برلمانيات يسعين لتعزيز المكاسب السياسية لنساء المغرب

اضيف الخبر في يوم الأحد ٠٧ - فبراير - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: العرب


برلمانيات يسعين لتعزيز المكاسب السياسية لنساء المغرب

برلمانيات يسعين لتعزيز المكاسب السياسية لنساء المغرب
  • تحقق المرأة في المغرب بعض التقدم فيما يخص موقعها في المجتمع وفي قطاعات مثل التعليم والصحة والاقتصاد إلا أنها تكاد تكون غائبة أو مغيبة عن الفعل السياسي فلا نجد أسماء لامعة لعدد هام من السيدات في الحكومة وفي الوزارات ولا في الأحزاب ولا نجد تمثيلية معتبرة كمّا وكيفا للنساء في البرلمان ورغم دعم الدستور المغربي لحقوق المرأة في المشاركة في الحياة السياسية وفي شتى المجالات، إلا أن العقلية الذكورية الطاغية على المجتمع وعلى تفكير غالبية السياسيين وأصحاب القرار حالت دون أن تنال المغربيات فرصهن في خوض المعترك السياسي وبلوغ المساواة مقارنة بالرجال.
العرب فاطمة الزهراء كريم الله [نُشر في 07/02/2016، العدد: 10178، ص(20)]
 
قادرات على تحقيق المساواة
 
مازال النقاش مفتوحا في المغرب حول قضية المساواة والمناصفة، الذي استدعى تحرك كافة الديمقراطيين والديمقراطيات وانخراطهم في البحث عن سبل أفضل لتعزيز تمثيلية النساء، من أجل التطلع إلى انتزاع مزيد من المكاسب، لا سيما على مستوى ولوج المرأة إلى مراكز القرار وتدبير الشأن العام بمستوييه المحلي والوطني، والذي لا يزال يعرف ضعفا في الكوادر النسائية، على اعتبار أن دعم وتشجيع مشاركة المرأة في تسيير الشأن العام والمحلي وضمان وصولها إلى المؤسسات التمثيلية المنتخبة بالمغرب، أحد الرهانات الكبرى التي انخرطت فيها المملكة منذ سنوات وخاصة بعد دستور 2011.

وعلى الرغم من التوجه السياسي العام القاضي بتعزيز تمثيلية النساء واعتماد إجراءات قانونية لضمان ذلك، فإن نتائج الانتخابات المحلية والجهوية الأخيرة، أفرزت واقعا مغايرا لهذا التوجه، وإخفاقا واضحا في رهان تقوية حضور النساء في المؤسسة التشريعية. ويرى بعض المراقبين أن الواقع العملي، كشف عن أن الأحزاب السياسية بالمغرب اتجهت في الغالب إلى ترشيح رجال على رأس لوائحها وهو ما يفسر، إلى حد ما، ضعف النتائج التي حصلت عليها النساء في الانتخابات المحلية والجهوية.

وفي ندوة "موضوعاتية" أقيمت داخل مجلس النواب المغربي، تحث شعار "أي دور للبرلمان في تعزيز وتحقيق المساواة والمناصفة"، أكّد المشاركون، على أن البرلمانيات مطالبات بقيادة مبادرات نوعية تعزز المساواة وولوج المرأة إلى مراكز القرار، وذلك في أفق تحقيق المناصفة في مختلف المجالات.

وشدد المشاركون في الندوة، التي نظمتها المجموعة "الموضوعاتية "حول المساواة والمناصفة بمجلس النواب، على ضرورة مساهمة البرلمانيات، إلى جانب باقي الفاعلين المعنيين، باستمرار في مرافعات من أجل تتبع السياسات العمومية ومدى تفعيلها لمبدأ المساواة والمناصفة، كحقوق تفرضها المتغيرات التي يشهدها المجتمع المغربي.

الندوة كعمل سياسي إعلامي كشفت أنه حان الوقت للمرأة في المغرب لتسعى للذود عن حقوقها السياسية حتى تتمكن من افتكاك حقها في المساواة مع رجال السياسة في المناصب القيادية والحكومية وفي تمثيل المواطن المغربي في البرلمان لتبليغ صوت المرأة كما الرجل. كما أثبتت أن الدفاع عن حق المرأة في المشاركة السياسية يجب أن تعي به وتتبناه وتسانده النساء كما يجب أن يلقى دعما من الرجال لأن الحد من تأثير ووقع النظرة النمطية والسلبية للمرأة يجب أن يرفع من ثقافة ووعي المجتمع بأكمله في جميع أوساطه وفئاته العمرية بعمل مشترك بين مختلف الفاعلين السياسيين والاجتماعيين نساء ورجالا.

المرأة بحاجة إلى التغلب على واقع قانوني عنيد، وعلى واقع سيكولوجي فيه الكثير من المعوقات، وعلى واقع سوسيولوجي فيه تغلغل للعقليات غير الصديقة للمرأة

العقلية الذكورية تحول دون تحقيق المساواة الفعلية

تسعى البرلمانيات المغربيات إلى تحقيق مساواة فعلية بين النساء والرجال على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ولمواجهة المد التراجعي، الذي يعتبر المتسبب في تعطيل التفعيل الديمقراطي للدستور أحد مؤشراته الأساسية.

وفي هذا الصدد، قالت نعيمة بن يحيى عضو البرلمان المغربي والخبيرة في سياسة النوع الاجتماعي، في تصريح لـ"العرب" إن "هذه الندوة تندرج في إطار التدابير والمقتضيات الجديدة التي أدخلها مجلس النواب في نظامه الداخلي من أجل تفعيل الدستور وكذلك تماشيا مع التوجيهات الملكية، مذكرة بالسياق الوطني الذي ينظم فيه هذا اللقاء، المتمثل في مناقشة هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز التي نص عليها الفصلان 119 و164 من الدستور".

وأضافت بن يحيى التي ترأست ندوة "الموضوعاتية" للمساواة والمناصفة إن "قضية المساواة عرفت تطورا واضحا في المغرب فهناك مكتسبات قانونية ومؤسساتية جاءت بناء على نضالات لعدة سنوات توجت بتضمين دستور 2011، مقتضيات تتعلق بالمساواة والمناصفة ومحاربة كل أشكال التمييز". وأعربت البرلمانية المغربية، عن تخوفها ممّا أسمته تلكؤ الحكومة وتأخير تنزيل مشروع قانون هيئة المناصفة، وتعثر مشروعي قانون مناهضة العنف ضد النساء والعمال المنزليين الذي يهم الطفلات.

وأوضحت النائبة، بأن البرلمان كمؤسسة تشريعية له دور كبير في تعزيز المساواة والمناصفة لذلك حرص على ضمان التفعيل السليم لمضامين الوثيقة الدستورية أمام تحدّيات التطبيق، بهدف دعم المكتسبات النسائية في كلّ المجالات، وتعزيزها على مستوى التشريع والمراقبة والدبلوماسية البرلمانية، وعلى مستوى مراكز اتخاذ القرار، وتثمين روابط العمل المشترك مع هيئات المجتمع المدني، وتطوير العلاقات التشاركية مع مؤسسات المجتمع الدولي المهتمّة بمجال حقوق الإنسان وتحقيق اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو" .

كما أن إحداث مجموعة موضوعاتية كأول هيئة نظامية في تاريخ مجلس النواب، في مجال المساواة والمناصفة، وكإطار مؤسساتي يبلور العمل التشاركي بين مختلف الفرق البرلمانية، نأمل أن يكون لها دور في تقريب وجهات النظر، خاصة ونحن نناقش عددا من القوانين التي لها علاقة مباشرة بحقوق النساء، وكذا فنحن نطمح إلى الرفع من تمثيلية النساء في مجلس النواب في الانتخابات التشريعية لسنة 2016 في أفق المناصفة بمراجعة القانون المتعلق بانتخاب أعضاء مجلس النواب.

 
إقرار المساواة والمناصفة كمبدأ دستوري وحقوقي
 

من جهتها قالت ماريا الشرقاوي رئيسة وحدة دراسات الأسرة والنوع الاجتماعي بمركز أطلس الدولي لتحليل المؤشرات العامة ورئيسة منتدى أسرة، في تصريح لـ"العرب" إن "المساواة والمناصفة مطلب حقوقي، ونحن كمجتمع مدني وكناشطين حقوقيين نناضل من أجل تحقيق هذا المبدأ، حيث أن النهوض بدور المرأة كقوة فاعلة وحتمية في التنمية يضمن مشاركة وازنة للنساء في مراكز القرار السياسي والإداري والاقتصادي، وهو ما يتطلب تحقيق المناصفة وترسيخ المساواة كقاعدة لتسيير الشأن العام وتولي المسؤوليات".

وأضافت الشرقاوي بأن"المغرب يتوفر على قاعدة إيجابية يمكن أن تشكل سندا حقيقا للاستجابة لتطلّعات المرأة المغربية وتتمثل في انخراط المملكة بشكل إيجابي في كل البرامج والمبادرات الإقليمية والدولية بقضايا المساواة بين الجنسين". وأكّدت رئيسة منتدى الأسرة، على أن ترسيخ مبدأ المساواة يقتضي توسيع إشراك المرأة في بناء السياسات العمومية وإعطاء الفرصة للنسيج الجمعوي النسائي في التقدم، خاصة فيما يتعلق بالآليات التي يتعين وضعها لتنزيل مقتضيات الدستور على أرض الواقع وهذه مسؤولية الجميع.

وأكدت بسيمة الحقاوي وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، على أن هذا اللقاء يطرح قضية المناصفة من زاوية اشتغال المؤسسة البرلمانية، على اعتبار أن وظائفها تتركز في التشريع والرقابة والدبلوماسية الموازية، لكن تشمل أيضا ترسيخ الحقوق من خلال الترسانة القانونية. واعتبرت أن هذه الندوة، التي تجمع بين المؤسسة البرلمانية والجهاز التنفيذي، ممثلا في الحكومة، وبعض المؤسسات الدستورية، شكلت مناسبة لتناول قضية المناصفة ودور البرلمان لتحقيقها من جميع هذه الزوايا.

وانتقدت الوزيرة، ما أسمته "العقلية الذكورية" السائدة، فرغم بعض التطورات إلا أن الخلفية الذكورية تتحكّم في سلوك بعض الرجال، إذ تسيطر عليهم عقلية الإقصاء، لأنهم لم يعتادوا وصول النساء إلى مراكز القرار، مشددة على أن المناصفة من المفروض أن تصبح مطلب الجميع رجال ونساء.

المناصفة مبدأ دستوري يتعين تفعيله بالسياسات العمومية

سجلت مشاركة النساء في العمل السياسي في العقدين الأخيرين تطورا تصاعديا، لكنه تميز بالبطء، وبقى ولوج النساء إلى المناصب الحكومية والإدارية العليا متواضعا رغم الصلاحيات الجديدة التي يقرها دستور 2011.

واعتبر رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إدريس اليزمي، أن إنشاء المجموعة “الموضوعاتية” حول المساواة والمناصفة بمجلس النواب، كمؤسسة تعنى بالتشريع، يشكل، حدثا مهما في المسار الديمقراطي المغربي، مشيرا إلى أن الهيئة الحقوقية أصدرت لحد الآن سبعة تقارير حول المساواة والمناصفة. وأبرز اليزمي، أن المناصفة أصبحت الآن مبدأ دستوريا يتعين تكريسه من خلال السياسات العمومية، ومجهودات الفاعلين في القطاعين العام والخاص، معتبرا أن أفق المناصفة لا زال مطروحا على كل المؤسسات المغربية، بما في ذلك البرلمان والمجلس الوطني لحقوق الإنسان والحكومة.

وفي حوار مع “العرب” قال محمد بودن رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات العامة إن “قضية المساواة والمناصفة هي قضية لا تفارق المطالب الحقوقية والهدف منها هو الارتقاء بالمغرب في المنظمات الدولية وتعزيز البناء الديمقراطي كسياق استراتيجي، وأيضا خلق توازن مجتمعي يكون فيه مكان بالنسبة إلى الجنسين تتساوى فيه الحقوق بين المرأة والرجل، ثم لا ننسى بأن المساواة والمناصفة تساهم في تطوير التمكين السياسي والاقتصادي والمجتمعي والثقافي للمرأة، كما تساهم في توسيع الخارطة السياسية للمرأة".

ضرورة جعل النساء قوة اقتراحية فاعلة في تعميق اللامركزية وترسيخ فلسفة الديمقراطية المحلية وتزكية اختيارات المغرب الرامية إلى تجذير الحداثة وحقوق الإنسان

وأضاف بودن أن “المغرب بذل جهودا في سبيل تشجيع المرأة ولكن يبدو أن هذا الاهتمام يصب فقط في الوظائف الانتخابية، بحيث يصبح هاجس النساء انتخابيا متعلقا بالوظيفة الانتخابية وبالولاية الانتخابية، وأعتقد أن تطور تراكمات المناصفة لا يمكن أن يتم إلا عبر مجموعة من المنطلقات وتفاعل مجموعة من العناصر أولها ضرورة توفر آلية مؤسسية فعالة مثل هيأة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز".

وأشار المحلل السياسي إلى أن مشروع قانون المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز لا يحمل تعريفا للمناصفة والمساواة، ولا يحمل تعريفا للتمييز، لا يتوفر على فلسفة ولا على مرجعية، واعتقد بأنه قانون دون أساس. و يمكن أن يخلق مشكلا في الانجاز والتفعيل في المستقبل، بحيث أكد على أن يكون قانونا معياريا أكثر منه قانونا منظما. يشار هنا إلى أن قانون المناصفة قطع أشواطا جدّ مهمة على المستوى التشريعي وهو الآن في مجلس المستشارين من أجل التداول.

وحول رهانات المناصفة والمساواة قال المتحدث، بأن الرهان اليوم مرتبط بإرادة المشرّع بحيث يجب أن تكون إرادة المشرع إرادة حقيقية وحازمة، وأن لا يرتبط الرهان بلائحة الانتخابات التشريعية ولا بالوظائف الانتخابية، كما أن نجاح رهان المناصفة والمساواة، مرتبط بوضع فصل قانوني يكون صديقا للمرأة، ثم أيضا المناصفة لا يمكنها أن تفعّل بشكل جاد إلا باجتهادات قضائية تدعم مشاركة المرأة.

وأكد رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات العامة، على أنه بالرغم من هذا التطور المؤسساتي ومن الترسيم الدستوري ومن التطور القانوني، فإن المرأة بحاجة إلى التغلب على واقع قانوني عنيد، وعلى واقع سيكولوجي فيه الكثير من المعوقات، وعلى واقع سوسيولوجي فيه تغلغل للعقليات غير الصديقة للمرأة، ومن أجل تحقيق هذا المشروع يجب تغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة.

من جهته شدد عبدالرزاق الحنوشي مدير ديوان رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالمغرب، في تصريح لـ”العرب”، على ضرورة جعل النساء قوة اقتراحية فاعلة في تعميق اللامركزية وترسيخ فلسفة الديمقراطية المحلية وتزكية اختيارات المغرب الرامية إلى تجذير الحداثة وحقوق الإنسان.

وأضاف أن “دفاعنا عن إقرار مبدأ المساواة والمناصفة، يأتي من أجل حلّ المشاكل التي تعيشها بعض النساء من إقصاء وتهميش، إلى تحقيق المقتضيات الدستورية وخاصة ما جاء في الفصل 19 من الدستور الجديد، الذي ينصّ على سعي الدولة إلى مبدأ المناصفة بين الرجل والمرأة، ومكافحة كل أشكال التمييز”.

وأكد الحنوشي على أن توصيات المجلس، تحث على إقرار المساواة والمناصفة كمبدأ دستوري وحقوقي، وتذكير جميع المؤسسات التشريعية منها والتنفيذية بامتثال المغرب واحترامه لالتزاماته الدولية.

اجمالي القراءات 2368
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق