في مصر، الاعتداء الجنسي على المسجونين نقطة في سواد الشرطة

اضيف الخبر في يوم الخميس ٢١ - مايو - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسة


في مصر، الاعتداء الجنسي على المسجونين نقطة في سواد الشرطة

جريمة تعد الآن عادية في أقسام الشرطة المصرية، حتى إن بعض الضباط يتفاخرون بتسجيلاتهم ويهددون بها ضحاياهم، تمر الجريمة في مجتمع محافظ تضطر فيه الضحية لتجنب الفضيحة أولًا، ولأنها ترى في الضابط رمزًا للسلطة وربما تكون التحقيقات طريقًا لمزيد من الاعتداءات بدلًا من الوصول للعدالة “غير أن الجريمة سرية” فلا شهود غير المجندين المشتركين بأمر الضابط، لتخرج بعد ذلك الضحية من الحجز إلى مشرحة الأعراف تطالبها بالسكوت إذا فقدت عذريتها كامرأة أو نجحت الشرطة في زعزعة كرامته كرجل.

لم يكن عاديًا على المجتمع المصري الاعتراف لكن مع شهادات موثقة – تنفيها الشرطة– وبعد ثورة 25 يناير وكشوف العذرية واستخدام الفتيات ككارت ضغط بعد أحداث 30 يونيو واقتحام كلية الأزهر للبنات أكثر من مرة أصبحت شهادات قليلة مؤكدة دليلًا على استخدام العنف الجنسي أداة داخل السجون المصرية وبشكل مفرط.

+18

Video Player
 
 
00:00
 
00:00
 

العنف الجنسي ضد المعارضة تحت حكم مبارك

في عهد مبارك كان التعذيب في السجون مستخدمًا على استحياء، وكان الاعتداء الجنسي وسيلة للضغط على المسجونين أوقات تحقيقات النيابة للإجبار على الاعتراف أو تلفيق تهم، ومن أشد من تعرضوا له كانت المعارضة السياسية، لكن القضية الأشهر في عهده والتي تم فضح أمرها لوجود دليل هي القضية المعروفة باسم الضحية “عماد الكبير”.

قضية عماد الكبير

+18

Video Player
 
 
00:00
 
00:00
 

لم يكن نقيب الشرطة إسلام نبيه يعرف بأن هوسه وميوله الاستعراضية ستكون سبب سجنه عندما قرر تصوير وقائع اعتدائه على عماد الكبير بكاميرا الهاتف النقال، حيث أراد إسلام نبيه فضح الضحية وسط زملاء موقف عربات النقل الخاصة. و ليرسل إلى كل أهالي بولاق الدكرور رسالة، أن لا أحد بعيد عن يده، وأن المنطقة تحت سطوته. تنقّل الفيديو المصور لـ«حفل» تعذيب عماد الكبير بين سائقي العربات، ومنها إلى أهالي المنطقة، ليتلقاها بالنهاية مدون شاب لتنضم إلى قائمة «كليبات» صورت بالطريقة نفسها لتعذيب في أقسام شرطة.

في 2006، أنهى نقيب الشرطة المصرية إسلام نبيه جولته المعتادة في حي بولاق الدكرور بالقاهرة، ودخل غرفة التعذيب. ليأمر فرقة مساعديه بتقييد سائق الحافلة عماد الكبير، ويدخل حاملًا سوطًا. ثم يأمرهم بخلع بنطال عماد، ويمسك بعصا غليظة ويدخلها في مؤخرته.

توفى والد عماد الكبير بعد رؤية الفيديو وسماع التفاصيل من الجيران وبعد القبض على أخي عماد لرفضه دفع رشوة لأمين الشرطة في موقف العربات، جمع عماد كل التسجيلات واتجه لحرس منزل وزير الداخلية وصمم على البلاغ الذي قوبل بالرفض ثم التهديد بالقتل واغتصاب أسرته والوعد بثروة كبيرة للتنازل حتى وصلت قضيته إلى مدير نيابة الحوادث لتنتهي بالضابط نفسه محاطًا بحراسة مشددة بعد صدور قرار النيابة بإحالته إلى محكمة الجنايات مسجونًا على ذمة التحقيقات في قضية تعذيب عماد الكبير لتكون القضية الوحيدة التي شهدت حكمًا لوجود الأدلة وثبات الضحية.

كشوف العذرية، فضيحة المجلس العسكري في المتحف المصري

باعترافات المتظاهرين فإن التحرش والاغتصاب كان وسيلة الشرطة لكسر نفوس الشباب المقبوض عليهم في أحداث 25 يناير سواء للذكور أو الإناث.

بليل كان ظباط الأمن المركزي بيعملوا علينا حفلة يقولنا خلوا الثورة تنفعكم كانوا بيجيبوا عصيان واحنا متكتفين يحطوها في… الكهربا كانت بصفة مستمرة، إزاي أوري ابني وشي، أنا مش عارف أعيش، أنا اغتصبت.. أيمن المهني

قضية سميرة إبراهيم

كانوا بيندمونا على يوم 25 يناير، طلبت مني أقلع هدومي طلبت منها تقفل الشباك والباب رفضت وضربتني وقلعتني لقيتها بتقولي نامي عشان البيه هيكشف عليكي، البيه ده كان لابس زيتي، قلعت البنطلون ورفعوا رجلي، اتعريت قدامهم كان فرح كمية كبيرة من ضباط وعساكر وأما رفضت كهربوني في بطني وشتموني، ذلونا، كنت بتمنى الموت، أنا لو اتنازلت ده هيحصل لكل بنات مصر.. سميرة إبراهيم

بعد ثورة 25 يناير والإطاحة بنظام حسني مبارك قامت قوات من الجيش – تحديدًا من الشرطة العسكرية- بإجراء “كشوف العذرية” بالمتحف المصري للمعتصمات بميدان التحرير مارس 2011، وكان الرئيس الحالي لمصر عبد الفتاح السيسي، أول من اعترف فعليًّا بإجراء كشوف العذرية، بحجة حماية الجيش من مزاعم الاغتصاب التي قد تلحق بالجنود بعد الإفراج عن المحتجزات.

قامت الناشطة سميرة برفع دعوى انتهاك ضد المجلس العسكري ونجحت في إقناع عدد من الفتيات اللاتي تعرضن معها لكشوف العذرية وتقدمن للشهادة في المحكمة، وكانت منهن رشا عبد الرحمن الشاهدة في قضية سميرة ضد المجند أحمد عادل الموجي، وأدلت الفتيات بشهاداتها أمام المحكمة العسكرية لكن خسرت سميرة القضية وتم الحكم ببراءة المجند.

عقب اعتراف السيسي بكشوف العذرية، قضت محكمة القضاء الإداري نهاية عام 2011 باعتبار عمليات كشوف العذرية جريمة جنائية يعاقب عليها القانون، ومخالفة للقانون والدستور، وحكمت المحكمة العسكرية بتبرئة كل أعضاء الجيش وإسقاط القضايا.

تقرير دولي «ارتفاع في العنف الجنسي داخل السجون من يوليو 2013»

صعدت قوات الأمن المصرية من استخدامها العنف الجنسي منذ عزل محمد مرسي يونيو 2013، وكان من بين الضحايا أعضاء في منظمات أهلية وطلاب ونساء ومن يعتقد أنهم (يعرضون النظام الأخلاقي للخطر) بغرض القضاء على الاحتجاجات.. تقرير الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان

اطلع على تقرير الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان: كشف نفاق الدولة: العنف الجنسي الذي ترتكبه قوات الأمن في مصر

كشف التقرير عن تورط رجال من الشرطة والأمن الوطني والجيش في أعمال العنف الجنسي وهو الذي اعتمد على مقابلات مع ضحايا ومحامين وأعضاء منظمات أهلية لحقوق الإنسان، وبعد توثيق شهادات الضحايا قال تقرير للاتحاد الدولي لحقوق الإنسان إن الانتهاكات تشتمل على عمليات اغتصاب جماعي واعتداء جنسي والصعق بالكهرباء في أماكن حساسة واختبارات عذرية وتشويه السمعة والابتزاز من منطلق جنسي.

هوجمنا خلال مداهمة قامت بها مباحث الإسكندرية.. جعلونا نجثو على ركبنا وأيادينا وراء رؤوسنا.. أخذوا الفتيات إلى جنب وفتشونا ووجوهنا تجاه الحائط وتحرشوا بنا جنسيًّا وأهانونا. حاولت إخراج يد أحد جنود الأمن المركزي من بنطالي فضربوني بأسلحتهم إلى أن توقفت عن المقاومة.. ناشط من منظمة مصرية غير حكومية لحقوق الإنسان

ونوه التقرير الذي أعده الاتحاد إلى “ارتفاع ملموس” في العنف الجنسي بعدما تولت المؤسسة العسكرية مقاليد السلطة في مصر في يوليو 2013، وقال التقرير إن عناصر شرطة وضباط مخابرات وأفراد بالقوات المسلحة باتوا مدانين باستهداف المعتقلين من الذكور والإناث.

حتى الآن أكد معدو التقرير أنه لا يوجد دليل على أن القيادة قد أعطت أوامرها باستخدام العنف، لكن حجم العنف – والإفلات من العقاب- يشير إلى وجود استراتيجية سياسية، غير أن الضحايا الذين يتقدمون بشكواهم تجرى عرقلتهم بشكل ممنهج من قبل النظام القضائي، ويتعرضون لتهديدات وردود انتقامية على يد رجال الشرطة وحراس السجون المعتدين، وهو ما أكده كريم لحيدجي رئيس الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان بأن حجم العنف الجنسي الذي يحدث خلال الاعتقالات وفي الحجز والتشابه في الأساليب المستخدمة والحصانة التي يحظى بها مرتكبو ذلك بشكل عام تشير إلى استراتيجية سياسية سلبية تهدف إلى كبت المجتمع المدني وإسكات المعارضة.

اقرأ أيضًا: بالاعتقال والسحل والاغتصاب.. فتيات مصر كارت «ضغط» على الثورة

الاغتصاب عقاب المتظاهر بعد 30 يونيو 2013

في البداية اختطفوني ثم أخفوني بمقر احتجاز سري، عصبوا عيني، شدوا الوثاق على يدي، تحرشوا بي، شعرت بنواياهم، رجوتهم ألا يفعلوا ذلك، لم تشفع دموعي لديهم، صرخت فهددوني بالقتل، واصلت الصراخ، فعلوا ما أرادوا، وكرروا الفعلة بذات الوحشية عدة مرات طوال اليوم، واصلت الصراخ، أنهوا جريمتهم ثم أطلقوا سراحي.. ضحية اغتصاب من قبل عناصر الشرطة

في العام الأول وتحت رئاسة عدلي منصور تم توثيق 30 حالة اغتصاب بسيدة وفتاة مصرية تعرضن لعمليات اغتصاب ممنهجة داخل مقار شرطية “سرية ومعروفة”، بعضهن لم يكن من المشاركات في التظاهرات المناهضة لما بعد 30 يونيو، إذ اختطفن من قبل قوات الشرطة، بعدما اشتبه فيهن لارتدائهن “النقاب أو الخمار” فيما أوقع الحظ العاثر بعضهن بالقرب من تظاهرات رافضة للانقلاب العسكري.

كانت الفتيات هدف الشرطة بعد عزل مرسي بهدف الضغط عليهن، وكانت “و” أول فتاة تصر على تقديم شهادتها بعد الإفراج عنها وهو ما استنكرته 16 منظمة حقوقية محلية ودولية فربما كانت هذه الفتاة إنذارًا بما يحدث في السجون من تهديد وبث رعب بنفوس الفتيات.

اعتقلت نهاية نوفمبر الماضي، أمام باب جامعتي الحكومية على أيدي قوات شرطية، عقب مسيرة رافضة للانقلاب العسكري، واحتجزت لأكثر من خمس ساعات في سيارة ترحيلات قبل نقلي إلى أحد أقسام الشرطة بوسط القاهرة وهناك بدأت سلسلة من التحرشات الجسدية انتهت بالاغتصاب، شعرت بالرعب بعد أن أنزلني الجنود إلى قبو القسم لبدء التحقيق معي.

ضابطٌ يحمل رتبة عقيد، قالت الفتاة التي لا تزال تذكر ملامحه جيدًا:

لم يدوّن أيًّا من اعترافاتي في محضر رسمي، بل قام بسؤالي عن عذريتي وهل لا زلت بكرًا أم لا؟ ، مضيفًا أن تحقيقاته تشير إلى أنه ألقي القبض عليَ من شقة لممارسة الدعارة.

تم إجراء فحوصات مهبلية بسجن القناطر للنساء المحتجزات دون رضائهن، من اللواتي تم القبض عليهن في أحداث مختلفة، من ضمنها الذكرى الثالثة للثورة وأجمعت الفتيات على أن الهدف كان كسر إرادة المتظاهرات المطالبات بعودة حكم محمد مرسي، وتخويف نظيراتهن من الراغبات في التظاهر عبر بث الرعب في المجتمع.

ولم تكن المستهدفات من السياسيات فقط، لكن توثيقهن للشهادة دفع باقي الجنائيات للاعتراف أيضًا فخطر التعرض للاعتداء الجنسي ينطبق على جميع المحتجزات الجنائيات، فعادة ما يقوم رجال بأعمال حراسة السجينات في خرق للمعايير الدولية، ففي سبتمبر 2014 تم اتهام أمين شرطة في إمبابة باغتصاب سجينة معاقة بعد تقديم تسجيل فيديو دليلًا على جريمته، ثم اغتصابها ثانية أثناء احتجازها في انتظار “اختبار الطبيب”، وبعد أن تقدمت بشكوى التحرش الجنسي تم تمديد احتجازها 24 ساعة أخرى واضطرت للخضوع لاختبار ثاني، وبعد ذلك أمرت النيابة بمحاكمة أمين الشرطة وتم تأجيل الجلسات عدة مرات.

أماكن التعدي الجنسي معروفة بشهادات الضحايا

جاءت الحارسات في الفجر لجرجرتنا على الأرض دون منحنا أي وقت لنغطي أنفسنا، وضعونا في مواجهة الحائط وحاصرنا عناصر من الأمن المركزي، ثم بدأ الحراس في ملامستنا وهم يقومون بتجريدنا من الثياب وقاموا بالتحرش بنا ثم أخذوني إلى حجرة يجفف بها السجناء غسيلهم، خلعت الحارسة ثيابي وأجبرتني على التعري فحاولت أن أبعدها عني لكن ساعدتها حارستان أخريان، وجدت نفسي عارية تمامًا ووضعن أيديهن في مهبلي، كانت مأساة.. طالبة محتجزة في سجن القناطر للنساء

من الضحايا من تعرف على أماكن احتجازه وهذا بخلاف الأماكن النائية غير المعدة للتحقيقات، فمن الاعتداءات ما وقع بأقسام شرطية ومديريات أمن وسجون، مثل أقسام الأزبكية، وثاني مدينة نصر، والوايلي، وحدائق القبة، ومديرية أمن الإسكندرية، وسجني القناطر والأبعدية، فضلًا عن حالات اغتصاب أخرى في مقار احتجاز سرية غير رسمية.

أكدت صاحبات الشهادات الموثقة لحالات الاغتصاب أن رجال الشرطة هم من قاموا بالجريمة، وكان هذا بمشاركة عناصر من الجيش بحسب أكثر من شهادة من داخل سجن الأبعدية، بمدينة دمنهور شمال مصر، حيث تحدثت الشهادات بأن عناصر ملثمة وغير ملثمة من الجيش بزي رجال الصاعقة شاركوا في عمليات اغتصاب جماعية ضد ثمانٍ من السيدات المعتقلات.

احتجاز الأطفال لأسباب سياسية وتسجيل شهادات اعتداء

تقارير حقوقية ترصد 50 واقعة شذوذ في 6 أشهر داخل السجون المصرية وكان من بين الضحايا «أطفال».

طبقًا لاثنين من منظمات حقوق الإنسان المحلية فإن ما لا يقل عن 570 طفلًا قد قبضت عليهم الشرطة لأسباب سياسية منذ 3 يوليو 2013، لكن الظن أن هذا الرقم أقل من التقدير الفعلي بكثير إذ إنه وفي حالات عديدة لم يتم تسجيل سن المعتقلين أو يتم تزويره بحيث لا تتهم الشرطة باحتجاز أطفال مع بالغين.

بحسب منظمة مجتمع مدني تم تقديم 16 شكوى من آباء أطفال محتجزين وقعوا ضحايا اعتداء جنسي منها عدة وقائع اغتصاب لقصر من قبل سجناء بالغين في المؤسسة العقابية في المركز شمال شرق القاهرة، وفي مؤسسة المرج حيث تم احتجاز نحو 90 حدثًا برفقة مجرمين بالغين تحت إشراف المباحث الجنائية.

وفي الإسكندرية كشفت هيئة الدفاع عن المعتقلين عما يتعرض له الأطفال المعتقلون داخل سجن كوم الدكة في الإسكندرية، – بجانب التعذيب والإهانة- فكان الاعتداء الجنسي من السجناء الجنائيين، بتحريض من مسؤولي السجن، بعدما أكدت والدة أحد الأطفال تعرضه للاعتداء الجنسي في سجنه من المساجين الجنائيين، وقالت إنه في أثناء زيارتها له لاحظت تغيرًا في سلوكه، إذ بدا مضطربًا ولا يرغب في الزيارة كعادته. وعندما ألحّت عليه في السؤال، قال لها: إن القائمين على مقر احتجاز كوم الدكة، وكردّ فعل منهم على مشاركته في انتفاضة السجون الثانية، نقلوه عن قصد إلى حجز الجنائيين، ليعتدوا جنسيًّا عليه تحت سمع وبصر المسؤولين عن المقر.

اجمالي القراءات 3702
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق