تشهد كندا حاليا تغيرا يبدو جذريا فى طريقة تعامل حكومة الليبراليين برئاسة جاستن ترودو مع أنشطة الاسلاميين فى كندا وذلك فى أعقاب القبض على شاب حاول تفجير نفسه فى وسط مدينة تورونتو بمقاطعة انتاريو .

ومن قبله الافراج عن وثيقة تتضمن خطة التمكين التى اعدها التنظيم الدولى للاخوان فى شمال امريكا التى عثر عليها ضمن خمسة آلاف ورقة خاصة بالتنظيم الدولى للاخوان فى منزل اسماعيل البراسى عضو التنظيم (فلسطينى الاصل وامريكى الجنسية) عقب القبض عليه فى ولاية فرجينيا الامريكية عام ٢٠٠٤ بتهمة الانضمام لحماس وتم تقديمها كدليل ادانة اثناء محاكمته فى عام ٢٠٠٨ .
 

والحقيقة ان ملابسات القبض على الشاب الباكستانى الجنسية تؤكد ان مخططات التمكين والقدرة على تجنيد الشباب تحقق نجاحات بالفعل على الارض. فالشاب كان يخطط لتفجير مبنى القنصلية الامريكية بوسط تورونتو.

وربما هذا ما دفع رئيس الوزراء الكندى للتصريح إعلاميا أمس الأول ان كندا ستتخذ اجراءات اكثر صرامة وتشددا مع المتطرفين دينيا. وبقدر غموض التصريح واقتضابه بقدر ما يعكس قلقا لدى الحكومة التى كانت تتعامل بتساهل يصل لحد عدم الاكتراث مع تغلل الافكار المتطرفة وسيطرتها على معظم المؤسسات الاسلامية فى كندا.

و عودة للوثيقة المفرج عنها والتى تعتبر الاخطر فهى تتضمن مخططا تفصيليا لما يستهدفه التنظيم من السيطرة وتغيير طبيعة المجتمعات فى امريكا الشمالية.

وتشمل الخطة المقدمة فى عام ١٩٩١من قبل محمد اكرم الى امين مجلس شورى الجماعة واعضاء المجلس فيما وصفه بأنه محاولة لتفسير وشرح ما جاء فى الخطة بعيدة المدى التى اعتمدها مجلس شورى الإخوان فى امريكا الشمالية عام ١٩٨٧ .

ويشير الى ان مذكرة التمكين تستند الى الهدف الإستراتيجى العام للجماعة فى امريكا الشمالية ، وهو ايجاد حركة اسلامية فعالة بقيادة الإخوان تتبنى قضايا المسلمين محليا وعالميا وتطرح الإسلام كبديل حضارى ، وتدعم دولة الإسلام اينما كانت . الهدف الثانى هو تحقيق التوطين، أى تمكين الإسلام فى امريكا الشمالية وهو ما سوف يوضح لاحقاً كيفية تحقيق ذلك .

مفهوم التوطين والتمكين فى رأى عضو مجلس شورى الإخوان هو أن يكون الإسلام وحركته جزءاً من الوطن الذى يحيا فيه. ذلك عبر "التأسيس" أى أن يتحول الإسلام الى مؤسسات ثابتة الاركان. الخطوة التالية هى تحقيق الإستقرار لهذه المؤسسات داخل المجتمع المسلم. التمكين هى الخطوة التالية وتعنى أن يكون الإسلام (من وجهة نظر الإخوان طبعاً) متمكناً من نفوس وعقول وحياة اهل البلد الذى يتحرك فيه ( المقصود التجنيد). والتمكين معناه أن يكون الإسلام اصيلاً وليس طارئاً أى متجذر.

ويحدد آليات عملية التوطين التى يعتبرها "جهاد حضاريا"، واهمها الانتقال من عقلية الحذر والتحفظ الى عقلية المجازفة والتحرر المنضبط فى اطار خطط شمولية وليست جزئية. والانتقال من عقلية تنظيم النخبة الى عقلية التنظيم الشعبى ومن التصادم الى الاستيعاب . وهنا ينتقل الى نقطة مهمة وهى اقرب الى التقية، أى اخفاء الهدف الأساسى "الانتقال من عقلية المبادئ الى عقلية البرامج".

وهنا تجدر الاشارة الى ان حركة الإخوان فى امريكا الشمالية قد مرت من مرحلة البناء الداخلى وإحكام التنظيم الى مرحلة المساجد والمراكز الإسلامية، وبعدها مرحلة انشاء المؤسسات وتلاها انشاء المدارس الإسلامية. ثم الحركة العلنية والتواصل مع الحركات الإسلامية الأخرى.

اما الجزء الاخطر فى خطة التنظيم هو ما تم الاشارة له باعتباره هدف المرحلة الحالية والذى يجب ان يركز كما جاء فى الوثيقة على أن عمل الإخوان فى امريكا الشمالية هو نوع من انواع الجهاد العظيم فى ازالة وهدم المدنية والحضارة الغربية من داخلها و"تخريب" بيوتها الشقية بايديهم وايدى المؤمنين لكى يتم جلاؤهم ويظهر دين الله على الدين كله. فقدر المسلم أن يجاهد حتى قيام الساعة. ولا يستوى القاعدون والمجاهدون.

وتشرح الوثيقة ان تحقيق ذلك سوف يكون مستحيلا بدون استيعاب المسلمين وكسبهم بكل فئاتهم والوانهم فى امريكا وكندا لصالح مشروع التوطين وجعله قضيتهم ومستقبلهم واساس حياتهم الإسلامية. حينها لو طلبنا المال سيكون وفيراً ولو طلبنا الرجال لجاءوا صفوفاً.

وتستطردد الوثيقة انه فى هذا الإطار نحتاج الى منهج علمى فى عمل عديد من الدراسات التى نحتاجها منها على سبيل المثال تاريخ الوجود الإسلامى فى امريكاالشمالية، تاريخ العمل الإسلامى الإخواني. الحركات والمنظمات الإسلامية ، تحليل ونقد. ظاهرة المراكز والمدارس الإسلامية : تحديات واحتياجات واحصاءات. الأقليات المسلمة . الجاليات العربية والإسلامية. المجتمع الأمريكى ( والكندي) تركيبته وسياساته . نظرة المجتمع الأمريكى الى الإسلام والمسلمين وغيرها وغيرها.

فهذا يمكننا من وضع آليات صحيحة وناجحة للتوطين ، مع تبنى فقه وتفسيرات شرعية تتلاءم مع عمليات التوطين التى نريدها.

وتشير الوثيقة لما تقدمه المراكز الاسلامية فى امريكا الشمالية من دعم لتحقيق الاهداف حيث تؤكد أن المراكز الإسلامية لها دور محورى فى تحقيق اهدافنا، فهى محور حركتنا ومحيط دائرة عملنا ونقطة ارتكازنا وقاعدة انطلاقنا ومحراب عبادتنا. لذلك يجب أن تتحول الى خلية نحل ، مكان للدرس والأسرة والكتيبة (نلاحظ هنا استخدام الوثيقة تعبيرا عسكريا) والدورة والزيارة والرياضة والمدرسة والنادى الاجتماعى وملتقى المرأة وحضانة الناشئة والناشئات ومكتب صنع القرار السياسى المحلى ومركز توزيع صحفنا ومجلاتنا وكتبنا واشرطتنا السمعية والمرئية .

نريد باختصار أن يصبح المركز الاسلامى "دارا للدعوة" و"المركز العام لها" وعلى قدر استطاعتنا فعل ذلك، على قدر نجاحنا فى التوطين فى القارة الأمريكية.

وتشير الوثيقة ايضا الى انه من المهم تمويل مبدأ التفرغ لمسئولى المواقع الرئيسية فى الجماعة ، بدون ذلك تتعطل عملية التوطين . بجملة واحدة نحن نريد "اقامة جماعة المؤسسات" فبدونها لن نضع اقدامنا على الطريق الصحيح.

فعلى بسيل المثال نملك الآن نواة مؤسسسة اعلامية وفنية شاملة "مطبعة+جهاز صف حروف متطور+مركز سمعيات وبصريات+مكتبة اخراج فني+مجلات وصحف بالعربية والإنجليزية(الآفاق، الأمل،السياسي، الى فلسطين،المقتطفات الصحفية، الزيتونة، الراصد الفلسطيني،مجلة العلوم الاجتماعية) + فرقة فنية +مصورين+مخرجين+مقدمى برامج+محررين+بالإضافة الى خبرات اعلامية وفنية اخرى".

كما أن لدينا مؤسسة دعوية تربوية شاملة : عندنا قسم الدعوة الإسلامية فى اسنا + مؤسسة الدكتور جمال بدوى + المركز الذى يديره الأخ حامد الغزالى + مركز الدعوة الذى تسعى له لجنة الدعوة الآن والأخ شاكر السيد + بالإضافة الى جهود دعوية هنا وهناك.

التحدى الذى يوجهنا كما تشير وثيقة التمكين الإخوانية هى جعل هذه الأنوية المبعثرة مؤسسات شاملة مستقرة "متوطنة" مرتبطة بخطط التنظيم نفسها. ولهذا يقترح مقدم الوثيقة تقسيم المؤسسة الشاملة الى ١٨ قسما تغطى كافة اعمالها وتضمن سيطرة كاملة على اى مسلم يقرر فى يوم ما ان يذهب للمسجد فى امريكا الشمالية لاداء فريضة الصلاة.وهذه الأقسام هى :

١-قسم التنظيم ( المركز العام – المؤسسات التنظيمية والإدارية

معهد للتدريب والتنمية والتطوير والتخطيطـ ـ خبراء بارزين فى هذا المجال .

انظمة عمل ولوائح ودساتير تصلح لادارة اعقد الأجهزة والمؤسسات .

مجلة دورية فى التنمية والإدارة الاسلامية .

امتلاك مخيمات وقاعة للأنشطة المختلفة .

بنك للمعلومات والحصر والإحصاء البشرى .

شبكة اتصالات متطورة .

ارشيف متطور لتراثنا وانتاجنا .... وما شابه)

٢-قسم التربية -لجنة الدعوة «المؤسسة الدعوية والتربوية».

تشمل نشر الدعوة مركزية وفروع محلية.

معهد لتخريج الدعاة والمربين .

علماء ودعاة ومربين ومقدمى برامج ومبشرين .

فنون وتقنية الإتصال والتبليغ والدعوة .

محطة تليفزيونية .

مجلة دعوية متخصصة.

محطة اذاعية .

المجلس الإسلامى الأعلى للدعاة والمربين .

المجلس الأعلى للمساجد والمراكز الإسلامية .

جمعيات الصداقة مع الأديان الأخرى ... وما شابه ذلك.

٣-قسم الأخوات «المؤسسة النسوية»

تشمل:

جمعيات نسوية مركزية ومحلية .

معاهد التدريب والتشغيل الفنى والتدبير المنزلى .

معهد لتدريب الداعيات .

دور الحضانة الإسلامية .... وما شابه.

٤-قسم المال + لجنة الاستثمار +الوقف «المؤسسة الإقتصادية».

تشمل:

بنكا مركزيا اسلاميا.

اوقاف اسلامية .

مشاريع استثمارية .

مؤسسة للقروض الحسنة ... وما شابه ذلك)

٥- قسم الناشئة + قسم المنظمات الشبابية «المؤسسة الشبابية».

تشمل:

منظمات شبابية مركزية ومحلية .

فرق ونوادى رياضية .

فرق كشفية ... وما شابه)

٦-اللجنة الإجتماعية + لجنة الزواج «المؤسسة الاجتماعية»

تشمل:

نوادى اجتماعية للشباب وابناء وبنات الجاليات .

جمعيات محلية للرعاية الإجتماعية والخدمات مرتبطة بالمراكز الإسلامية .

المنظمات الإسلامية لمكافحة الأمراض الاجتماعية للمجتمع الأمريكى .

مشاريع السكن الإسلامية .

مكاتب الزواج والقضايا العائلية ... وما شابه)

٧- اللجنة الأمنية «المؤسسة الأمنية».

تشمل:

نوادى للتدريب وتعليم وسائل الدفاع عن النفس.

مركز يعنى بالشئون الأمنية (فنيا وفكريا وتقنيا وبشريا)

٨-القسم السياسى + لجنة فلسطين «المؤسسة السياسية»

حزبا سياسيا مركزيا .

مكاتب سياسية محلية .

رموز سياسية

علاقات وتحالفات

المنظمة الأمريكية للعمل السياسى الإسلامى .

مراكز معلومات متطورة ... وما شابه)

٩- محكمة الجماعة + اللجنة القانونية «المؤسسة القضائية»

تشمل :

مجلس فقهى مركزى .

محكمة اسلامية مركزية .

جمعية المحامين المسلمين .

المنظمة الإسلامية للدفاع عن حقوق المسلمين ... وما شابه ذلك )

١٠- قسم العمل المحلى « تتوزع اعماله على باقى المؤسسات» .

١١- مجلاتنا + المطبعة + فرقتنا الفنية «المؤسسة الإعلامية والفنية».

جريدة يومية .

مجلات اسبوعية شهرية وفصلية .

اذاعات .

برامج تليفزيوية .

مركز سمعيات وبصريات .

مجلة للطفل المسلم .

مجلة للمرأة المسلمة .

مطبعة واجهزة صف حروف .

مكتب اخراج .

استديو تصوير وتسجيل .

فرق فنية للتمثيل والانشاد والمسرح .

مكتب تسويق وانتاج فنى ... وما شابه) .

١٢- مؤسسة الدراسات + دار النشر + دار الكتاب «المؤسسة الفكرية والثقافية» .

تشمل:

مراكز للدراسات والأبحاث .

منظمات ثقافية وفكرية مثال: جمعية العلماء الإجتماعيين – جمعية العلماء والمهندسين

معهد للفكر والثقافة الإسلامية

دار نشر وترجمة وتوزيع للكتاب الإسلامى

مكتب للتدوين والتأريخ والتوثيق

مشروع ترجمة القرآن الكريم والحديث الشريف ..... وما شابه)

١٣- الجمعيات العلمية والطبية «المؤسسة العلمية والتعليمية والمهنية».

تشمل:

مراكز بحث علمى

معاهد تقنية وتدريب مهنى

جامعة اسلامية

مدارس اسلامية

مجلس للتعليم والبحث العلمى

مراكز تدريب المعلمين

جمعيات علمية فى المدارس

مكتب للتوجيه الأكاديمى

جهاز للتأليف والمناهج الإلامية .... وما شابه)

١٤- المؤتمر التنظيمى «المؤتمر التأسيسى الإسلامى الأمريكي» .

١٥- مجلس الشورى + لجنة التخطيط «مجلس شورى الحركة الإسلامية الأمريكية».

١٦- المكتب التنفيذى «المكتب التنفيذى للحركة الإسلامية الأمريكية».

١٧- المسئول العام «رئيس الحركة الإسلامية والناطق الرسمى لها».

١٨- المناطق + الشعب + الأسر ( القيادات الميدانية للمؤسسات والمراكز الإسلامية )

خطورة الامر فيما يفعله التنظيم الدولى للاخوان فى امريكاالشمالية انه يجعل من اى مسلم عادى مقيم فى هذه المنطقة من العالم عضوا محتملا للتنظيم فى المستقبل عبر سلسلة لانهائية من الخدماتالتى يحتاجها ويقدمها له التنظيم المتخفى وراء ستار الدين، وواقع الامر يؤكد انهم نجحوا فى ذلك لحد كبير، وهذا ما سوف نستعرضه فى موضوعنا القادم والذى يتضمن ما تحقق على الارض من خطة تمكين الاخوان فى امريكا الشمالية «كندا والولايات المتحدة الامريكية».