكنيسة الأرثوذكسية في يافا إلى جهات إسرائيلية؛ مما أخرج البطريركية عن صمتها مضطرة للوقوف أمام هذه الادعاءات لنفيها بالحقائق«، وذكرت البطريركية أن «الأراضي التي اتُهم البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث ببيعها تقع على مشارف تل أبيب، ومؤجرة لإجارة طويلة الأمد لمدة 99 عامًا لصالح شركات إسرائيلية منذ عام 1997 في عهد البطريرك الراحل ثيوذورس الأول«.

يوضح المحامي جورج حنانيا أن: «البطريرك عقد صفقات لتأجير أراضي وقف أرثوذكسية لمدة (99 عامًا) إضافة لـ (49 عامًا) بعقود ذكية جدًا لمجموعة من الأشخاص غير المعروفين من رجال أعمال فلسطينيين وإسرائيليين»، مشيرًا إلى أن العقود شملت ادعاءً بموافقة مجلس المطران وهو ما ثبت عكسه، حيث إن البطريرك لم يعُد للمجلس بما اتخذه من قرارات.

ويضيف «حنانيا» الذي وصف سياسات البطريرك «بنظام قمعي بحت»، إلى أن «مخالفة المطران للبطريرك يعني تعريضهم للعزل من الكهنوت أو ترحيلهم أو تخفيض درجتهم»، يذكر أن مساحة أملاك البطريركية الوقفية 20% من مجمل الأوقاف الدينية الموجودة في الأراضي الفلسطينية، منها 22 ألف دونم في منطقة البريج المهجرة، وألف دونم في قيسارية، وأكثر من 1200 دونم في منطقة «مار إلياس».

إسرائيل تغذي الصراع بـ«التجنيد»

أعلنت إسرائيل في أغسطس (أب) العام 2015 عن رقم غير مسبوق لتجنيد المسيحيين في جيشها، فقد أشارت توقعات وزارة الدفاع الإسرائيلية لالتحاق 200 مسيحي خلال عام التجنيد الحالي، وحسب تقرير نشره موقع «والاه» الإخباري، تم مؤخرًا تخصيص دورة عسكرية لـ 48 شابًا عربيًا – مسيحيًا، من بينهم فتاتان، وتتضمن هذه الدورة زيارات للقدس، والكنائس، ونشاطات لتعزيز العلاقات بين المجموعات.

 

 

 

 

 

وترجع إسرائيل الزيادة في عدد المجندين المسيحيين في الأعوام الأخيرة، للجهود التي تبذلها وزارة الدفاع الإسرائيلية، بالتعاون مع كهنة و جمعيات تُشجع على التجنيد، حتى إن وزير الدفاع الإسرائيلي وأثناء تكريمه لبعض الجنود المسيحيين الذين يخدمون في الجيش الإسرائيلي، أكد أن حكومته «تبحث بشكل جدي انخراط الشباب المسيحي في الجيش الإسرائيلي وفي مرافق الدولة المختلفة».

كما وجدت إسرائيل ضالتها في تبرير أهمية تجنيد المسيحيين في صفوف جيشها، وفي جذبهم، بعد الأحداث الأخيرة المتمثلة في قيام «تنظيم الدولة الإسلامية» (داعش)، بقتل المسيحيين في العراق وسوريا وليبيا، وهي تغريهم أيضًا بالامتيازات في مجال العمل والتعليم وقروض السكن، يذكر أن هناك ألفي عربي مسيحي ومسلم يخدمون في جيش الاحتلال الإسرائيلي تطوعًا، حيث لا خدمة إجبارية لهم كما اليهود والدروز والشراكس.

ويعتبر عراب تجنيد المسيحيين هو الأب «جبريئيل نداف» الذي قال إن «التجنيد في الخدمة العسكرية أو الوطنية أو المدنية هو حاجة ملحة لمسيحيي الديار المقدسة»، أما العراب الآخر للتجنيد بين المسيحيين فهو «ناجي عبيد»، الذي أسس جمعية لتشجيع النساء المسيحيات للعمل في مؤسسات الدولة وتشجيع الشباب المسيحي على الاندماج بأذرع الأمن الإسرائيلي.

وفي حديث له، قال عبيد لوكالة «فرانس برس» سابقًا «أنا أشجع التجنيد لأنني مواطن في دولة إسرائيل، وكل مواطن في دولته ملزم بخدمتها؛ حتى يتساوى في الحقوق«، مشيرًا إلى أن لديه ابنين، واحد يخدم في جيش الاحتلال والآخر يخدم في البحرية الإسرائيلية، كما أن ابنته تخدم في الخدمة المدنية وتعمل منسقة لتعبئة الشابات.

ويمكنا في إطار الحديث عن العرابي، ذكر الرائد «إيهاب شلايان»، وهو مسيحي آرامي يقطن في الناصرة ويحمل رتبة رائد في جيش الدفاع الإسرائيلي، وقد أسس شلايان «منتدى التجنيد المسيحي» بغية تشجيع المسيحيين الآراميين على التجنيد في الجيش الإسرائيلي.


ويؤكد بعض المسيحيين الفلسطينيين، على أن إصرار إسرائيل لفتح صفحة تجنيد المسيحيين بين الفنية والأخرى، يأتي لإحداث تفرقة بينهم على أساس مذهبي، ولسلخ المسيحيين عن القومية العربية باستغلال التخويف والترهيب من«تنظيم الدولة»، فالغالبية الساحقة من المسيحيون يعارضون بشدة التجنيد، وقد وصل الأمر لحد تنصل الكنائس من الأب «جريئيل» واعتباره لا يمثل المسيحيين، ووصفه البعض بـ«الخائن والعميل لإسرائيل»، ويعارض النواب العرب بشدة تجنيد المسيحيين، وهم يرون التجنيد خيانة وتكريس للاحتلال، كما أنه يمهد لتجنيد فلسطيني الداخل المحتل، من وجهة نظرهم.


يقول الناطق باسم طائفة الروم الأرثوذكس في القدس الأب «عيسى مصلح» «نحن نرفض تجنيد أبنائنا المسيحيين في جيش الاحتلال الإسرائيلي في الناصرة أو يافا الناصرة أو أي مكان آخر في البلاد«، ويضيف «وقد أعلناها في السابق لا يحق لأي كاهن أو من يلبس الكهنوتية أن يقوم بتشويه سمعة الطائفة بأن يدلي برأي سياسي يسيئ للطائفة الأرثوذكسية العربية المسيحية التي لعبت ولا تزال تلعب دورًا في النضال الفلسطيني، ولها مواقفها الوطنية التاريخية«.

التطرف اليهودي يستهدف المسيحيون

يعيش غالبية المسيحيين الفلسطينيين في مدن الناصرة وحيفا وعكا وبعض قرى الجليل، مع تواجد محدود في القدس،  ويعاني المسيحيون العرب في إسرائيل من التمييز الاجتماعي والاقتصادي، وتتعرض أماكنهم المقدسة لتدنيس من قبل المتطرفين اليهود الذي يلطخون الجدران والأديرة بشعارات معادية للمسيحية، ويحطمون الأضرحة داخل المقابر المسيحية، فحتى الأموات المسيحيون أيضًا يتعرضون لاعتداءات من المتطرفين الذين يحطمون القبور ويكتبون على حطامها «الموت للمسيحيين».

 

 

 

 

 

فمع بدء أعياد الميلاد الحالية دعا متطرفون يهود إلى طرد المسيحيين من «الأرض المقدسة»، وطالب رئيس حركة «لهباه» «بنتسي غوفشتاين» بمنع الاحتفالات بعيد الميلاد، ووصف المسيحيين بأنهم «مصاصو دماء«، في مقال له نشره الموقع اليهودي المتطرف «كوكر»، وقال غوفشتاين «إنه"font-size:18px;">وتقول الإعلامية المقدسية «نضال رافع»: إن «رجال الدين المسيحي يفضلون في معظم الحالات تجاهل الاعتداء عليهم، بل يستنكفون عن تقديم الشكوى لعدم ثقتهم بجدواها. الاعتداءات تتكرر كل يوم وتحركها الكراهية للمسيحية لدى هؤلاء المتطرفين والمستوطنين الذين يعتبرون أن الصراع بين الأديان مستمر، وأنهم جزء منه».

يذكر أن عدد المسيحيين في إسرائيل حسب إحصاءات عام 2012 بلغ 158 ألف، ويشكلون حاليًا نحو 2.2% من عدد السكان البالغ أكثر من سبعة ملايين، ويعد 80% من مسيحيي إسرائيل هم من المسيحيين العرب ويشرف على شؤونهم الحكومية وزارة الأديان الإسرائيلية، وهم الأكثر تعلمًا، حيث إن 68% منهم من حملة الشهادات الجامعية.

اجمالي القراءات 1687
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق