مستشار مفتي مصر: التراث ليس مقدسا

اضيف الخبر في يوم الخميس ٠٣ - ديسمبر - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: العرب


مستشار مفتي مصر: التراث ليس مقدسا

مستشار مفتي مصر: التراث ليس مقدسا
  • أكد إبراهيم نجم، مستشار مفتي مصر، على ضرورة التجديد في الفكر الإسلامي وإعادة قراءة التراث بما يتناسب وروح العصر، مشيرا في حوار مع “العرب”، إلى أهمية أن تواكب المؤسسات الدينية ثورة المعلومات وتتواصل مع الشباب بلغته ووسائله لقطع الطريق على جماعات الفكر المتطرف، وأيضا لمواجهة محاولات نشر عقائد ومذاهب غريبة عن الثقافة المصرية، على غرار التشيّع الإيراني.
العرب محسن عوض الله [نُشر في 04/12/2015، العدد: 10117، ص(12)]
 
تقديم شهادات الخبرة
 
القاهرة - يؤيّد إبراهيم نجم، مستشار مفتي الجمهورية المصرية، الدعوات المطالبة بمراجعة التراث وتجديده، كجزء من استراتيجية كاملة لمواجهة الفكر المتشدّد والمتطرّف.

وقال في حوار مع “العرب” إن التراث كنز كبير يمكن الاستفادة منه، لكنه مثل أي منتج بشري قابل للتطوير والتجديد، وبعض الآراء المتوارثة ليست مناسبة للزمن الحالي ويمكن تغييرها كليا، واعتبر أن الأزمة ليست في التراث بل في كيفية التعامل معه.

وبسؤاله عن وجود مواد دراسية في جامعة الأزهر لا تنساب الواقع مثل فقه الجزية وما شابه، أكد أن هذه المواد يتم تدريسها ضمن النظريات القديمة مثلما يتم تدريس تاريخ الإغريق والرومان وغيره من المواد للإلمام بمسائل التراث، والعبرة هنا أن من يقوم بتدريس هذه المواد يتوجب عليه أن يوضح لطلابه أنها لم تعد مناسبة للتطبيق حاليا، وأن هناك تطبيقا معاصرا اسمه المواطنة والقانون الذي يحكم الجميع.

وأكد مستشار المفتي أنه يرحب بالتداخل بين الدين والسياسة في الشؤون العامة والأمور السياسية التي تهم المواطنين وتسعى إلى تحسين وضع الأمة، مثل مبادئ العدالة الاجتماعية واختيار الكفاءات والتوزيع العادل للثروات. لكن يجب تنحية الدين عن أي عمل حزبي حتى لا يصبح مادة للمزايدات تستباح فيها الآيات والأحاديث وتنتزع من سياقها لخدمة مصالح حزبية ضيّقة.

المواجهة الرقمية

أكّد نجم، الذي سبق له العمل كمستشار ديني بالأمم المتحدة، أن التحدي الأكبر الذي تسعى الدار إلى النجاح فيه هو اقتحام الفضاء الإلكتروني من خلال علماء وأئمة مؤهلين وقادرين على مواجهة الأفكار المتطرفة.

وأشار إلى أن المؤسسة بدأت هذه المواجهة بالفعل عبر إنشاء صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان “داعش تحت المجهر”، لتفنيد فتاوى المتطرفين بهدف الحيلولة دون انضمام الشباب إلى الجماعات المتطرفة، وفضح منطقهم المختل في فهم النصوص الدينية والآراء الفقهية التي تستخدم بشكل خاطئ كقاعدة للمتطرفين لجذب الشباب. ورفض نجم اتهام المؤسسة الدينية بأنها لا تذهب إلى الشباب بل تنتظرهم، معتبرا أن هذا الاتهام قد يصحّ في الماضي، لكن ثورة المعلومات دفعت المؤسسة إلى التواصل مع الشباب بكل الوسائل فهناك صفحة لدار الإفتاء على فيسبوك، كما أن هناك حافلة من علماء الدار تذهب إلى الشباب لتواكب معهم ندواتهم ومنتدياتهم، فضلا عن الاتصال المباشر عبر الرسائل والاتصالات التليفونية .

التشيع الإيراني خطر داهم يهدد المنطقة العربية لأنه يحمل توجهات سياسية مغلفة بخصائص دينية

وقال إن دار الإفتاء أنشأت مرصدا هدفه رصد وتفكيك الفتاوى المتطرفة والآراء الشاذة للجماعات الإرهابية. وفي هذا السياق، أصدر حتى الآن أكثر من 250 ردا على فتاوى التكفير و40 تقريرا استراتيجيا لمواجهة الأفكار المتطرفة، بالإضافة إلى نشرات باللغتين العربية والإنكليزية للرد على كل إصدارات داعش.

وقال إن الدار قامت بتوزيع 50 ملفا حول الاستراتيجيات الخاصة بمواجهة الفكر المتطرف ورؤيتها لمكافحة الإرهاب على زعماء العالم المشاركين في مؤتمر مكافحة التطرف الذي عقد على هامش الدورة الـ70 للجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي.

وأشار نجم إلى أن دار الإفتاء المصرية أعلنت حربا فكرية ضد الأيديولوجيات المتطرفة لمواجهة التفسيرات المشوهة للنصوص الدينية التي يقوم المتطرفون فيها بليِّ عنق الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة وتشويهها ونزعها عن سياقها. ولفت إلى أن أيا من هؤلاء المتطرفين لم يدرس الإسلام في مؤسسة علمية معترف بها، بل هم نتاج بيئات مضطربة اعتمدت تفسيرات مشوّهة ومضللة للإسلام بهدف تحقيق مكاسب سياسية بحتة ليس لها أي أساس ديني.

وأكد لـ“العرب” أن المرصد أصدر العديد من التقارير التي تبيّن مدى انحراف هذا الفكر المتطرف، كان من أهمها إظهار مدى بشاعة المعاملة التي يتعامل بها المتطرفون مع النساء خاصة في العراق وسوريا، حيث يتم إخضاعهن بالقوة للزواج القسري والاغتصاب والإهانة، مما يكشف عن الوجه الهمجي القبيح للمتطرفين.

 
إبراهيم نجم: تاريخ ومؤلفات
حصل على شهادة الدكتوراه عن رسالة بعنوان {الدراسات الإسلامية والعلاقات الإسلامية المسيحية} بجامعة أنديانا الأميركية

*متحصل على الإجازة العالية من جامعة الأزهر قسم الدراسات الإسلامية باللغة الإنكليزية

*محاضر بجامعة سانت جونز في نيويورك منذ عام 2000 في الدراسات الإسلامية واللغة العربية

* مدير المركز الإسلامي للساحل الجنوبي بنيويورك منذ عام 1998

* مدير المؤسسة الإسلامية للتعليم والتربية بنيويورك منذ عام 2005

* خطيب زائر ومقيم الشعائر الدينية في مقر الأمم المتحدة بنيويورك

* مستشار مفتي الديار المصرية لشؤون الإعلام والعلاقات الدولية منذ عام 2006 حتى الآن

 

خطر التطرف والإلحاد

حول رأيه في ما يعرف بـ”الإسلام السياسي” والجماعات المنخرطة فيه، قال نجم إن هذا المفهوم أضر بالإسلام وتسبّب في تشويه صورته ووصمه بالإرهاب أمام العالم ولم يخدم سوى أهداف أصحابه ومؤيديه التي لا تتفق مع الغاية السمحة للإسلام الحنيف.

لكنه في نفس الوقت رفض الجزم بأن سلوكيات جماعات الإسلام السياسي مسؤولة عن انتشار ظاهرة الإلحاد في المجتمع، رافضا استخدام التعبير بحد ذاته كونه لا يعبّر عن الوضع الحالي، إنما الأمر أقرب للشك منه إلى الإلحاد، منوّها إلى أن بعض الشباب لديه أسئلة غير تقليدية يحتاج إلى طرحها دون خطوط حمراء، وهو ما يوجب ضرورة احتوائه وفتح قنوات تواصل معه .

وأشار إلى أن مصر تواجه تحديين غاية في الخطورة، أحدهما يتعلق بالتطرف والتشدد والغلو والتكفير والآخر يناقضه بالدعوة إلى الإلحاد، لافتا إلى أنه يجب مواجهة الاثنين بالتوازي، ولا يجب أن نهتم بطرف على حساب آخر .

ودعا مستشار مفتي الديار المصرية المجتمع الدولي إلى التعاون من أجل مواجهة ظاهرة الإرهاب التي لا تعرف دينا ولا وطنا بل تنطلق من أيديولوجيا مريضة لا علاقة لها بالإسلام، وهي تهدد العالم بأسره وليس دولة معينة خاصة بعد تزايد أعداد المنضوين تحت لواء الجماعات الجهادية من مختلف دول العالم.

ولفت إلى أن دار الإفتاء عرضت في تقاريرها نماذج لأطفال تمت تغذيتهم بالفكر المتطرف ومشاعر الكراهية وغرس العداوة والبغضاء في قلوبهم، ما يجعلهم بذورا جديدة للتطرف تنمو لتصبح جيلا جديدا من الإرهابيين القادرين على القتل وسفك الدماء بدم بارد، بدلا من تعليمهم الأخلاق الإسلامية الصحيحة التي تغرس في الأطفال مشاعر الرحمة تجاه الآخرين.

مصر آمنة ضد التشيع

حول محاولات نشر التشيّع في مصر، أكد مستشار مفتي مصر الذي كان مسؤولا عن المركز الإسلامي في نيويورك لفترة، أن مصر ليست أرضا خصبة لنشر الفكر الشيعي، نظرا إلى وجود المؤسسات الدينية المواجهة لها، وعلى رأسها الأزهر الشريف، بالإضافة إلى أن ثقافة التدين المصري لا تعاني الثنائية فهي تحب آل البيت وفي نفس الوقت تعتنق المذهب السني، كما أن الأجهزة الأمنية تبذل جهودا مكثفة لصد والقضاء على أي محاولات إيرانية لنشر مظاهر التشيع.

وقال إن التشيع، في نسخته الإيرانية الحالية، خطر يهدد المنطقة العربية لأنه يحمل توجهات سياسية ودينية في نفس الوقت.

وأشار إلى أن انتشاره يهدد استقرار المجتمعات العربية ويزيد من الاحتقان الموجود بالفعل بين المذاهب الإسلامية، ولا يخدم أي قضايا دينية ويقطع سبل التقارب والحوار بين السنة والشيعة.

لكن مستشار مفتي الجمهورية نفى نفيا قاطعا ما يثار حول وجود اختراق إيراني للأزهر، لأنه مؤسسة عصية على الاختراق وأي أستاذ بالجامعة يسافر إلى طهران يذهب بصفته الشخصية ولا يمثل المؤسسة ويتم التعامل معه بحرص بعد عودته إلى القاهرة.

المتطرفون نتاج بيئات مضطربة اعتمدت تفسيرات مشوهة ومضللة للإسلام بهدف تحقيق مكاسب سياسية

ودعا المؤسسات الدينية في مصر والدول العربية إلى إنتاج أفلام تفضح الأطماع الإيرانية في المنطقة، ومحاولات طهران نشر المذهب الشيعي عبر أعمال سينمائية تجسد فيها الأنبياء وأصحابهم، متجاهلة حرمة تجسيد الأنبياء والصحابة.

أما بخصوص الاختراق الإخواني والسلفي للأزهر، فأكد نجم أن الأزهر ككيان ومؤسسة لا يمكن اختراقه، لكن هناك بعض الأفراد المنتسبين له يحملون الفكر السلفي أو الإخواني، وهو أمر تتعرض له مؤسسات مختلفة في الدولة، سواء كانت دينية أو مدنية.

وأوضح أن أفضل وسيلة للتعامل مع الإخوان تكون بتطبيق القانون الذي يحدد آلية التعامل معهم، فهناك طريقة للتعامل مع المتورطين في الدم والمحرضين عليه وهؤلاء مكانهم السجون، أما أولئك الذين لم تدنس أيديهم بدماء المصريين، فيمكن الدخول معهم في حوار لإقناعهم بضلالة فكرهم وضرورة الرجوع عنه والانخراط في المجتمع.

اجمالي القراءات 1933
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق




مقالات من الارشيف
more