كل ما تريد معرفته عن النائب العام وطبيعة منصبه ودوره ودلالات عملية الاغتيال الأخيرة

اضيف الخبر في يوم الخميس ٠٢ - يوليو - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسة


كل ما تريد معرفته عن النائب العام وطبيعة منصبه ودوره ودلالات عملية الاغتيال الأخيرة

العملية التفجيرية التي تمت يوم الاثنين الماضي وراح ضحيتها النائب العام المصري المستشار هشام بركات كانت هي الحديث الأبرز للداخل المصري خصوصًا فيما يتعلق بوقت الهجوم ودلالات هذه العملية وردود الفعل الرسمية المحتملة.

النائب العام

بشكل عام فإن منصب النائب العام (أو المدعي العام) يمثل رأس الهرم في جهاز النيابة العامة، والتي تمثل أحد شعب الجهاز القضائي وليس وزارة العدل. من هنا فإن منصب النائب العام يتبع السلطة القضائية وليس السلطة التنفيذية.

جهاز النيابة العامة يتكون من كل من محامين عموم ووكلاء نيابة ومساعدين ومعاونين.

تسمية النائب العام تأتي من كون صاحب هذا المنصب ينوب عن المجتمع في تحريك الدعاوى الجزائية والادعاء فيها أمام المحاكم المختصة. النائب العام من أجل ذلك يقوم بتوكيل مجموعة من الأشخاص يسمون وكلاء النائب العام أو وكلاء النيابة.

هذا الأمر يأتي من كون أن المجني عليه لا يمكنه تحريك الدعوى الجزائية بنفسه إلا فيما يتعلق بالادعاء المدني أمام القضاء المدني لطلب التعويض المادي والأدبي.

هذا الأمر جعل من النائب العام “محاميًا للشعب” أي أنه الطرف الرئيسي الذي يأتي بالحقوق للمظلومين من أفراد الشعب مهما كان منصبهم أو مركزهم.

بين القضاء والسياسة

النائب العام يكون غالبًا رجلًا بدرجة وزير وعضو في المجلس الأعلى للقضاء. المسئولية الوظيفية للنائب العام تكون أمام رئيس الدولة بشكل مباشر وليس أمام وزير العدل.

يتم تعيين النائب العام طبقًا للدستور المصري بقرار من رئيس الجمهورية بعد ترشيح من المجلس الأعلى للقضاء، ولا يحق لأي شخص عزله أو إقالته من منصبه حيث يكتسب حصانة فلا يبعده شيء عن منصبه سوى الوفاة أو بلوغ سن التقاعد أو تقديم استقالته بمبادرة شخصية منه.

على الرغم من أن منصب النائب العام هو منصب قضائي بامتياز، لكن بعض المحللين يرون أن له أبعادًا ساسية تتعلق بتحريك أو حفظ عدد من القضايا؛ مما جعل المنصب غير محايد تمامًا خصوصًا في عهد الرئيس السابق حسني مبارك.

صلاحيات النائب العام

تتمثل في:

1- سلطة إصدار الأوامر الإدارية لأعضاء النيابة ومعاقبتهم في حالة المخالفة.

2- يحدد هل يتم رفع الدعوى أم لا.

3- إصدار قرارات المنع من السفر.

4- تحريك ورفع الدعوى الجنائية.

5- الإشراف على السجون والتفتيش عليها.

هشام بركات

هو النائب العام الثالث في مصر بعد ثورة 25 يناير.

تولى المنصب في أعقاب اعتذار المستشار عبد المجيد محمود عن العودة لمنصبه في يوليو 2013م حتى مقتله في يونيو 2015م.

هشام بركات خريج كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1973م، ثم تم تعيينه وكيلًا للنيابة.

ترقى في المناصب القضائية حتى أصبح رئيس بمحكمة الاستئناف. تم انتدابه للمكتب الفني والمتابعة بمحكمة استئناف الإسماعيلية خلال نظر قضية أحداث إستاد بورسعيد الشهيرة.

تولى قضية هروب المساجين من سجن وادي النطرون والتي يحاكم فيها أيضًا الرئيس السابق محمد مرسي.

أبرز قراراته تمثلت في قراره بفض اعتصام رابعة العدوية والنهضة، حيث يعتبره البعض أحد المسئولين المباشرين عن مقتل الآلاف خلال فض الاعتصام.

من قراراته الهامة أيضًا تحويل الرئيس السابق محمد مرسي لمحكمة الجنايات، والتحفظ على أموال عدد من قيادات جماعة الإخوان المسلمين.

هشام بركات أحال الآلاف من معارضي النظام الحالي للمحاكمات حيث صدرت أحكام إعدام بحق عدد منهم.

يتهمه المعارضون بأنه السبب وراء وجود أكثر من 45 ألف معتقل في السجون المصرية.

النائب العام بعد 30 يونيو

في أعقاب استقالة المستشار طلعت إبراهيم واعتذار المستشار عبد المجيد محمود من العودة لمنصبه بحكم المحكمة، قام المجلس الأعلى للقضاء باختيار المستشار هشام بركات ليكون النائب العام المصري الجديد.

تميزت فترة هشام بركات بوجود صراع سياسي قوي بين النظام القائم والنظام السابق له. نتيجة لهذا فقد قام النظام الحالي بالبطش بقيادات جماعة الإخوان المسلمين وجميع المعارضين بشكل عام دون تمييز. هذا الأمر صاحبه سلسلة من الاعتقالات التي لم يسبق لها مثيل في التاريخ المصري.

خلال فترة تولي هشام بركات المنصب تعرض المعتقلون في السجون إلى أنواع عديدة من التعذيب وامتهان حقوق الإنسان. المرصد المصري للحقوق والحريات رصد وجود 2170 طفلًا معتقلًا بينهم 370 طفلًا محتجزًا، وأنه تم قتل 217 طفلًا، وتعذيب 948 طفلًا آخرين، هذا بالإضافة إلى 78 حالة تعذيب جنسي ضد الأطفال.

منظمة العفو الدولية أعلنت يوم 30 يونيو 2015م أن إجمالي عدد المعتقلين في السجون المصرية بلغ أكثر من 41 ألف معتقل متهمين بجرائم أو مدانين في أعقاب محاكمات وصفتها بأنها غير عادلة.

حتى هذه اللحظة فقد صدر 479 حكمًا أوليًّا بالإعدام بحق معارضين، و122 قرارًا بالإحالة للمفتي، و7 أحكام إعدام تم تنفيذها بالفعل.

تفاصيل مقتله

في صباح يوم 29 يونيو 2015م، تحرك الموكب الخاص به من منزله في شارع عمار بن ياسر بمنطقة النزهة بمصر الجديدة. بعد عبور مسافة 200 متر تقريبًا انفجرت سيارة ملغومة كانت بجانب الطريق.

الانفجار تسبب في إصابته بشظايا في جميع أنحاء جسده وتهتك بالكبد بالإضافة إلى نزيف داخلي.

تم نقله إلى مستشفى النزهة على وجه السرعة حيث تم إدخاله إلى غرفة العمليات لإجراء جراحة دقيقة، لكنه فارق الحياة بعدها مباشرةً.

أعلنت مجموعة تطلق على نفسها اسم “المقاومة الشعبية في الجيزة” مسئوليتها عن التفجير، لكن المجموعة عادت وأزالت الإعلان من على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.

دلالات وأبعاد عملية الاغتيال

جدير بالذكر أن عملية الاغتيال هذه جاءت بعد صدور سلسلة من الأحكام التي وصفت بالقاسية بحق قادة وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين خلال الأشهر القليلة الماضية.

عملية الاغتيال جاءت أيضًا بعد شهر تقريبًا من دعوة تنظيم “ولاية سيناء” المنضم لتنظيم الدولة الإسلامية أتباعه إلى مهاجمة القضاة، وذلك بعد تنفيذ الحكم بالإعدام بحق ستة من عناصر التنظيم.

الكثير من السياسيين اعتبر هذا الهجوم تطورًا مخيفًا في المشهد المصري، حتى أن البعض قارنه بلبنان وما تشهده من عمليات تفجير.

إذا صح أن هناك مجموعة معينة وراء هذا التفجير فهذا يعني أن الأحداث السياسية في مصر بدأت تبتعد عن السلمية بصورتها النسبية لتتجه وبقوة ناحية العنف وحمل السلاح. هذا الأمر سيقابله بالطبع رد فعل عنيف من الحكومة المصرية في محاولة لإبراز سطوتها وقدرتها على القبض على الجناة، حتى لا تهتز الصورة القوية التي يحاول النظام رسمها لنفسه.

هذه العملية تثير تخوفات الكثير من رجال النظام الحالي وكبار المؤيدين لهم من رجال الإعلام والقضاء والسياسة. فإذا ما تمكن البعض من الوصول للمستشار هشام بركات رأس جهاز النيابة في مصر وأحد أبرز رجال القضاء، فما الذي يمنع من الوصول لآخرين في نفس مستواه الأمني أو أقل منه؟!

بشكل عام فإن المستشار هشام بركات هو أرفع مسئول يتم اغتياله في مصر منذ سنوات عديدة، لكن ما يثير تعجب عدد من المحللين هو الاختراق الأمني الذي تم وتمكن عبره منفذو الهجوم من تفخيخ سيارة بالقرب من طريق عبور موكب النائب العام.

عملية الاغتيال هذه جاءت بعد بعض الوقت من الهدوء النسبي الذي شهدته مصر. حتى سيناء نفسها تراجعت بها حدة العمليات المسلحة والتفجيرات. البعض قال إن القبضة الأمنية القوية للنظام المصري هي السبب وراء ذلك الاستقرار، لكن عملية اغتيال المستشار هشام بركات بهذه الكيفية جاءت لتؤكد أن هذا الاستقرار هو ظاهري وليس حقيقيًّا.

البعض ربط بشكل أو بآخر بين حادثة الاغتيال وبين تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال تشييع جثمان بركات، والتي ذكر فيها أن أحكام الإعدام التي أصدرها القضاء المصري الفترة الماضي سيتم تنفيذها.

https://youtube/i969_aiGJhQ

على الجانب الآخر فقد اتهم البعض النظام المصري الحالي بمقتل النائب العام. الإعلامي أحمد منصور قال إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قتل النائب العام كخطوة لكسب المزيد من التعاطف، وذلك قبل انطلاق المظاهرات المعارضة له يوم 30 يونيو. منصور قال إنه استنتج ذلك مما قرأه من أقوال شهود العيان والمقيمين بالقرب من مكان وقوع الانفجار.

التشكيك الذي يبديه البعض حول المتهم الحقيقي وراء العملية زاد بعدما أعلنت جريدة الأهرام المصرية أن عملية التفجير تمت باستخدام نصف طن من مادة تي إن تي شديدة الانفجار، تم وضعها داخل سيارة بجوار الطريق. هذا الأمر معناه أن هناك من تمكن من إدخال نصف طن من المتفجرات إلى داخل العاصمة المصرية في سيارة دون أن تكشفها أجهزة الأمن.

بطل أم مذنب

انقسام كبير حدث للشعب المصري كرد فعل على عملية الاغتيال التي تم تنفيذها بحق المستشار هشام بركات.

جزء من الشعب أعلن شماتته وفرحه في مقتل النائب العام الذي يرونه السبب الرئيسي وراء عشرات الآلاف من المعارضين المعتقلين في السجون المصرية، والذي يبلغ عددهم قرابة 45 ألف معتقل. هؤلاء يرون أن بركات مسئول عن كل ما يحدث لهؤلاء من عمليات تعذيب وإهانة وأحكام مبالغ بها تصل إلى حد الإعدام.

لم ينس هؤلاء أن قرار فض اعتصام ميدان رابعة العدوية الذي راح ضحيته المئات من القتلى وآلاف الجرحى صدر من النائب العام الذي اعتبر الاعتصام غير قانوني وأعطى الضوء الأخضر لفضه بالقوة.

على الجانب الآخر فإن مؤيدي النظام الحالي يرون المستشار هشام بركات شهيدًا بطلًا راح ضحية ما يسمى الإرهاب نتيجة مواقفه الشجاعة تجاه الجماعات الإرهابية وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين.

هؤلاء أيدوا بشدة قرار الحكومة المصرية بتغيير اسم ميدان رابعة العدوية إلى ميدان هشام بركات، وطالبوا بالقصاص من قتلته عبر إعدام جميع قيادات جماعة الإخوان المسلمين المعتقلين في السجون.

أبرز من تولوا المنصب

المستشار هشام بركات الذي تم اغتياله هو النائب العام رقم 20 في تاريخ مصر منذ عام 1881م.

من أبرز هؤلاء:

1- عبد المجيد محمود

تولى المنصب من يوليو 2006م حتى نوفمبر 2012م.

كان المستشار عبد المجيد محمود هو النائب العام خلال فترة الثورة المصرية وما تبعها من محاكمات لرموز نظام الرئيس السابق حسني مبارك. وقد أثار الكثير من الجدل بين عامة الشعب نتيجة أحكام البراءة المتوالية لرموز نظام مبارك ولرجال الشرطة المصرية سواء في الاتهامات بقتل المتظاهرين أو الكسب غير المشروع.

في أكتوبر 2012م، صدر حكم ببراءة جميع المتهمين بموقعة الجمل، وهو ما أثار حفيظة الشعب الذي طالب بالعودة للميادين، لذلك قام الرئيس المصري السابق محمد مرسي بتعيينه سفيرًا لمصر في الفاتيكان لكنه تمسك بمنصبه كنائب عام.

تعرض عبد المجيد محمود لانتقادات كبيرة نتيجة استقوائه بالقوى السياسية في مواجهة عملية إقالته وتنحيته عن المنصب، وذلك في أعقاب إعلان دستوري مكمل أحاله للتقاعد بقرار من الرئيس المصري السابق محمد مرسي.

في يوليو 2013م، عاد عبد المجيد محمود إلى منصبه نائبًا عامًا بعد إقرار محكمة النقض لبطلان عزله، لكن محمود اعتذر عن المنصب لاستشعاره الحرج.

2- طلعت إبراهيم

هو أحد رموز تيار الاستقلال بنادي القضاة.

تولى المنصب في أعقاب إقالة المستشار عبد المجيد محمود بإعلان دستوري في نوفمبر 2012م.

تولى منصب نائب رئيس محمكة النقض المصرية، وهو أحد القضاة الذين كشفوا عمليات التزوير التي شابت الانتخابات البرلمانية عام 2005م.

تمت إعارته لمملكة البحرين عام 2007م.

اعتبره الكثيرون من تيارات المعارضة النائب العام الخاص بالإخوان المسلمين، حيث تم شن هجوم حاد عليه حتى قررت محكمة النقض إعادة المستشار عبد المجيد محمود إلى منصبه.

3- ماهر عبد الواحد

شغل منصب النائب العام بقرار من الرئيس السابق حسني مبارك في الفترة بين عامي 1999 – 2006م.

قدم عبد الواحد استقالته حيث تم تعيينه في منصب رئيس المحكمة الدستورية العليا حتى عام 2009م.

4- إسماعيل يسري باشا

هو أول نائب عام في تاريخ مصر.

تولى منصبه عام 1881م في فترة ما قبل إنشاء المحاكم.

بعد إنشاء المحاكم بمصر تولى منصب رئيس محكمة استئناف مصر، وذلك في فترة ما بعد الاحتلال الإنجليزي لمصر.

5- عبد الرحيم غنيم

هو النائب العام في فترة قيام ثورة يوليو 1952م.

أراد الضباط الأحرار إبعاده عن المنصب بعد قيام الثورة فأرسلوا له وزير العدل، لكن غنيم رفض وأصر على تمسكه بالقانون وحقه في ممارسة مهام عمله باعتباره جهة منفصلة عن السلطة التنفيذية.

الضباط الأحرار لجأوا بالتالي لحيلة قانونية للتخلص منه تمثلت في رفع الدرجة المالية لمنصب رئيس محكمة الاستئناف بحيث تكون مساوية لمنصب النائب العام، وبالتالي يمكن نقله من منصب النائب العام لمنصب رئيس محكمة الاستئناف لتساويهما في الدرجة المالية.

المستشار عبد الرحيم غنيم تولى التحقيق في حريق القاهرة في يناير 1952م.

اجمالي القراءات 2523
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق