الغرب والمجتمعات الإسلامية.. حان وقت المصارحة

اضيف الخبر في يوم الجمعة ٠١ - يوليو - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: العرب


الغرب والمجتمعات الإسلامية.. حان وقت المصارحة

 
الغرب والمجتمعات الإسلامية.. حان وقت المصارحة
  • خبراء ومحللون غربيون ينبّهون إلى ضرورة عدم المهادنة في التعامل مع الجماعات الإرهابية عبر الخطاب السياسي الذي يأخذ منحى تلفيقيا بقصد المراوغة وتجنب الاستفزاز، لكنه يحمل الكثير من الخطورة بسبب هذا التعامي عن جرائم التطرف أو محاولة تعويمها لمصالح آنية وضيّقة، لكن حجم الخطر كبير ولا يمكن التصدي له إلا بالحسم من خلال المواجهة، والقبول بأن المعركة ضد الإرهاب هي معركة حقيقية بأبعادها الثقافية والحضارية، وكما يريدها أعداء الحياة على أقل تقدير.
العرب  [نُشر في 01/07/2016، العدد: 10323، ص(13)]
 
خطر المد الإرهابي واقع، وضرورة التصدي له واقع تمليه الحقيقة
 
واشنطن- تصريحات الإدانة والاستنكار التي يطلقها الساسة الغربيون، عقب كل عملية إرهابية، تقوم بها الجماعات الإسلامية المسلحة على أراضيهم أو تستهدف رعايا بلادهم في دول أخرى متشابهة، تكاد تكون هي نفسها، مع بعض التعديلات والتحويرات في صيغة العبارة، ربما كي لا يملّها مواطنوهم وتعرض عنها وسائل الإعلام، لكثرة تكرارها وخلوّها من أي جديد وحاسم.

يقول كيفن هولبرت، وهو ضابط في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، “بعد أن قضيت البعض من السنوات في بلدان إسلامية لمحاربة الإرهاب، دائما أدهش عندما أسمع أحدهم مثل وزير الخارجية جون كيري يتحدث في أعقاب هجمات باريس فيقول “هذا ليست له علاقة بتصادم الحضارات”، وهي تصريحات قريبة من خطاب الإدارة الأميركية المعاد مرارا وتكرارا، بأن ذلك لا علاقة له بالدين ولا علاقة له بالاسلام، كما أنّ الرئيس أوباما غالبا ما يدين العمليات الإرهابية بعبارات مشابهة أو تدور في فلكها، كقوله عقب هجمات باريس مثلا بـ”أنها معادية للقيم الكونية التي نشترك فيها جميعا”.

ومن قال لك يا مستر أوباما إنّ الجماعات التكفيرية لا توافقك الرأي في ما ذهبت إليه؟ فهي بالفعل لا تشاركنا القيم الكونية التي نجلّها ونقدّرها ولو بدرجات متفاوتة، لكنها لا تعنيها، فهي تعتز بمحاربتها، لأنها لا تؤمن بها وفق منظورها، وبالتالي فإنّ تصريحك لا يحيد عن كونه ذا قيمة إخبارية توصيفية، في قولك بأنّ أعمالهم معادية للقيم التي نؤمن بها، طبعا، وأين الجديد في إقرارنا بالاختلاف معهم.. أليس هذا الاختلاف هو الذي يعطي الإسلاميين مبرّرا للقتل والتفجير. القاعدة والدولة الإسلامية وقطاعات أخرى من العالم الإسلامي، لا تؤمن أساسا بالقيم نفسها التي يؤمن بها العالم المتطور، فهم أساسا لا يؤمنون بحرية الدين أو الديمقراطية أو الحماية المتساوية في كنف القانون أو حرية الصحافة أو المساواة في الحقوق أو العدالة الاجتماعية، إنهم يضطهدون المرأة ويزدرون التنوع والتفكير الحر، ويعادون الحداثة، ويدمّرون التحف الفنية التاريخية والمتاحف، باختصار هم لا يؤمنون من الأساس بالأشياء نفسها التي تعتز بها الحضارة الحديثة وتثمنها بشكل كبير.

وتذكّرنا توصيفات خطابات الإدانة الغربية المكررة من طرف زعماء غربيين للإرهابيين، بما جاء على لسان أحد نقاد أدب صدر الإسلام في معرض حديثه عن الفرق بين طريقتي هجاء شاعري الرسول حسان بن ثابت وعبدالله بن رواحة لقريش، فالأوّل كان يصيبهم في مقتل، حين يتطرّق إلى تقصيرهم وتخاذلهم في القيم المشتركة بين الجاهلية والإسلام، أمّا الثاني فكان يكتفي بتعييرهم بأنهم مشركون ويحاربون الدين، وهو أمر يقع في نفوسهم بردا وسلاما، بل ويفتخرون بتمثّله، فالقيم التي يتهّمهم بانتهاكها، لا توجد أصلا عندهم بل يتفانون في محاربتها، ممّا يجعل هجاءه شكلا من أشكال المدح.

خبراء غربيون ومحللون استراتيجيون يدعون السياسات الغربية، والإدارة الأميركية على وجه الخصوص، إلى عدم الخوف الذي ينجرّ عنه نوع من السقوط في المداهنة للمجتمعات الإسلامية بسبب الحرص على تجنّب التعميم، الذي هو لغة الحمقى والأفق الضيق، لكن هذا لا ينبغي أن يمنعهم من تسمية الأشياء بمسمّياتها، فالعالم بصدد مواجهة مصيرية مع أعداء الحضارة والقيم الإنسانية، وهو أمر لا يمكن القفز عليه بعبارات عائمة وغير حاسمة على شاكلة “إننا ندين هذا العمل الذي لا ينتمي إلى قيم الإنسانية”، ويقول خبير أميركي بلهجة غاضبة “بينما نحن نجلس لننظم الكلمات ونقول مرارا وتكرارا بأننا لسنا في حرب معهم، وأن ذلك ليس تصادما للحضارات، يقولون هم بأنهم في حرب ضدنا وأنه تصادم حضارات”.

وباتت الأعمال الإرهابية تتمدّد أمام التراجع عن مكتسبات في قيم الحرية والتسامح من طرف الشرق والغرب، مما جعل المحلل الأميركي كلبرت يقول “المكان الوحيد الذي يبدو أننا نجد فيه أرضية مشتركة مع السلفيين المسلمين هو مع التعديل الأول للدستور المتعلق بحق حمل السلاح”.


اجمالي القراءات 922
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق