الإعلامي أحمد سعيد: هذا ما يفتقده «السيسي» ليكون مثل «ناصر

اضيف الخبر في يوم الأربعاء ٢٦ - أكتوبر - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: المصريون


الإعلامي أحمد سعيد: هذا ما يفتقده «السيسي» ليكون مثل «ناصر


الإعلام تحول لفك مفترس ومَن يحاول السيطرة عليه «واهم» *

غياب الرؤية وراء إخفاق السيسى فى توظيف الإعلام لخدمة أجندته.. وتكرر التجربة الناصرية «مستحيل» *

رهان السيسى على رجال الأعمال يحرمه من الظهير الشعبى *ا

لإعلام العربى بحاجة لقانون «أوباما» وتنفيذ ميثاق الشرف صعب جدًا  النوايا الحسنة لم تنفذ الربيع العربى وأوضاعنا ازدادت سوءًا

بعده إذاعة «صوت العرب» بريئة من نكسة

1967 برامج «التوك شو» تحولت لمعول هدم.. واختلاف الفضائيات يظهر الحقيقة  

الإذاعى والإعلامى أحمد سعيد، هو أحد أشهر مذيعى مصر فى فترة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، من مواليد 1925 بالقاهرة، عمل بالصحافة بعد حصوله على الثانوية العامة، فى صحف مؤسستى أخبار اليوم ودار الهلال. تخرج فى كلية الحقوق، ومن ثم التحق بمكتب أستاذه الدكتور حامد زكي، المحامي، الذى اختير وزيراً للدولة لشؤون الإذاعة سنة 1950 فأخذه معه، ومن هنا التحق أحمد سعيد بالإذاعة فى مارس 1950، بوظيفة سكرتير قانونى لأول مدير مصرى للإذاعة.  تمتع أحمد سعيد بصوت مميز اجتذب الكثير من المستمعين، وأصبح نجمًا إذاعيًا لا يمكن الاستغناء عنه، رأس إذاعة صوت العرب فى عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر من سنة 1953 إلى 1967. ومنذ هزيمة 1967، وهناك تغييب متعمد أو غياب عن المشهد الإعلامى بشكل دفع "المصريون" للذهاب إليه ومحاورته وكان هذا الحوار.. *

 تعد من أبرز رموز الإعلامية فى العهد الناصرى فما رؤيتك بتأكيد الرئيس عبد الفتاح السيسى فى أحد خطاباته أنه غير محظوظ لعدم وجود إعلام يخدم عليه مثل إعلام عبد الناصر؟

لو لم تكن مبادئ عبد الناصر جماهيرية لما كان الإعلام نجح، فهو سيطر على الأحداث بثلاث طرق، أولاً: المبادئ التى كان يدعو إليها، فالذى ينجح الإعلام مبادئه والطريقة التى يطرح بها،

ثانيًا: سقف الحرية، فعلى قدر سقف الحرية على قدر ما يكون النجاح، ثالثا: فريق العمل فأنا لست وحيدًا. هذا اختصار لما يجب أن يكون عليه الإعلام أو الحكومة، فما يفتقده السيسى هو عدم وجود خط سياسى عام و وضوح رؤية لتفاصيل هذا الخط العام، فعبد الناصر بعد الثورة كشف عن وجهه، قائلا: "أنا بتاع الفلاحين"، لكن للأسف الشديد الرئيس السيسى أعلن عن نفسه برجال الأعمال، لكن أرجو أن يكونوا على مستوى الاختيار. *

 ترأست "صوت العرب" مدة ليست بالقلية.. فما أبرز التطورات التى شاهدتها الإذاعة؟ وما دورها فى التأثير على العالم العربي؟

**هى ليست تطورات بمعنى الكلمة، فأنا أعيش "صوت العرب" منذ أن كانت مجرد فكرة لم تنفذ بعد، علاقتى بالإعلام الإذاعى بدأت عام 1950، وكانت من أبرز محطاتى عام 51، حيث إننى اكتشفت أن الإذاعة المصرية ليس لها علاقة بالجمهور، إنما علاقتها بالمثقفين أى أن الشارع لا تعرفه الإذاعة المصرية، فهو غير مشارك فى مضمون برامجها، وتلك الفترة كان الشارع المصرى فى حالة غليان بسبب معاهدة 36، بموجبها كان الجيش البريطانى متواجدًا بطول قناة السويس، ومن خلال وجود هذا الجيش كان يفرض إرادته على الحكم أو غير ذلك، الوقت الذى كان يطالب الشعب الحكومة المصرية بجلاء الجيش البريطاني، ومن هنا بدأت المظاهرات فى ذلك الوقت كنت شابًا متحمسًا لمصلحة بلدي، ومن خلال عملي، فكرت فى برنامج يشارك الشارع، وعلى الفور قمنا بطبع استبيان لمعرفة رأى الشارع فى تلك المعاهدة، وذهبنا إلى أماكن التجمعات الطلابية والوظيفية والعمالية.. إلخ. * 

غير أن هذه الفترة تحتاج لإعلام ثورى يحرض الجماهير على لعب دور فى إنهاء الاحتلال حينذاك؟

بالفعل هذا ما حدث، وكانت النتيجة إسقاط المعاهدة والكفاح ضد الإنجليز، ومن هنا بدأ البرنامج وسمى باسم "تعبوي" بمعنى إعلام تثويرى وهو: "تسقط معاهدة 36"، وعلى الفور تعاطى الشعب مع البرنامج بشكل إيجابي، وتم إسقاط المعاهدة، وبدأت حركة الفدائيين فى القناة وقد قام البرنامج بتسجيل تلك المعارك ضد الإنجليز، وبعد حريق القاهرة تم استبعاد 30 عضوًا من الإذاعة بتهمة التحريض على العنف، ومن ثم قامت ثورة 23 يوليو بعدها بـ 6 أشهر، وفى ذلك الوقت لم يكن هناك ما يسمى بجهاز المخابرات العامة، أنشئ ذلك الجهاز وترأسه صلاح نصر، وكان هناك عدد من الأقسام داخل ذلك الجهاز من ضمنها قسم الشؤون العربية برئاسة فتحى الديب، وكان من أحد مهامه إنشاء برنامج إذاعى يوجه إلى المنطقة العربية ليناقش سياسات المنطقة، وفى ذلك الوقت كنت معروفًا باسم "بتاع القناة والفدائيين"، ومن هنا أنشئت إذاعة صوت العرب. * 

حديثك يشير لارتباط إذاعة صوت العرب بجهاز المخابرات العامة أو تحولها لأداة للترويج للفكر القومى الذى تبناه ناصر؟

ولمدة أكثر من سنتين كانت علاقتنا شبه عضوية بجهاز المخابرات، كانت العلاقة يومية بيننا، حيث بدأت "صوت العرب" بنصف ساعة يوميًا إلى أن وصلت إلى مدار الساعة، وحين تم العدوان الثلاثى على مصر، كان رئيس قسم الحرب النفسية لديهم طلب نسف محطات الإرسال لدى "صوت العرب"، وبالفعل تم نسفها من خلال طائرات بريطانية يوم 2 نوفمبر الساعة 8 صباحا، قصفت محطات الإرسال فى أبو زعبل وتوقف الإرسال بشكل عام على مستوى مصر. * 

ماذا كان رد فعلكم على هذه التطور الخطير؟

حينها تذكر ضابط المخابرات فتحى الديب، أن لديه محطة إرسال خاصة بالمخابرات موجودة فى مبنى خلف مجلس الوزراء، ولتأكده أن توقف الإرسال فى أثناء الحرب من الممكن أن يؤثر فى المعنويات، على الفور أرسلنى لمحاولة تشغيل تلك المحطة لنبث منها صوت العرب، وبعد محاولات نجحنا لتطوير المحطة وتم سماعها فى القاهرة، وظل البث من خلالها حتى استعدنا إحدى المحطات الرئيسية بعد تركيبها فى جبل المقطم، والمقصود بتلك القصة أنه فى حالة ضرب محطات الإرسال لدى أحد البلاد فى أثناء الحرب فالمقصود من ذلك هدم الروح المعنوية. * ذكرت أن دور الإعلام هو رفع الروح المعنوية لدى الجيش والشعب.. فلماذا أدينت الإذاعة بعد حرب 67 باعتبارها المسئولة عن الهزيمة؟ حرب 67 كنا نمهد لها قبلها بأكثر من شهرين كإعلام بشكل عام، كما أن حرب 56 جعلتنا أكثر حرصًا كإعلاميين، لكن القوات المسلحة للأسف الشديد فى أثناء الحرب خذلت الإعلام، فنحن كإعلاميين قمنا بدورنا على أكمل وجه على عكس القوات المسلحة، بل أكثر من هذا، ومن الطبيعى أن يكون دور الإذاعة رفع روح القتال لدى الشعب، وتدمير روح القتال لدى العدو تلك هى معادلة إعلام الحرب، وهذا بالفعل ما كان يحدث بناء على التقارير القادمة من القوات المسلحة بتحركاتها وعدد الطائرات التى أسقطتها وما إلى ذلك، ولكن للأسف كانت كل تلك التقارير مغلوطة وغير حقيقة فى أثناء هذه الحرب، الأمر الذى جعل الإعلام يفقد مصداقيته وقتها. * 

ماذا عن المراسلات السرية فى أثناء حرب 1967؟ فى البداية دعينى أؤكد أن الإذاعة ليست إلا جزءًا من كل ولنكون أكثر دقة، فالإعلام بمختلف مجالاته "إذاعة، تليفزيون، صحافة"، هو جزء من كل ويقصد بالكل الدولة أو المجتمع ولا يستطيع أى شخص أن يقول غير ذلك، فالإذاعة بحكم أنها معبرة وموصله للجماهير فمن الطبيعى أن تهتم بها الدولة بمختلف فروعها، فالإعلام بشكل عام هو نبض الشارع والسلطة فى نفس الوقت. * 

هل توضح لنا الصورة بشكل أكثر تفصيلا؟

ما يجرى الآن من تطور فى مجالات الإعلام، أحدث ثورة شاملة داخله، فقد مكنت الشبكة العنكبوتية وشبكات التواصل الاجتماعى من نقل التطورات فى وقت قصير، من خلال الهاتف المحمول المتصل بالإنترنت، فضلا عن تسريع محاولات إنشاء المواقع الإخبارية التى تخضع صلتها إلى مالكها حسب توجهه ورأيه الشخصي. *

 وماذا عن المراسلات السرية؟

أما عن المراسلات السرية، أنا أتعجب من استعمال كلمة "سرية" فتلك الكلمة ليست بالهينة، هناك ثوابت أن الإعلام لمن يملكه وأنا كدولة أمتلك إحدى المحطات الإذاعية من حقى أن أتحكم فى نشر ما يروق لى ومنع ما يزعجني، ودور الإذاعة هو تلقى بيانات وأسرار وتعليمات حسب طبيعة سير المعركة، لكن لا يمكننا أن ننكر قوة الإعلام، وبالمناسبة هناك إعلامى غير عربى أصدر كتابًا فى مجال الإعلام، أعتبر صدمة قوية لما يحمله من اسم "الإعلام هو الرب الثاني"، ففى الحقيقة الإعلام الحالى هو "وحش وفك مفترس" ومن يتخيل أنه يستطيع السيطرة عليه فهو يغالط نفسه بل ويعيش فى "وهم". *

 هناك انتقادات توجه لغياب التعددية الإعلامية خلال الستينيات والسبعينيات من القرن الماضى .. فهل أسهم تنوع القنوات فى تسوية الأزمة أم زاد الساحة فوضى وارتباكًا؟

نحن نتحدث الآن عما يقرب من 1000 قناة فضائية بل وأكثر، وكل قناة من المؤكد أن لها أهدافها خلاف هذا، فلا بد من محو الصورة الوردية للإعلام من الأذهان، لكن من الممكن أن تكون التعددية حلاً للأزمة، فلنفترض أن هناك 30 قناة إخبارية من مجمل القنوات يمتلكها أفراد أو مؤسسات أو دول غير متفقين على أفكار موحدة سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو غير ذلك، فمن الممكن أن تظهر الحقيقة. * 

متى يحدث هذا؟

يحدث هذا فقط فى حال وجود مشاهد جيد بمعنى عدم تصديقى للخبر أن أعمل على مقارنة نفس الخبر بقناة أخرى فالحقيقة كل جهاز يدعيها لنفسه وينكرها على غيره، فهى نسبية لذا من الممكن أن تفيدنا التعددية فى بعض الأحيان، لكن لا يمكن أن نعتمد على التليفزيون وحده فى تزويد الثقافات فالتليفزيون مصمم حسب آراء صاحبة ومن يعتمد عليه فهو من المؤكد من عامة الشعب. * 

ذكرت أنه لا يمكن الاعتماد على التليفزيون وحده فى التثقيف.. فما تقييمك لدور الإعلام العربى فيما يسمى بعملية التنوير والتثقيف لنشر الوعى بين المواطنين؟

**لا أستطيع أن أحكم على مثل هذه القنوات إلا إذا كنت أشاهدها بانتظام وأقوم بالأبحاث والدراسات، فأنا فى الأصل رجل أكاديمى ومحترف إعلام، لكن لا بد من أن نضع فى الاعتبار أن السماء مفتوحة، فهناك عدد كبير من القنوات الموجهة للمنطقة، ولتقييم تلك الفكرة فهى من المحتمل أن تفيد لكن إذا كان هناك متابعة إنما تضر القطاع العريض، فهى حقيقة عصرية تكنولوجية مجبر على احترامها والتعامل معها، كمان أن هناك بعض الأفراد الذين يطالبون بعمل ميثاق شرف إعلامي.. كيف!! فأنت تستطيع أن تضع قوانين عامة لكن يصعب تنفيذها.

* إذا كان الأمر صعبًا هكذا فكيف نجد حلاً لهذه الفوضى؟

هناك قانون فى أمريكا اسمه "قانون أوباما" رغم كل ما فيها من حريات رأي، فيعنى ذلك القانون أن من حق البنتاجون أن يمنع النشر فى إحدى القضايا أو الأحداث الهامة لمدة نصف ساعة، ومن الممكن أن يكرر المنع من خلال زر متصل بجميع المؤسسات الإعلامية فى جميع أنحاء البلد، فبمجرد الضغط على هذا الزر يحتجب الجمع عن النشر ومن يخالف ذلك يعرض للمساءلة القانونية، لكن عليه فى ذلك الوقت جمع البيانات والمعلومات الكافية عن الحدث لحين السماح لهم بالنشر. فالوطن العربى من ناحية الإعلام يحتاج إلى قوانين كثيرة، ويمكن أن نقول إن مصر تحتاج إلى "قانون أوباما". * بصفتك من كبار الرموز الإعلامية.. رأيك فى حال الدول العربية وتقيمك للربيع العربي؟ أنا لا أرى أى ربيع عربي، فكل تلك الثورات التى حدثت هى فى الأغلب تمت بنية حسنة لإصلاح الأوضاع السيئة، لكن أتت بنتائج عكسية، حيث زاد الخراب أكثر من البناء، وأنا أدين كل ما يسمى بالربيع العربي، فأنا ضد إعلام فترة الربيع العربى والتى بدأت مع حوادث تونس، ومن بعدها تداعياتها فى الدول الأخرى التى تشهد اضطرابات، فمن المفترض أن تكون هناك برامج هدامة وفى مقابلها برامج بنّاءة لكن كل ما أراه هى برامج الهدم المستمر. *

انتشرت ظاهرة التوك شو بمعنى تحول المذيعين إلى أفواه تحاول التأثير على وعى المشاهد وتوصيل رسالة مالكى الفضائيات.. فما تعليقك؟ **

بالنسبة لـ"التوك شو" هو نوع من أنواع الحرفية الإعلامية لا أكثر ولا أقل، فهو يؤثر على مشاعر الجماهير بطريقة أقرب إلى التمثيلية أكثر من الحوار الجاد، فالحوار الجاد من الممكن أن يكون به انفعال أو استدراك.

اجمالي القراءات 1256
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق