العاهل المغربي يرسخ الاعتدال ومدنية الدولة في المناهج الدراسية

اضيف الخبر في يوم الأحد ٠٧ - فبراير - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: العرب


العاهل المغربي يرسخ الاعتدال ومدنية الدولة في المناهج الدراسية

العاهل المغربي يرسخ الاعتدال ومدنية الدولة في المناهج الدراسية
مراقبون يصفون القرار بـ'الجريء'، كما يبرز النموذج المغربي القائم على رؤية استباقية يقودها العاهل المغربي باعتبارها المحدد الأول للسياسة الدينية بالبلاد.
العرب الجمعي قاسمي [نُشر في 08/02/2016، العدد: 10179، ص(1)]
 
قرار استباقي لمحاربة الفكر المتطرف
 
أمر العاهل المغربي الملك محمد السادس بمراجعة مناهج وبرامج تدريس التربية الدينية في مختلف المستويات التعليمية، وذلك في قرار لافت وجريء يندرج في سياق إجراءات مكثفة ضمن إطار مقاربة شاملة من أجل التصدي للتطرف الديني عبر التمسك بقيم التسامح والاعتدال في المذهب المالكي.

ويأتي القرار الملكي على خلفية تزايد الأصوات التي تُحذر من أن طريقة تدريس التربية الدينية في المدارس المغربية قد تؤدي إلى “نزعات متطرفة” وقد “تشجع على الإرهاب”، لا سيما في هذا الوقت الذي يواجه فيه المغرب تصاعدا للتطرف الديني الذي يعكسه تواجد أكثر من 1500 مقاتل في صفوف تنظيم داعش، وتفكيك نحو 150 خلية إرهابية منذ العام 2002.

وتنظر الأوساط السياسية المغربية إلى هذا القرار كمقدمة لا بد منها لمراجعة تعليم أصول الدين الإسلامي الذي يبقى موضوعا شائكا، لا سيما على ضوء تزايد التخوفات من اتساع المساحات التي أصبح يحتلها الفكر المتطرف، والثقافة الدينية التكفيرية التي باتت تُشكل خطرا جديا على أمن واستقرار البلاد.

وأصدر العاهل المغربي تعليماته بضرورة مراجعة مناهج وبرامج تدريس التربية الدينية، سواء في المدرسة العمومية أو التعليم الخاص، لإعطاء أهمية أكبر للتربية لتكريس القيم الإسلامية، الداعية إلى الوسطية والاعتدال، وإلى التسامح والتعايش مع مختلف الثقافات والحضارات الإنسانية.

وبحسب الدكتور محسن الأحمدي الأستاذ المحاضر في علم الاجتماع بجامعة قاضي إياد في مراكش، فإن قرار العاهل المغربي يندرج في سياق وطني ودولي للتصدي للفكر المتشدد.

وقال الأحمدي لـ”العرب” إنه “كان لا بد من مواجهة الفكر الإخواني الذي بدأ يتسلل إلى المناهج التعليمية من خلال بعض المدرسين والأساتذة في المدارس الابتدائية والثانوية وحتى في الجامعة، وبالتالي جاء هذا القرار لتدارك الوضع من خلال إدخال إصلاحات على مستوى مضامين الخطاب الديني”.

 
محمد بن حمو: قرار الملك محمد السادس يضمن الأمن الروحي للمغاربة
 

ولم يتردد الأحمدي في وصف هذا القرار بأنه “خطوة استباقية في إطار هجوم مضاد على كل ما هو دخيل على المغرب، وتعزيز للفقه المالكي بعيدا عن الإقصاء والتكفير الذي وجد في الفكر الإخواني أرضية خصبة لانتشاره”.

ويرى مراقبون أن هذا القرار فرضته تطورات المشهد الديني في المغرب، ما دفع السلطات المغربية إلى البدء في إصلاحات داخل الحقل الديني، انطلقت في أعقاب أول تفجيرات إرهابية هزت مدينة الدار البيضاء في ربيع العام 2003.

وتهدف تلك الإصلاحات التي يسعى العاهل المغربي لترسيخها، إلى بناء مجتمع متمسك بمقوماته الروحية، ومنفتح على روح العصر، وبعيد عن كل أشكال التعصب أو الغلو أو التطرف، وذلك ضمن إطار استراتيجية سياسية ترتكز على مبادئ الحفاظ على الوحدة المذهبية للمغرب، والتشبث بمرجعية المذهب المالكي، وتشجيع الانفتاح على الثقافات الأخرى.

واعتبر المحلل السياسي المغربي محمد بن حمو في تصريح لـ”العرب” أن القرار الجديد يدعم تلك الاستراتيجية التي تندرج في إطار المقاربة المغربية لمواجهة التطرف، وهو بذلك يأتي لملء الفراغات التي قد تستغلها جهات تسعى إلى إبعاد الدين الإسلامي عن أهدافه السمحة خدمة لأجندات سياسية.

وشدد على أن قرار العاهل المغربي يهدف بالأساس إلى “تأمين وضمان الأمن الروحي للمغاربة”، استكمالا لسلسلة القرارات التي اتخذها الملك محمد السادس وشدد فيها على ضرورة الالتزام بأصول المذهب المالكي ، وعلى منع توظيف الدين في قضايا سياسية، والإخلال بالطمأنينة والتسامح.

ولفت بن حمو إلى ما وصفه بالقرار التاريخي الذي اتخذه الملك محمد السادس عندما منع في الثالث من يوليو من العام 2014، الأئمة والخطباء وجميع العاملين في المهام الدينية من “ممارسة أي نشاط سياسي”، وحظر “اتخاذ أي موقف سياسي أو نقابي”.

ويجمع المراقبون على أن هذا القرار الجريء يبرز النموذج المغربي القائم على رؤية استباقية يقودها العاهل المغربي باعتبارها المحدد الأول للسياسة الدينية بالبلاد وذلك من خلال تعيين وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، ورئاسة المجلس العلمي الأعلى، الذي يعد مؤسسة شرعية يُناط بها إصدار الفتاوى، ويساهم القرار أيضا في تحصين الهوية الدينية والثقافية للمجتمع.

اجمالي القراءات 2049
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق