عن بريطانيا وتيران والخالدين فى التضليل

اضيف الخبر في يوم الثلاثاء ٢٨ - يونيو - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: المصرى اليوم


عن بريطانيا وتيران والخالدين فى التضليل

بقلم   عزت القمحاوى    ٢٨/ ٦/ ٢٠١٦

بعض المصادفات يأتى محملاً بالمعنى.

مقالات متعلقة :

من هذه المصادفات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى فى أعقاب حكم القضاء الإدارى بمصرية جزيرتى تيران وصنافير.

وجه التشابه بين القضيتين هو موضوع السيادة، بريطانيا غادرت موقعها فى الاتحاد لأن ٥٢% من البريطانيين اتخذوا قرار الخروج لاسترداد جزء من السيادة الوطنية على كل الجزر البريطانية، وفى الحالة المصرية يتعلق الأمر بقرار اتخذه رجل واحد بالتنازل عن كل السيادة على جزيرتين.

فاز البريطانيون بنصر له طعم الهزيمة، فبعد صدمة اللحظات الأولى بدأت تتكشف الخيبات التى ستترتب على هذا النصر. هذه المراجعة هى ميزة الديمقراطية رغم أن هذا الاستفتاء بالذات وضع العملية الديمقراطية ذاتها موضع المساءلة.

أصبح لدى البريطانيين اعتقاد متزايد بأن الاستفتاء كان مجرد «ملعوب» وفخ، فما قيل عن المبالغ التى تساهم بها بريطانيا فى ميزانية الاتحاد كان مبالغًا فيه، وهذا غريب، لأن المعارضة التى قادت الدعوة للانفصال هى التى قامت بتزوير الحقائق، ولم تعتقل الحكومة المؤيدة للبقاء فى الاتحاد المعارضين، ولم تتهمهم بإشاعة أخبار كاذبة، بل لم تعرف أن ترد بالحقيقة التى تملكها!

الشك الأكبر فى الديمقراطية بدأ مع تحليل خريطة التصويت التى كشفت أن الشباب صوتوا من أجل البقاء، وكبار السن من عمال المناجم خصوصًا هم الذين صوتوا من أجل الانفصال، فهؤلاء هم الخائفون من المهاجرين ويريدون التملص من الالتزام بالسياسة الأوروبية فى استقبال المهاجرين، وهم الذين يحنون إلى مجد التاج البريطانى، ويرفضون أن تكون بريطانيا على قدم المساواة مع بلغاريا أو رومانيا داخل الاتحاد الأوروبى.

ومن هنا كان سؤال الشباب: كيف لمن تمتعوا بمزايا الوحدة طوال ٣٠ عامًا أن يقرروا شكل بريطانيا فى مستقبل لن يكونوا جزءًا منه؟ كيف يغتصبون حق من سيعيشون بعدهم فى الاختيار، بمن فيهم من بلغوا سن التصويت ومن هم دون الثامنة عشرة الذين لا يحق لهم التصويت اليوم لكنه سيحق غدًا؟

وهناك من بين من صوتوا للانفصال مَن انتبهوا إلى أنهم ارتكبوا حماقة، بعضهم بسبب الاستهتار، والبعض بسبب الرغبة فى تحدى الحكومة، لكننا فى النهاية أمام خطأ تضامنى يتحمله نصف الشعب، وأمام نقاش حر ربما يخفف من وطأة الألم على المهزومين.

فى الحالة المصرية، الأمر مختلف، والنقاش مثير لليأس من المستقبل. لم يجد الفرحون بحكم المحكمة وسيلة للتعبير عن فرحهم بالحكم إلا فى مجالسهم الخاصة وحساباتهم على مواقع التواصل، بينما أخذ الصوت الداعم لاتفاقية ترسيم الحدود فرصته كاملة، قولاً وكتابة فى وسائل الإعلام العامة.

كل الحجج تركزت على توصيف التنازل عن الجزيرتين للسعودية باعتباره عملًا من أعمال السيادة لا الإدارة، من أجل تأكيد عدم اختصاص المحكمة فى مناقشة القضية، قفزًا على حقيقة وضع الجزيرتين!

عمل تضليلى من الطراز الأول، ينحرف بالقضية من أحقية مصر أو عدم أحقيتها فى أرضها إلى أحقية الرئيس فى التنازل عنهما. ومن المثير لليأس أن نرى هذا العدد الكبير من رجال القانون والإعلام الذين يدفعون بالمناقشة إلى هذا المنحى، والأكثر إثارة لليأس هو الاستماتة ذات الطابع الميليشياوى فى اتهام المتمسك بمصرية الجزيرتين بالخيانة!

وهؤلاء، مثل المصوتين الإنجليز لصالح الانفصال، جميعهم من كبار السن، وجميعهم تمتع بكل المزايا أثناء حكم مبارك. صنعوا الملايين من تضليل الرجل وإسماعه ما يريد، فقادوه إلى مصيره، بينما استمروا فى أدوارهم التى لم يفقدوها حتى فى عام الإخوان!.

اجمالي القراءات 1160
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق