إيران تفتتح عهدا جديدا من الهيمنة على العراق في مرحلة ما بعد الاتفاق النووي

اضيف الخبر في يوم الثلاثاء ٢٨ - يوليو - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: العرب


إيران تفتتح عهدا جديدا من الهيمنة على العراق في مرحلة ما بعد الاتفاق النووي

إيران تفتتح عهدا جديدا من الهيمنة على العراق في مرحلة ما بعد الاتفاق النووي
  • اختيار جواد ظريف بدء أول زيارة لمسؤول إيراني كبير إلى العراق بعد إبرام الاتفاق النووي من النجف بما تحمله من رمزية دينية للطائفة الشيعية، تعكس رهان طهران على المعطى الطائفي في ضبط إيقاع السياسة العراقية خلال مرحلة ما بعد الاتفاق.
العرب  [نُشر في 28/07/2015، العدد: 9990، ص(3)]
 
ظريف عند مرقد الإمام علي لتأكيد أهمية العامل الطائفي في علاقات بلاده بالعراق
 
بغداد - استهلّ وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف زيارته أمس إلى العراق بلقاء المرجع الشيعي علي السيستاني في اختيار عكس، حسب مراقبين، المكانة المتعاظمة لمرجعية النجف في السياسة العراقية، ومدى رهان إيران عليها لمواصلة هيمنتها على القرار العراقي، خصوصا في مرحلة ما بعد إبرام الاتفاق النووي والتي يتخوّف عراقيون من أن تشهد المزيد من مظاهر التدخل الإيراني في شؤون بلادهم بما سيحققه الاتفاق لطهران من مكاسب مادية ستوظف جزءا منها في تمويل أذرعها في الداخل العراقي من قادة أحزاب دينية وميليشيات، فضلا عن أن حسم الصراع على الملف النووي مع الغرب سيجعل إيران أكثر تركيزا على شؤون المنطقة بما فيها العراق.

وتعمل طهران على توظيف سلطة علي السيستاني لضبط إيقاع الحياة السياسية في العراق وفق توجهاتها ومصالحها، خصوصا وقد أصبحت طريقة إدارة الدولة العراقية بمثابة نموذج مصغّر للحياة السياسية في إيران والتي تقوم على وجود مرشد أعلى تتجاوز سلطته الدينية سلطة مختلف القادة السياسيين ومؤسسات الدولة وهيئاتها حتى المنتخب منها.

وتجد طهران في السيستاني ضمانة للسيطرة على الوضع في العراق لا تتوفر في السياسيين الشيعة كثيري الصراع في ما بينهم.

وتدير شؤون الدولة العراقية أحزاب دينية شيعية تقودها شخصيات حريصة على الحفاظ على صلات قوية بمرجعية النجف التي اكتسب رمزها الأول علي السيستاني المزيد من السلطات وأصبح أكثر تدخلا في القرار السياسي بشكل مباشر في ظل الظروف الاستثنائية التي تعيشها البلاد.

طريقة إدارة الدولة العراقية تحاكي النموذج الإيراني حيث سلطة المرشد الأعلى تسري على الجميع أفرادا ومؤسسات

ووقف السيستاني وراء تشكيل ما بات يعرف في العراق بـ“الحشد الشعبي” وهو عبارة عن جيش رديف للجيش العراقي تمّ تشكيله بناء على فتوى دينية عرفت بفتوى “الجهاد الكفائي”، ويتألف من الآلاف من المقاتلين الشيعة يقودهم قادة ميليشيات.

وقد أصبح لتلك القوة دور كبير في محاربة تنظيم داعش، كما أصبح قادتها ينافسون بقوّة حكومة بغداد على سلطة اتخاذ القرار السياسي والعسكري وينتزعونه منها في أحيان كثيرة عن طريق ما يستمدونه بشكل مباشر من سلطة مصدرها مرجعية النجف.

وقال ظريف الذي كان له أيضا لقاء مع رجال الدين الشيعة البارزين محمد سعيد الحكيم والبشير النجفي وإسحاق الفياض، إنه قدم تقريرا لعلي السيستاني حول سير المفاوضات النووية، وما ترتب عنه من اتفاق بين بلاده والغرب.

وشرح في مؤتمر صحفي “قدمنا تقريرا مفصلا للمرجع الأعلى علي السيستاني حول سير المفاوضات النووية والتحديات التي تواجهها المنطقة خلال لقائنا به اليوم، وأكد لنا ضرورة تكاتف الجهود الدولية لمواجهة الإرهاب والتطرف وتعاون دول المنطقة في مواجهة خطر الإرهاب الذي يهدد الجميع”.

وأشار الوزير الإيراني إلى أن بلاده “كانت وما تزال داعمة للعراق حكومة وشعبا في مكافحة الإرهاب والطائفية، ونعول بشكل كبير على المرجعيات الدينية ودورها الفعال في التصدي لهما”.

غير أن عراقيين لفتوا إلى أن المراجع التي يشير إليها ظريف هي المراجع الشيعية بالذات معتبرين تركيز إيران على الاتصال بالسيستاني تحديدا لا يخلو من بعد طائفي، إذ أنّ السلطة الدينية للرجل لا تشمل مختلف الطوائف وأبناء الديانات الأخرى بما في ذلك الطائفة السنية.

ووصل ظريف محافظة النجف في ساعة متأخرة من ليلة الأحد الإثنين قادما من قطر التي زارها والتقى أميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بعد زيارة مماثلة قام بها الأحد إلى الكويت في جولة تهدف إلى الترويج لعلاقات مختلفة لإيران مع جيرانها العرب في مرحلة ما بعد إبرام الاتفاق النووي.

ولا تخفي قوى سياسية عراقية مناهضة للنفوذ الإيراني تشاؤمها من هذه المرحلة، متوقّعة أن يفتح الاتفاق الطريق لمزيد من التدخل الإيراني في العراق المنهك اقتصاديا وعسكريا والمشتّت سياسيا، فيما يمكن لإيران أن تستفيد من رفع العقوبات الاقتصادية، وأيضا من إمكانية إنهاء حظر مدّها بالأسلحة، لتمتلك بذلك المزيد من أسباب القوّة التي تمكّنها من فرض ذاتها لاعبا أهم على الساحة العراقية.

ويرى هؤلاء أن الاتفاق يكرّس اختلال التوازن بين العراق وإيران بعد أن كانا ندّين حتى تسعينات القرن الماضي حين بدأ العراق يتراجع تحت وقع الحصار الدولي، لينتهي الأمر إلى احتلاله سنة 2003 من قبل الولايات المتحدة التي حوّلته دون وعي منها ساحة مفتوحة أمام التدخل الإيراني عن طريق طبقة سياسية شيعية يعتبر أغلب رموزها وكلاء لطهران. كذلك لا يتردّد عراقيون في تحميل القوى الغربية التي فاوضت إيران على ملفها النووي مسؤولية تكريس اختلال التوازن في القوة بين إيران والعراق.

ومن المفارقات التي يثيرها هؤلاء أن تلك القوى التي سمحت لإيران بامتلاك برنامج نووي باتت الآن تستخدمه للمساومة في عدة ملفات سياسية وعسكرية واقتصادية هي ذاتها التي ساهمت في إجهاض البرنامج النووي العراقي في بدايته حين تعاونت الولايات المتحدة وفرنسا مع إسرائيل في تحديد مكان مفاعل تموز وقصفه بالطيران سنة 1981.

 
 
 
 
اجمالي القراءات 2809
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق




مقالات من الارشيف
more