اضيف الخبر في يوم الأحد ١٠ - يناير - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه
حول أزمة تردي مستوى التعليم في المغرب.. الخلفية والأسباب
في حالة أشبه بساحة حرب، فتاة بوزرة بيضاء، يتدرج الدم بغزارة من رأسها، وشاب آخر يمسك عينيه بيديه حتى لا تذرف مزيدا من الدم، وحوله العشرات من زملائه مرتمين على الأرض بين معطوب ومكسور“. حصل هذا قبل يوم أمس جراء تدخل أمني عنيف في حق مظاهرة تطالب بضمان التوظيف لأساتذة قيد التكوين بمنطقة “إنزكان“ بالمغرب، ما خلف إصابات استدعت نقلها إلى المستشفى.
لعل الواقعة تلك، والتي أثارت جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، تمثل أفضل صورة للتعليم في المغرب، الصورة التي عادة ما تلتصق بالقمع والفساد وانعدام الكفاءة. في هذا التقرير سنتطرق إلى هذا الملف الشائك الذي يؤرق المغرب إدارة وشعبًا حاليًا.
عادة ما تقلل سلطات الدولة بالمغرب من سوء الوضع بقطاعات معينة كالشغل والصحة، وتعتبر التقارير الدولية التي تنتقد الوضع مبالغًا فيها، لكن عندما يتعلق الأمر بالنظام التعليمي فلا تجد مناصا في أن تقر بنفسها على لسان وزير التربية والتعليم حيث سبق أن قال “إن مؤشرات وتقارير عالمية تجعلنا نفهم ونعترف كم نحن فاشلون”(2)، وهو أمر يتفق حوله الجميع من فعاليات مدنية ورسمية، حتى أصبح التعليم في المغرب كاليد المجذومة التي لا يجرؤ أحد على الاقتراب منها من شدة انتشار المرض.
صدم المغاربة أول مرة بوضعية التعليم الذي يتلقاه أبناؤهم بداية عام 2008، عندما أصدر البنك الدولي تقريرًا حول دراسة مفصلة للتعليم بـ14
دولة عربية، صنف فيه المغرب ضمن المراتب الأربع الأخيرة، بجانب العراق واليمن وجيبوتي، بالرغم من أنه لا يعاني حروبًا أو مجاعة مثل تلك البلدان. ثم توالت في السنوات التالية التقارير الدولية التي تؤكد المسار المفزع الذي ينحو نحوه النظام التعليمي بالمغرب.
تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للتعليم والثقافة (اليونسكو) يصنف المغرب ضمن أسوأ 21 دولة في مجال التعليم في العالم، بمعية دول فقيرة جدا مثل موريتانيا والصومال، أو تعيش أوضاعًا غير مستقرة مثل العراق وباكستان، وأوضحت اليونسكو في وثيقتها تلك أن أقل من نصف عدد التلاميذ في المغرب فقط هم من يفلحون في تعلم المهارات الأساسية.
وإذا ما أردنا بيانات أكثر حداثة، فيصنف المنتدى الاقتصادي العالمي المغربَ في مؤشر جودة التعليم لعام 2015 في الرتبة 101 من أصل140(4)، واحتلت المملكة الرتبة 126 في تقرير التنمية البشرية للأمم المتحدة الصادر نهاية السنة المنصرمة، والذي يعتمد مؤشر التعليم والصحة والدخل الفردي والمساواة في تقييمه لبلدان العالم، وكان من المثير للخوف أن المغرب تخلف في ذيل الترتيب عن كل الدول العربية باستثناء موريتانيا والسودان والصومال واليمن، وتقدمته كل من فلسطين والعراق، ما ينبئ عن الوضع الكارثي للغاية الذي يعيشه التعليم المغربي.
تجدر الإشارة أيضا أن نسبة الأمية (بمفهوم انعدام القدرة على التهجي ورسم الحروف) في المغرب تقارب %30 حسب آخر إحصاء رسمي لسنة 2013، وتقول تقارير دولية عديدة بأن النسبة تفوق ذلك بكثير، كما أن %78 من التلاميذ المغاربة لا يحصلون على الباكالوريا (شهادة إنهاء المرحلة الثانوية) (6)، أما بالنسبة لوضعية القراءة فإن الأمر يزداد سوءًا، حيث يحتل المغرب في لائحة القراءة والكتابة في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الرتبة 162، بأقل من معدل 5 دقائق سنويًّا في القراءة لكل فرد.
وبالرغم من أن هناك تحسنًا في نسبة المتمدرسين مقارنة مع السنوات الفارطة، إلا أن الفجوة في الكيف تتزايد أيضًا، باعتبار أن المعرفة في تطور متسارع ولا سيما في عصرنا اليوم، حيث لا مكان لمن لا يلحق الركب.
كان الشباب المغربي المتمدرس بمثابة حقل تجارب للإصلاحات التعليمية العديدة والمتوالية التي أجرتها الدولة طوال عقود، والتي انتهى جميعها بالفشل الذريع حتى الساعة.
ارتبط التعليم بالمغرب منذ بداياته بعد الاستقلال بالبعد السياسي والمركزية، وكانت مختلف الإصلاحات التي لحقته تراعي بعين الاعتبار الخاصيتين المذكورتين آنفا، الأمر الذي جعله متدهورًا كمًّا وكيفًا، وتمثلت أهم هذه الإصلاحات في برنامج الميثاق الوطني والمخطط الاستعجالي.
جاء برنامج الميثاق الوطني للتربية والتكوين مع بداية الألفية استجابةً للأصوات السياسية التي تطالب آنذاك بعهد جديد مع تولي الملك محمد السادس العرش، ساهم مجوعة من الفاعلين في بناء وثيقة البرنامج، ووضعوا قراءة مفصلة لوضعية التعليم المغربي وحزمة من الأهداف المراد تحقيقها، لكن بعد عشر سنوات أعلن رسميا الفشل الذريع في تنزيل مقتضيات البرنامج لأسباب تدبيرية وتواصلية ومالية.
وفي محاولة أخرى لبث نفس جديد في النظام التعليمي، أعلن عن البرنامج الاستعجالي بتعبئة مالية 41 مليار دولار بزيادة تعادل الثلث عما قبله، بيد أنه هو الآخر انتهى بالفشل في 2012 وبددت فيه كثير من الموارد البشرية والمالية بدون جدوى.
أما حاليًا، فالنظام التعليمي يمر بحالة تخبط وفقًا لمراقبين قد أوصلته إلى نفق مسدود يصعب التعامل معه، لدرجة أن وزير التربية والتعليم رشيد بلمختار ورئيس الحكومة عبد الإله بنكيران اختارا إرسال أبنائهم للدراسة في فرنسا، بينما يمثلان معا الجهة المفترضة، بحكم المسؤولية التي يشغلها كل منهما؛ لتوفير تعليم جيد لأبناء الشعب.
تمس قضية التعليم في المغرب بنية الدولة والمجتمع بشكل عميق، ما يجعلها مشكلة بنيوية تستدعي جرأة قوية وكفاءات عالية لمباشرة إصلاح جذري، وبدون شك فالمشكلة هي أكبر من أن تحصى أسبابها في أسطر، لكن سنجرد العوامل الأساسية العامة لفشل المنظومة التعليمية المغربية.
كل هذه الأسباب تجعل مهمة إصلاح التعليم مهمة شاقة، بينما لا توجد أي مؤشرات حتى الآن تدل على أن النظام التعليمي المغربي بدأ يسير في الاتجاه الصحيح، ناهيك عن أن المعارف ومتطلبات العصر تزداد تطورًا وتعقيدًا مما يصعب مهمة اللحاق بالركب، ويضع المزيد من التبعات على المسؤولين والخبراء لأجل البدء في رؤية واضحة لمواجهة حالة التردي التعليمي في المغرب.
دعوة للتبرع
نساء النبى : ما هى الحكم ة فى ان تنزل آيات عن الخلا فات ...
تلاعبهم بالقرآن .!: ما الفرق بين صاحبه بالال ف وصحبه بدون الف....
حديث الافك: حديث الأفك .. سمعنا عن حديث الأفك من خلال كتب...
رحمته وسعت كل شىء: • لو مات شاب ميتة الفاج ئه في حادثة او خلافه...
ضد التشيع : عليكم السلا م استاذ ي العزي ز احمد صبحي...
more